1 - (ألهاكم) شغلكم عن طاعة الله (التكاثر) التفاخر بالأموال والأولاد والرجال
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال نزلت في قبيلتين من الأنصار في بني حارثة وبني الحرث تفاخروا وتكاثروا فقالت أحداهما فيكم مثل فلان وفلان وقال الآخرون مثل ذلك تفاخروا بالأحياء ثم قالوا انطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول فيكم مثل فلان ومثل فلان يشيرون إلى القبر وتقول الأخرى مثل ذلك فأنزل الله إلهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر
ك وأخرج ابن جرير عن علي قال كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ألهاكم التكاثر إلى ثم كلا سوف تعلمون في عذاب القبر
يقول تعالى ذكره : ألهاك أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم ، وعما ينجيك من سخطه عليكم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر " قال : كانوا يقولون : نحن أكثر من بني فلان ، ونحن أعد من بني فلان ، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم ، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " ألهاكم التكاثر " قالوا : نحن أكثر من بني فلان ، وبنو فلان أكثر من بني فلان ، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالاً .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كلام يل على أن معناه التكاثر بالمال .
ذكر الخبر بذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه ، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يقرأ " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر "قال : ابن آدم ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبلين ، أو تصدقت فأمضيت .
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، قال : ثنا آدم نقال : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عن أبي بن كعب ، قال : كنا نرى أن هذا الحديث من القرأن : " لو أن لابن آدم واديين ما مال ، لتمنى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ثم يتوب الله على ما من تاب " حتى نزلت هذه السورة " ألهاكم التكاثر " إلى آخرها . وقوله : بعقب قراءته : ( ألهاكم ) : ليس لك من مالك إلا كذا وكذا ، ينبيء أن معنى ذلك عنده : الهاكم التكاثر : المال .
وهي مكية ، في قول جميع المفسرين . وروى البخاري أنها مدنية وهي ثماني آيات
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى:" ألهاكم التكاثر" (ألهاكم ) شغلكم. قال:
فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
أي شغلكم المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة الله، حتى متم ودفنتم في المقابر. وقيل" ألهاكم": أنساكم. " التكاثر" أي من الأموال والأولاد، قاله ابن عباس والحسن. وقال قتادة: أي التفاخر بالقبائل والعشائر. وقال الضحاك: أي ألهاكم التشاغل بالمعاش والتجارة. يقال: لهيت عن كذا(بالكسر) ألهي لهيا ولهياناً: إذا سلوت عنه، وتركت ذكره، وأضربت عنه. وألهاه: أي شغله. ولهاه به تلهيه أي علله. والتكاثر: المكاثرة. قال مقاتل وقتادة وغيرهما: نزلت في اليهود حين قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاكم ذلك حتى ماتوا ضلالاً. وقال ابن زيد: نزلت في فخذ من الأنصار. وقال ابن عباس ومقاتل والكلبي: نزلت في حيين من قريش: بني عبدمناف، وبني سهم، تعادوا وتكاثروا بالسادة والأشراف في الإسلام، فقال كل حي منهم نحن أكثر سيداً، وأعز عزيزاً، وأعظم نفراً، وأكثر عائذاً، فكثر بنو عبد مناف سهماً. ثم تكاثروا بالأموات، فكثربهم سهم، فنزلت"ألهاكم التكاثر" بأحيائكم فلم ترضوا" حتى زرتم المقابر" مفتخرين بالأموات.وروى سعيد عن قتادة قال: كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعد من بني فلان، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم. وعن عمر بن دينار: حلف أن هذه السورة نزلت في التجار. وعن شيبان عن قتادة قال: نزلت في أهل الكتاب.
قلت : الآية تعم جمع ما ذكر وغيره. وفي " صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ" ألهاكم التكاثر" قال:(يقول ابن آدم: تصدقت فأمضيت [وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس] " وروى البخاري عن ابن شهاب: "أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لو أن لابن آدم وادياً من ذهب، لأحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) " . قال ثابت عن أنس عن أبي: كنا نرى هذا من القرآن، حتى نزلت" ألهاكم التكاثر" قال ابن العربي: وهذا نص صحيح مليح، غاب عن أهل التفسير فجهلوا وجهلوا، والحمدلله على المعرفة. و"قال ابن عباس: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم "ألهاكم التكاثر" قال: (تكاثر الأموال: جمعها من غير حقها، ومنعها من حقها، وشدها في الأوعية) ".
تفسير سورة التكاثر
بسم الله الرحمـن الرحيم
يقول تعالى: أشغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الاخرة وابتغائها, وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا زكريا بن يحيى الوقاد المصري حدثني خالد بن عبد الدائم عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألهاكم التكاثر ـ عن الطاعة ـ حتى زرتم المقابر ـ حتى يأتيكم الموت" وقال الحسن البصري "ألهاكم التكاثر" في الأموال والأولاد, وفي صحيح البخاري في الرقاق منه وقال أخبرنا أبو الوليد , حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت "ألهاكم التكاثر" يعني لو كان لابن آدم واد من ذهب. وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن مطرف يعني ابن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ""ألهاكم التكاثر" يقول ابن آدم مالي مالي, وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ؟" ورواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق شعبة به, وقال مسلم في صحيحه : حدثنا سويد بن سعيد حدثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول العبد مالي مالي, وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فاقتنى, وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس" تفرد به مسلم .
وقال البخاري : حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم , سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله" وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به, وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يهرم ابن آدم ويبقى منه اثنتان الحرص والأمل" أخرجاه في الصحيحين وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة الأحنف بن قيس واسمه الضحاك أنه رأى في يد رجل درهماً فقال: لمن هذا الدرهم ؟ فقال الرجل: لي, فقال: إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو ابتغاء شكر, ثم أنشد الأحنف متمثلاً قول الشاعر:
أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فالمال لك
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة قال صالح بن حيان حدثني عن ابن بريدة في قوله: "ألهاكم التكاثر" قال: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما فيكم مثل فلان بن فلان وفلان, وقال الاخرون مثل ذلك, تفاخروا بالأحياء ثم قالوا انطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبور, ومثل فلان, وفعل الاخرون مثل ذلك فأنزل الله " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر " لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل وقال قتادة : " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر " كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان, ونحن أعد من بني فلان, وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم, والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم, والصحيح أن المراد بقوله: زرتم المقابر أي صرتم إليها ودفنتم فيها, كما جاء في الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأعراب يعوده فقال: لابأس طهور إن شاء الله فقال: قلت طهور بل هي حمى تفور, على شيخ كبير, تزيره القبور, قال: فنعم إذن".
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني , أخبرنا حكام بن سالم الرازي عن عمرو بن أبي قيس عن الحجاج عن المنهال عن زر بن حبيش عن علي قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر " ورواه الترمذي عن أبي كريب عن حكام بن سالم به, وقال غريب. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا سلمة بن داود العرضي , حدثنا أبو المليح الرقي عن ميمون بن مهران قال: كنت جالساً عند عمر بن عبد العزيز فقرأ " ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر " فلبث هنيهة ثم قال: يا ميمون ما أرى المقابر إلا زيارة, وما للزائر بد من أن يرجع إلى منزله. وقال أبو محمد : يعني أن يرجع إلى منزله أي إلى جنة أو إلى نار, وهكذا ذكر أن بعض الأعراب سمع رجلاً يتلو هذه الاية: حتى زرتم المقابر, فقال بعث اليوم ورب الكعبة أي إن الزائر سيرحل من مقامه ذلك إلى غيره.
وقوله تعالى: "كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون" قال الحسن البصري هذا, و عيد , وقال الضحاك : "كلا سوف تعلمون" يعني أيها الكفار "ثم كلا سوف تعلمون" يعني أيها المؤمنون, وقوله تعالى: "كلا لو تعلمون علم اليقين" أي لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الاخرة حتى صرتم إلى المقابر, ثم قال: "لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين" هذا تفسير الوعيد المتقدم, وهو قوله: "كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون" توعدهم بهذا الحال, وهو رؤية أهل النار التي إذا زفرت زفرة واحدة خر كل ملك مقرب ونبي مرسل على ركبتيه من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال على ما جاء به الأثر المروي في ذلك, وقوله تعالى: "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" أي ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا زكريا بن يحيى الجزار المقري , حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الجزار , حدثنا يونس بن عبيد عن عكرمة عن ابن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد فقال: ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول صلى الله عليه وسلم. قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: ما أخرجك يا ابن الخطاب ؟ قال أخرجني الذي أخرجكما, قال: فقعد عمر وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما ثم قال: هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاماً وشراباً وظلاً ؟ قلنا: نعم. قال: مروا بنا إلى منزل ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري قال: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا فسلم واستأذن ثلاث مرات, و أم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام تريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلام, فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم فقالت: يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك ولكن أردت أن تزيدني من سلامك, فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيراً ثم قال: أين أبو الهيثم لا أراه ؟ قالت: يا رسول الله هو قريب ذهب يستعذب الماء, ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله فبسطت بساطاً تحت شجرة, فجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرت عيناه بهم, فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقاً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك يا أبا الهيثم فقال: يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه, ثم أتاهم بماء فشربوا عليه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا من النعيم الذي تسألون عنه", هذا غريب من هذا الوجه.
وقال ابن جرير : حدثني الحسين بن علي الصدائي , حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أجلسكما ههنا ؟ قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع. قال: والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار, فاستقبلتهم المرأة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أين فلان ؟ فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء, فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال: مرحباً, ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم, فعلق قربته بقرب نخلة وانطلق فجاءهم بعذق, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا كنت اجتنيت ؟ فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم, ثم أخذ الشفرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إياك والحلوب فذبح لهم يومئذ فأكلوا, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا فهذا من النعيم" ورواه مسلم من حديث يزيد بن كيسان به, ورواه أبو يعلى وابن ماجه من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به, وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحو من هذا السياق وهذه القصة.
وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج , حدثنا حشرج عن أبي نضرة عن أبي عسيب , يعني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فمر بي فدعاني فخرجت إليه, ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه, ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه, فانطلق حتى دخل حائطاً لبعض الأنصار فقال لصاحب الحائط: أطعمنا بسراً فجاء بعذق فوضعه فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم دعا بماء بارد فشرب وقال: لتسألن عن هذا يوم القيامة قال: فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة ؟ قال: نعم إلا من ثلاثة: خرقة لف بها الرجل عورته, أو كسرة سد بها جوعته, أو جحر يدخل فيه من الحر والقر" تفرد به أحمد , وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد , حدثنا حماد , حدثنا عمار سمعت جابر بن عبد الله يقول: " أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رطباً وشربوا ماء, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا من النعيم الذي تسألون عنه" ورواه النسائي من حديث حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر به, وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد حدثنا يزيد , حدثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن الربيع قال: لما نزلت "ألهاكم التكاثر" فقرأ حتى بلغ "لتسألن يومئذ عن النعيم" قالوا: " يا رسول الله عن أي نعيم نسأل ؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر, وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر فعن أي نعيم نسأل ؟ قال: أما إن ذلك سيكون".
وقال أحمد : حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو , حدثنا عبد الله بن سليمان , حدثنا معاذ بن عبد الله بن حبيب , عن أبيه عن عمه قال " كنا في مجلس فطلع علينا لنبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء, فقلنا يا رسول الله نراك طيب النفس, قال: أجل ثم خاض الناس في ذكر الغنى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لابأس بالغنى لمن اتقى الله والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى وطيب النفس من النعيم" ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن عبد الله بن سليمان به. وقال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد , حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب الأشعري قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: " قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يسأل عنه ـ يعني يوم القيامة ـ العبد من النعيم أن يقال له ألم نصح لك بدنك ونروك من الماء البارد ؟" تفرد به ا لترمذي ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبير به.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا مسدد , حدثنا سفيان عن محمد بن عمرو , عن يحيى بن حاطب عن عبد الله بن الزبير قال: قال الزبير : " لما نزلت "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" قالوا يا رسول الله لأي نعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء قال: إن ذلك سيكون" وقد رواه الترمذي وابن ماجه من حديث سفيان هو ابن عيينة به ورواه أحمد عنه وقال الترمذي حسن وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال لما نزلت هذه الاية "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" قال الصحابة: " يا رسول الله, وأي نعيم نحن فيه وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير ؟" فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد ؟ فهذا من النعيم.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا إبراهيم بن موسى , أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن ابن أبي ليلى أظنه عن عامر عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" قال الأمن والصحة" وقال زيد بن أسلم " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" يعني شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم " , ورواه ابن أبي حاتم بإسناده المتقدم عنه في أول السورة. وقال سعيد بن جبير : حتى عن شربة عسل وقال مجاهد : عن كل لذة من لذات الدنيا, وقال الحسن البصري : من النعيم الغداء والعشاء. وقال أبو قلابة . من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي وقول مجاهد أشمل هذه الأقوال. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" قال: النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً".
وثبت في صحيح البخاري وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" ومعنى هذا أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين لا يقومون بواجبهما ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون. وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي , حدثنا علي ين الحسين بن شقيق , حدثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة , عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فوق الإزار وظل الحائط والخبز, يحاسب به العبد يوم القيامة أو يسأل عنه " ثم قال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد. وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا حماد , قال عفان في حديثه, قال إسحاق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله عز وجل ـ قال عفان يوم القيامة ـ يا ابن آدم حملتك على الخيل والإبل وزوجتك النساء وجعلتك تربع وترأس فأين شكر ذلك ؟" تفرد به من هذا الوجه. آخر تفسير سورة التكاثر, ولله الحمد والمنة.
هي ثمان آيات
وهي مكية عند الجميع. وروى البخاري أنها مدنية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت بمكة "ألهاكم التكاثر". وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟ قالوا: ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟ قال: أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر". وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ في ليلة ألف آية لقي الله وهو ضاحك في وجهه، قيل يا رسول الله ومن يقوى على ألف آية؟ فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ألهاكم التكاثر إلى آخرها، ثم قال: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ألف آية". وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن عبد الله بن الشخير قال "انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر، وفي لفظ: وقد أنزلت عليه ألهاكم التكاثر، وهو يقول: ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأنيت". وأخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة ولم يذكر فيه قراءة هذه السورة ولا نزولها بلفظ: "يقول العبد مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاثة: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأقنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في الشعب وضعفه عن جرير بن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني قارئ عليكم سورة ألهاكم التكاثر، فمن بكى فله الجنة"، فقرأها فمنا من بكى ومنا من لم يبك، فقال الذين لم يبكوا: قد جهدنا يا رسول الله أن نبكي فلم نقدر عليه، فقال: "إني قارئها عليكم الثانية فمن بكى فله الجنة، ومن لم يقدر أن يبكي فليتباكى".
قوله: 1- "ألهاكم التكاثر" أي شغلكم التكاثر بالأموال والأولاد والتفاخر بكثرتها والتغالب فيها. يقال: أهاه عن كذا وألهاه إذا شغله، ومنه قول امرئ القيس:
فألهيتها عن ذي تمائم محول
وقال الحسن: معنى ألهاكم: أنساكم.
1- "ألهاكم التكاثر"، شغلتكم المباهاة والمفاخرة والمكاثرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم وما ينجيكم من سخطه.
1-" ألهاكم " شغلكم وأصله الصرف إلى اللهو منقول من لها إذا غفل ." التكاثر " التباهي بالكثرة .
Surah 102. At-Takathur
1. Rivalry in worldly increase distracteth you
SURA 102: TAKATHUR
1 - The mutual rivalry for piling up (the good things of this world) diverts you (from the more serious things),