1 - (قل أعوذ برب الفلق) الصبح
ك وأخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا شديدا فأتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه ما ترى قال طب قال وما طب قال سحر قال ومن سحره قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال أين هو قال في بئر آل فلان تحت صخرة في كرية فأتوا الركية فانزحوا ماءها وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكرية وأحرقوها فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر في نفر فأتوا الركية فإذا ماؤها مثل ماء الحناء فنزحوا الماء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الكرية وأحرقوها فإذا فيها وتر فيه أحدى عشرة عقدة وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس لأصله شاهد في الصحيح بدون نزول السورتين وله شاهد بنزولهما
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه من ذلك وجع شديد فدخل عليه أصحابه فظنوا أنه لما به فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما فخرج إلى أصحابه صحيحا
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد أستجير برب الفلق من شرها ما خلق من الخلق .
واختلف أهل التأويل في معنى الفلق ، فقال بعضهم : هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، قال :ثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله ، عمن حدثه عن ابن عباس قال : الفلق : سجن في جهنم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحد الزبيري ، قال : ثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله " الفلق " : سجن في جهنم .
"حدثني يعقوب ، قال :ثنا هشيم ، قال :أخبرنا العوام بن الجولاني ، قال : قدم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم ، قال : فنظر إ'لى دور أهل الذمة ، ومام هم فيه من العيش والنضارة ، وما وسع عليهم في دنياهم ، قال : فقال : لا أبا لك ، أليس من وراءهم الفلق ؟ قال قيل : وما الفلق ؟قال بيت في جهنم ، إذا فتح هر أهل النار " .
حدثنا ابن بشار ، قال :ثنا عبيد الرحمن ، قال :ثنا سفيان ، قال : سمعت السدي يقول : الفلق جب في جهنم .
حدثني علي بن حسن الأذدي ، قال : ثنا الأشجعي عن سفيان ، عن السدي ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال :ثنا مهران ، عن سفيان و السدي ، مثله .
" حدثني إسحاق بن وهب الواسطي ، قال : ثنا مسعود بن موسى بن شكان الواسطي ، قال : ثنا نصر بن خزيمة الخراساني عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :الفلق : جب في جهنم مغطى " .
حدثنا ابن البرقي ، قال :ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا نافع بن يزيد ، قال :ثنا يحيى بن أبي أسيد ، عن ابن عجلان ، عن أبي عبيد ، عن كعب ، أنه دخل كنيسة فأعجبه حسنها ، فقال : أحسن عمل وأضل قوم ، رضيت لكم الفلق ، قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء جهنم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت خيثم بن عبد الله ، يقول : سألت أبا عبد الرحمن الحبلي ، عن الفلق ، قال : هي جهنم .
وقال آخرون : الفلق : الصبح .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس " أعوذ برب الفلق " قال : الفلق : الصبح .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، قال : أنبأنا عوف ، عن الحسن ، في هذه الآية " قل أعوذ برب الفلق " قال : الفلق : الصبح .
قال : ثنا عبد الرحمن ، قال :ثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : الفلق الصبح .
حدثنا أبو كريب ، قال :ثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران جميعاً ، عن سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، مثله .
حدثني علي بن الحسن الأزدي ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال :ثنا وكيع ، عن الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : الفلق : الصبح .
حدثنا ابن بشار ، قال :ثنا أبو أحمد ، قال :ثنا الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا أبو صخر ، عن القرظي ، أنه كان يقول في هذه الآية " قل أعوذ برب الفلق " يقول : فالق الحب والنوى ، قال : فالق الإصباح .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال :ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله " قل أعوذ برب الفلق " قال : الصبح .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " قل أعوذ برب الفلق " قال : الفلق : فلق النهار .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : الفلق : فلق الصبح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله " قل أعوذ برب الفلق " قيل له : فلق الصبح ؟ قال : نعم ، وقرأ " فالق الإصباح وجعل الليل سكنا " [ الأنعام : 96] .
وقال آخرون : الفلق : الخلق ، ومعنى الكلام : قل أعوذ برب الخلق .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال :ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله " الفلق " : يعني الخلق .
والصواب من القول في ذلك ، أن يقال : إن الله جل ثناؤه أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول " قل أعوذ برب الفلق " والفلق في كلام العرب : فلق الصبح ، تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح ، ومن فرق الصبح ، وجائز أن يكون في جهنم سجن اسمه فلق . وإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن جل ثناؤه وضع دلالة على أنه عني بقوله " برب الفلق " بعض ما يدعى الفلق دون بعض ، وكان الله تعالى ذكره رب كل ما خلق من شيء ، وجب أن يكون ممعنياً به كل ما اسمه الفلق ، إذا كان رب جميع ذلك. .
وهي مكية ، في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر . ومدنية ، في أحد قولي ابن عباس و قتادة . وهي خمس آيات .
وهذه السورة وسورة (( الناس )) و(( الإخلاص )) : تعوذ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سحرته اليهود ، على ما يأتي . وقيل : إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان ، أين تبرئان من النفاق . وقد تقدم . وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به ، وليستا من القرآن ، خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت . قال ابن قتيبة : " لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين ، لأنه كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بهما " ، فقدر أنهما بنزلة : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . قال أبو بكر الأنباري : وهذا مردود على ابن قتيبة ، لأن المعوذتين من كلام رب العالمين ، المعجز لجميع المخلوقين ، و(( أعيذكما بكلمات الله التامة )) من قول البشر بين . وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وحجة له باقية على جميع الكافرين ، لا يلتبس بكلام الآدميين ، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان ، العالم باللغة ، العارف بأجناس الكلام ، وأفانين القول . وقال بعض الناس : لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان ، فأسقطهما وهو
يحفظهما ، كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه ، وما يشك في حفظه وإتقانه لها . فرد هذا القول على قائله ، واحتج عليه بأنه قد كتب : " إذا جاء نصر الله والفتح " ، و" إنا أعطيناك الكوثر " ، و" قل هو الله أحد " وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال ، والحفظ إليهن أسرع ، ونسيانهن مأمون ، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ، إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها . وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها ، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف ، على معنى الثقة ببقاء حفظها ، والأمن من نسيانها ، صحيح ، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها ، ولا يسلك به طريقها . وقد مضى هذا المعنى في سورة (( الفاتحة )) . والحمد لله .
فيه تسع مسائل:
الأولى: روى النسائي عن عقبة بن عامر، قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكب، فوضعت يدي على قدمه، فقلت: أقرئني سورة هود أقرئني سورة يوسف. فقال لي: (لن تقرأ شيئاً أبلغ عند الله من " قل أعوذ برب الفلق" وعنه قال:
"بينا أنا اسير مع النبي صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بـ(ـأعوذ برب الفلق) و" أعوذ برب الناس" ويقول:(يا عقبة تعوذ بهما، فما تعوذ متعوذ بمثلهما). قال: وسمعته يقرأ بهما في الصلاة". وروى النسائي عن عبدالله قال:"
أصابنا طش وظلمة فانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج ثم ذكر كلاماً معناه: فخرج رسول الله صلىالله عليه وسلم ليصلي بنا، فقال : ما أقول؟ قال: (قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي، وحين تصبح ثلاثاً، يكفك كل شيء)" وعن عقبة بن عامر الجهني قال:
"قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :(قل). قلت: ما أقول؟ قال قل : " قل هو الله أحد" " قل أعوذ برب الفلق" " قل أعوذ برب الناس" فقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال-لم يتعوذ الناس بمثلهن، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن) " . وفي حديث ابن عابس:
(قل اعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس، هاتين السورتين) وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها ". النفث: النفخ ليس معه ريق.
الثانية: ثبت في الصحيحين من حديث عائشة:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم سحره يهودي من يهود بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله، فمكث كذلك ما شاء الله ان يمكث- في غير الصحيح: سنة - ثم قال:(يا عائشة، أشعرت، أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه. اتاني ملكان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل؟ قال: مطبوب. قال ومن طبة؟ قال لبيد بن الأعصم. قال في ماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر، تحت راعوفة في بئر ذي أوران. فجاء البئر واستخراجه ". انتهى الصحيح.
وقال ابن عباس:(أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي) ثم بعث علياً والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعه الحناء ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة - صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح، وأخرجوا الجف، فإذا مشاطة رأس إنسان، وأسنان من مشط، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر، فانزل الله تعالى هاتين السورتين، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد، وأمر أن يتعوذ بهما، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد الني صلىالله عليه وسلم خفة، حتى انحلت العقدة الأخيرة، فكأنما أنشط من عقال، وقال: ليس به بأس. وجعل جبريل يرقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : (باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر حاسد وعين، والله يشفيك). فقالوا: يا رسول الله، ألا نقتل الخبيث. فقال: (أما أنا فقد شفاني الله، وأكره ان اثير على الناس شرا) وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصحاح: أن غلاماً من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فدست إليه اليهود، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم. والمشاطة (بضم الميم): ما يسقط من الشعر عند المشط. وأخذ عدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي. وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس.
الثالثة: تقدم في البقرة القول في السحر وحقيقته، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد، وحكم الساحر، فلا معنى لإعادته.
الرابعة: قوله تعالى:" الفلق" اختلف فيه، فقيل : سجن في جهنم، قاله ابن عباس وقال ابي بن كعب: بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره وقال الحبلي ابو عبدالرحمن : هو أسم من أسماء جهنم. وقال الكلبي : واد في جهنم. وقال عبدالله بن عمر شجرة في النار. سعيد بن جبير : جب في النار. النحاس: يقال لما اطمأن من الأرض فلق، فعلى هذا يصح القول. وقال جابر بن عبدالله والحسن وسعيد بن جبير أيضاً ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد: الفلق، الصبح. وقاله ابن عباس. تقول العرب: هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح. وقال الشاعر:
يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا أرعى النجوم إلى أن نور الفلق
وقيل : الفلق: الجبال والصخور تنفلق بالمياه، أي تتشقق. وقيل: هو التفليق بين الجبال والصخور، لأنها تشقق من خوف الله عز وجل. قال زهير:
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
الراكس: بطن الوادي. وكذلك هو في قول النابغة:
أتاني ودوني راكس فالضواجع
والراكس أيضاً: الهادي، وهو الثور وسط البيدر، تدور عليه الثيران في الدياسة.
وقيل: الرحم تنفلق بالحيوان. وقيل: إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى، وكل شيء من نبات وغيره، قاله الحسن وغيره. قال الضحاك: الفلق الخلق كله، قال:
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق سرا وقد أون تأوين العقق
قلت: هذا القول يشهد له الاشتقاق، فإن الفلق الشق. فلقت الشيء فلقا أي شققته، والتفليق مثله. يقال :فلقته فانفلق وتفلق. فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق، قال الله تعالى:"فالق الإصباح" [الأنعام:96] قال: " فالق الحب والنوى" [الأنعام:95] وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي:
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
يعني بالفلق هنا: الصبح بعينه. والفلق ايضا: المطمئن من الأرض بين الربوتين، وجمعه، فلقان، مثل خلق وخلقان. وربما قالوا: كان ذلك بفالق كذا وكذا، يريدون المكان المنحدر بين الربوتين. والفلق أيضاً مقطرة السجان. فأما الفلق(بالكسر) فالداهية. والفلق أيضاً: القضيب يشق باثنين، فيعمل منه قوساً، يقال لكل واحدة منهما فلق. وقولهم، جئت بعلق فلق. ومر يفتلق في عدوه، أي يأتي بالعجب من شدته.
تفسير سورة الفلق
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان , حدثنا حماد بن سلمة , أخبرنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: " قلت لأبي بن كعب إن ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه فقال: أشهد أن رسول الله أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: "قل أعوذ برب الفلق" فقلتها, قال: "قل أعوذ برب الناس", فقلتها, فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم " . ورواه أبو بكر الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة , حدثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بهدلة أنهما سمعا زر بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلت: يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يحكي المعوذتين من المصحف, فقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "قيل لي قل فقلت" فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد : حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عاصم عن زر قال: سألت ابن مسعود عن المعوذتين فقال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنهما فقال: "قيل لي فقلت لكم فقولوا" قال أبي : فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نقول.
وقال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله , حدثنا سفيان , حدثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش , وحدثنا عاصم عن زر قال: سألت أبي بن كعب فقلت: أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا, فقال: إني سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "قيل لي فقلت" فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه البخاري أيضاً والنسائي عن قتيبة عن سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم بن أبي النجود , عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب به . وقال الحافظ أبو يعلي : حدثنا الأزرق بن علي , حدثنا حسان بن إبراهيم , حدثنا الصلت بن بهرام عن إبراهيم عن علقمة قال: كان عبد الله يحكي المعوذتين من المصحف ويقول: إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما. ولم يكن عبد الله يقرأ بهما, ورواه عبد الله بن أحمد من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يحكي المعوذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله. قال الأعمش : وحدثنا عاصم عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال: سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قيل لي فقلت" وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء وأن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصاحفه, فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتواتر عنده, ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة, فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأئمة ونفذوها إلى سائر الافاق كذلك و لله الحمد والمنة. وقد روى مسلم في صحيحه : حدثنا قتيبة , حدثنا جرير عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" " ورواه أحمد ومسلم أيضاً و الترمذي والنسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عقبة به, وقال الترمذي : حسن صحيح.
(طريق أخرى) قال الإمام أحمد : حدثنا الوليد بن مسلم , حدثنا ابن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال: " بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي : يا عقبة ألا تركب قال: فأشفقت أن تكون معصية, قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية ثم ركب ثم قال: يا عقبة ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس قلت: بلى يا رسول الله, فأقرأني "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما ثم مر بي فقال: كيف رأيت يا عقيب اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت" ورواه النسائي من حديث الوليد بن مسلم وعبد الله بن المبارك كلاهما عن ابن جابر به, ورواه أبو داود والنسائي أيضاً من حديث ابن وهب عن ميمون بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن عقبة به.
(طريق أخرى) قال أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا سعيد بن أبي أيوب , حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيني وأبو مرحوم عن يزيد بن محمد القرشي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة " , ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن علي بن رباح , وقال الترمذي : غريب.
(طريق أخرى) قال أحمد : حدثنا محمد بن إسحاق , حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ بالمعوذتين فإنك لن تقرأ بمثلهما" تفرد به أحمد .
(طريق أخرى) قال أحمد : حدثنا حيوة بن شريح , حدثنا بقية حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر أنه قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له بغلة شهباء فركبها, فأخذ عقبة يقودها له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ قل أعوذ برب الفلق فأعادها له حتى قرأها فعرف أني لم أفرح بها جداً فقال: لعلك تهاونت بها ؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها" ورواه النسائي عن عمرو بن عثمان عن بقية به, ورواه النسائي أيضاً من حديث الثوري عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن نفير عن أبيه عن عقبة بن عامر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فذكر نحوه .
(طريق أخرى) قال النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى , حدثنا المعتمر , سمعت النعمان عن زياد أبي الأسد عن عقبة بن عامر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس".
(طريق أخرى) قال النسائي : أخبرنا قتيبة , حدثنا الليث عن أبي عجلان عن سعيد المقبري عن عقبة بن عامر قال: " كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عقبة قل قلت: ماذا أقول ؟ فسكت عني ثم قال قل قلت: ماذا أقول يا رسول الله ؟ قال قل أعوذ برب الفلق فقرأتها حتى أتيت على آخرها, ثم قال: قل فقلت: ماذا أقول يا رسول الله ؟ قال: قل أعوذ برب الناس فقرأتها ثم أتيت على آخرها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها".
(طريق أخرى) قال النسائي أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا معاوية عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عقبة بن عامر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في صلاة الصبح " .
(طريق أخرى) قال النسائي : أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عمران أسلم عن عقبة بن عامر قال " اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب فوضعت يدي على قدميه فقلت : أقرئني سورة هود أو سورة يوسف فقال: لن تقرأ شيئاً أنفع عند الله من قل أعوذ برب الفلق".
(حديث آخر) قال النسائي : أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الأوزاعي عن يحيى عن ابن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي عبد الله عن ابن عائش الجهني " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا ابن عائش ألا أدلك ـ أو ألا أخبرك ـ بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون قال: بلى يا رسول الله. قال: قل أعوذ برب الفلق ـ وقل أعوذ برب الناس هاتان السورتان" فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث.
وقد تقدم في رواية صدي بن عجلان وفروة بن مجاهد عنه "ألا أعلمك ثلاث سور لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلهن " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس "".
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل , حدثنا الجريري عن أبي العلاء قال: قال رجل " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر والناس يعتقبون وفي الظهر قلة, فحانت نزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلتي, فلحقني فضرب منكبي فقال: قل أعوذ برب الفلق فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأتها معه ثم قال: قل أعوذ برب الناس فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأتها معه فقال: إذا صليت فاقرأ بهما" الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر والله أعلم. ورواه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية به.
(حديث آخر) قال النسائي : أخبرنا محمد بن المثنى , حدثنا محمد بن جعفر عن عبد الله بن سعيد , حدثني يزيد بن رومان عن عقبة بن عامر عن عبد الله الأسلمي هو ابن أنيس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره ثم قال: قل فلم أدر ما أقول ثم قال لي قل قلت: " هو الله أحد " ثم قال لي: قل. قلت " أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق " حتى فرغت منها ثم قال لي قل قلت: "أعوذ برب الناس" حتى فرغت منها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا فتعوذ وما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط".
(حديث آخر) قال النسائي : أنبأنا عمرو بن علي أبو حفص , حدثنا بدل , حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة عن سعيد الجريري , حدثنا أبو نضرة عن جابر بن عبد الله قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا جابر قلت: وما أقرأ بأبي أنت وأمي ؟ قال اقرأ "قل أعوذ برب الفلق" ـ و ـ "قل أعوذ برب الناس " فقرأتهما فقال: اقرأ بهما ولن تقرأ بمثلهن" وتقدم حديث عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهن وينفث في كفيه, ويمسح بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده " , وقال الإمام مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث, فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه بالمعوذات وأمسح بيده عليه رجاء بركتها " , ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة , ومن حديث ابن القاسم وعيسى بن يونس وابن ماجه من حديث معن وبشر بن عمر ثمانيتهم عن مالك به. وتقدم في آخر سورة "ن" من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنسان, فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما " , رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه , وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
بسم الله الرحمـن الرحيم
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام , حدثنا أبو أحمد الزبيري , حدثنا حسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال الفلق الصبح, وقال العوفي عن ابن عباس "الفلق" الصبح, وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعبد الله بن محمد بن عقيل والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي, وابن زيد ومالك عن زيد بن أسلم مثل هذا, قال القرظي وابن زيد وابن جرير : وهي كقوله تعالى: "فالق الإصباح" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "الفلق" الخلق, وكذا قال الضحاك : أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله, وقال كعب الأحبار "الفلق" بيت في جهنم, إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره, ورواه ابن أبي حاتم , ثم قال: حدثنا أبي , حدثنا سهيل بن عثمان عن رجل سماه, عن السدي , عن زيد بن علي , عن آبائه أنهم قالوا "الفلق" جب في قعر جهنم عليه غطاء, فإذا كشف عنه, خرجت منه نار تضج منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه, وكذا روي عن عمرو بن عنبسة وابن عباس والسدي وغيرهم.
وقد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر, فقال ابن جرير : حدثني إسحاق بن وهب الواسطي , حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي , حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني عن شعيب بن صفوان , عن محمد بن كعب القرظي , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفلق جب في جهنم مغطى" إسناده غريب ولا يصح رفعه. وقال أبو عبد الرحمن الحبلي "الفلق" من أسماء جهنم, وقال ابن جرير : والصواب القول الأول إنه فلق الصبح, وهذا هو الصحيح, وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى. وقوله تعالى: "من شر ما خلق" أي من شر جميع المخلوقات, وقال ثابت البناني والحسن البصري : جهنم وإبليس وذريته مما خلق "ومن شر غاسق إذا وقب" قال مجاهد : غاسق الليل إذا وقب غروب الشمس, حكاه البخاري عنه, وكذا رواه ابن أبي نجيح عنه, وكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والضحاك وخصيف والحسن وقتادة : إذا وقب الليل إذا أقبل بظلامه. وقال الزهري "ومن شر غاسق إذا وقب" الشمس إذا غربت, وعن عطية وقتادة : إذا وقب الليل إذا ذهب, وقال أبو المهزم عن أبي هريرة "ومن شر غاسق إذا وقب" الكوكب, وقال ابن زيد : كانت العرب تقول الغاسق سقوط الثريا, وكانت الأسقام والطواعين تكبر عند وقوعها, وترتفع عند طلوعها.
قال ابن جرير : ولهؤلاء من الاثار ما حدثني نصر بن علي , حدثني بكار بن عبد الله بن أخي همام , حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن شر غاسق إذا وقب ـ النجم الغاسق" (قلت) وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, قال ابن جرير وقال آخرون: هو القمر. (قلت) وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام أحمد : حدثنا أبو داود الحفري عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن أبي سلمة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني القمرحين طلع وقال: "تعوذي با لله من شر هذا الغاسق إذا وقب" ورواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن به. وقال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظه "تعوذي با لله من شر هذا الغاسق إذا وقب" ولفظ النسائي "تعوذي با لله من شر هذا, هذا الغاسق إذا وقب" قال أصحاب القول الأول: وهو آية الليل إذا ولج هذا لا ينافي قولنا لأن القمر آية الليل ولا يوجد له سلطان إلا فيه, وكذلك النجوم لا تضيء إلا بالليل فهو يرجع إلى ما قلناه والله أعلم.
وقوله تعالى: "ومن شر النفاثات في العقد" قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك : يعني السواحر, قال مجاهد : إذا رقين ونفثن في العقد. وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى , حدثنا ابن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: ما من شيء أقرب إلى الشرك من رقية الحية والمجانين, وفي الحديث الاخر " أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكيت يا محمد ؟ فقال : نعم فقال: باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك, ومن شر كل حاسد وعين, الله يشفيك, ولعل هذا كان من شكواه صلى الله عليه وسلم حين سحر, ثم عافاه الله تعالى وشفاه ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رؤوسهم, وجعل تدميرهم في تدبيرهم وفضحهم, ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من الدهر, بل كفى الله وشفى وعافى " . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم قال: " سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياماً. قال: فجاءه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك في بئر كذا وكذا, فأرسل إليها من يجيء بها, فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخرجها فجاءه بها فحللها, قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال " , فما ذكر ذلك لليهودي, ولا رآه في وجهه حتى مات, ورواه النسائي عن هناد عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير .
وقال البخاري في كتاب الطب من صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أول من حدثنا به ابن جريج يقول: حدثني آل عروة عن عروة , فسألت هشاماً عنه, فحدثنا عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن, قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا فقال: "يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والاخر عند رجلي, فقال الذي عند رأسي للاخر: ما بال الرجل ؟ قال: مطبوب, قال: ومن طبه, قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً, قال: وفيم ؟ قال: في مشط ومشاقة, قال: وأين ؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان قالت: فأتى البئر حتى استخرجه فقال: هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين قال: فاستخرج فقلت: أفلا تنشرت ؟ فقال: أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً".
وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة ويحيى القطان وفيه قالت حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله, وعنده فأمر بالبئر فدفنت, وذكر أنه رواه عن هشام أيضاً ابن أبي الزناد والليث بن سعد , وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير , ورواه أحمد عن عفان عن وهيب عن هشام به. ورواه الإمام أحمد أيضاً عن إبراهيم بن خالد عن معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: " لبث النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي, فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والاخر عند رجليه, فقال أحدهما للاخر: ما باله ؟ قال: مطبوب, قال: ومن طبه ؟ قال: لبيد بن الأعصم, وذكر تمام الحديث " . وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره, قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه, فأعطاها اليهود فسحروه فيها.
وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له ابن أعصم, ثم دسها في بئر لبني زريق يقال له ذروان, فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن, وجعل يذوب ولا يدري ما عراه, فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان, فجلس أحدهما عند رأسه والاخر عند رجليه, فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرجل ؟ قال: طب, قال: وما طب ؟ قال: سحر ؟ قال: ومن سحره ؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي. قال: وبم طبه ؟ قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو ؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف قشر الطلع, والراعوفة حجر في أسفل البئر ناتىء يقوم عليه الماتح, فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعوراً, وقال: "يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء, ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه, وإذا فيه وتر معقود فيه اثنا عشر عقدة مغروزة بالإبر, فأنزل الله تعالى السورتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة, ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة, فقام كأنما نشط من عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين, الله يشفيك. فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا نأخذ الخبيث نقتله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شراً" هكذا أورده بلا إسناد وفيه غرابة, وفي بعضه نكارة شديدة ولبعضه شواهد مما تقدم, والله أعلم.
هي خمس آيات
وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة، وأخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق. قال السيوطي: صحيحة عن ابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين في المصحف يقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله، إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما. قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف. وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم عن زر بن حبيش قال "أتيت المدينة فلقيت أبي بن كعب، فقلت له: أبا المنذر إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فقال: أما والذي بعث محمداً بالحق لقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما وما سألني عنهما أحد منذ سألته غيرك، قال: قيل لي: قل، فقلت فقولوا فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم". وأخرج الطبراني عن ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن هاتين السورتين، فقال: قيل لي، فقلت فقولوا كما قلت". وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزلت علي الليلة آيات لم أر مثلهن قط "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس"" وأخرج ابن الضريس وابن الأنباري والحاكم وصححه وابن مردويه في الشعب عن عقبة بن عامر قال "قلت يا رسول الله: أقرئني سورة يوسف وسورة هود، قال: يا عقبة اقرأ بقل أعوذ برب الفلق، فإنك لن تقرأ سورة أحب إلى الله وأبلغ منها، فإذا استطعت أن لا تفوتك فافعل". وأخرج ابن سعد والنسائي والبغوي والبيهقي عن أبي حابس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا حابس أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال بلى يا رسول الله، قال: "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" هما المعوذتان". وأخرج الترمذي وحسنه وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان ومن عين الإنس، فلما نزلت سورة المعوذتين أخذ بهما وترك ما سوى ذلك". وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال، ومنها أنه كان يكره الرقى إلا بالمعوذتين". وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من أحب السور إلى الله "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس"". وأخرج النسائي وابن الضريس وابن حبان في صحيحه وابن الأنباري وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: "أخذ بمنكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: اقرأ، قلت: ما اقرأ بأبي أنت وأمي؟ قال: "قل أعوذ برب الفلق" ثم قال: اقرأ، بأبي أنت وأمي ما اقرأ؟ قال: "قل أعوذ برب الناس"، ولم تقرأ بمثلهما". وأخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده عليه رجاء بركتهما". وأخرجه. البخاري ومسلم في صحيحهما من طريق مالك بالإسناد المذكور. وأخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن أرقم قال "سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، فاشتكى فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمعوذتين، وقال: إن رجلاً من اليهود سحرك، والسحر في بئر فلان، فأرسل علياً فجاء به فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية ويحل حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال". وأخرجه ابن مردويه والبيهقي من حديث عائشة مطولا، وكذلك أخرجه ابن مردويه من حديث ابن عباس. وقد ورد في فضل المعوذتين، وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما في الصلاة وغيرهما أحاديث، وفيما ذكرناه كفاية. وأخرج الطبراني في الصغير عن علي بن أبي طالب قال "لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي، فلما فرغ قال: لعن الله العقرب لا تدع مصلياً ولا غيره، ثم دعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس."
1- "الفلق" الصبح، يقال: هو أبين من فلق الصبح، وسمي فلقاً لأنه يفلق عنه الليل، وهو فعل بمعنى مفعول: قال الزجاج: لأن الليل ينفلق عنه الصبح، ويكون بمعنى مفعول، يقال: هو أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح، وهذا قول جمهور المفسرين، ومنه قول ذي الرمة:
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هادئة في أخريات الليل منتصب
وقول الآخر:
يــا ليلــة لم أتمها بـت مرتفقـــا أرعـى النجوم لي أن نـور الفـــلق
وقيل هو سجن في جهنم ، وقيل هو اسم من أسماء جهنم، وقيل شجرة في النار، وقيل هو الجبال والصخور، لأنها تفلق بالمياه أي تشقق، وقيل هو التفليق بين الجبال، لأنها تنشق من خوف الله. قال النحاس: يقال لكل ما اطمأن من الأرض فلق، ومنه قول زهير:
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
والراكس: بطن الوادي، ومثله قول النابغة:
ودوني راكس فالضواجع
وقيل هو الرحم تنفلق بالحيوان، وقيل هو كل ما انفلق عن جميع ما خلق الله من الحيوان والصبح والحب والنوى وكل شيء من نبات وغيره قاله الحسن والضحاك. قال القرطبي: هذا القول يشهد له الانشقاق، فإن الفلق الشق، فلقت الشيء فلقاً: شققته، والتفليق مثله، يقال فلقته فانفلق وتفلق، فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق. قال الله سبحانه "فالق الإصباح" وقال "فالق الحب والنوى" انتهى. والقول الأول أولى لأن المعنى وإن كان أعم منه وأوسع مما تضمنه لكنه المتبادر عند الإطلاق. وقد قيل في وجه تخصيص الفلق الإيماء إلى أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كل هذا العالم يقدر أيضاً أن يدفع عن العائذ كل ما يخافه ويخشاه، وقيل طلوع الصبح كالمثال لمجيء الفرح، فكما أن الإنسان في الليل يكون منتظراً لطلوع الصباح، كذلك الخائف يكون مترقباً لطلوع صباح النجاح، وقيل غير هذا مما هو مجرد بيان مناسبة ليس فيها كثير فائدة تتعلق بالتفسير.
1- "قل أعوذ برب الفلق"، قال ابن عباس، وعائشة -رضي الله عنها-: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة أسنان من مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، وتولى ذلك لبيد بن الأعصم، رجل من يهود، فنزلت السورتان فيه:
أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أنس بن عياض عن هشام عن أبيه عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم: طب حتى إنه ليخيل إليه أنه قد صنع شيئاً وما صنعه، وأنه دعا ربه، ثم قال: أشعرت أن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته فيه، فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال الآخر: هو مطبوب قال: من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال: في ماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في ذروان -وذروان بئر في بني زريق -قالت عائشة: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى عائشة، فقال: والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فقلت له: يا رسول الله هلا أخرجته؟ قال: أما أنا فقد شفاني الله، فكرهت أن أثير على الناس به شراً".
وروي أنه كان تحت صخرة في البئر، فرفعوا الصخرة وأخرجوا جف الطلعة، فإذا فيه مشاطة رأسه، وأسنان مشطه:
أخبرنا المطهر بن علي الفارسي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الصالحاني، حدثنا عبد الله بن محمد ابن جعفر أبو الشيخ الحافظ، أخبرنا ابن أبي عاصم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حبان بن أرقم قال: "سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، قال: فاشتكى لذلك أياماً، قال: فأتاه جبريل، فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك عقدا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فاستخرجها فجاء بها، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة، فقام رسول الله كأنما نشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهود ولا رأوه في وجهه قط".
قال مقاتل والكلبي: كان في وتر عقد عليه إحدى عشرة عقدة. وقيل: كانت العقد مغروزة بالإبرة، فأنزل الله هاتين السورتين وهما إحدى عشرة آية، سورة الفلق خمس آيات، وسورة الناس ست آيات، كلما قرئت آية انحلت عقدة، حتى انحلت العقد كلها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال.
وروي: أنه لبث فيه ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال، فنزلت المعوذتان:
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا بشر بن هلال الصواف، حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أي نضرة، عن أبي سعيد: "أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم، فقال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك والله يشفيك".
قوله عز وجل: "قل أعوذ برب الفلق"، أراد بالفلق: الصبح وهو قول جابر بن عبد الله والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، وأكثر المفسرين، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، بدليل قوله "فالق الإصباح".
وروي عن ابن عباس: أنه سجن في جهنم. وقال الكلبي: واد في جهنم.
وقال الضحاك: يعني الخلق، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس، والأول هو المعروف.
1-" قل أعوذ برب الفلق " ما يفلق عنه أي يفرق كالفرق فعل بمعنى مفعول ،وهو يعم جميع الممكنات ،فإنه تعالى فلق ظلمة العدم بنور الإيجاد عنها ، سيما ما يخرج ما أصل كالعيون والأمطار والنبات والأولاد ، ويختص عرفاً بالصبح ولذلك فسربه . وتخصيصه لما فيه من تغير الحال وتبدل وحشة الليل بسرور النور ومحاكاة فاتحة يوم القيامة ، والإشعار بأن من قدر أن يزيل به ظلمة الليل عن هذا العالم قدر أن يزيل عن العائذ به ما يخافه ، ولفظ الرب هنا أوقع من سائر أسمائه تعالى لأن الإعاذة من المضار قريبة .
Surah 113. Al-Falaq
1. Say: I seek refuge in the Lord of Daybreak
SURA 113: FALAQ
1 - Say: I seek refuge with the Lord of the Dawn,