1- (الر) الله أعلم بمراده بذلك هذا القرآن (كتاب أنزلناه إليك) يا محمد (لتخرج الناس من الظلمات) الكفر (إلى النور) الإيمان (بإذن) أمر (ربهم) ويبدل من : إلى النور (إلى صراط) طريق (العزيز) الغالب (الحميد) المحمود
قال أبو جعفر الطبري : قد تقدم منا البيان عن معنى قوله : "الر" ، فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وأما قوله : "كتاب أنزلناه إليك" ، فإن معناه : هذا كتاب أنزلناه إليك ، يا محمد ، يعني القرآن ، "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" ، يقول : لتهديهم به من ظلمات الضلالة والكفر ، إلى نور الإيمان وضيائه ، وتبصر به أهل الجهل والعمى سبل الرشاد والهدى .
وقوله :"بإذن ربهم" ، يعني بتوفيق ربهم لهم بذلك ولطفه بهم ، "إلى صراط العزيز الحميد" ، يعني : إلى طريق الله المستقيم ، وهو دينه الذي ارتضاه ، وشرعه لخلقه .
و "الحميد" ، فعيل ، صرف من مفعول إلى فعيل ، ومعناه :المحمود بالآئه .
وأضاف تعالى ذكره إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم لهم بذلك ، إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهو الهادي خلقه ، والموفق من أحب منهم للإيمان ، إذ كان منه دعاؤهم إليه ، وتعريفهم ما لهم فيه وعليهم . فبين بذلك صحة قول أهل الإثبات الذين أضافوا أفعال العباد إليهم كسباً ، وإلى الله جل ثناؤه إنشاءً وتدبيراً ، وفساد قول أهل القدر الذين أنكروا أن يكون لله في ذلك صنع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" ، أي من الضلالة إلى الهدى .
مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس وقتادة: إلا آيتين منها مدنيتين وقيل: ثلاث، نزلت في الذين حاربوا الله ورسوله وهو قول تعالى: " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا " ( إبراهيم: 28) إلى قوله: " فإن مصيركم إلى النار " ( إبراهيم: 30).
قوله تعالى: " الر كتاب أنزلناه إليك " تقدم معناه. " لتخرج الناس " أي بالكتاب، وهو القرآن، أي بدعائك إليه. " من الظلمات إلى النور " أي من ظلمات الكفر والضلالة والجهل إلى نور الإيمان والعلم، وهذا على التمثيل، لأن الكفر بمنزلة الظلمة، والإسلام بمنزلة النور. وقيل: من البدعة إلى السنة، ومن الشك إلى اليقين، والمعنى متقارب. " بإذن ربهم " أي بتوفيقه إياهم ولطفه بهم، والباء في ( بإذن ربهم) متعلقة بـ ( ـتخرج) وأضيف الفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الداعي والمنذر الهادي. " إلى صراط العزيز الحميد " هو كقولك: خرجت إلى زيد العاقل الفاضل من غير واو، لأنهما شيء واحد، والله هو العزيز الذي لا مثل له ولا شبيه. وقيل: ( العزيز) الذي لا يغلبه غالب. وقيل: ( العزيز) المنيع في ملكه وسلطانه. ( الحميد) أي المحمود بكل لسان، والممجد في كل مكان على كل حال. وروى مقسم عن ابن عباس قال: كان قوم آمنوا بعيسى ابن مريم، وقوم كفروا به، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم آمن به الذين كفروا بعيسى، وكفر الذين آمنوا بعيسى، فنزلت هذه الآية، ذكره الماوردي .
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور "كتاب أنزلناه إليك" أي هذا كتاب أنزلنا إليك يا محمد, وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء, على أشرف رسول بعثه الله في الأرض إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد, كما قال تعالى: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " الاية. وقال تعالى: "هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور" الاية.
وقوله: "بإذن ربهم" أي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم "إلى صراط العزيز", أي العزيز الذين لا يمانع ولا يغالب, بل هو القاهر لكل ما سواه, "الحميد" أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه الصادق في خبره. وقوله: "الله الذي له ما في السموات وما في الأرض" قرأ بعضهم مستأنفاً مرفوعاً وقرأ آخرون على الإتباع صفة للجلالة, كقوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض" الاية. وقوله: "وويل للكافرين من عذاب شديد" أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك, ثم وصفهم بأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة, أي يقدمونها ويؤثرونها عليها ويعملون للدنيا, ونسوا الاخرة وتركوها وراء ظهورهم "ويصدون عن سبيل الله" وهي اتباع الرسل "ويبغونها عوجاً" أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجاً مائلة عائلة, وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها, ولا من خذلها فهم في ابتغائهم ذلك في جهل وضلال بعيد من الحق, لا يرجى لهم والحالة هذه صلاح.
إثنتان وخمسون آية. وقيل إحدى وخمسون
وهي مكية كما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس. وأخرجه ابن مردويه أيضاً عن الزبير، وحكاه القرطبي عن الحسن وعكرمة وجابر بن زيد وقتادة إلا آيتين منها وقيل إلا ثلاث آيات نزلت في الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قوله: "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" إلى قوله: "فإن مصيركم إلى النار". وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس قال: هي مكية سوى آيتين منها نزلتا بالمدينة، وهي "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" الآيتين نزلتا في قتلى بدر من المشركين.
قوله: 1- "الر" قد تقدم الكلام في أمثال هذا، وبيان قول من قال إنه متشابه، وبيان قول من قال إنه غير متشابه وهو إما مبتدأ خبره كتاب، أو خبر مبتدأ محذوف، ويكون "كتاب" خبر المحذوف مقدر أو خبراً ثانياً لهذا المبتدأ أو يكون "الر" مسروداً على نمط التعديد فلا محل له، و "أنزلناه إليك" صفة لكتاب: أي أنزلنا الكتاب إليك يا محمد، ومعنى "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" لتخرجهم من ظلمات الكفر والجهل والضلالة إلى نور الإيمان والعلم والهداية، جعل الكفر بمنزلة الظلمات، والإيمان بمنزلة النور على طريقة الاستعارة، واللام في لتخرج للغرض والغاية، والتعريف في الناس للجنس، والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم يخرج بالكتاب المشتمل على ما شرعه الله لهم من الشرائع مما كانوا فيه من الظلمات إلى ما صاروا إليه من النور، وقيل إن الظلمة مستعارة للبدعة، والنور مستعار للسنة، وقيل من الشك إلى اليقين، ولا مانع من إرادة جميع هذه الأمور، والباء في "بإذن ربهم" متعلقة بتخرج، وأسند الفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الداعي والهادي والمنذر. قال الزجاج: بما أذن لك من تعليمهم ودعائهم إلى الإيمان "إلى صراط العزيز الحميد" هو بدل من إلى النور بتكرير العامل كما يقع مثله كثيراً: أي لتخرج الناس من الظلمات إلى صراط العزيز الحميد، وهو طريقة الله الواضحة التي شرعها لعباده، وأمرهم بالمصير إليها والدخول فيها، ويجوز أن يكون مستأنفاً بتقدير سؤال كأنه قيل ما هذا النور الذي أخرجهم إليه؟ فقيل صراط العزيز الحميد. والعزيز هو القادر الغالب. والحميد هو الكامل في استحقاق الحمد.
مكية وهي إحدى وخمسون آية إلا آيتين من قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" إلى قوله: "فإن مصيركم إلى النار".
"الر كتاب"، أي: هذا كتاب "أنزلناه إليك"، يا محمد يعني: القرآن، "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" أي: لتدعوهم من ظلمات الضلالة إلى نور الإيمان، "بإذن ربهم"، بأمر ربهم.
وقيل: بعلم ربهم.
"إلى صراط العزيز الحميد" أي: إلى دينه، و"العزيز"، هو الغالب، و"الحميد": هو المستحق للحمد.
وهي آياتها اثنتان وخمسون أية
بسم الله الرحمن الرحيم
1."الر كتاب"أي هو كتاب."أنزلناه إليك لتخرج الناس"بدعائك إياهم إلى ما تضمنه ."من الظلمات"من أنواع الضلال ."إلى النور"إلى الهدى ."بإذن ربهم "بتوفيقه وتسهيله مستعار من الاذن الذي هو تسهيل الحجاب ، وهو صلى "لتخرج"أوحال من فاعله أو مفعوله ."إلى صراط العزيز الحميد"بدل من قوله :"إلى النور"بتكرير العامل أو استئناف على أنه جواب لمن يسأل عنه ، وإضافة الصراط إلى الله تعالى إما لأنه مقصده أو المظهر له وتخصيص الوصفين للتنبيه على أنه لا يذل سالكه ولا يخيب سابله.
Surah 14. Ibrahim
1. Alif. Lam. Ra. (This is) a Scripture which We have revealed unto thee (Muhammad) that thereby thou mayst bring forth mankind from darkness unto light, by the permission of their Lord, unto the path of the Mighty, the Owner of Praise.
SURA 14: IBRAHIM
1 - A. L. R. a book which we have revealed unto thee, in order that thou mightiest lead mankind out of the depths of darkness into light by the leave of their Lord to the way of (him) the exalted in power, worthy of all praise