10 - (ذلك بما قدمت يداك) أي قدمته عبر عنه بهما دون غيرهما لأن أكثر الأفعال تزاول بهما (وأن الله ليس بظلام) أي بذي ظلم (للعبيد) فيعذبهم بغير ذنب
القول في تأويل قوله تعالى : " ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد " .
" ذلك بما قدمت يداك " أي يقال له في الآخرة إذا دخل النار: ذلك العذاب بما قدمت يداك من المعاصي والكفر. وعبر باليد عن الجملة، لأن اليد التي تفعل وتبطش للجملة. و " ذلك " بمعنى هذا، كما تقدم في أول البقرة.
لما ذكر تعالى حال الضلال الجهال المقلدين في قوله: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد" ذكر في هذه حال الدعاة إلى الضلال من رؤوس الكفر والبدع فقال: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" أي بلا عقل صحيح, ولا نقل صحيح صريح, بل بمجرد الرأي والهوى. وقوله: "ثاني عطفه" قال ابن عباس وغيره: مستكبر عن الحق إذا دعي إليه, وقال مجاهد وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم "ثاني عطفه" أي لاوي عنقه وهي رقبته, يعني يعرض عما يدعى إليه من الحق, ويثني رقبته استكباراً, كقوله تعالى: " وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين * فتولى بركنه " الاية, وقال تعالى: "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً" وقال تعالى: "وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون" وقال لقمان لابنه "ولا تصعر خدك للناس" أي تمليه عنهم استكباراً عليهم, وقال تعالى: "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً" الاية.
وقوله: "ليضل عن سبيل الله" قال بعضهم: هذه لام العاقبة, لأنه قدلا يقصد ذلك, ويحتمل أن تكون لام التعليل. ثم إما أن يكون المراد بها المعاندين أو يكون المراد بها أن هذا الفاعل لهذا إنما جبلناه على هذا الخلق الدنىء لنجعله ممن يضل عن سبيل الله. ثم قال تعالى: "له في الدنيا خزي" وهو الإهانة والذل, كما أنه لما استكبر عن آيات الله لقاه الله المذلة في الدنيا وعاقبه فيها قبل الاخرة, لأنها أكبر همه ومبلغ علمه "ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك" أي يقال له هذا تقريعاً وتوبيخاً "وأن الله ليس بظلام للعبيد" كقوله تعالى: "خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون". وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أحمد بن الصباح , حدثنا يزيد بن هارون , أنبأنا هشام عن الحسن قال: بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين ألف مرة.
والإشارة بقوله: 10- "ذلك" إلى ما تقدم من العذاب الدنيوي والأخروي، وهو مبتدأ خبره "بما قدمت يداك". والباء للسببية: أي ذلك العذاب النازل بك بسبب ما قدمته يداك من الكفر والمعاصي، وعبر باليد عن جملة البدن لكون مباشرة المعاصي تكون بها في الغالب، ومحل أن وما بعدها في قوله: "وأن الله ليس بظلام للعبيد" الرفع على أنها خبر مبتدإ محذوف: أي والأمر أنه سبحانه لا يعذب عباده بغير ذنب. وقد مر الكلام على هذه الآية في آخر آل عمران فلا نعيده.
10. ويقال له: " ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد "، فيعذبهم بغير ذنب وهو جل ذكره على أي وجه شاء تصرف في عبده، فحكمه عدل وهو غير ظالم.
10ـ " ذلك بما قدمت يداك " على الالتفات ، أو إرادة القول أي يقال له يوم القيامة ذلك الخزي والتعذيب بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصي . " وأن الله ليس بظلام للعبيد " وإنما هو مجاز لهم على أعمالهم والمبالغة لكثرة العبيد .
10. (And unto him it will be said): This is for that which thy two hands have sent before, and because Allah is no oppressor of His slaves.
10 - (It will be said): this is because of the deeds which thy hands sent forth, for verily God is not unjust to his servants.