10 - (وما اختلفتم) مع الكفار (فيه من شيء) من الدين وغيره (فحكمه) مردود (إلى الله) يوم القيامة يفصل بينكم قل لهم (ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب) أرجع
وقوله : " وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله " يقول تعالى ذكره : وما اختلفتم أيها الناس فيه من شيء فتنازعتم بينكم ، فحكمه إلى الله : يقول : فإن الله هو الذي يقضي بينكم ويفصل فيه الحكم .
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : " وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله " قال ابن عمرو في حديثه : فهو يحكم فيه ، وقال الحارث : فالله يحكم فيه .
وقوله : " ذلكم الله ربي عليه توكلت " يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين بالله هذا الذي هذه الصفات صفاته ربي ، لا آلهتكم التي تدعون من دونه ، التي لا تقدر على شيء " عليه توكلت " في أموري ، وإليه فوضت أسبابي ، وبه وثقت " وإليه أنيب " يقول : وإليه أرجع في أموري وأتوب من ذنوبي .
قوله تعالى : " وما اختلفتم فيه من شيء " حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين ، أي وما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين من أمر الدين ، فقولوا لهم حكمه إلى الله لا إليكم ، وقد حكم أن الدين هو الإسلام لا غيره ، وأمور الشرائع إنما تتلقى من بيان الله " ذلكم الله ربي " أي الموصوف بهذه الصفات هو ربي وحده ، وفيه إضمار : أي قلت لهم يا محمد ذلكم الله الذي يحيى الموتى ويحكم بين المختلفين هو ربي " عليه توكلت " اعتمدت " وإليه أنيب " أرجع .
يقول تعالى منكراً على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ومخبراً أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير, ثم قال عز وجل: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" أي مهما اختلفتم فيه من الأمور وهذا عام في جميع الأشياء "فحكمه إلى الله" أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كقوله جل وعلا: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" "ذلكم الله ربي" أي الحاكم في كل شيء "عليه توكلت وإليه أنيب" أي أرجع في جميع الأمور, وقوله جل جلاله: "فاطر السموات والأرض" أي خالقهما وما بينهما "جعل لكم من أنفسكم أزواجاً" أي من جنسكم وشكلكم منة عليكم وتفضلاً جعل من جنسكم ذكراً وأنثى "ومن الأنعام أزواجاً" أي وخلق لكم من الأنعام ثمانية أزواج. وقوله تبارك وتعالى: "يذرؤكم فيه" أي يخلقكم فيه أي في ذلك الخلق على هذه الصفة لا يزال يذرؤكم فيه ذكوراً وإناثاً خلقاً من بعد خلق وجيلاً بعد جيل ونسلاً بعد نسل من الناس والأنعام وقال البغوي يذرؤكم فيه أي في الرحم وقيل في البطن وقيل في هذا الوجه من الخلقة. قال مجاهد نسلاً من الناس والأنعام, وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به "ليس كمثله شيء" أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له "وهو السميع البصير". وقوله تعالى: "له مقاليد السموات والأرض" تقدم تفسيره في سورة الزمر وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهما "يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" أي يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء وله الحكمة والعدل التام "إنه بكل شيء عليم".
10- "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" هذا عام في كل ما اختلف فيه العباد من أمر الدين. فإن حكمه ومرجعه إلى الله يحكم فيه يوم القيامة بحكمه ويفصل خصومة المختصمين فيه، وعند ذلك يظهر المحق من المبطل، ويتميز فريق الجنة وفريق النار. قال الكلبي: وما اختلفتم فيه من شيء: أي من أمر الدين فحكمه إلى الله يقضي فيه. وقال مقاتل: إن أهل مكة كفر بعضهم بالقرآن وآمن به بعضهم فنزلت، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ويمكن أن يقال: معنى حكمه إلى الله: أنه مردود إلى كتابه، فإنه قد اشتمل على الحكم بين عباده فيما يختلفون فيه فتكون الآية عامة في كل اختلاف يتعلق بأمر الدين أنه يرد إلى كتاب الله، ومثله قوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" وقد حكم سبحانه بأن الدين هو الإسلام، وأن القرآن حق، وأن المؤمنين في الجنة والكافرين في النار، ولكن لما كان الكفار لا يذعنون لكون ذلك حقاً إلا في الدار الآخرة وعدهم الله بذلك يوم القيامة "ذلكم" الحاكم بهذا الحكم "الله ربي عليه توكلت" اعتمدت عليه في جميع أموري، لا على غيره وفوضته في كل شؤوني "وإليه أنيب" أي أرجع في كل شيء يعرض لي لا إلى غيره "فاطر السموات والأرض" قرأ الجمهور بالرفع على أنه خبر آخر لذلكم، أو خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ وخبره ما بعده، أو نعت لربي لأن الإضافة محضة، ويكون "عليه توكلت وإليه أنيب" معترضاً بين الصفة والموصوف.وقرأ زيد بن علي فاطر بالجر على أنه نعت للاسم الشريف في قوله إلى الله وما بينهما اعتراض أو بدل من الهاء في عليه أو إليه، وأجاز الكسائي النصب على النداء وأجاز غيره على المدح، والفاطر: الخالق المبدع، وقد تقدم تحقيقه.
10. " وما اختلفتم فيه من شيء "، من أمر الدين، " فحكمه إلى الله "، يقضي فيه ويحكم يوم القيامة بالفصل الذي يزيل الريب، " ذلكم الله "، الذي يحكم بين المختلفين هو، " ربي عليه توكلت وإليه أنيب ".
10-" وما اختلفتم " أنتم والكفار . " فيه من شيء " من أمر من أمور الدنيا أو الدين . " فحكمه إلى الله " مفوض إليه يميز المحق من المبطل بالنصر أو بالإثابة والمعاقبة . وقيل " وما اختلفتم فيه " من تأويل متشابه فارجعوا فيه إلى المحكم من كتاب الله . " ذلكم الله ربي عليه توكلت " في مجامع الأمور . " وإليه أنيب " إليه أرجع في المعضلات .
10. And in whatsoever ye differ, the verdict therein belongeth to Allah. Such is my Lord, in Whom I put my trust, and unto Whom I turn.
10 - Whatever it be wherein ye differ, the decision thereof is with God: Such is God my Lord: in Him I trust, and to Him I turn.