10 - (والسابقون) إلى الخير وهم الأنبياء ، مبتدأ (السابقون) تأكيد لتعظيم شأنهم
وقوله " والسابقون السابقون " وهم الزوج الثالث وهم الذين سبقوا إلى الإيمان بالله ورسوله وهم المهاجرون الأولون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا عبيد الله يعني العتكي عن عثمان بن عبد الله بن سراقة قوله " وكنتم أزواجاً ثلاثة " قال : اثنان في الجنة وواحد في النار يقول : الحور العين للسابقين والعرب الأتراب لأصحاب اليمن .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " وكنتم أزواجاً ثلاثة " قال : ما زل الناس يوم القيامة .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا هوذة قال : ثنا عوف عن الحسن في قوله " وكنتم أزواجاً ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * والسابقون السابقون * أولئك المقربون " ... إلى " ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سوى بين أصحاب اليمين من الأمم السابقة وبين أصحاب اليمين من هذه الأمة وكان السابقون من الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة " .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة " : أي ماذا لهم وماذا أعد لهم " وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة " : أي ماذا لهم وماذا أعد لهم " والسابقون السابقون " : أي من كل أمة .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول : وجدت الهوى ثلاثة أثلاث فالمرء يجعل هواه علمه فيديل هواه على علمه ويقهر هواه علمه حتى إن العلم مع الهوى قبيح ذليل والعلم ذليل الهوى غالب قاهر فالذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه فهذا من أواج النار وإذا كان ممن يريد الله به خيراً استفاق واستنبه فإذا هو عون للعلم على الهوى حتى يديل الله العلم على الهوى فإذا حسنت حال المؤمن واستقامت طريقته كان الهوى ذليلاً وكان العلم غالباً قاهراً فإذا كان ممن يريد الله به خيراً ختم عمله بإدالة العلم فتوفاه وعلمه هو القاهر وهو العامل به وهواه الذليل القبيح ليس له في ذلك نصيب ولا فعل والثالث : الذي قبح الله هواه بعلمه فلا يطمع هواه أن يغلب العلم ولا أن يكون معه نصف ولا نصيب فهذا الثالث وهو خيركم كلهم وهو الذي قال الله عز وجل في سورة الواقعة " وكنتم أزواجاً ثلاثة " قال : فزوجان في الجنة وزوج في النار قال : والسابق الذي يكون العلم غالباً للهوى والآخر : الذي ختم الله بإدالة العلم على الهوى فهذان زوجان في الجنة والآخر : هواه قاهر لعلمه فهذا زوج النار .
واختلف أهل العربية في الرافع أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة فقال بعض نحويي البصرة : خبر قوله " فأصحاب الميمنة " " ما أصحاب الميمنة " " وأصحاب المشأمة " " ما أصحاب المشأمة " قال : ويقول زيد : ما زيد زيد شديد وقال غيره : قوله " ما أصحاب الميمنة " لا تكون الجملة خبره ولكن الثاني عائد على الأول وهو تعجب فكأنه قال : أصحاب الميمنة ما هم والقارعة ما هي والحاقة ما هي ؟ فكان الثني عائد على الأول وكان تعجباً والتعجب بمعنى الخبر ولو كان استفهاماً لم يجز أن يكون خبراً للابتداء لأن الاستفهام لا يكون خبراً والخبر لا يكون استفهاماً والتعجب يكون خبراً فكان خبراً للابتداء وقوله : زيد وما زيد لا يكون إلا من كلامين لأنه لا تدخل الواو في خبر الابتداء كأنه قال : هذا زيد وما هو أي ما أشده وما أعلمه .
واختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله " والسابقون السابقون " فقال بعضهم : هم الذين صلوا للقبلتين .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن خارجة عن قرة عن ابن سيرين " والسابقون السابقون " الذين صلوا للقبلتين .
وقال آخرون في ذلك بما :
حدثني به عبد الكريم بن أبي عمير قال : ثنا الوليد بن مسلم قال : ثنا أبو عمرو قال : ثنا عثمان بن أبي سودة قال " والسابقون السابقون " أولهم رواحاً إلى المساجد وأسرعهم خفوقاً في سبيل الله .
والرفع في السابقين من وجهين : أحدهما أن يكون الأول مرفوعاً بالثاني ويكون معنى الكلام حينئذ : والسابقون الأولون كما يقال : السابق الأول والثاني أن يكون مرفوعاً بأولئك المقربون يقول جل ثناؤه : أولئك الذين يقربهم الله منه يوم القيامة إذا أدخلهن الجنة
قوله تعالى : " والسابقون السابقون " روي " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " ذكره المهدوي . وقال محمد بن كعب القرظي : إنهم الأنبياء . الحسن و قتادة : السابقون إلى الإيمان من كل أمة . ونحوه عن عكرمة . محمد بن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله قوله تعالى : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " . وقال مجاهد وغيره : هم السابقون إلى الجهاد ، وأول الناس رواحا إلى الصلاة . وقال علي رضي الله عنه : هم السابقون إلى الصلوات الخمس . الضحاك : إلى الجهاد . سعيد بن جبير : إلى التوبة وأعمال البر ، قال الله تعالى : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " ثم أثنى عليهم فقال : " أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون " وقيل : إنهم أربعة ، منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون ، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية ، وسابقان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهما أبو بكر وتعمر رضي الله عنهما ، قاله ابن عباس ، حكاه المارودي . وقال شميط بن العجلان : الناس ثلاثة ، فرجل ابتكر للخير في حداثة سنة داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهذا هو السابق المقرب ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم طول الغفلة ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها فهذا من أصحاب اليمين ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها فهذا من أصحاب الشمال . وقيل : هم كل من سبق إلى شيء من أشياء الصلاح . ثم قيل : " السابقون " رفع بالابتداء والثاني توكيد له والخبر " أولئك المقربون " . وقال الزجاج : " السابقون " رفع بالابتداء والثاني خبره ، والمعنى السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله " أولئك المقربون " من صفتهم . وقيل : إذا خرج رجل من السابقين المقربين من منزله في الجنة كان له ضوء يعرفه به من دونه .
الواقعة من أسماء يوم القيامة سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها كما قال تعالى: "فيومئذ وقعت الواقعة" قوله تعالى: "ليس لوقعتها كاذبة" أي ليس لوقوعها إذا أراد الله كونها صارف يصرفها ولا دافع يدفعها كما قال: "استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله" وقال "سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع" وقال تعالى "ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير". ومعنى "كاذبة" كما قال محمد بن كعب لابد أن تكون, وقال قتادة: ليس فيها مثنوية ولا ارتداد ولا رجعة قال ابن جرير: والكاذبة مصدر كالعاقبة والعافية.
وقوله تعالى: "خافضة رافعة" أي تخفض أقواماً إلى أسفل سافلين إلى الجحيم, وإن كانوا في الدنيا أعزاء, وترفع آخرين إلى أعلى عليين إلى النعيم المقيم, وإن كانوا في الدنيا وضعاء, هكذا قال الحسن وقتادة وغيرهما. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعني, حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن أبيه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس "خافضة رافعة" تخفض أقواماً وترفع آخرين,, وقال عبيد الله العتكي عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب "خافضة رافعة" قال: الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ورفعت أولياء الله إلى الجنة. وقال محمد بن كعب: تخفض رجالاً كانوا في الدنيا مرتفعين, وترفع رجالاً كانوا في الدنيا مخفوضين, وقال السدي: خفضت المتكبرين ورفعت المتواضعين , وقال العوفي عن ابن عباس "خافضة رافعة" أسمعت القريب والبعيد, وقال عكرمة: خفضت فأسمعت الأدنى, ورفعت فأسمعت الأقصى, وكذا قال الضحاك وقتادة.
وقوله تعالى: "إذا رجت الأرض رجاً" أي حركت تحريكاً فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها, ولهذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغير واحد في قوله تعالى: "إذا رجت الأرض رجاً" أي زلزلت زلزالاً, وقال الربيع بن أنس: ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه, وهذا كقوله تعالى: "إذا زلزلت الأرض زلزالها" وقال تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم". وقوله تعالى: "وبست الجبال بساً" أي فتتت فتاً, قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم, وقال ابن زيد صارت الجبال كما قال الله تعالى: "كثيباً مهيلاً".
وقوله تعالى: "فكانت هباء منبثاً" قال أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه: هباء منبثاً كرهج الغبار يسطع ثم يذهب فلا يبقى منه شيء, وقال العوفي عن ابن عباس في قوله "فكانت هباء منبثاً" الهباء الذي يطير من النار إذا اضطرمت يطير منه الشرر فإذا وقع لم يكن شيئاً, وقال عكرمة: المنبث الذي قد ذرته الريح وبثته. وقال قتادة "هباء منبثاً" كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح. وهذه الاية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة وذهابها وتسييرها ونسفها وصيرورتها كالعهن المنفوش.
وقوله تعالى: "وكنتم أزواجاً ثلاثة" أي ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش. وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن, ويؤتون كتبهم بأيمانهم ويؤخذ بهم ذات اليمين, وقال السدي: وهم جمهور أهل الجنة, وآخرون عن يسار العرش وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ويؤتون كتبهم بشمالهم ويؤخذ بهم ذات الشمال وهم عامة أهل النار ـ عياذاً بالله من صنيعهم ـ وطائفة سابقون بين يديه عز وجل, وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم, فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء, وهم أقل عدداً من أصحاب اليمين, ولهذا قال تعالى: "فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * والسابقون السابقون" وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم, وهكذا ذكرهم في قوله تعالى: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله" الاية. وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه, قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن مجاهد عن ابن عباس في قوله: "وكنتم أزواجاً ثلاثة" قال: هي التي في سورة الملائكة "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات". وقال ابن جريج عن ابن عباس: هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة, وقال يزيد الرقاشي: سألت ابن عباس عن قوله: "وكنتم أزواجاً ثلاثة" قال: أصنافاً ثلاثة. وقال مجاهد "وكنتم أزواجاً ثلاثة" يعني فرقاً ثلاثة. وقال ميمون بن مهران: أفواجاً ثلاثة, وقال عبيد الله العتكي عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب "وكنتم أزواجاً ثلاثة" اثنان في الجنة وواحد في النار. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا محمد بن الصباح, حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وإذا النفوس زوجت" قال: الضرباء, كل رجل من كل قوم كانوا يعملون عمله, وذلك بأن الله تعالى يقول " وكنتم أزواجا ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * والسابقون السابقون " قال: هم الضرباء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى, حدثنا البراء الغنوي, حدثنا الحسن عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية " وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين " " وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال " فقبض بيده قبضتين فقال: "هذه للجنة ولا أبالي وهذه للنار ولا أبالي" وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة, حدثنا خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم" وقال محمد بن كعب وأبو حرزة ويعقوب بن مجاهد "والسابقون السابقون" هم الأنبياء عليهم السلام. وقال السدي: هم أهل عليين, وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس "والسابقون السابقون" قال: يوشع بن نون, سبق إلى موسى ومؤمن آل يس, سبق إلى عيسى وعلي بن أبي طالب سبق إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن أبي حاتم عن محمد بن هارون الفلاس عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزار, عن شعيب بن الضحاك المدائني عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح به.
وقال ابن أبي حاتم وذكر عن محمد بن أبي حماد: حدثنا مهران عن خارجة عن قرة عن ابن سيرين "والسابقون السابقون" الذين صلوا إلى القبلتين ورواه ابن جرير من حديث خارجة به. وقال الحسن وقتادة "والسابقون السابقون" أي من كل أمة, وقال الأوزاعي عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الاية " والسابقون السابقون * أولئك المقربون " ثم قال: أولهم رواحاً إلى المسجد وأولهم خروجاً في سبيل الله, وهذه الأقوال كلها صحيحة فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا, كما قال تعالى: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض" وقال تعالى: "سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض" وقال فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الاخرة من السابقين إلى الكرامة, فإن الجزاء من جنس العمل, وكما تدين تدان, ولهذا قال تعالى: " أولئك المقربون * في جنات النعيم ". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا يحيى بن زكريا الفزاري الرازي, حدثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار, عن عبد الله بن عمرو قال: قالت الملائكة يا رب جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون فاجعل لنا الاخرة, فقال: لا أفعل, فراجعوا ثلاثاً فقال: لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له كن فيكون. ثم قرأ عبد الله " والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم " وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه الرد على الجهمية ولفظه: فقال الله عز وجل: لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فيكون.
ثم ذكر سبحانه الصنف الثالث فقال: 10- "والسابقون السابقون" والتكرير فيه للتفخيم والتعظيم كما مر في القسمين الأولين، كما تقول أنت أنت وزيد زيد، والسابقون مبتدأ، وخبره السابقون. وفيه تأويلان: أحدهما أنه بمعنى السابقون هم إلى الإيمان السابقون إلى الجنة. والأول أولى لما فيه من الدلالة على التفخيم والتعظيم. قال الحسن وقتادة: هم السابقون إلى الإيمان من كلامه. وقال محمد بن كعب: إنهم الأنبياء. وقال ابن سيرين: هم الذين صلوا إلى القبلتين. وقال مجاهد: هم الذين سبقوا إلى الجهاد، وبه قال الضحاك: وقال سعيد بن جبير: هم السابقون إلى التوبة وأعمال البر. وقال الزجاج: المعنى والسابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله.
10- "والسابقون السابقون"، قال ابن عباس: السابقون إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة. وقال عكرمة: السابقون إلى الإسلام. قال ابن سيرين: هم الذين صلوا إلى القبلتين، دليله: قوله: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار" (التوبة- 100).
قال الربيع بن أنس: السابقون إلى إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى.
وقال مقاتل/: إلى إجابة الأنبياء بالإيمان.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: إلى الصلوات الخمس. وقال الضحاك: إلى الجهاد.
وقال سعيد بن جبير: هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر. قال الله تعالى: "سابقوا إلى مغفرة من ربكم" (الحديد- 21)، "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم" (آل عمران- 133).
ثم أثنى عليهم فقال: أولئلك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون قال ابن كيسان: والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه.
وروي عن كعب قال: هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة. وقيل: هم أولهم رواحاً إلى المسجد وأولهم خروجاً إلى سبيل الله. وقال القرظي: إلى كل خير.
10-" والسابقون السابقون " والذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة بعد ظهور الحق من غير تلعثم وتوان ، أو سبقوا في حيازة الفضائل والكمالات ، أو الأنبياء فإنهم مقدموا أهل الأديان هم الذين عرفت حالهم وعرفت مآلهم كقول أبي النجم :
أنا أبو النجم وشعري شعري
أو الذين سبقوا إلى الجنة .
10. And the foremost in the race, the foremost in the race:
10 - And those Foremost (in Faith) will be foremost (in the Hereafter).