10 - (إنما النجوى) بالإثم ونحوه (من الشيطان) لغروره (ليحزن الذين آمنوا وليس) هو (بضارهم شيئا إلا بإذن الله) أي إرادته (وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال كان المنافقون يتناجون بينهم وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم فأنزل الله إنها النجوى من الشيطان الآية
يقول تعالى ذكره : إنما المناجاة من الشيطان ، ثم اختلف أهل العلم في النجوى التي أخبر الله أنها من الشيطان ، أي ذلك هو ، فقال بعضهم : عني بذلك مناجاة المنافقين بعضهم بعضاً .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا " كان المنافقون يتناجون بينهم ، وكان ذلك يغيظ المؤمنين ، ويكبر عليهم ، فأنزل الله في ذلك القرآن " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا " الآية .
وقال آخرون ، بما :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عز وجل " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله " قال : كان الرجل يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الحاجة ليرى الناس أنه قد ناجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع ذلك من أحد ، قال : والأرض يومئذ حرب على أهل هذا البلد ، وكان إبليس يأتي القوم فيقول لهم : إنما يتناجون في أمور قد حضرت ، وجموع قد جمعت لكم وأشياء ، فقال الله " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا " إلى آخر الآية .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : كان المسلمون إذا رأوا المنافقين خلوا يتناجون ، يشق عليهم ، فنزلت " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا " .
وقال آخرون : عني بذلك أحلام النوم التي يراها الإنسان في نومه فتحزنه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن داود البلخي ، قال : سئل عطية ، وأنا أسمع الرؤيا ، فقال : الرؤيا على ثلاث منازل ، فمنها وسوسة الشيطان ، فذلك قوله " إنما النجوى من الشيطان " ومنها ما يحدث نفسه بالنهار فيراه بالليل ، ومنها كالأخذ باليد .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عني به مناجاة المنافقين بعضهم بعضاً بالإثم والعدوان ، وذلك أن الله جل ثناؤه تقدم بالنهي عنها بقوله " إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول " ثم عما في ذلك من المكروه على أهل الإيمان ، وعن سبب نهيه إياهم عنه ، فقال : " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا " فبين بذلك إذ كان النهي عن رؤية المرء في منامه كان كذلك ، وكان عقيب نهيه عن النجوى بصفة أنه من صفة ما نهى عنه .
وقوله " وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله " يقول تعالى ذكره : وليس التناجي بضار المؤمنين شيئاً إلا بإذن الله ، يعني بقضاء الله وقدره .
وقوله " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " يقول تعالى ذكره : وعلى الله فليتوكل في أمورهم أهل الإيمان به ، ولا يحزنوا من تناجي المنافقين ومن يكيدهم بذلك ، وأن تناجيهم غير ضارهم إذا حفظهم ربهم .
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعلى : " إنما النجوى من الشيطان " أي من تزيين الشياطين " ليحزن الذين آمنوا " إذا توهموا أن المسلمين أصيبوا في السرايا ، أو إذا إجروا أجتماعهم على مكايدة المسلمين ، وربما كانوا يناجون النبي صلى الله عليه وسلم فيضن المسلمون أنهم ينعقصونهم عند النبي صلى الله عليه وسلم " وليس بضارهم " أي التناجي " شيئا إلا بإذن الله " أي بمشيئة وقيل : بعلمه . وعن ابن عباس : بأمره . "وعلى الله فليتوكل المؤمنون " أي يكلون أمرهم إليه ، ويفوضون جميع شؤونهم إلى عونه، ويستعيذون به من الشيطان ومن كل شر ، فهو الذي سلط الشيطان بالوساوس ابتلاء للعبد وامتحانا ولو شاء لصرفه عنه .
الثالثة : في اصحيحين "عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد . " وغن عبد الله بن مسعود قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دنون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه فبين في هذا الحديث غاية المنع وهي أن يجد الثالث من يتحدث معه كما فعل ابن عمر ، وذلك أنه كان يتحدث مع رجل فجاء آخر يريد أن يناجيه فلم يناجه حتى دعا رابعا ،فقال له والأول : تأخرا وناجى الرجل الطالب للمناداة ."خرجه الموطأ .وفيه أيضا التنبيه على التعليل بقوله : من أجل أن يحزنه أي يقع في نفسه مايحزن لأجله . وذلك بأن يقدر في نفسه أن الحديث عنه بما يكره ، أو أنه لم يروه أهلا ليشركوه في حديثهم ، إلى غير ذلك من ألقيات الشيطان وأحاديث النفس . وحصل ذلك كله من بقائه وحده ،فإذا كان معه غيره أمن ذلك ، وعلى هذا يستوي في ذلك كل الأعداد ، فلا يتناجى أربعة دون واحد ولا عشرة ولا ألف مثلا ،لوجود ذلك المعنى في حقه ، بل وجوده في العدد الكثير أمكن واوقع ، قيكون بالمعنى أولى . وإنما خص الثلاثة بالذكر ،لأنه أول عدد يتأتى ذلك المعنى فيه .وظاهر الحديث يعم جميع الأحوال والأزمان ، ،وإليه ذهب أبن عمر ومالك والجمهور . وسواء أكان التناجي في مندوب أو مباح أو واجب فإن الحزن يقع به . وقد ذهب بعض الناس إلى أن ذلك كان في أول ألإسلام ، لأن ذلك كان في حال المنافقين فيتناجى المنافقون دون المؤمنين ، فلمنا فشا الإسلام سقط ذلك . وقال بعضهم : ذلك خاص باسفر في المواضع التي لا يأمن الرجل فيها صاحبه ، فأما في الحضر وبين العمارة فلا ، فإنه يجد من يعينه ، نخلاف السفر فإنه مظنة الاغتيال وعدم المغيث .والله أعلم .
قال ابن أبي نجيح عن مجاهد "ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه" قال اليهود, وكذا قال مقاتل بن حيان وزاد: كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة, وكانوا إذا مر بهم الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن, فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم, فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى, فأنزل الله تعالى: "ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه" وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري, عن أبيه عن جده قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت عنده يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث, فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذه النجوى ؟ ألم تنهوا عن النجوى ؟" قلنا: تبنا إلى الله يا رسول الله, إنا كنا في ذكر المسيح فرقاً منه. فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟" قلنا: بلى يا رسول الله! قال: "الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل" هذا إسناد غريب وفيه بعض الضعفاء .
وقوله تعالى: "ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول" أي يتحدثون فيما بينهم "بالإثم" وهو ما يختص بهم "والعدوان" وهو ما يتعلق بغيرهم, ومنه معصية الرسول ومخالفته يصرون عليها ويتواصون بها وقوله تعالى: " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله " قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن مسروق عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم فقالت عائشة: وعليكم السام قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش" قلت: ألا تسمعهم يقولون السام عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أو ما سمعت أقول وعليكم" فأنزل الله تعالى: " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله " وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم: عليكم السام والذام واللعنة, وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا".
وقال ابن جرير: حدثنا بشر, حدثنا يزيد, حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي, فسلم عليهم فردوا عليه فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم "هل تدرون ما قال ؟" قالوا سلم يا رسول الله قال "بل قال سام عليكم" أي تسامون دينكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ردوه" فردوه عليه فقال نبي الله "أقلت سام عليكم ؟" قال: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك" أي عليك ما قلت, وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة بنحوه .
وقوله تعالى: "ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول" أي يفعلون هذا ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام وإنما هو شتم في الباطن, ومع هذا يقولون في أنفسهم لو كان هذا نبياً لعذبنا الله بما نقول له في الباطن لأن الله يعلم ما نسره, فلو كان هذا نبياً حقاً لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا فقال الله تعالى: "حسبهم جهنم" أي جهنم كفايتهم في الدار الاخرة "يصلونها فبئس المصير", وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد, حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر, أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سام عليكم, ثم يقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ؟ فنزلت هذه الاية " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير " إسناد حسن ولم يخرجوه .
وقال العوفي عن ابن عباس " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله " قال: كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حيوه سام عليك, قال الله تعالى: "حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير" ثم قال الله تعالى مؤدباً عباده المؤمنين أن لا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين "يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول" أي كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين "وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون" أي فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها, قال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان قالا: أخبرنا همام عن قتادة عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر إذ عرض له رجل فقال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة ؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا, وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته, وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة .
ثم قال تعالى: "إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون" أي إنما النجوى وهي المسارة حيث يتوهم مؤمن بها سوءاً "من الشيطان ليحزن الذين آمنوا" يعني إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه "ليحزن الذين آمنوا" أي ليسوءهم وليس ذلك بضارهم شيئاً إلا بإذن الله ومن أحس من ذلك شيئاً فليستعذ بالله وليتوكل على الله فإنه لا يضره شيء بإذن الله .
وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن, كما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع وأبو معاوية قالا: حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه" انفرد بإخراجه مسلم عن أبي الربيع وأبي كامل, كلاهما عن حماد بن زيد عن أيوب به .
ثم بين سبحانه أن ما يفعله اليهود والمنافقون من التناجي هو من جهة الشيطان، فقال: 10- "إنما النجوى" يعني بالإثم والعدوان ومعصية الرسول "من الشيطان" لا من غيره: أي من تزيينه وتسويله "ليحزن الذين آمنوا" أي لأجل أن يوقعهم في الحزن بما يحصل لهم من التوهم أنها في مكيدة يكادون بها "وليس بضارهم شيئاً" أو وليس الشيطان أو التناجي الذي يزينه الشيطان بضار المؤمنين شيئاً من الضرر "إلا بإذن الله" أي بمشيئته، وقيل بعلمه "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" أي يكلون أمرهم إليه ويفوضونه في جميع شؤونهم ويستعيذون بالله من الشيطان ولا يبالون بما يزينه من النجوى.
وقد أخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب. قال السيوطي بسند جيد عن ابن عمر: إن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: السام عليك، يريدون بذلك شتمه، ثم يقولون في أنفسهم: لولا يعذبنا الله بما نقول، فنزلت هذه الآية " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله " وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وصححه عن أنس "أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال: السام عليكم، فرد عليه القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما قال هذا؟ قالوا: الله أعلم، سلم يا نبي الله، قال: لا، ولكنه قال كذا وكذا ردوه علي فردوه، قال: قلت السام عليكم؟ قال: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب، فقولوا عليك، قال: عليك ما قلت. قال: " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله "" وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: "دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة: عليكم السام واللعنة، فقال: يا عائشة إن الله يحب الفحش ولا المتفحش، قلت: ألا تسمعهم يقولون السام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو ما سمعتني أقول وعليكم، فأنزل الله " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله "" وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال: كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حيوه: سام عليك فنزلت. وأخرج ابن مردويه عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية وأغزاها التقى المنافقون فأنغضوا رؤوسهم إلى المسلمين ويقولون قتل القوم، وإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تناجوا وأظهروا الحزن، فبلغ ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين، فأنزل الله: "يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول" الآية ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دوب الثالث، فإن ذلك يحزنه". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا أنداء نتحدث، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال: ما هذه النجوى؟ ألم تنهوا عن النجوى؟ قلنا: يا رسول الله إنا كنا في ذكر المسيح فرقاً منه، فقال: ألا أخبركم مما هو أخوف عليكم عندي منه؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل". قال ابن كثير: هذا إسناد غريب، وفيه بعض الضعفاء.
10- "إنما النجوى من الشيطان"، أي من تزيين الشيطان، "ليحزن الذين آمنوا"، أي إنما يزين لهم ذلك ليحزن المؤمنين، "وليس"، التناجي، "بضارهم شيئاً"، وقيل: ليس الشيطان بضارهم شيئاً، "إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الظاهري، أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار، أخبرنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه، فإن ذلك يحزنه".
10-" إنما النجوى " أي النجوى بالإثم والعدوان . " من الشيطان " فإنه المزين لها والحامل عليها . " ليحزن الذين آمنوا " بتوهمهم أنها في نكبة أصابتهم . " وليس " أي الشيطان أو التناجي . " بضارهم " بضار المؤمنين . " شيئاً إلا بإذن الله " إلا بمشيئته . " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " ولا يبالوا بنجواهم .
10. Lo! Conspiracy is only of the devil, that he may vex those who believe; but he can harm them not at all unless by Allah's leave. In Allah let believers put their trust.
10 - Secret counsels are only (inspired) by the Evil One, in order that he may cause grief to the Believers; but he cannot harm them in the least, except as God permits; and on God let the Believers put their trust.