10 - (إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا) تكلح الوجوه فيه أي كريه المنظر لشدته (قمطريرا) شديدا في ذلك
يقول تعالى ذكره مخبراً عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم أنهم يقولون لمن أطعموه من أهل الفاقة والحاجة : ما نطعمكم طعاماً نطلب منكم عوضاً على إطعامناكم جزاء ولا شكوراً ، ولكنا نطعمكم رجاء منا أن يؤمننا ربنا من عقوبته في يوم شديد هوله ، عظيم أمره ، تعبس فيه الوجوه من شدة مكارهه ، ويطول بلاء أهله ، ويشتد ، والقمطرير : هو الشديد ، يقال : هو يوم قمطرير ، أو يوم قماطر ، ويوم عصيب ، وعصبصب ، وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطراراً ، وذلك أشد الأيام وأطوله في البلاء والشدة ، ومنه قول بعضهم :
بني عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذا ما كان يوم قماطر
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عن معناه ، فقال بعضهم : هو أن يعبس أحدهم ، فيقبض بين عينيه حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مصعب بن سلام التميمي ، عن سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله " عبوسا قمطريرا " قال : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران .
حدثني علي بن سهل ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه عن ابن عباس ، في قوله " يوما عبوسا قمطريرا " قال : القمطرير : المقبض بين عينيه .
حدثني سليمان بن عبد الجبار قال : ثنا محمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، قال : سألت ابن عباس ، عن قوله " قمطريرا " قال : يقبض ما بين العينين .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس " يوما عبوسا قمطريرا " قال : يقبض ما بين العينين .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا " قال : يوم يقبض فيه الرجل ما بين عينيه ووجهه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا " عبست فيه الوجوه ، وقبضت ما بين أعينها كراهية ذلك اليوم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " قمطريرا " قال : تقبض فيه الجباه ، وقوم يقولون : القمطرير : الشديد .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : المقبض ما بين العينين .
ثنا وكيع ، عن عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : هو المقبض ما بين عينيه .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عمرو ، عن عكرمة ، قال القمطرير : ما يخرج من جباههم مثل القطران ، فيسيل على وجوههم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " قمطريرا " قال : يقبض الوجه بالبسور .
وقال آخرون : العبوس : الضيق ، والقمطرير : الطويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " عبوسا " يقول : ضيقاً ، وقوله " قمطريرا " يقول : طويلاً .
وقال آخرون : القمطرير : الشديد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا " قال : العبوس : الشر ، والقمطرير : الشديد .
قوله تعالى: " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا" ((عبوساً)) من صفة اليوم، أي يوماً تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، فالمعنى نخاف يوماً ذا عبوس. وقال ابن عباس يعبس الكافر يومئذ حتي يسيل منه عرق كالقطران. وعن ابن عباس : العبوس: الضيق والقمطرير: الطويل، قال الشاعر:
شديداً عبوساً قمطريراً
وقيل : القمطرير الشديد، تقول العرب: يوم قمطرير وقماطر وعصيب بمعنى، وأنشد الفراء:
بني عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذا ما كان يوم قماطر
بضم القاف.واقمطر إذا اشتد. وقال الأخفش: القمطرير: أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء، قال الشاعر:
ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها ولج بها اليوم العبوس القماطر
وقال الكسائي: يقال اقمطر اليوم وازمهر اقمطرارا وازمهراراً، وهو القمطريرا والزمهرير، ويوم مقمطر إذا كان صعباً شديداً، قال الهذلي:
بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة ومن يلق منا ذلك اليوم يهرب
وقال مجاهد: ان العبوس بالشفتين، والقمطرير بالجتهة والحاجبين، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم، وانشد ابن الأعرابي:
يغدو على الصيد يعود منكسر ويقمطر ساعة ويكفهر
وقال ابو عبيدة: يقال رجل قمطرير أي متقبض ما بين العينين. وقال الزجاج : يقال اقمطرت الناقة: اذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها، وزمت بأنفها، فاشتقه من القطر، وجعل الميم مزيدة. قال اسد بن ناعصة:
واصطليت الحروب في كل يوم باسل الشر قمطرير الصباح
يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه به من السلاسل والأغلال والسعير, وهو اللهب والحريق في نار جهنم كما قال تعالى: "إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون" ولما ذكر ما أعده لهؤلاء الأشقياء من السعير قال بعده: "إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً" وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة. قال الحسن : برد الكافور في طيب الزنجبيل ولهذا قال: "عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً" أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفاً بلا مزج ويروون بها, ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حتى عداه بالباء ونصب عيناً على التمييز, قال بعضهم: هذا الشراب في طيبه كالكافور, وقال بعضهم: هو من عين كافور, وقال بعضهم: يجوز أن يكون منصوباً بيشرب حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير . وقوله تعالى: "يفجرونها تفجيراً" أي يتصرفون فيها حيث شاؤوا وأين شاؤوا من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم, والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى: " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا " وقال "وفجرنا خلالهما نهراً".
وقال مجاهد : "يفجرونها تفجيراً" يقودونها حيث شاؤوا وكذا قال عكرمة وقتادة , وقال الثوري يصرفونها حيث شاؤوا, وقوله تعالى: "يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً" أي يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر. قال الإمام مالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن مالك عن عائشة رضي الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" رواه البخاري من حديث مالك . ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد وهو اليوم الذي شره مستطير أي منتشر عام على الناس إلا من رحم الله, قال ابن عباس : فاشياً, وقال قتادة : استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض, وقال ابن جرير : ومنه قولهم: استطار الصدع في الزجاجة واستطال, ومنه قول الأعشى :
فبانت وقد أسأت في الفؤا د صدعاً على نأيها مستطيراً
يعني ممتداً فاشياً. وقوله تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه" قيل على حب الله تعالى, وجعلوا الضمير عائداً إلى الله عز وجل لدلالة السياق عليه, والأظهر أن الضمير عائد على الطعام أي ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له, قاله مجاهد ومقاتل واختاره ابن جرير كقوله تعالى: "وآتى المال على حبه" وكقوله تعالى: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" وروى البيهقي من طريق الأعمش عن نافع قال: مرض ابن عمر فاشتهى عنباً أول ما جاء العنب فأرسلت صفية, يعني امرأته , فاشترت عنقوداً بدرهم فاتبع الرسول سائل فلما دخل به قال السائل: السائل. فقال ابن عمر : أعطوه إياه فأعطوه إياه, فأرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقوداً فاتبع الرسول السائل, فلما دخل قال السائل: السائل. فقال ابن عمر : أعطوه إياه فأعطوه إياه, فأرسلت صفية إلى السائل فقالت والله إن عدت لا تصيب منه خيراً أبداً, ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به. وفي الصحيح "أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر" أي في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه, ولهذا قال تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما, وأما الأسير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك : الأسير من أهل القبلة, وقال ابن عباس : كان أسراؤهم يومئذ مشركين, ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى, فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء, وقال عكرمة : هم العبيد, واختاره ابن جرير لعموم الاية للمسلم والمشرك, وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة , وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث, وحتى أنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" قال مجاهد : هو المحبوس, أي يطعمون الطعام لهؤلاء وهم يشتهونه ويحبونه قائلين بلسان الحال "إنما نطعمكم لوجه الله" أي رجاء ثواب الله ورضاه "لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً" أي لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها ولا أن تشكرونا عند الناس.
قال مجاهد وسعيد بن جبير : أما والله ما قالوه بألسنتهم ولكن علم الله به من قلوبهم, فأثنى عليهم به. ليرغب في ذلك راغب "إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً" أي إنما نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : عبوساً ضيقاً, قمطريراً طويلاً, وقال عكرمة وغيره عنه في قوله "يوماً عبوساً قمطريراً" قال: يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران. وقال مجاهد "عبوساً" العابس الشفتين "قمطريراً" قال: يقبض الوجه بالبسور. وقال سعيد بن جبير وقتادة : تعبس فيه الوجوه من الهول, قمطريراً تقليص الجبين وما بين العينين من الهول. وقال ابن زيد , العبوس الشر, والقمطرير الشديد, وأوضح العبارات, وأجلاها, وأحلاها, وأعلاها وأولاها قول ابن عباس رضي الله عنه, قال ابن جرير : والقمطرير هو الشديد يقال: هو يوم قمطرير ويوم قماطر ويوم عصيب وعصبصب, وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطراراً, وذلك أشد الأيام وأطولها في البلاء والشدة ومنه قول بعضهم:
بني عمنا هل تذكرون بلاءنا ؟ عليكم إذا ما كان يوم قماطر
قال الله تعالى: "فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً" وهذا من باب التجانس البليغ "فوقاهم الله شر ذلك اليوم" أي آمنهم مما خافوا منه "ولقاهم نضرة" أي في وجوههم "وسروراً" أي في قلوبهم, قاله الحسن البصري وقتادة وأبو العالية والربيع بن أنس , وهذه كقوله تعالى: "وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة" وذلك أن القلب إذا سر استنار الوجه, قال كعب بن مالك في حديثه الطويل. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سراستنار وجهه حتى كأنه فلقة قمر, وقالت عائشة رضي لله عنها: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسروراً تبرق أسارير وجهه الحديث. وقوله تعالى: "وجزاهم بما صبروا" أي بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم جنة وحريراً أي منزلاً رحباً وعيشاً رغيداً ولباساً حسناً. وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الداراني قال: قرىء على أبي سليمان الداراني سورة "هل أتى على الإنسان ؟" فلما بلغ القارىء إلى قوله تعالى: "وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً" قال: بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ثم أنشد يقول:
كم قتيل بشهوة وأسير أف من مشتهى خلاف الجميل
شهوات الإنسان تورثه الذل وتلقيه في البلاء الطويل
10- "إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا" أي نخاف عذاب يوم متصف بهاتين الصفتين، ومعنى عبوساً: أنه يوم تعبس فيه الوجوه من هو له وشدته، فالمعنى: أنه ذو عبوس. قال الفراء وأبو عبيدة والمبرد: يوم قمطرير وقماطر: إذا كان صعباً شديداً، وأنشد الفراء:
بني عمنا هل تــذكرون بلاءنــا عليكم إذا ما كان يوم قماطر
قال الأخفش: القمطرير أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء، ومنه قول الشاعر:
ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها ولج بها اليوم العبوس القماطر
قال الكسائي: اقمطر اليوم وازمهر: إذا كان صعباً شديداً، ومنه قول الشاعر:
بنو الحرب أوصينا لهم بقمطرة ومن يلق منا ذلك اليوم يهرب
وقال مجاهد: إن العبوس بالشفتين، والقطمير بالجبهة والحاجبين، فجعلهما من صفات المتغير في ذلك اليوم لما يراه من الشدائد، وأنشد ابن الأعرابي:
يقدر على الصيد بعود منكسر ويقمطر ســاعــة ويكــفــهــر
قال أبو عبيدة: يقا قطمرير: أي منقبض ما بين العينين والحاجبين. قال الزجاج: يقال اقمطرت الناقة: إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها ما يسبقها من القطر، وجعل الميم مزيدة.
10- "إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً"، تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، نسب العبوس إلى اليوم، كما يقال: يوم صائم وليل قائم. وقيل: وصف اليوم بالعبوس لما فيه من الشدة، "قمطريراً"، قال قتادة، ومجاهد، ومقاتل: القمطرير: الذي يقبض الوجوه والجباه بالتعبيس. قال الكلبي: العبوس الذي لا انبساط فيه، و القطمرير: الشديد، قال الأخفش: القمطرير: أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء، يقال: يوم قمطرير وقماطر، إذا كان شديداً كريهاً، واقمطر اليوم فهو مقمطر.
10-" إنا نخاف من ربنا " فلذلك نحسن إليكم أو لا نطلب المكافأة منكم . " يوماً " عذاب يوم " عبوساً " تعبس فيه الوجوه أو يشبه الأسد العبوس في ضراوته . " قمطريراً " شديد العبوسش كالذي يجمع ما بين عينيه من اقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قرطيها أو مشتق من القطر والميم مزيدة .
10. Lo! we fear from our Lord a day of frowning and of fate.
10 - We only fear a Day of distressful Wrath from the side of our Lord.