101 - (الذين كانت أعينهم) بدل من الكافرين (في غطاء عن ذكري) أي القرآن فهم عمي لا يهتدون به (وكانوا لا يستطيعون سمعا) أي لا يقدرون أن يسمعوا من النبي ما يتلو عليهم بغضا له فلا يؤمنوا به
يقول تعالى وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين الذين كانوا لا ينظرون في آيات الله ، فيتفكرون فيها ولا يتأملون حججه ، فيعتبرون بها ، فيتذكرون وينيبون إلى توحيد الله ، وينقادون لأمره ونهيه ، وكانوا لا يستطيعون سمعا، يقول : وكانوا لا يسطيعون أن يسمعوا ذكر الله الذي ذكرهم به ، وبيانه الذي بينه لهم في كتابه ، بخذلان الله إياهم ، وغلبة الشقاء عليهم ، وشغلهم بالكفر بالله وطاعة الشيطان ، فيتعظون به ، ويتدبرونه ، فيعرفون الهدى من الضلالة ، والكفر من الإيمان . وكان مجاهد يقول في ذلك ما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " لا يستطيعون سمعا" قال : لا يعقلون .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " وكانوا لا يستطيعون سمعا" قال : لا يعلمون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري " ، قال : هؤلاء أهل الكفر.
" الذين كانت أعينهم " في موضع خفض نعت " للكافرين ". " في غطاء عن ذكري " أي هم بمنزلة من عينه مغطاة فلا ينظر إلى دلائل الله تعالى. " وكانوا لا يستطيعون سمعا " أي لا يطيقون أن يسمعوا كلام الله تعالى، فهم بمنزلة من صم.
يقول تعالى مخبراً عما يفعله بالكفار يوم القيامة أنه يعرض عليهم جهنم, أي يبرزها لهم ويظهرها ليروا ما فيها من العذاب والنكال قبل دخولها, ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهم والحزن لهم. وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام, مع كل زمام سبعون ألف ملك" ثم قال مخبراً عنهم "الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري" أي تغافلوا وتعاموا وتصامموا عن قبول الهدى واتباع الحق, كما قال: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين" وقال ههنا: "وكانوا لا يستطيعون سمعاً" أي لا يعقلون عن الله أمره ونهيه, ثم قال: "أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء" أي اعتقدوا أنهم يصلح لهم ذلك وينتفعون به "كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً" ولهذا أخبر الله تعالى أنه قد أعد لهم جهنم يوم القيامة منزلاً.
ثم وصف الكافرين المذكورين بقوله: 101- "الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري" أي كانت أعينهم في الدنيا في غطاء وهو ما غطى الشيء وستره من جميع الجوانب عن ذكري عن سبب ذكري وهو الآيات التي يشاهدها من له تفكر واعتبار فيذكر الله بالتوحيد والتمجيد، فأطلق المسبب على السبب، أو عن القرآن العظيم، وتأمل معانيه وتدبر فوائده. ثم لما وصفهم سبحانه بالعمي عن الدلائل التكوينية أو التنزيلية أو مجموعهما، أراد أن يصفهم بالصمم عن استماع الحق فقال: "وكانوا لا يستطيعون سمعاً" أي لا يقدرون على الاستماع لما فيه الحق من كلام الله وكلام رسوله، وهذا أبلغ مما لو قال وكانوا صماً، لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به، وهؤلاء لا استطاعة لهم بالكلية، وفي ذكر غطاء الأعين وعدم استطاعة السماع تمثيل لتعاميهم عن المشاهدة بالأبصار وإعراضهم عن الأدلة السمعية.
101 - " الذين كانت أعينهم في غطاء " ، أي : غشاء ، و ( الغطاء ) : ما يغطى به الشيء ويستره ، " عن ذكري " ، يعني : عن الإيمان والقرآن ،وعن الهدى والبيان ، وقيل : عن رؤية الدلائل .
" وكانوا لا يستطيعون سمعاً " ، أي : سمع القبول والإيمان ، لغلبة الشقاوة عليهم .
وقيل : لا يعقلون وقيل : كانوا لا يستطيعون ، أي : لا يقدرون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتلوه عليهم لشدة عداوتهم له ، كقوله الرجل : لا أستطيع أن أسمع من فلان شيئاً ، لعداوته .
101."الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري"عن آياتي التي ينظر إليها فأذكر بالتوحيد والتعظيم ."وكانوا لا يستطيعون سمعاً"استماعاً لذكري وكلامي لإفراط صممهم عن الحق ، فإن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء كأنهم أصمت مسامعهم بالكلية.
101. Those whose eyes were hoodwinked from My reminder, and who could not bear to hear.
101 - (Unbelievers) whose eyes had been under a veil from remembrance of me, and who had been unable even to hear.