105 - (و) قيل لي (أن أقم وجهك للدين حنيفاً) مائلاً إليه (ولا تكونن من المشركين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " وأمرت أن أكون من المؤمنين "، " وأن أقم "، و((أن)) الثانية عطف على ((أن)) الأولى.
ويعني بقوله: " أقم وجهك للدين "، أقم نفسك على دين الإسلام، " حنيفا "، مستقيماً عليه، غير معوج عنه إلى يهودية ولا نصرانية، ولا عبادة وثن، " ولا تكونن من المشركين "، يقول: ولا تكونن ممن يشرك في عبادة ربه الآلهة والأنداد، فتكون من الهالكين.
قوله تعالى: "وأن أقم وجهك" أن عطف على أن أكون أي قيل لي كن من المؤمنين وأقم وجهك. قال ابن عباس: عملك، وقيل: نفسك، أي استقم بإقبالك على ما أمرت به من الدين. حنيفاً أي قويماً به مائلاً عن كل دين. قال حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه:
حمدت الله حين هدى فؤادي من الإشراك للدين الحنيف
وقد مضى في الأنعام اشتقاقه والحمد لله. "ولا تكونن من المشركين" أي وقيل لي ولا تشرك، والخطاب له والمراد غيره.
يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من صحة ما جئتكم به من الدين الحنيف الذي أوحاه الله إلي فأنا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله وحده لا شريك له وهو الذي يتوفاكم كما أحياكم ثم إليه مرجعكم فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون الله حقاً فأنا لا أعبدها فادعوها فلتضرني فإنها لا تضر ولا تنفع وإنما الذي بيده الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له وأمرت أن أكون من المؤمنين وقوله: "وأن أقم وجهك للدين حنيفاً" الاية أي أخلص العبادة لله وحده حنيفاً أي منحرفاً عن الشرك ولهذا قال: "ولا تكونن من المشركين" وهو معطوف على قوله: "وأمرت أن أكون من المؤمنين". وقوله "وإن يمسسك الله بضر" الاية فيه بيان لأن الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له, روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة صفوان بن سليم من طريق عبد الله بن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عيسى بن موسى عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم, فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده, واسألوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم" ثم رواه من طريق الليث عن عيسى بن موسى عن صفوان عن رجل من أشجع عن أبي هريرة مرفوعاً بمثله سواء. وقوله "وهو الغفور الرحيم" أي لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنب كان حتى من الشرك به فإنه يتوب عليه.
وجملة 105- "وأن أقم وجهك للدين" معطوفة على جملة "أن أكون من المؤمنين" ولا يمنع من ذلك كون المعطوف بصيغة الأمر لأن المقصود من أن الدلالة على المصدر، وذلك لا يختلف بالخبرية والإنشائية، أو يكون المعطوف عليه في معنى الإنشاء، كأنه قيل: كن مؤمناً ثم أقم، والمعنى: أن الله سبحانه أمره بالاستقامة في الدين والثبات فيه، وعدم التزلزل عنه بحال من الأحوال. وخص الوجه لأنه أشرف الأعضاء، أو أمره باستقبال القبلة في الصلاة وعدم التحول عنها. وحنيفاً حال من الدين، أو من الوجه: أي مائلاً عن كل دين من الأديان إلى دين الإسلام. ثم أكد الأمر المتقدم للنهي عن ضده فقال: "ولا تكونن من المشركين" وهو معطوف على أقم، وهو من باب التعريض لغيره صلى الله عليه وسلم.
105-قوله: "وأن أقم وجهك للدين حنيفاً"، قال ابن عباس: عملك. وقيل: استقم على الدين حنيفا. "ولا تكونن من المشركين".
105."وأن أقم وجهك للدين"عطف على"أن أكون"غير"أن"صلة"أن" محكية بصيغة الأمر ، ولا فرق بينهم في الغرض لن المقصود وصلها بما يتضمن معنى المصدر لتدل معه عليه، وصيغ الأفعال كلها كذلك سواء الخبر منها والطلب ،والمعنى وأمرت بالاستقامة في الدين والاستبداد فيه بأداء الفرائض، والانتهاء عن القبائح، أو في الصلاة باستقبال القبلة."حنيفاً"حال من الدين أو الوجه ."ولا تكونن من المشركين"
105. And, (O Muhammad) set thy purpose resolutely for religion, as a man by nature upright, and be not of those who ascribe partners (to Allah).
105 - And further (thus): set thy face towards religion with true piety, and never in any wise be of the unbelievers;