109 - (فلا تك) يا محمد (في مرية) شك (مما يعبد هؤلاء) من الأصنام إنا نعذبهم كما عذبنا من قبلهم ، وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم (ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم) أي كعبادتهم (من قبل) وقد عذبناهم (وإنا لموفوهم) مثلهم (نصيبهم) حظهم من العذاب (غير منقوص) أي تاماً
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فلا تك في شك ، يا محمد ، مما يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الآلهة والأصنام ، أنه ضلال وباطل ، وأنه بالله شرك ، "ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل" ، يقول : إلا كعبادة آبائهم ، من قبل عبادتهم لها . يخبر تعالى ذكره أنهم لم يعبدوا ما عبدوا من الأوثان ، إلا اتباعاً منهم منهاج آبائهم ، واقتفاءً منهم آثارهم في عبادتهموها ، لا عن أمر الله إياهم بذلك ، ولا بحجة تبينوها توجب عليهم عبادتها .
ثم أخبر جل ثناؤه نبيه ما هو فاعل بهم لعبادتهم ذلك ، فقال جل ثناؤه : "وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" ، يعني : حظهم مما وعدتهم أن أوفيهموه من خير أو شر ، "غير منقوص" ، يقول : لا أنقصهم مما وعدتهم ، بل أتمم ذلك لهم على التمام والكمال ، كما :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : "وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" ، قال : ما وعدوا فيه من خير أو شر .
حدثنا أبو كريب ، ومحمد بن بشار قالا ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله ، إلا أن أبا كريب قال في حديثه : من خير وشر .
حدثني المثنى قال ، أخبرنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن شريك ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : "وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" ، قال : ما قدر لهم من الخير والشر .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : "وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" ، قال : ما يصيبهم من خير أو شر .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد قال في قوله : "وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" ، قال : نصيبهم من العذاب .
قوله تعالى: " فلا تك " جزم بالنهي، وحذفت النون لكثرة الاستعمال. " في مرية " أي في شك. " مما يعبد هؤلاء " من الآلهة أنها باطل. وأحسن من هذا: أي قل يا محمد لكل من شك ( لا تك في مرية مما يعبد هؤلاء) أن الله عز وجل ما أمرهم به، وإنما يعبدونها كما كان آباؤهم يفعلون تقليداً لهم. " وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص " فيه ثلاثة أقوال: أحدها: نصيبهم من الرزق، قاله أبو العالية. الثاني: نصيبهم من العذاب، قاله ابن زيد. الثالث: ما وعدوا به من خير أو شر، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
يقول تعالى: "فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء" المشركون إنه باطل وجهل وضلال فإنهم إنما يعبدون ما يعبد آباؤهم من قبل أي ليس لهم مستند فيما هم فيه إلا إتباع الاباء في الجهالات وسيجزيهم الله على ذلك أتم الجزاء فيعذب كافرهم عذاباً لا يعذبه أحداً وإن كان لهم حسنات فقد وفاهم الله إياها في الدنيا قبل الاخرة. قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن مجاهد عن ابن عباس "وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص" قال ما وعدوا من خير أو شر. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لموفوهم من العذاب نصيبهم غير منقوص ثم ذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب فاختلف الناس فيه فمن مؤمن به ومن كافر به فلك بمن سلف من الأنبياء قبلك يا محمد أسوة فلا يغيظنك تكذيبهم لك ولا يهمنك ذلك "ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم" قال ابن جرير لولا ما تقدم من تأجيله العذاب إلى أجل معلوم لقضى الله بينهم ويحتمل أن يكون المراد بالكلمة أنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه كما قال: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" فإنه قد قال في الاية الأخرى: "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى * فاصبر على ما يقولون" ثم أخبر تعالى أنه سيجمع الأولين والاخرين من الأمم ويجزيهم بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر فقال: "وإن كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير" أي عليم بأعمالهم جميعها جليلها وحقيرها صغيرها وكبيرها وفي هذه الاية قراءات كثيرة يرجع معناها إلى هذا الذي ذكرناه كما في قوله تعالى: "وإن كل لما جميع لدينا محضرون".
لما فرغ الله سبحانه من أقاصيص الكفرة وبيان حال السعداء والأشقياء، سلى رسوله صلى الله عليه وسلم بشرح أحوال الكفرة من قومه في ضمن النهي له عن الامتراء في أن ما يعبدونه غير نافع ولا ضار ولا تأثير له في شيء. وحذف النون في لا تك لكثرة الاستعمال، والمرية: الشك، والإشارة بهؤلاء إلى كفار عصره صلى الله عليه وسلم، وقيل المعنى: لا تك في شك من بطلان ما يعبد هؤلاء، وقيل: لا تك في شك من سوء عاقبتهم. ولا مانع من الحمل على جميع هذه المعاني، وهذا النهي له صلى الله عليه وسلم هو تعريض لغيره ممن يداخله شيء من الشك، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يشك في ذلك أبداً. ثم بين له سبحانه أن معبودات هؤلاء كمعبودات آبائهم، أو أن عبادتهم كعبادة آبائهم من قبل، وفي هذا استثناء تعليل للنهي عن الشك. والمعنى: أنهم سواء في الشرك بالله وعبادة غيره، فلا يكن في صدرك حرج مما تراه من قومك، فهم كمن قبلهم من طوائف الشرك، وجاء بالمضارع في كما يعبد آباؤهم لاستحضار الصورة. ثم بين له أنه مجازيهم بأعمالهم فقال: "وإنا لموفوهم نصيبهم" من العذاب كما وفينا آباءهم لا ينقص من ذلك شيء، وانتصاب غير الحال، والتوفية لا تستلزم عدم النقص، فقد يجوز أن يوفى وهو ناقص كما يجوز أن يوفى وهو كامل، وقيل: المراد نصيبهم من الرزق. وقيل: ما هو أعم من الخير والشر.
109- "فلا تك في مرية"، في شك، "مما يعبد هؤلاء"أنهم ضلال، "ما يعبدون إلا كما يعبد"، فيه إضمار، أي: كما يعبد، "آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم" حظهم من الجزاء. "غير منقوص".
109."فلا تك في مرية "شك بعد ما أنزل عليك من آمال أمر الناس ."مما يعبد هؤلاء"من عبادة هؤلاء المشركين في أنها ضلال مؤد إلى مثل ما حل بمن قبلهم ممن قصصت عليك سوء عاقبة عبادتهم ، أو من حال ما يعبدونه في أنه يضر ولا ينفع ."ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل"استئناف معناه تعليل النهي عن المرية أي هم وآباؤهم سواء في الشرك ، أي ما يعبدون عبادة إلا كعبادة آبائهم أو ما يعبدون شيئاً إلا مثل ما عبدوه من الأوثان ، وقد بلغك ما لحق آباءهم من ذلك فسيلحقهم مثله، لأن التماثيل في الأسباب يقتضي التماثل في المسببات ، ومعنى "كما يعبد"كما كان يعبد فحذف للدلالة من قبل عليه. "وإنا لموفوهم نصيبهم"حظهم من العذاب كآبائهم ، أو من الرزق فيكون عذراً لتأخير العذاب عنهم مع قيام ما يوجبه ، "غير منقوص"حل من النصيب لتقييد التوفية فإنك تقول : وفيته حقه وتريد به وفاء بعضه ولو مجازاً.
109. So be not thou in doubt concerning that which these (folk) worship. They worship only as their fathers worshipped aforetime. Lo! We shall pay them their whole due unabated.
109 - Be not then in doubt as to what these men worship they worship nothing but what their fathers worshipped before (them): but verily we shall pay them back (in full) their portion without (the least) abatement