11 - (وقالت لأخته) مريم (قصيه) اتبعي أثره حتى تعلمي خبره (فبصرت به) أبصرته (عن جنب) من مكان بعيد اختلاسيا (وهم لا يشعرون) أنها اخته وأنها ترقبه
يقول تعالى ذكره: " وقالت " أم موسى لأخت موسى حين ألقته في اليم " قصيه " يقول: قصي أثر موسى، اتبعي أثره، تقول: قصصت آثار القوم: إذا اتبعت آثارهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، قال: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " لأخته قصيه " قال: اتبعي أثره كيف يصنع به.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد " قصيه " أي قصي أثره.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق " وقالت لأخته قصيه " قال: اتبعي أثره.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وقالت لأخته قصيه " أي انظري ماذا يفعلون به.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي " وقالت لأخته قصيه " يعني: قصي أثره.
حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم بن أبي أيوب، قال: ثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس " وقالت لأخته قصيه " أي قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكراً، أحي ابني أو قد أكلته دواب البحر وحيتانه، ونسيت الذي كان الله وعدها. وقوله " فبصرت به عن جنب " يقول تعالى ذكره: فقصت أخت موسى أثره، فبصرت به عن جنب: يقول فبصرت بموسى عن بعد لم تدن منه ولم تقرب، لئلا يعلم أنها منه بسبيل، يقال منه: بصرت به وأبصرته، لغتان مشهورتان، وأبصرت عن جنب، عن جنابة، كما قال الشاعر:
أتيت حريثاً زائراً عن جنابة فكان حريث عن عطائي جاحدا
يعني بقوله: عن جنابة: عن بعد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " عن جنب " قال: بعد.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد " عن جنب " قال: عن بعد. قال ابن جريج " عن جنب " قال: هي على الحد في الأرض، وموسى يجري به النيل وهما متحاذيان كذلك تنظر إليه نظرة، وإلى الناس نظرة، وقد جعل في تابوت مقير ظهره وبطنه، وأقفلته عليه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي سفيان، عن معمر، عن قتادة: " فبصرت به عن جنب " يقول: بصرت به وهي محاذيته لم تأته.
حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد، قال: ثني القاسم بن أبي أيوب، قال: ثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس " فبصرت به عن جنب " والجنب: أن يسمو بصر الإنسان إلى الشيء البعيد، وهو إلى جنبه لا يشعر به.
وقوله " وهم لا يشعرون " يقول: وقوم فرعون لا يشعرون بأخت موسى أنها أخته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " وهم لا يشعرون " قال: آل فرعون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون " أنها أخته، قال: جعلت تنظر إليه كانها لا تريده.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي " وهم لا يشعرون " أنها أخته.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق " وهم لا يشعرون " أي لا يعرفون أنها منه بسبيل.
قوله تعالى : " وقالت لأخته قصيه " ي أي قالت أم موسى لأخت موسى : اتبعي أثره حتى تعمي خبره . واسمها مريم بنت عمران ، وافق اسمها اسم مريم أم عيسى عليه السلام ، ذكر السهيلي و الثعلبي . وذكر المواردي عن الضحاك : أن اسمها كلثمة . وقال السهيلي : كلثوم ، جاء ذلك في حديث رواه الزبير بن بكار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة : " أشعررت أن الله زوجتني معك في الحنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون " فقالت : الله أخبرك بهذا ؟ فقال : ( نعم ) فقالت : بالرفاء والبنين . " فبصرت به عن جنب" أي بعد ، قاله مجاهد . ومنه الأجنبي .
قال الشاعر :
فلا تحرمني نائلاً عن جنابة فإني أمرؤ وسط القباب غريب
وأصله عن مكان جنب . وقال ابن عباس : ( عن جنب) أي عن جانب . وقرأ النعمان بن سالم : ( عن جانب ) أي عن ناحية . وقيل : عن شوق ، وحكى أبو عمرو بن العلاء أنها لغة لجذام ، يقولون : جنبت إليك أي اشتقت . وقيل : ( عن جنب ) أي عن مجانبة لها منه فلم يعرفوا أنها أمه بسبيل . وقال قتادة : وجعلت تنظر إليه بناحية كأنها لا تريده ، وكان يقرأ : (عن جنب ) بفتح الجيم وإسكان النون . " وهم لا يشعرون " أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه .
يقول تعالى مخبراً عن فؤاد أم موسى حين ذهب ولدها في البحر أنه أصبح فارغاً, أي من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى, قاله ابن عباس ومجاهد, وعكرمة وسعيد بن جبير وأبو عبيدة, والضحاك والحسن البصري وقتادة وغيرهم. "إن كادت لتبدي به" أي إن كادت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لتظهر أنه ذهب لها ولد, وتخبر بحالها لولا أن الله ثبتها وصبرها, قال الله تعالى: "لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين * وقالت لأخته قصيه" أي أمرت ابنتها وكانت كبيرة تعي ما يقال لها, فقالت لها: "قصيه" أي اتبعي أثره, وخذي خبره, وتطلبي شأنه من نواحي البلد, فخرجت لذلك "فبصرت به عن جنب" قال ابن عباس : عن جانب. وقال مجاهد : بصرت به عن جنب عن بعد.
وقال قتادة : جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده, وذلك أنه لما استقر موسى عليه السلام بدار فرعون وأحبته امرأة الملك واستطلقته منه, عرضوا عليه المراضع التي في دارهم فلم يقبل منها ثدياً, وأبى أن يقبل شيئاً من ذلك, فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته, فلما رأته بأيديهم عرفته ولم تظهر ذلك ولم يشعروا بها. قال الله تعالى: "وحرمنا عليه المراضع من قبل" أي تحريماً قدرياً, وذلك لكرامته عند الله وصيانته له أن يرتضع غير ثدي أمه, ولأن الله سبحانه وتعالى جعل ذلك سبباً إلى رجوعه إلى أمه لترضعه, وهي آمنة بعد ما كانت خائفة, فلما رأتهم حائرين فيمن يرضعه "قالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون" قال ابن عباس : فلما قالت ذلك, أخذوها وشكوا في أمرها, وقالوا لها: وما يدريك بنصحهم له وشفقتهم عليه ؟ فقالت لهم: نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في سرور الملك ورجاء منفعته, فأرسلوها, فلما قالت لهم ذلك وخلصت من أذاهم, ذهبوا معها إلى منزلهم فدخلوا به على أمه فأعطته ثديها فالتقمه, ففرحوا بذلك فرحاً شديداً, وذهب البشير إلى امرأة الملك, فاستدعت أم موسى وأحسنت إليها وأعطتها عطاء جزيلاً, وهي لا تعرف أنها أمه في الحقيقة, ولكن لكونه وافق ثديها, ثم سألتها آسية أن تقيم عندها فترضعه, فأبت عليها وقالت: إن لي بعلاً وأولاداً, ولا أقدر على المقام عندك, ولكن إن أحببت أن أرضعه في بيتي فعلت, فأجابتها امرأة فرعون إلى ذلك, وأجرت عليها النفقة والصلات والكساوى والإحسان الجزيل, فرجعت أم موسى بولدها راضية مرضية قد أبدلها الله بعد خوفها أمناً, في عز وجاه ورزق دار. ولهذا جاء في الحديث "مثل الذي يعمل ويحتسب في صنعته الخير, كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها" ولم يكن بين الشدة والفرج إلا القليل يوم وليلة أو نحوه, والله أعلم, فسبحان من بيده الأمر, ما شاء كان, وما لم يشأ لم يكن, الذي يجعل لمن اتقاه بعد كل هم فرجاً وبعد كل ضيق مخرجاً, ولهذا قال تعالى: "فرددناه إلى أمه كي تقر عينها" أي به "ولا تحزن" أي عليه "ولتعلم أن وعد الله حق" أي فيما وعدها من رده إليها وجعله من المرسلين, فحينئذ تحققت برده إليها أنه كائن منه رسول من المرسلين, فعاملته في تربيته ما ينبغي له طبعاً وشرعاً. وقوله تعالى: "ولكن أكثرهم لا يعلمون" أي حكم الله في أفعاله وعواقبها المحمودة التي هو المحمود عليها في الدنيا والاخرة, فربما يقع الأمر كريهاً إلى النفوس وعاقبته محمودة في نفس الأمر, كما قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم" وقال تعالى: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً".
وقيل المعنى: لتبدي القول به 11- "وقالت لأخته قصيه" أي قالت أم موسى لأخت موسى وهي مريم قصيه: أي تتبعي أثره واعرفي خبره وانظري أين وقع وإلى من صار؟ يقال قصصت الشيء: إذا اتبعت أثره متعرفاً لحاله "فبصرت به عن جنب" أي أبصرته عن بعد، وأصله عن مكان جنب، ومنه الأجنبي. قال الشاعر:
فلا تحرميني نائلاً عن جنابة فإني امرؤ وسط الديار غريب
وقيل المراد بقوله عن جنب عن جانب، والمعنى أنها أبصرت إليه متجانفة مخاتلة، ويؤيد ذلك قراءة النعمان بن سالم عن جانب، ومحل عن جنب النصب على الحال إما من الفاعل: أي بصرت به مستخفية كائنة عن جنب، وإما من المجرور: أي بعيداً منها. قرأ الجمهور بصرت به بفتح الباء وضم الصاد، وقرأ قتادة بفتح الصاد وقرأ عيسى بن عمر بكسرها. قال المبرد: أبصرته وبصرت به بمعنى، وقرأ الجمهور عن جنب بضمتين، وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي بفتح الجيم وسكون النون. وقال أبو عمر بن العلاء: إن معنى عن جنب عن شوق. قال: وهي لغة جذام يقولون: جنبت إليك: أي اشتقت إليك "وهم لا يشعرون" أنها تقصه وتتبع خبره وأنها أخته.
11- "وقالت لأخته"، أي: لمريم أخت موسى: "قصيه"، اتبعي أثره حتى تعلمي خبره، "فبصرت به عن جنب"، أي: عن بعد، وفي القصة أنها كانت تمشي جانباً وتنظر اختلاساً تري أنها لا تنظره، "وهم لا يشعرون"، أنها أخته وأنها ترقبه.
11 -" وقالت لأخته " مريم . " قصيه " اتبعي أثره وتتبعي خبره . " فبصرت به عن جنب " عن بعد وقرئ (( عن جانب )) و(( عن جنب )) وهو بمعناه . " وهم لا يشعرون " أنها تقص أو أنها أخته .
11. And she said unto his sister: Trace him. So she observed him from afar, and they perceived not.
11 - And she said to the sister of (Moses), Follow him. So she (the sister) watched him in the character of a stranger. And they knew not.