11 - (فاستفتهم) استخبر كفار مكة تقريرا أو توبيخا (أهم أشد خلقا أم من خلقنا) من الملائكة والسموات والأرضين وما فيهما وفب الإتيان بمن تغليب العقلاء (إنا خلقناهم) أي اصلهم آدم (من طين لازب) لازم يلصق باليد المعنى أن خلقهم ضعيف فلا يتكبروا بإنكار النبي والقرآن المؤدي إلى هلاكهم اليسير
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فاستفت يا محمد هؤلاء المشركين الذين ينكرون البعث بعد الممات والنشور بعد البلاء: يقول : فسلهم : أهم أشد خلقاً؟ أخلقهم أشد؟ أم خلق من عددنا خلقه من ا لملائكة والشياطين والسماوات والأرض؟ وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله بن مسعود: أهم أشد خلقاً أم من عددنا.
وبنحو- الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد "أهم أشد خلقا أم من خلقنا"؟ قال : السماوات والأرض والجبال.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك أنه قرأ أهم أشد خلقا أم من عددنا؟ وفي قراءة عبد الله بن مسعود عددنا يقول : "رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق" [الصافات :5] يقول : أهم أشد خلقاً، أم السماوات والأرض؟ يقول : السماوات والأرض أشد خلقاً منهم.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من عددنا من خلق السماوات والأرض ، قال الله : "لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس" [غافر:57] الآية.
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي "فاستفتهم أهم أشد خلقا" قال يعني المشركين ، سلهم أهم أشد خلقاً "أم من خلقنا".
وقوله "إنا خلقناهم من طين لازب" يقول : إنا خلقناهم من طين لاصق. وإنما وصفه جل ثناؤه باللزوب ، لأنه تراب مخلوط بماء، وكذلك خلق ابن آدم من تراب وماء ونار وهواء، والتراب إذا خلط بماء صار طيناً لازباً، والعرب تبدل أحياناً هذه الباء ميماً ، فتقول : طين لازم ، ومنه قول النجاشي الحارثي:
بنى اللؤم بيتاً فاستقرت عماده عليكم بني النجار ضربة لازم
ومن اللازب قول نابغة بني ذبيان:
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ولا يحسبون الشر ضربة لازب
وربما أبدلوا الزاي التي في اللازب تاء، فيقولون : طين لازب ، وذكر أن ذلك في قيس ، زعم الفراء أن أبا الجراح أنشده:
صداع وتوصيم العظام وفترة وغثي مع الإشراق في الجوف لاتب
بمعنى : لازم ، والفعل من لازب لزب يلزب لزباً ولزوباً، وكذلك من لاتب : لتب يلتب لتوباً.
وبنحو الذي قلنا في معنى "لازب" قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري، قال : ثنا محمد بن كثير، قال : ثنا مسلم ، عن مجاهد، عن ابن عباس ، في قوله "من طين لازب" قال : هو الطين الحر الجيد اللزج.
حدثنا محمد بن بشار، قال : ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا: ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد، عن ابن عباس ، قال : اللازب : الجيد.
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد، قال : ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : اللازب : اللزج : الطيب.
حدتني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله "من طين لازب" يقول : ملتصق.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "إنا خلقناهم من طين لازب" قال : من التراب والماء فيصير طيناً يلزق.
حدثنا هناد، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة، في قوله "إنا خلقناهم من طين لازب" قال : اللازب : اللزج.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك "إنا خلقناهم من طين لازب" واللازب : الطين الجيد.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله "إنا خلقناهم من طين لازب" واللازب : الذي يلزق باليد.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني ، الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، في قوله "من طين لازب" قال : لازم.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : ثنا مروان بن معاوية، قال : ثنا جويبر، عن الضحاك في قوله "من طين لازب" قال : هو اللازق.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله "إنا خلقناهم من طين لازب" قال : اللازب : الذي يلتصق كأنه غراء ذلك اللازب.
قوله تعالى : " فاستفتهم " أي سلهم يعنى أهل مكة ، مأخوذ من استفتاء المفتي . " أهم أشد خلقاً أم من خلقنا " قال مجاهد : أي من خلقنا من السموات والأرض والجبال والبحار . وقيل يدخل فيه الملائكة ومن سلف من الأمم الماضية . يدل على ذلك أنه أخبر عنهم < يمن > قال سعيد بن جبير : الملائكة . وقال غيره : < من > الأمم الماضية وقد هلكوا وهم أشد خلقاً منهم . نزلت في أبي الأشد بن كلدة ، وسمي بأبي الأشد لشدة بطشه وقوته . وسيأتي في < البلد > ذكره . ونظير هذه : " لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس " [ غافر : 57 ] وقوله : " أنتم أشد خلقاً أم السماء " [ النازعات : 27 ] . " إنا خلقناهم من طين لازب " أي لاصق ، قاله ابن عباس . ومنه قول علي رضي الله عنه :
تعلم فإن الله زادك بسطة وأخلاق خير كلها لك لازب
وقال قتادة و ابن زيد : معنى < لازب > لازق . الماوردي : والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق : هو الذي قد لصق بعضه ببعض ، واللازق : هو الذي يلتزق بما أصابه . وقال عكرمة : < لازب > لزج . سعيد بن جبير : أي جيد حر يلصق باليد . مجاهد : < لازب > لازم . والعرب تقول : طين لازب ولازم ، تبدل الباء من الميم . ومثله قولهم : لاتب ولازم . على إبدال الباء بالميم . واللازب الثابت ، تقول : صار الشيء ضربه لازب ، وهو أفصح من لازم . قال النابغة :
ولا تحسبون الخير لا شر بعده ولا تحسبون الشر ضربة لازب
وحكى الفراء عن العرب : طين لاتب بمعنى لازم . واللاتب الثابت ، تقول منه : لتب يلتب لتباً ولتوباً ، مثل لزب يلزب بالضم لزوباً ، وأنشد أبو الجراح في اللاتب :
فإن يك هذا من نبيذ شربته فإني من شرب النبيذ لتائب
صداع وتوصيم العظام وفترة وغم مع الإشراق في الجوف لاتب
واللاتب أيضاً : اللاصق مثل اللازب ، عن الأصمعي حكاه الجوهري . وقال السدي و الكلبي في اللازب : إنه الخالص . مجاهد و الضحاك : إنه المنتن .
يقول تعالى: فسل هؤلاء المنكرين للبعث أيما أشد خلقاً هم أم السموات والأرض وما بينهما من الملائكة والشياطين والمخلوقات العظيمة ؟ وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه أم من عددنا فإنهم يقرون أن هذه المخلوقات أشد خلقاً منهم, وإذا كان الأمر كذلك فلم ينكرون البعث ؟ وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا كما قال عز وجل: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون" ثم بين أنهم خلقوا من شيء ضعيف فقال: "إنا خلقناهم من طين لازب" قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك: هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض, وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة هو اللزج الجيد, وقال قتادة هو الذي يلزق باليد, وقوله عز وجل: "بل عجبت ويسخرون" أي بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت موقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الأمر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم ويسخرون مما تقول لهم من ذلك.
قال قتادة: عجب محمد صلى الله عليه وسلم وسخر ضلال بني آدم "وإذا رأوا آية" أي دلالة واضحة على ذلك "يستسخرون" قال مجاهد وقتادة يستهزئون "وقالوا إن هذا إلا سحر مبين" أي إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين " أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون " يستبعدون ذلك ويكذبون به "قل نعم وأنتم داخرون" أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون تراباً وعظاماً وأنتم داخرون أي حقيرون تحت القدرة العظيمة كما قال تبارك وتعالى: "وكل أتوه داخرين". ثم قال جلت عظمته: "فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون" أي فإنما هو أمر واحد من الله عز وجل, يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض, فإذا هم بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة, والله تعالى أعلم.
11- "فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من خلقنا" أي اسأل الكفار المنكرين للبعث أهم أشد خلقاً وأقوى أجساماً وأعظم أعضاء، أم من خلقنا من السموات والأرض والملائكة؟ قال الزجاج: المعنى فاسألهم سؤال تقرير أهم أشد خلقاً: أي أحكم صنعة أم من خلقنا قبلهم من الأمم السالفة؟ يريد أنهم ليسوا بأحكم خلقاً من غيرهم من الأمم وقد أهلكناهم بالتكذيب فما الذي يؤمنهم من العذاب؟ ثم ذكر خلق الإنسان فقال: "إنا خلقناهم من طين لازب" أي إنا خلقناهم في ضمن خلق أبيهم آدم من طين لازب: أي لاصق، يقال لزب يلزب لزوباً: إذا لصق. وقال قتادة وابن زيد: اللازب اللازق. وقال عكرمة: اللازب اللزج. وقال سعيد بن جبير: اللازب الجيد الذي يلصق باليد. وقال مجاهد: هو اللازم، والعرب تقول: طين لازب ولازم تبدل الباء من الميم، واللازم الثابت كما يقال: صار الشيء ضربة لازب، ومنه قول النابغة:
لا تحسبون الخير لا شر بعده ولا تحسبون الشر ضربة لازب
وحكى الفراء عن العرب: طين لاتب بمعنى لازم، واللاتب الثابت. قال الأصمعي واللاتب اللاصق مثل اللازب. والمعنى في الآية: أن هؤلاء كيف يستعبدون المعاد وهم مخلوقون من هذا الخلق الضعيف ولم ينكره من هو مخلوق خلقاً أقوى منهم وأعظم وأكمل وأتم. وقيل اللازب هو المنتن قاله مجاهد والضحاك. قرأ الجمهور "أم من خلقنا" بتشديد الميم وهي أم المتصلة، وقرأ الأعمش بالتخفيف، وهو استفهام ثان على قراءته. قيل وقد قرئ لازم ولاتب، ولا أدري من قرأ بذلك.
11. " فاستفتهم "، أي: سلهم، يعني: أهل مكة، " أهم أشد خلقاً أم من خلقنا "، يعني: من السموات والأرض والجبال، وهذا استفهام بمعنى التقرير، أي: هذه الأشياء أشد خلقاً كما قال: " لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس " (غافر-57)، وقال " أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها " (النازعات-27).
وقيل: "أم من خلقنا " يعني: من الأمم الخالية، لأن (( من )) يذكر فيمن يعقل، يقول: إن هؤلاء ليسوا بأحكم خلقاً من غيرهم من الأمم، وقد أهلكناهم بذنوبهم، فما الذي يؤمن هؤلاء من العذاب؟ ثم ذكر خلق الإنسان، فقال: " إنا خلقناهم من طين لازب "، يعني: جيد حر لاصق يعلق باليد، ومعناه: اللازم، أبدل الميم باءً كأنه يلزم اليد. وقال مجاهد و الضحاك : منتن.
11-" فاستفتهم " فاستخبرهم والضمير لمشركي مكة أو لبنيي آدم . " أهم أشد خلقاً أم من خلقنا " يعني ما ذكر من الملائكة والسماء والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب ، و " من " لتغليب العقلاء ويدل عليه إطلاقه ومجيئه بعد ذلك ، وقراءة من قرأ أم من عددنا ، وقوله ك " إنا خلقناهم من طين لازب " فإنه الفارق بينهم وبينها لا بينهم وبين من قبلهم كعاد وثمود ، وإن المراد إثبات المعاد ورد استحالته والأمر فيه بالإضافة إليهم وإلى من قبلهم سواء ، وتقريره أن استحالة ذلك إما لعدم قابلية المادة ومادتهم الأصلية هي الطين اللازب الحاصل من ضم الجزء المائي إلى الجزء الأرضي وهما باقيان قابلان للانضمام بعد ، وقد علموا أن الإنسان الأول إنما تولد منه إما لاعترافهم بحدوث العالم أو بقصة آدم وشاهدوا تولد كثير من الحيوانات منه بلا توسط مواقعة ، فلزمهم أن يجوزوا إعادتهم كذلك ، وإما لعدم قدرة الفاعل ومن قدر على خلق هذه الأشياء قدر على ما لا يعتد به بالإضافة إليها سيما ومن ذلك بدؤهم أولاً وقدرته ذاتية لا تتغير .
11. Then ask them (O Muhammad): Are they stronger as a creation, or those (others) whom We have created? Lo! We created them of plastic clay.
11 - Just ask their opinion: are they the more difficult to creator, or the (other) beings We have created? Them have We created out of a sticky clay.