11 - (ويتجنبها) أي الذكرى أي يتركها جانبا لا يلتفت إليها (الأشقى) بمعنى الشقي أي الكافر
قوله تعالى : " ويتجنبها " يقول : ويتجنب الذكرى " الأشقى " يعني : أشقى الفريقين . " الذي يصلى النار الكبرى " وهم الذين لم تنفعهم الذكرى .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " فذكر إن نفعت الذكرى * سيذكر من يخشى " فاتقوا الله ، ما خشي الله عبد قط إلا ذكره " ويتجنبها الأشقى " فلا والله لا يتنكب عبد هذا الذكر زهداً فيه وبغضاً لأهله ، إلا شقي بين الشقاء .
قوله تعالى:" ويتجنبها الأشقى" أي ويتجن الذكرى ويبعد عنها. "الأشقى" أي الشقي في علم الله. وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة.
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا موسى يعني ابن أيوب الغافقي , حدثنا عمي إياس بن عامر سمعت عقبة بن عامر الجهني : لما نزلت "فسبح باسم ربك العظيم" قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم" فلما نزلت "سبح اسم ربك الأعلى" قال: "اجعلوها في سجودكم" ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن المبارك عن موسى بن أيوب به. وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ "سبح اسم ربك الأعلى" قال: "سبحان ربي الأعلى" وهكذا رواه أبو داود عن زهير بن حرب عن وكيع به قال وخولف فيه وكيع رواه أبو وكيع وشعبة عن أبي إسحاق عن سعيد عن ابن عباس موقوفاً. وقال الثوري عن السدي عن عبد خير قال: سمعت علياً قرأ "سبح اسم ربك الأعلى" فقال: سبحان ربي الأعلى.
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد , حدثنا حكام عن عنبسة عن أبي إسحاق الهمداني أن ابن عباس كان إذا قرأ "سبح اسم ربك الأعلى" يقول: سبحان ربي الأعلى, وإذا قرأ "لا أقسم بيوم القيامة" فأتى على آخرها "أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى" يقول: سبحانك وبلى, وقال قتادة "سبح اسم ربك الأعلى" ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: سبحان ربي الأعلى, وقوله تعالى: "الذي خلق فسوى" أي خلق الخليقة وسوى كل مخلوق في أحسن الهيئات. وقوله تعالى: "والذي قدر فهدى" قال مجاهد : هدى الإنسان للشقاوة والسعادة وهدى الأنعام لمراتعها وهذه الاية كقوله تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لفرعون: "ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" أي قدر قدراً وهدى الخلائق إليه, كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" وقوله تعالى: "والذي أخرج المرعى" أي من جميع صنوف النباتات والزروع "فجعله غثاء أحوى" قال ابن عباس : هشيماً متغيراً, وعن مجاهد وقتادة وابن زيد نحوه.
قال ابن جرير : وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم, وأن معنى الكلام والذي أخرج المرعى, أحوى: أخضر إلى السواد فجعله غثاء بعد ذلك, ثم قال ابن جرير : وهذا وإن كان محتملاً إلا أنه غير صواب لمخالفته أقوال أهل التأويل, وقوله تعالى: "سنقرئك" أي يا محمد "فلا تنسى" وهذا إخبار من الله تعالى ووعد منه له. بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها "إلا ما شاء الله" وهذا اختيار ابن جرير . وقال قتادة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئاً إلا ما شاء الله: وقيل: المراد بقوله: "فلا تنسى" طلب, وجعل معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ أي لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه فلا عليك أن تتركه. وقوله تعالى: "إنه يعلم الجهر وما يخفى" أي يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم لا يخفى عليه من ذلك شيء.
وقوله تعالى: "ونيسرك لليسرى" أي نسهل عليك أفعال الخير وأقواله ونشرع لك شرعاً سهلاً سمحاً مستقيماً عدلاً لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر. وقوله تعالى: "فذكر إن نفعت الذكرى" أي ذكر حيث تنفع التذكرة, ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه عند غير أهله كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم, وقال: حدث الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله, وقوله تعالى: "سيذكر من يخشى" أي سيتعظ بما تبلغه يا محمد من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه " ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيا " أي لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه بل هي مضرة عليه, لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب وأنواع النكال. قال الإمام أحمد : حدثنا ابن أبي عدي عن سليمان يعني التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل أنصاره فينبتهم ـ أو قال ـ ينبتون ـ في نهر الحيا ـ أو قال الحياة ـ أو قال الحيوان ـ أو قال نهر الجنة ـ فينبتون نبات الحبة في حميل السيل" قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما ترون الشجرة تكون خضراء ثم تكون صفراء ثم تكون خضراء ؟ قال: فقال بعضهم: كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية " .
وقال أحمد أيضاً: حدثنا إسماعيل , حدثنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس ـ أو كما قال ـ تصيبهم النار بذنوبهم ـ أو قال بخطاياهم ـ فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحماً أذن في الشفاعة, فجيء بهم ضبائر ضبائر فنبتوا على أنهار الجنة فيقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم, فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل" قال: فقال رجل من القوم حينئذ: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية, ورواه مسلم من حديث بشر بن المفضل وشعبة كلاهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد به مثله, ورواه أحمد أيضاً عن يزيد عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها ولا يحيون, وإن أهل النار الذين يريد الله إخراجهم يميتهم فيها إماتة حتى يصيروا فحماً, ثم يخرجون ضبائر فيلقون على أنهار الجنة فيرش عليهم من أنهار الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل". وقد قال الله تعالى إخباراً عن أهل النار: "ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون" وقال تعالى: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" إلى غير ذلك من الايات في هذا المعنى.
11- "ويتجنبها الأشقى" أي [ويتحنب] الذكرى ويبعد عنها الأشقي من الكفار لإصراره على الكفر بالله وانهماكه في معاصيه.
11- "ويتجنبها"، أي يتجنب الذكرى ويتباعد عنها، "الأشقى"، الشقي في علم الله.
11-" ويتجنبها " ويتجنب " الذكرى " . " الأشقى " الكافر فإنه أشقى من الفاسق ، أو " الأشقى " من الكفرة لتوغله في الكفر .
11. But the most hapless will flout it,
11 - But it will be avoided by those most unfortunate ones,