117 - (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به) صفة كاشفة لا مفهوم لها (فإنما حسابه) جزاؤه (عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) لا يسعدون
يقول تعالى ذكره : ومن يدع مع المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له معبودا آخر ، لا حجة له بما يقول ويعمل من ذلك ولا بينة .
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " لا برهان له به " قال : بينة .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " لا برهان له به " قال : حجة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد ، في قوله " لا برهان له به " قال : لا حجة .
وقوله : " فإنما حسابه عند ربه " يقول : فإنما حساب عمله السيء عند ربه ، وهو موفيه جزاءه إذا قدم عليه " إنه لا يفلح الكافرون " يقول : إنه لا ينجح أهل الكفر بالله عنده ، ولا يدركون الخلود والبقاء في النعيم .
قوله تعالى: " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به " أي لا حجة عليه " فإنما حسابه عند ربه " أي هو يعاقبه ويحاسبه. " إنه " الهاء ضمير الأمر والشأن. " لا يفلح الكافرون " وقرأ الحسن و قتادة " لا يفلح " - بالفتح - من كذب وجحد ما جئت به وكفر نعمتي.
يقول تعالى متوعداً من أشرك به غيره وعبد معه سواه, ومخبراً أن من أشرك بالله لا برهان له, أي لا دليل له على قوله, فقال تعالى: "ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به" وهذه جملة معترضة, وجواب الشرط في قوله: "فإنما حسابه عند ربه" أي الله يحاسبه على ذلك, ثم أخبر "إنه لا يفلح الكافرون" أي لديه يوم القيامة لا فلاح لهم ولا نجاة. قال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "ما تعبد ؟ قال: أعبد الله وكذا وكذا حتى عد أصناماً, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأيهم إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك ؟ قال: الله عز وجل. قال فأيهم إذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها ؟". قال: الله عز وجل, قال: "فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه, أم حسبت أن تغلب عليه ؟" قال: أردت شكره بعبارة هؤلاء معه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تعلمون ولا يعلمون" فقال الرجل بعد ما أسلم: لقيت رجلاً خصمني, هذا مرسل من هذا الوجه, وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسنداً عن عمران بن الحصين عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك. وقوله تعالى: "وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين" هذا إرشاد من الله تعالى إلى هذا الدعاء, فالغفر إذا أطلق ومعناه محو الذنب وستره عن الناس, والرحمة معناها أن يسدده ويوفقه في الأقوال والأفعال.
آخر تفسير سورة المؤمنون.
ثم زيف ما عليه أهل الشرك توبيخاً لهم وتقريعاً فقال: 117- "ومن يدع مع الله إلهاً آخر" يعبده مع الله أو يعبده وحده، وجملة "لا برهان له به" في محل نصب صفة لقوله إلهاً، وهي صفة لازمة جيء بها للتأكيد، كقوله "يطير بجناحيه" والبرهان: الحجة الواضحة والدليل الواضح، وجواب الشرط قوله: "فإنما حسابه عند ربه" وجملة لا برهان له به معترضة بين الشرط والجزاء، كقولك: من أحسن إلى زيد لا أحق منه بالإحسان، فالله مثيبه، وقيل إن جواب الشرط قوله: "لا برهان له به" على حذف فاء الجزاء كقول الشاعر:
من يفعل الحسنات الله يشكرها
"إنه لا يفلح الكافرون" قرأ الحسن وقتادة بفتح أن على التعليل، وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف، وقرأ الحسن لا يفلح بفتح الياء واللام مضارع فلح بمعنى أفلح.
117. " ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به "، أي: لا حجة له به ولا بينة، لأنه لا حجة في دعوى الشرك، " فإنما حسابه "، جزاؤه، " عند ربه "، يجازيه بعمله، كما قال تعالى: " ثم إن علينا حسابهم " (الغاشية-26)، " إنه لا يفلح الكافرون "، لا يسعد من جحد وكذب.
117ـ " ومن يدع مع الله إلهاً آخر " يعبده إفراداً أو إشراكً " لا برهان له به" ، جيء بها للتأكيد وبناء الحكم عليه تنبيهاً على أن التدين بما لا دليل عليه ممنوع فضلاً عما دل الدليل على خلافه ، أو اعتراض بين الشرط والجزاء لذلك : " فإنما حسابه عند ربه " فهو مجاز له مقدار ما يستحقه . " إنه لا يفلح الكافرون " إن الشأن وقرئ بالفتح على التعليل أو الخبر أي حسابه عدم الفلاح . بدأ السورة بتقرير فلاح المؤمنين وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين ، ثم أمر رسوله بأن يستغفره ويسترحمه فقال :
117. He who crieth unto any other god along with Allah hath no proof thereof. His reckoning is only with his Lord. Lo! disbelievers will not be successful.
117 - If anyone invokes, besides God, any other god, he has no authority therefor; and his reckoning will be only with his Lord! And verily the Unbelievers will fail to win through!