(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطانة) أصفياء تطلعونهم على سركم (من دونكم) أي غيركم من اليهود والنصارى والمنافقين (لا يألونكم خبالا) نصب بنزع الخافض أي لا يقصرون لكم في الفساد (وَدُّوا) تمنوا (ما عنتُّم) أي عنتكم وهو شدة الضرر (قد بدت) ظهرت (البغضاء) العداوة لكم (من أفواههم) بالوقيعة فيكم وإطلاع المشركين على سركم (وما تخفي صدورهم) من العداوة (أكبر قد بينا لكم الآيات) على عداوتهم (إن كنتم تعقلون) ذلك فلا توالوهم
قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا أخرج ابن جرير وابن إسحق عن ابن عباس قال كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم الآية
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا بما جاءهم به نبيهم من عند ربهم ، "لا تتخذوا بطانة من دونكم"، يقول : لا تتخذوا أولياء وأصدقاء لأنفسكم، "من دونكم"، يقول: من دون أهل دينكم وملتكم ، يعني من غير المؤمنين.
وإنما جعل البطانة مثلاً لخليل الرجل ، فشبهه بما ولي بطنه مات ثيابه ، لحلوله منه -في اطلاعه على أسراره وما يطويه عن أباعده وكثير من أقاربه- محل ما ولي جسده من ثيابه.
فنهى الله المؤمنين به أن يتخذوا من الكفار به أخلاء وأضياء، ثم عرفهم ما هم عليه لهم منطوون من الغش والخيانة، وبغيهم إياهم الغوائل ، فحذرهم بذلك منهم ومن مخالتهم، فقال تعالى ذكره : "لا يألونكم خبالا"، يعني: لا يستطيعونكم شراً، من ألوت آلو ألواً، يقال : ما ألا فلان كذا، أي : ما استطاع، كما قال الشاعر:
جهراء لا تألو، إذا هي أظهرت، بصراً، ولا من عيلة تغنيني
يعني: لا تستطيع عند الظهر إبصاراً.
وإنما يعني جل ذكره بقوله : "لا يألونكم خبالا"، البطانة التي نهى المؤمنين عن اتخاذها من دونهم ، فقال : إن هذه البطانة لا تترككم طاقتها خبالاً، أي لا تدع جهدها فيما أورثكم الخبال.
وأصل الخبل و الخبال، الفساد، ثم يستعمل في معان كثيرة، يدل على ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
من أصيب بخبل -أو: جراح.
وأما قوله: "ودوا ما عنتم"، فإنه يعني : ودوا عنتكم . يقول : يتمنون لكم العنت والشر في دينكم وما يسوءكم ولا يسركم.
وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين كانوا يخالطون حلفاءهم من اليهود وأهل النفاق منهم، ويصافونهم المودة بالأسباب التي كانت بينهم في جاهليتهم قبل الإسلام، فنهاهم الله عن ذلك وأن يستنصحوهم في شيء من أمورهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق، قال، قال محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل فيهم ينهاهم عن مباطنتهم ، تخوف الفتنة عليهم منهم: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم"، إلى قوله: "وتؤمنون بالكتاب كله".
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا"، في المنافقين من أهل المدينة. نهى الله عز وجل المؤمنين أن يتولوهم.
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم"، نهى الله عز وجل المؤمنين أن يستدخلوا المنافقين ، أو يؤاخوهم ، أو يتولوهم من دون المؤمنين.
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "لا تتخذوا بطانة من دونكم"، هم المنافقون.
حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا"، يقول لا تستدخلوا المنافقين، تتولوهم دون المؤمنين.
حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا العوام بن حوشب، عن الأزهر بن راشد، عن أنس بن مالك قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تستضيئوا بنار أهل الشرك، ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً". قال: فلم ندر ما ذلك . حتى أتوا الحسن فسألوه: فقال : نعم ، أما قوله : "لا تنقشوا في خواتيمكم عربيا"، فإنه يقول: لا تنقشوا في خواتيمكم محمد. وأما قوله: "ولا تستضيئوا بنار أهل الشرك"، فإنه يعني به المشركين ، يقول: لا تستشيروهم في شيء من أموركم. قال قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله ، ثم تلا هذه الآية: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم".
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم"، أما البطانة، فهم المنافقون.
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم" الآية، قال : لا يستدخل المؤمن المنافق دون أخيه.
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم"، الآية، قال : هؤلاء المنافقون . وقرأ قوله : "قد بدت البغضاء من أفواههم" الآية.
قال أبو جعفر: واختلفوا في تأويل قوله : "ودوا ما عنتم".
فقال بعضهم : معناه : ودوا ما ضللتم عن دينكم.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "ودوا ما عنتم"، يقول : ما ضللتم .
وقال آخرون بما :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: "ودوا ما عنتم"، يقول : في دينكم ، يعني : أنهم يودون أن تعنتوا في دينكم .
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : "ودوا ما عنتم"، فجاء بالخبر عن البطانة، بلفظ الماضي في محل الحال ، والقطع بعد تمام الخبر، والحالات لا تكون إلا بصور الأسماء والأفعال المستقبلة دون الماضية منها؟
قيل : ليس الأمر في ذلك على ما ظننت من أن قوله : "ودوا ما عنتم"، حال من البطانة، وإنما هو خبر عنهم ثان منقطع عن الأول غير متصل به . وإنما تأويل الكلام : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة صفتهم كذا، صفتهم كذا . فالخبر عن الصفة الثانية غير متصل بالصفة الأولى، وإن كانتا جميعاً من صفة شخص واحد.
وقد زعم بعض أهل العربية أن قوله : "ودوا ما عنتم"، من صلة البطانة، وقد وصلت بقوله : "لا يألونكم خبالا"، فلا وجه لصلة أخرى بعد تمام البطانة بصلته.
ولكن القول في ذلك كما بينا قبل ، من أن قوله : "ودوا ما عنتم"، خبر مبتدأ عن البطانة، غير الخبر الأول ، وغير حال من البطانة ولا قطع منها.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : قد بدت بغضاء هؤلاء الذين نهيتكم أيها المؤمنون ، أن تتخذوهم بطانة من دونكم لكم ، "من أفواههم"، يعني: بألسنتهم. والذي بدا لهم منهم بألسنتهم، إقامتهم على كفرهم ، وعداوتهم من خالف ما هم عليه مقيمون من الضلالة. فذلك من أوكد الأسباب في معاداتهم أهل الإيمان ، لأن ذلك عداوة على الدين ، والعداوة على الدين العداوة التي لا زوال لها إلا بانتقال أحد المتعاديين إلى ملة الآخر منهما، وذلك انتقال من هدى إلى ضلالة كانت عند المنتقل إليها ضلالة قبل ذلك . فكان في إبدائهم ذلك للمؤمنين ، ومقامهم عليه ، أبين الدلالة لأهل الإيمان على ما هم عليه لهم من البغضاء والعداوة.
وقد قال بعضهم: معنى قوله: "قد بدت البغضاء من أفواههم"، قد بدت بغضاؤهم لأهل الإيمان ، إلى أوليائهم من المنافقين وأهل الكفر، بإطلاع بعضهم بعضاً على ذلك. وزعم قائلو هذه المقالة أن الذين عنوا بهذه الآية أهل النفاق، دون من كان مصرحاً بالكفر من اليهود وأهل الشرك.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة قوله: "قد بدت البغضاء من أفواههم"، يقول: قد بدت البغضاء من أفواه المنافقين إلى إخوانهم من الكفار، من غشهم للإسلام وأهله ، وبغضهم إياهم.
حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "قد بدت البغضاء من أفواههم"، يقول : من أفواه المنافقين.
وهذا القول الذي ذكرناه عن قتادة، قول لا معنى له. وذلك أن الله تعالى ذكره إنما نهى المؤمنين أن يتخذوا بطانة ممن قد عرفوه بالغش للإسلام وأهله والبغضاء، إما بأدلة ظاهرة دالة على أن ذلك من صفتهم، وإما بإظهار الموصوفين بذلك العداوة والشنآن والمناصبة لهم. فأما من لم يثبتوه معرفة أنه الذي نهاهم الله عز وجل عن مخالته ومباطنته، فغير جائز أن يكونوا نهوا عن مخالته ومصادقته، إلا بعد تعريفهم إياهم ، إما بأعيانهم وأسمائهم ، وإما بصفات قد عرفوهم بها.
وإذ كان ذلك كذلك ، وكان إبداء المنافقين بألسنتهم ما في قلوبهم من بغضاء المؤمنين إلى إخوانهم من الكفار، غير مدرك به المؤمنون معرفة ما هم عليه لهم ، مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم لهم والتودد إليهم، كان بيناً أن الذي نهى الله المؤمنين عن اتخاذهم لأنفسهم بطانة دونهم، هم الذين قد ظهرت لهم بغضاؤهم بألسنتهم، على ما وصفهم الله عز وجل به ، فعرفهم المؤمنون بالصفة التي نعتهم الله بها، وأنهم هم الذين وصفهم تعالى ذكره بأنهم أصحاب النار هم فيها خالدون ، ممن كان له ذمة وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أهل الكتاب. لأنهم لو كانوا المنافقين ، لكان الأمر فيهم على ما قد بينا. ولو كانوا الكفار ممن قد ناصب المؤمنين الحرب، لم يكن المؤمنون متخذيهم لأنفسهم بطانة من دون المؤمنين ، مع اختلاف بلادهم وافتراق أمصارهم ، ولكنهم الذين كانوا بين أظهر المؤمنين من أهل الكتاب أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد وعقد من يهود بني إسرائيل.
و"البغضاء"، مصدر. وقد ذكر أنها في قراءة عبد الله بن مسعود: قد بدا البغضاء من أفواههم على وجه التذكير. وإنما جاز ذلك بالتذكير ولفظه لفظ المؤنث ، لأن المصادر تأنيثها ليس بالتأنيث اللازم، فيجوز تذكير ما خرج منها على لفظ المؤنث وتأنيثه، كما قال عز وجل: "وأخذ الذين ظلموا الصيحة" [هود: 67]، وكما قال: "فقد جاءكم بينة من ربكم" [الأنعام: 157]، وفي موضع آخر: "وأخذت الذين ظلموا الصيحة" [هود: 94] "جاءتكم بينة من ربكم" [الأعراف: 73، 85].
وقال: "من أفواههم"، وإنما بدا ما بدا من البغضاء بألسنتهم ، لأن المعني به الكلام الذي ظهر للمؤمنين منهم من أفواههم ، فقال: "قد بدت البغضاء من أفواههم"، بألسنتهم.
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك : والذي تخفي صدورهم ، يعني : صدور هؤلاء الذين نهاهم عن اتخاذهم بطانة، فتخفيه عنكم ، أيها المؤمنون ، "أكبر"، يقول : أكبر مما قد بدا لكم بألسنتهم من أفواههم من البغضاء وأعظم، كما:
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "وما تخفي صدورهم أكبر"، يقول: وما تخفي صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.
حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع قوله: "وما تخفي صدورهم أكبر"، يقول : ما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: "قد بينا لكم"، أيها المؤمنون ، "الآيات"، يعني بـ الآيات العبر. قد بينا لكم من أمر هؤلاء اليهود الذين نهيناكم أن تتخذوهم بطانة من دون المؤمنين، ما تعتبرون وتتعظون به من أمرهم، "إن كنتم تعقلون"، يعني : إن كنتم تعقلون عن الله مواعظه وأمره ونهيه ، وتعرفون مواقع نفع ذلك منكم ، ومبلغ عائدته عليكم.
فيه ست مسائل :
الأولى : أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار . وهو متصل بما سبق من قوله : " إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب " والبطانة مصدر ، يسمى به الواحد والجمع . وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره ، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر وبطن فلان بفلان يبطن بطوناً وبطانة إذا كان خاصاً به . قال الشاعر :
أولئك خلصان نعم وبطانتي وهم عيبتي من دون كل قريب
الثانية : نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء ، يفاوضونهم في الأراء ، ويسندون إليهم أمورهم ويقال : كل من كان على خلاف مذهبك ودينك فلا ينبغي لك أن تحادثه ، قال الشاعر :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وفي سنن أبي داود " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " وروي عن ابن مسعود أنه قال : اعتبروا الناس بإخوانهم . ثم بين تعالى المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة فقال : " لا يألونكم خبالاً " يقول فساداً يعني لا يتركون الجهد في فسادكم ، يعني أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة على ما يأتي بيانه . " وروي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : في قول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً " قال : هم الخوارج " . وروي أن أبا موسى الأشعري استكتب ذمياً فكتب إليه عمر يعنفه وتلا عليه هذه الآية . وقدم أبو موسى الأشعري على عمر رضي الله عنهما بحساب فرفعه إلى عمر فأعجبه ، وجاء عمر كتاب فقال لأبي موسى : أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس ؟ فقال : إنه لا يدخل المسجد . فقال : لم ! أجنب هو ؟ قال : إنه نصراني ؟ فانتهره وقال : لا تدنهم وقد أقصاهم الله ، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله ، ولا تؤمنهم وقد خونهم الله . وعن عمر رضي الله عنه قال : لا تستعملوا أهل الكتاب فإنهم يستحلون الرشا . واستعينوا على أموركم وعلى رعيتكم بالذين يخشون الله تعالى . وقيل لعمر رضي الله عنه : إن ها هنا رجلاً من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه ولا أخط بقلم أفلا يكتب عنك ؟ فقال : لا آخذ بطانة من دون المؤمنين . فلا يجوز استكتاب أهل الذمة ولا غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء والاستنابة إليهم . قلت : وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ اهل الكتاب كتبة وأمناء فتسود بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء . " روى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصم الله تعالى " . " وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تستضيؤا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً " . فسره الحسن بن أبي الحسن فقال : أراد عليه السلام لا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم ، ولا تنقشوا في خواتيمكم محمداً . قال الحسن : وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم " الآية .
الثالثة : قوله تعالى : " من دونكم " أي من سواكم . قال الفراء : " ويعملون عملاً دون ذلك " [ الأنبياء : 82 ] أي سوى ذلك . وقيل : " من دونكم " يعني في السير وحسن المذهب . ومعنى " لا يألونكم خبالاً " لا يقصرو فيما فيه الفساد عليكم . وموضع الصفة لـ < ـبطانة من دونكم > يقال : لا آلوا جهداً أي لا أقصر . وألوت ألوا قصرت ، قال امرؤ القيس :
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آل
والخبال : الخبل . والخبل : الفساد ، وقد يكون ذلك في الأفعال والأبدان والعقول . وفي الحديث : " من أصيب بدم أو خبل " أي جرح يفسد العضو . والخبل : فساد الأعضاء ، ورجل خبل ومختبل ، وخبله الحب أي أفسده . قال أوس :
أبني لبيني لستم بيد إلا يدا مخبولة العضد
أي فاسدة العضد وأنشد الفراء :
نظر ابن سعد نظرة وبت بها كانت لصحبك والمطي خبالاً
أي فساد . وانتصب < خبالاً > بالمفعول الثاني ، لأن الألو يتعدى إلى مفعولين ، وإن شئت على المصدر ، أي يخبلونكم خبالاً : وإن شئت بنزع الخافض ، أي بالخبال ، كما قالوا أوجعته ضرباً . < وما > في قوله : " ودوا ما عنتم " مصدرية ، أي ودوا عنتكم . أي ما يشق عليكم . والعنت المشقة وقد مضى في < البقرة > معناه .
الرابعة : قوله تعالى : " قد بدت البغضاء من أفواههم " يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم . والبغضاء : البغض ، وهو ضد الحب والبغضاء مصدر مؤنث . وخص تعالى الأفواه بالذكر دون الألسنة إشارة إلى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم هذه ، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينه . ومن هذا المعنى نهيه عليه السلام أن يشتحي الرجل فاه من عرض أخيه . معناه أن يفتح ، يقال : شح الحمار فاه بالنهيق ، وشح الفم نفسه . وشح اللجام فم الفرس شحياً وجاءت الخيل شواح : فاتحات أفواهها . ولا يفهم من هذا الحديث دليل خطاب على الجواز فيأخذ أحد في عرض أخيه همساً ، فإن ذلك يحرم بإتفاق من العلماء . وفي التنزيل " لا يغتب بعضكم بعضاً " [ الحجرات : 12 ] الآية . " وقال صلى الله عليه وسلم : إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام " فذكر الشح إنما هو إشارة إلى التشدق والإنبساط ، فاعلم .
الخامسة : وفي هذه الآية دليل على أن شهادة العدو على عدوه لا تجوز ، وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز ، وروي عن أبي حنيفة جواز ذلك . وحكى ابن بطال عن ابن شعبان أنه قال : أجمع العلماء على أنه لا تجوز شهادة العدو على عدوه في شيء وإن كان عدلاً ، والعداوة تزيل العدالة فكيف بعداوة كافر .
السادسة : قوله تعالى : " وما تخفي صدورهم أكبر " إخبار وإعلام بأنهم يبطلون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم . وقرأ عبد الله بن مسعود : < قد بدأ البغضاء > بتذكير الفعل ، لما كانت البغضاء بمعنى البغض .
يقول تبارك وتعالى ناهياً عباده المؤمنين عن اتخاذ المنافقين بطانة, أي يطلعونهم على سرائرهم وما يضمرونه لأعدائهم, والمنافقون بجهدهم وطاقتهم, لا يألون المؤمنين خبالاً, أي يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن, وبما يستطيعون من المكر والخديعة, ويودون ما يعنت المؤمنين ويحرجهم ويشق عليهم, وقوله تعالى: "لا تتخذوا بطانة من دونكم" أي من غيركم من أهل الأديان, وبطانة الرجل هم خاصة أهله الذين يطلعون على داخلة أمره. وقد روى البخاري والنسائي وغيرهما, من حديث جماعة منهم يونس ويحيى بن سعيد وموسى بن عقبة وابن أبي عتيق عن الزهري , عن أبي سلمة , عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه, وبطانة تأمره بالسوء وتحضه عليه, والمعصوم من عصم الله", وقد رواه الأوزاعي ومعاوية بن سلام عن الزهري , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة مرفوعاً بنحوه, فيحتمل أنه عند الزهري عن أبي سلمة عنهما وأخرجه النسائي عن الزهري أيضاً, وعلقه البخاري في صحيحه فقال: وقال عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي أيوب الأنصاري فذكره فيحتمل أنه عند أبي سلمة عن ثلاثة من الصحابة, والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو أيوب محمد بن الوزان , حدثنا عيسى بن يونس عن أبي حيان التيمي , عن أبي الزنباع , عن ابن أبي الدهقانة , قال: قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن ههنا غلاماً من أهل الحيرة حافظ كاتب, فلو اتخذته كاتباً, فقال: قد اتخذت إذاً بطانة من دون المؤمنين. ففي هذا الأثر مع هذه الاية دليل على أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الكتابة التي فيها استطالة على المسلمين وإطلاع على دواخل أمورهم التي يخشى أن يفشوها إلى الأعداء من أهل الحرب, ولهذا قال تعالى: " لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم ", وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا إسحاق بن إسرائيل , حدثنا هشيم , حدثنا العوام عن الأزهر بن راشد , قال: كانوا يأتون أنساً فإذا حدثهم بحديث لا يدرون ما هو, أتوا الحسن يعني البصري , فيفسره لهم, قال: فحدث ذات يوم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا تستضيئوا بنار المشركين, ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" فلم يدروا ما هو, فأتوا الحسن فقالوا له: إن أنساً حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تستضيئوا بنار المشركين, ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" فقال الحسن : أما قوله "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً": محمد صلى الله عليه وسلم, وأما قوله "لا تستضيئوا بنار المشركين" يقول: لا تستشيروا المشركين في أموركم. ثم قال الحسن : تصديق ذلك في كتاب الله "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم" هكذا رواه الحافظ أبو يعلى رحمه الله تعالى, وقد رواه النسائي عن مجاهد بن موسى , عن هشيم , ورواه الإمام أحمد عن هشيم بإسناده مثله في غير ذكر تفسير الحسن البصري , وهذا التفسير فيه نظر ومعناه ظاهر "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" أي بخط عربي, لئلا يشابه نقس خاتم النبي صلى الله عليه وسلم, فإنه كان نقشه محمد رسول الله, ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه نهى أن ينقش أحد على نقشه. وأما الاستضاءة بنار المشركين, فمعناه لا تقاربوهم في المنازل بحيث تكونون معهم في بلادهم, بل تباعدوا منهم, وهاجروا من بلادهم, ولهذا روى أبو داود " لا تتراءى ناراهما " وفي الحديث الاخر "من جامع المشرك أو سكن معه فهو مثله" فحمل الحديث على ما قاله الحسن رحمه الله, والاستشهاد عليه بالاية فيه نظر, والله أعلم.
ثم قال تعالى: "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر" أي قد لاح على صفحات وجوههم, وفلتات ألسنتهم من العداوة, مع ما هم مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله, ما لا يخفى مثله على لبيب عاقل, ولهذا قال تعالى: " قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون " وقوله تعالى: " ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم " أي أنتم أيها المؤمنون تحبون المنافقين بما يظهرونه لكم من الإيمان فتحبونهم على ذلك, وهم لا يحبونكم لا باطناً ولا ظاهراً, "وتؤمنون بالكتاب كله" أي ليس عندكم في شيء منه شك ولا ريب, وهم عندهم الشك والريب والحيرة. وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد , عن عكرمة أو سعيد بن جبير , عن ابن عباس "وتؤمنون بالكتاب كله" أي بكتابكم وكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك, وهم يكفرون بكتابكم, فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم, رواه ابن جرير , "وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ" والأنامل أطراف الأصابع, قاله قتادة . وقال الشاعر:
أود كما ما بل حلقي ريقتي وما حملت كفاي أنملي العشرا
وقال ابن مسعود والسدي والربيع بن أنس : الأنامل الأصابع, وهذا شأن المنافقين يظهرون للمؤمنين الإيمان والمودة, وهم في الباطن بخلاف ذلك من كل وجه, كما قال تعالى: "وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ" وذلك أشد الغيظ والحنق. قال الله تعالى: "قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور" أي مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ويغيظكم ذلك منهم, فاعلموا أن الله متم نعمته على عباده المؤمنين ومكمل دينه, ومعل كلمته ومظهر دينه, فموتوا أنتم بغيظكم "إن الله عليم بذات الصدور" أي هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم وتكنه سرائركم من البغضاء والحسد والغل للمؤمنين, وهو مجازيكم عليه في الدنيا بأن يريكم خلاف ما تؤملون, وفي الاخرة بالعذاب الشديد في النار التي أنتم خالدون فيها لا محيد لكم عنها, ولا خروج لكم منها. ثم قال تعالى: "إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" وهذه الحال دالة على شدة العداوة منهم للمؤمنين, وهو أنه إذا أصاب المؤمنين خصب ونصر وتأييد وكثروا وعز أنصارهم, ساء ذلك المنافقين, وإن أصاب المسلمين سنة أي جدب أو أديل عليهم الأعداء, لما لله تعالى في ذلك من الحكمة ـ كما جرى يوم أحد ـ فرح المنافقون بذلك, قال الله تعالى مخاطباً للمؤمنين "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً" الاية, يرشدهم تعالى إلى السلامة من شر الأشرار وكيد الفجار باستعمال الصبر والتقوى والتوكل على الله الذي هو محيط بأعدائهم, فلا حول ولا قوة لهم إلا به. وهو الذي ما شاء كان, وما لم يشأ لم يكن, ولا يقع في الوجود شيء إلا بتقديره ومشيئته, ومن توكل عليه كفاه.
ثم شرع تعالى في ذكر قصة أحد وما كان فيها من الاختبار لعباده المؤمنين. والتمييز بين المؤمنين والمنافقين وبيان صبر الصابرين فقال تعالى:
البطانة: مصدر يسمى به الواحد والجمع، وبطانة الرجل: خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله البطن الذي هو خلاف الظهر، وبطن فلان بفلان يبطن بطوناً وبطانة: إذا كان خالصاً به، ومنه قول الشاعر:
وهم خلصائي كلهم وبطانتي وهم عيبتي من دون كل قريب
قوله 118- "من دونكم" أي: من سواكم قاله الفراء: أي من دون المسلمين وهم الكفار: أي بطانة كائنة من دونكم، ويجوز أن يتعلق بقوله "لا تتخذوا". وقوله "لا يألونكم خبالاً" في محل نصب صفة البطانة، يقال: لا ألوك جهداً: أي لا أقصر. قال امرؤ القيس:
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آل
والمراد لا يقصرون فيما فيه الفساد عليكم، وإنما عدي إلى مفعولين لكونه مضمناً معنى المنع: أي لا يمنعوكم خبالاً، والخبال والخبل: الفساد في الأفعال والأبدان والعقول. قال أوس:
أبني لبني لستم بيد إلا يد مخبولة العضد
أي فاسدة العضد. قوله "ودوا ما عنتم" ما مصدرية: أي ودوا عنتكم، والعنت المشقة وشدة الضرر. والجملة مستأنفة مؤكدة للنهي. قوله "قد بدت البغضاء" هي شدة البغض كالضراء لشدة الضر. والأفواه جمع فم. والمعنى: أنها قد ظهرت البغضاء في كلامهم لأنهم لما خامرهم من شدة البغض والحسد أظهرت ألسنتهم ما في صدورهم، فتركوا التقية وصرحوا بالتكذيب. أما اليهود فالأمر في ذلك واضح. وأما المنافقون فكان يظهر من فلتات ألسنتهم ما يكشف عن خبث طويتهم. وهذه الجملة مستأنفة لبيان حالهم "وما تخفي صدورهم أكبر" لأن فلتات اللسان أقل مما تجنه الصدور، بل تلك الفلتات بالنسبة إلى ما في الصدور قليلة جداً. ثم إنه سبحانه امتن عليهم ببيان الآيات الدالة على وجوب الإخلاص إن كانوا من أهل العقول المدركة لذلك البيان.
118-قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم " الآية : قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان رجال من المسلمين يواصلون اليهود لما بينهم من القرابة والصداقة والحلف والجوار والرضاع ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ينهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة عليهم .
وقال مجاهد : نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين ن فنهاهم الله تعالى عن ذلك ، فقال : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم " أي : أولياء وأصفياء من غير أهل ملتكم ، وبطانة الرجل : خاصته ، تشبيهاً ببطانة الثوب التي تلي بطنه ، لأنهم يستبطنون امره ويطلعون منه على مالا يطلع عليه غيرهم .
ثم بين العلة في النهي عن مباطنتهم فقال جل ذكره " لا يألونكم خبالاً" /، أي : لا يقصرون ولا يتركون جهدهم فيما يورثكم الشر والفساد ، والخبال : الشر والفساد ، ونصب " خبالاً " على المفعول الثاني ، لأن " يألو" يتعدى الى مفعولين ، وقيل : بنزع الخافض ، أي بالخبال ، كما يقال أوجعته ضرباً ، " ودوا ما عنتم " أي : يودون مايشق عليكم ، من الضر والشر والهلاك . والعنت : المشقة " قد بدت البغضاء" أي : البغض، معناه ظهرت أمارة العداوة ، " من أفواههم " بالشتيمة والوقيعة في المسلمين ، وقيل: بإطلاع المشركين على أسرار المؤمنين " وما تخفي صدورهم " ، من العداوة والغيظ ، " أكبر" أعظم ، " قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ".
118" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة " وليجة، وهو الذي يعرفه الرجل أسراره ثقة به، شبه ببطانة الثوب كما شبه بالشعار قال عليه الصلاة والسلام: "الأنصار شعار والناس دثار". "من دونكم" من دون المسلمين، وهو متعلق بلا تتخذوا، أو بمحذوف هو صفة بطانة أي بطانة كائنة من دونكم. "لا يألونكم خبالاً" أي لا يقصرون لكم في الفساد، والألو التقصير وأصله أن يعدى بالحرف وعدى إلى مفعولين كقولهم: لا آلوك نصحاً على تضمين معنى المنع أو النقص. " ودوا ما عنتم " تمنوا عنتكم، وهو شدة الضرر والمشقة وما مصدرية. "قد بدت البغضاء من أفواههم" أي في كلامهم لأنهم لا يتمالكون أنفسهم لفرط بغضهم. "وما تخفي صدورهم أكبر" مما بدا لأن بدوره ليس عن روية واختيار. " قد بينا لكم الآيات " الدالة على وجوب الإخلاص وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين. " إن كنتم تعقلون" ما بين لكم، والجمل الأربع جاءت مستأنفات على التعليل، ويجوز أن تكون الثلاث الأول صفات لبطانة.
118. O ye who believe! Take not for intimates others than your own folk, who would spare no pains to ruin you; they love to hamper you. Hatred is revealed by (the utterance of) their mouths, but that which their breasts hide is greater. We have made plain for you the revelations if ye will understand.
118 - Ye who believe take not into your intimacy those outside your ranks: they will not fail to corrupt you. they only desire your ruin: rank hatred has already appeared from your mouths: what their hearts conceal is far worse. we have made plain to you the signs, if ye have wisdom.