12 - (كذبت قبلهم قوم نوح) تأنيث الفعل لمعنى قوم (وأصحاب الرس) هي بئر كانوا مقيمين عليها بمواشيهم يعبدون الأصنام ونبيهم قيل حنظلة بن صفوان وقيل غيره (وثمود) قوم صالح
يقول تعالى ذكره " كذبت " قبل هؤلاء المشركين الذين كذبوا محمدا صلى الله عيه وسلم من قومه " قوم نوح وأصحاب الرس " وقد مضى ذكرنا قبل أمر أصحاب الرس ، وأنهم قوم رسوا نبيهم في بئر .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن أبي بكر عن عكرمة بذلك .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله "أصحاب الرس " والرس : بئر قتل فيها صاحب يس .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " أصحاب الرس " قال : بئر .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن عبد الله عن قتادة أنه قال : إن أصحاب الأيكة -والأيكة : الشجر المتلف -وأصحاب الرس كانتا أمتين ، فبعث الله إليهم نبيا واحدا شعيبا ، وعذبهما الله بعذابين " وثمود * وعاد وفرعون وإخوان لوط * وأصحاب الأيكة " وهم قوم شعيب ، وقد مضى خبرهم قبل " وقوم تبع " .
وكان قوم تبع أهل أوثان يعبدونها .
فيما حدثنا به ابن حميد ، قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق .
وكان من خبره وخبر قومه ما :
حدثنا به مجاهد بن موسى قال : ثنا يزيد قال : أخبرنا عمران بن حدير عن أبي مجلز عن ابن عباس أنه سأل عبد الله بن سلام ، عن تبع ماكان ؟ فقال : إن تبعا كان رجلا من العرب ، وإنه ظهر على الناس ، فاختار فتية من الأخيار فاستبطنهم واستدخلهم ، حتى اخذ منهم وبايعهم ، وإن قومه استكبروا ذلك وقالوا : قد ترك دينكم ، وبايع الفتية ، فلما فشا ذلك ، قال للفتية ، فقال الفتية : بيننا وبينهم النار تحرق الكاذب ، وينجو منها الصادق ، ففعلوا ، فعلق الفتية مصاحفهم في أعناقهم ، ثم غدوا إلى النار فلما ذهبوا أن يدخلوها ، سفعت النار في وجوههم ، فنكصوا عنها ، فقال لهم تبع : لتدخلنها ، فلما دخلوها أفرجت عنهم حتى قطعوها ، وأنه قال لقومه ادخلوها ، فلما ذهبوا يدخلونها سفعت النار بوجوههم ، فنكصوا عنها ، فقال له تبع : لتدخلنها ، فلما دخلوها أفرجت عنهم ، حتى إذا توسطوا أحاطت بهم ، فأحرقتهم ، فأسلم تبع ، وكان تبع رجلا صالحا .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال : سمعت إبراهيم بن محمد القرظي ، قال : سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله يحدث أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها ، حالت حمير بينه بين ذلك ، وقالوا لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا ، فدعاهم إلى دينه وقال : إنه دين خير من دينكم ، قالوا : فحاكمنا إلى النار ! قال نعم ، قال : وكانت في اليمن فيما يزعم أهل اليمن نار تحكم فيما بينهم فيما يختلفون فيه ، تأكل الظالم ولا تضر المظلوم ، فلما قالوا ذلك لتبع قال : قال : أنصفتم ، فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم ، قال : وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديهما ، حتى قعدوا للنار عند مخرجها التي تخرج منه ، فخرجت النا ر إليهم ، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها ، فرموهم من حضرهم من الناس ، وأمروهم بالصبر لها ، فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن ذلك من رجال حمير ، وخرج الحبران لمصاحفهما في أعناقهما ، وتعرق جباههما لم تضرهما ، فأطبقت حمير عند ذلك على دينه ، عمن هنالك وغير ذلك كان أصل اليهودية باليمن .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن بعض أصحابه ، أن الحبرين ومن خرج معهما من حمير ، إنما اتبعوا النار ليردوها ، وقالوا : من ردها فهو أولى بالحق فدنا منهم رجال من حمير بأوثانهم ليردوها ، فدنت منهم لتأكلهم ، فحادوا فلم يستطيعوا ردها ، ودنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة ، وتنكص حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه ، فأطبقت عند ذلك على دينهما ، وكان رئام بيتا لهم يعظمونه ، وينحرون عنده ، ويكلمون منه ، إذ كانوا على شركهم ، فقال الحبران لتبع إنما هو شيطان يعينهم ويلعب لهم ، فخل بيننا وبينه ، قال : فشأنكما به فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود ، فذبحاه ، ثم هدما ذلك البيت ، فبقاياه اليوم باليمن كما ذكر لي
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن لهيعة عن عمرو بن جابر الحضرمي حدثه قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أه قال : " لا تلعنوا تبعا فإنه كان قد أسلم ".
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد ان شعيب بن زرعة المعافري حدثه قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقال له رجل : إن حمير تزعم أن تبعا منهم ، فقال : نعم والذي نفسي بيده ، وإنه في العرب كالأنف بين العينين ، وقد كان منهم سبعون ملكا .
وقوله " كل كذب الرسل فحق وعيد " يقول تعالى ذكره : كل هؤلاء الذين ذكرناهم كذبوا رسل الله الذين أرسلهم "فحق وعيد " يقول : فوجب لهم الوعيد الذي وعدناهم على كفرهم بالله ، وحل بهم العذاب والنقمة . وإنما رصف ربنا جل ثناءه ما رصف في هذه الآية من إحلاله عقوبته بهؤلاء المكذبين الرسل ترهيبا منه بذلك مشركي قريش وإعلاما منه لهم أنهم إن لم ينيبوا من تكذيبهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، أنه محل بهم العذاب ، مثل الذي أحل بهم .
وبنحوالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " فحق وعيد " قال : ما أهلكوا به تخويفا لهؤلاء .
قوله تعالى "كذبت قبلهم قوم نوح" أي كما كذب هؤلاء فكذلك كذب أولئك فحل بهم العقاب ، ذكرهم نبأ من كان قبلهم من المكذبين وخوفهم ما أخذهم وقد ذكرنا قصصهم في غير موضع عند ذكرهم
يقول تعالى مهدداً لكفار قريش, بما أحله بأشباههم ونظرائهم وأمثالهم من المكذبين قبلهم, من النقمات والعذاب الأليم في الدنيا كقوم نوح وما عذبهم الله تعالى به من الغرق العام لجميع أهل الأرض وأصحاب الرس, وقد تقدمت قصتهم في سورة الفرقان " وثمود * وعاد وفرعون وإخوان لوط " وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم ومعاملتها من الغور, وكيف خسف الله تعالى بهم الأرض, وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة بكفرهم وطغيانهم ومخالفتهم الحق. "وأصحاب الأيكة" وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام "وقوم تبع" وهو اليماني, وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان ما أغنى عن إعادته ههنا, ولله الحمد والشكر.
"كل كذب الرسل" أي كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذب رسولهم, ومن كذب رسولاً فكأنما كذب جميع الرسل كقوله جل وعلا: "كذبت قوم نوح المرسلين" وإنما جاءهم رسول واحد فهم في نفس الأمر لو جاءهم جميع الرسل كذبوهم "فحق وعيد" أي فحق عليهم ما أوعدهم الله تعالى على التكذيب من العذاب والنكال, فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذبوا أولئك. وقوله تعالى: "أفعيينا بالخلق الأول" أي أفعجزنا ابتداء الخلق حتى هم في شك من الإعادة "بل هم في لبس من خلق جديد" والمعنى أن ابتداء الخلق لم يعجزنا والإعادة أسهل منه كما قال عز وجل: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقال الله جل جلاله: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقد تقدم في الصحيح "يقول الله تعالى يؤذيني ابن آدم يقول لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته".
ثم ذكر سبحانه الأمم المكذبة فقال 12- "كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس" هم قوم شعيب كما تقدم بيانه، وقيل هم الذين جاءهم من أقصى المدينة رجل يسعى، وهم من قوم عيسى وقيل هم أصحاب الأخدود. والرسل: إما موضع نسبوا إليه، أو فعل، وهو حفر البئر، يقال رس: إذا حفر بئراً.
12. قوله عز وجل: " كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود "
12-" كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود " .
12. The folk of Noah denied (the truth) before them, and (so did) the dwellers at Ar Kass and (the tribe of) Thamud,
12 - Before them was denied (the Hereafter) by the People of Noah, the Companions of the Rass, the Thamud,