123 - (ولله غيب السماوات والأرض) أي علم ما غاب فيهما (وإليه يرجع) بالبناء للفاعل يعود ، وللمفعول يرد (الأمر كله) فينتقم ممن عصى (فاعبده) وحده (وتوكل عليه) ثق به فإنه كافيك (وما ربك بغافل عما تعملون) وإنما يؤخرهم لوقتهم ، وفي قراءة بالفوقانية
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولله ، يا محمد ، ملك كل ما غاب عنك في السموات والأرض فلم تطلع عليه ولم تعلمه ، كل ذلك بيده وبعلمه ، لا يخفى عليه منه شيء ، وهو عالم بما يعمله مشرك قومك ، وما إليه مصير أمرهم ، من إقامة على الشرك ، أو إقلاع عنه وتوبة ، "وإليه يرجع الأمر كله" ، يقول :وإلى الله معاد كل عامل وعمله ، وهو مجاز جميعهم بأعمالهم ، كما :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ،عن ابن جريج : "وإليه يرجع الأمر كله" ،قال : فيقضي بينهم بحكمه بالعدل .
"فاعبده" ، يقول : فاعبد ربك ، يا محمد ، "وتوكل عليه" ، يقول : وفوض أمرك إليه ، وثق به وبكفايته ، فإنه كافي من توكل عليه .
وقوله : "وما ربك بغافل عما تعملون" ، يقول تعالى ذكره : وما ربك ، يا محمد ، بساه عما يعمل هؤلاء المشركون من قومك ، بل محيط به ، لا يعزب عنه شيء منه ، وهو لهم بالمرصاد ، فلا يحزنك إعراضهم عنك ، ولا تكذيبهم بما جئتم به من الحق ، وامض لأمر ربك ، فإنك بأعيننا .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني ، عن عبد الله بن رباح ، عن كعب ، قال : خاتمة التوارة خاتمة هود .
قوله تعالى: " ولله غيب السماوات والأرض " أي غيبهما وشهادتهما، فحذف لدلالة المعنى. وقال ابن عباس: خزائن السماوات والأرض. وقال الضحاك : جميع ما غاب عن العباد فيهما. وقال الباقون: غيب السماوات والأرض نزول العذاب من السماء وطلوعه من الأرض. وقال أبو علي الفارسي: ( ولله غيب السماوات والأرض) أي علم ما غاب فيهما، أضاف الغيب وهو مضاف إلى المفعول توسعاً، لأنه حذف حرف الجر، تقول: غبت في الأرض وغبت ببلد كذا. " وإليه يرجع الأمر كله " أي يوم القيامة، إذ ليس لمخلوق أمر إلا بإذنه. وقرأ نافع وحفص ( يرجع) بضم الياء وبفتح الجيم، أي يرد. " فاعبده وتوكل عليه " أي الجأ إليه وثق به. " وما ربك بغافل عما تعملون " أي يجازي كلا بعمله. وقرأ أهل المدينة والشام وحفص بالتاء على المخاطبة. الباقون بياء على الخبر. قال الأخفش سعيد : ( يعملون) إذا لم يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم معهم، قال: بعضهم وقال: ( تعملون) بالتاء لأنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: قل لهم ( وما ربك بغافل عما تعملون). وقال كعب الأحبار: خاتمة التوراة خاتمة ( هود) من قوله: " ولله غيب السماوات والأرض " إلى آخر السورة. تمت سورة ( هود) ويتلوها سورة ( يوسف) عليه السلام.
يخبر تعالى أنه عالم غيب السموات والأرض وأنه إليه المرجع والمآب, وسيؤتي كل عامل عمله يوم الحساب, فله الخلق والأمر, فأمر تعالى بعبادته والتوكل عليه. فإنه كاف من توكل عليه وأناب إليه, وقوله: "وما ربك بغافل عما تعملون" أي ليس يخفى عليه ما عليه مكذبوك يا محمد بل هو عليم بأحوالهم وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء في الدنيا والاخرة وسينصرك وحزبك عليهم في الدارين, وقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع حدثنا زيد بن الحباب عن جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن رباح عن كعب قال: خاتمة التوراة خاتمة هود. آخر تفسير سور هود عليه السلام ولله الحمد والمنة.
123- "ولله غيب السموات والأرض" أي علم جميع ما هو غائب عن العباد فيهما، وخص الغيب من كونه يعلم بما هو مشهود، كما يعلم بما هو مغيب، لكونه من العلم الذي لا يشاركه فيه غيره، وقيل: إن غيب السموات والأرض نزول العذاب من السماء وطلوعه من الأرض، والأول أولى، وبه قال أبو علي الفارسي وغيره، وأضاف الغيب إلى المفعول توسعاً "وإليه يرجع الأمر كله" أي يوم القيامة فيجازي كلاً بعمله. وقرأ نافع وحفص "يرجع" على البناء للمفعول. وقرأ الباقون على البناء للفاعل "فاعبده وتوكل عليه" فإنه كافيك كل ما تكره، ومعطيك كل ما تحب، والفاء لترتيب الأمر بالعبادة، والتوكل على كون مرجع الأمور كلها إلى الله سبحانه "وما ربك بغافل عما تعملون" بل عالم بجميع ذلك ومجاز عليه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. وقرأ أهل المدينة والشام وحفص "تعملون" بالفوقية على الخطاب. وقرأ الباقون بالتحتية.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: "فلولا" قال: فهلا. وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية وأحلام ينهون عن الفساد في الأرض. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج "إلا قليلاً ممن أنجينا منهم" يستقلهم الله من كل قوم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد "واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه" قال: في ملكهم وتجبرهم وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ من طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس: أترفوا فيه أبطروا فيه. وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن جرير قال: "قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن تفسير هذه الآية "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأهلها ينصف بعضهم بعضاً". وأخرجه ابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة" قال: أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس "ولا يزالون مختلفين" قال: أهل الحق وأهل الباطل "إلا من رحم ربك" قال: أهل الحق "ولذلك خلقهم" قال: للرحمة. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عنه "إلا من رحم ربك" قال: إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح "ولا يزالون مختلفين" أي اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال: الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف "ولذلك خلقهم" قال: للاختلاف. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد "ولا يزالون مختلفين" قال: أهل الباطل "إلا من رحم ربك" قال: أهل الحق "ولذلك خلقهم" قال: للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال: لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ولذلك خلقهم قال: خلقهم فريقين فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله: "فمنهم شقي وسعيد". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: "وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك" لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: "وجاءك في هذه الحق" قال: في هذه السورة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير مثله أيضاً. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال في هذه الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة "اعملوا على مكانتكم" أي منازلكم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج " فانتظروا إني معكم من المنتظرين " قال: يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله: "وإليه يرجع الأمر كله" قال: فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن الضريس في فضائل القرآن وابن جرير وأبو الشيخ عن كعب قال: فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود "ولله غيب السموات والأرض" إلى آخر الآية.
بحمد الله تم طبع الجزء الثاني، ويليه الجزء الثالث
وأوله: تفسير سورة يوسف عليه السلام
123- "ولله غيب السموات والأرض" أي: علم ما غاب عن العباد فيهما، "وإليه يرجع الأمر كله"، في المعاد.
قرأ نافع وحفص: "يرجع" بضم الياء وفتح الجيم: أي: يرد. وقرأ الآخرون بفتح الياء وكسر الجيم، أي: يعود الأمر كله إليه حتى لا يكون للخلق أمر.
"فاعبده وتوكل عليه"، وثق به، "وما ربك بغافل عما تعملون"، قرأ أهل المدينة والشام وحفص ويعقوب: "تعملون" بالتاء هاهنا وفي آخر سورة النمل. وقرأ الآخرون بالياء فيهما.
قال كعب: خاتمة التوراة خاتمة سورة هود.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية ابن هشام، عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت، فقال صلى الله عليه وسلم: "شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت".
ويروى: "شيبتني هود وأخواتها".
123."ولله غيب السموات والأرض"خاصة لا يخفى عليه خافية مما فيهما ."وإليه يرجع الأمر كله"فيرجع لا محالة أمرهم وأمرك إليه .وقرأ نافع وحفصويرجع على البناء للمفعول ."فاعبده وتوكل عليه"فإنه كافيك.وقي تقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على أنه إنما ينفع العابد ."وما ربك بغافل عما تعملون"أنت وهم فيجازي كلاً ما يستحقه .وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالياء هنا وفي آخر النمل ."عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة هود أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح ومن كذب به وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى وكان يوم القيامة من السعداء إن شاء الله تعالى".
123. And Allah's is the Invisible of the heavens and the earth, and unto Him the whole matter will be returned. So worship Him and put thy trust in Him. Lo! thy Lord is not unaware of what ye (mortals) do.
123 - to God do belong the unseen (secrets) of the heavens and the earth, and to him goeth back every affair (for decision): then worship him, and put thy trust in him: and thy Lord is not unmindful of aught that ye do