13 - وسخر لكم (وما ذرأ) خلق (لكم في الأرض) من الحيوان والنبات وغير ذلك (مختلفا ألوانه) كأحمر وأصفر وأخضر وغيرها (إن في ذلك لآية لقوم يذكرون) يتعظون
يعني جل ثناؤه بقوله "وما ذرأ لكم" وسخر لكم ما ذرأ : أي ما خلق لكم في الأرض مختلفاً ألوانه ، من الدواب والثمار .
كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "وما ذرأ لكم في الأرض" يقول : وما خلق لكم مختلفاً ألوانه من الدواب ، ومن الشجر والثمار ، نعم من الله متظاهرة فاشكروها .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : من الدواب والأشجار والثمار . ونصب قوله مختلفاً ، لأن قوله "وما" في موضع نصب بالمعنى الذي وصفت . وإذا كان ذلك كذلك ، وجب أن يكون "مختلفا ألوانه" حالاً من ما والخبر دونه تام ،ولو لم تكن ما في موضع نصب ، وكان الكلام مبتدأ من قوله "وما ذرأ لكم" لم يكن في مختلف إلا الرفع ، لأنه كان يصير مرافع ما حينئذ .
فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " وما ذرأ " أي وسخر ما ذرأ في الأرض لكم. ( ذرأ) أي خلق، ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءاً خلقهم، فهو ذاريء، ومنه الذرية وهي نسل الثقلين، إلا أن العرب تركت همزها، والجمع الذراري. يقال: أنمى الله ذرأك وذروك، أي ذريتك. وأصل الذرو والذرء التفريق عن جمع. وفي الحديث: ( ذرء النار)، أي أنهم خلقوا لها.
الثانية: ما ذرأنه الله سبحانه منه مسخر مذلل كالدواب والأنعام والأشجار وغيرها، ومنه غير ذلك. والدليل عليه ما رواه مالك في الموطأ عن كعب الأحبار قال: لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حماراً. فقيل له: وما هن؟ فقال: أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها ولما لم أعلم، من شر ما خلق وبرأ وذرأ. وفيه عن يحيى بن سعيد أنه قال: " أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار "، الحديث. وفيه: " وشر ما ذرأ في الأرض ". وقد ذكرناه وما في معناه في غير هذا الموضع.
الثالثة - قوله تعالى: " مختلفا ألوانه " ( مختلفا) نصب على الحال. و ( ألوانه) هيئاته ومناظره، يعني الدواب والشجر غيرها. " إن في ذلك " أي في اختلاف ألوانها. " لآية " أي لعبرة. " لقوم يذكرون " أي يتعظون ويعلمون أن في تسخير هذه المكونات لعلامات على وحدانية الله تعالى، وأنه لا يقدر على ذلك أحد غيره.
ينبه تعالى عباده على آياته العظام ومننه الجسام في تسخيره الليل والنهار يتعاقبان, والشمس والقمر يدوران, والنجوم الثوابت والسيارات في أرجاء السموات نوراً وضياء ليهتدى بها في الظلمات, وكل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه, يسير بحركة مقدرة لا يزيد عليها ولا ينقص عنها, والجميع تحت قهره وسلطانه وتسخيره وتقديره وتسهيله, كقوله: "إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" ولهذا قال: " إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " أي لدلالات على قدرته تعالى الباهرة وسلطانه العظيم لقوم يعقلون عن الله ويفهمون حججه.
وقوله: "وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه" لما نبه تعالى على معالم السموات نبه على ما خلق في الأرض من الأمور العجيبة, والأشياء المختلفة من الحيوانات والمعادن, والنباتات والجمادات على اختلاف ألوانها وأشكالها, وما فيها من المنافع والخواص " إن في ذلك لآية لقوم يذكرون " أي آلاء الله ونعمه فيشكرونها.
13- "وما ذرأ لكم في الأرض" أي خلق: يقال ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءاً: خلقهم: فهو ذارئ، ومنه الذرية، وهي نسل الثقلين، وقد تقدم تحقيق هذا، وهو معطوف على النجوم رفعاً ونصباً: أي وسخر لكم ما ذرأ في الأرض. فالمعنى: أنه سبحانه سخر سخر لهم تلك المخلوقات السماوية والمخلوقات الأرضية، وانتصاب مختلفاً ألوانه على الحال، وألوانه: هيئاته ومناظره، فإن ذرء هذه الأشياء على اختلاف الألوان والأشكال مع تساوي الكل في الطبيعة الجسمية آية عظيمة دالة على وجود الصانع سبحانه وتفرده "إن في ذلك" التسخير لهذه الأمور "لآية" واضحة "لقوم يذكرون" فإن من تذكر اعتبر، ومن اعتبر استدل على المطلوب، قيل وإنما خص المقام الأول بالتفكر لإمكان إيراد الشبهة المذكورة، وخص المقام الثاني بالعقل لذكره بعد إماطة الشبهة وإراحة العلة، فمن لم يعترف بعدها بالوحدانية فلا عقل له، وخص المقام الثالث بالتذكر لمزيد الدلالة، فمن شك بعد ذلك فلا حس له، وفي هذا من التكلف ما لا يخفى. والأولى أن يقال هنا كما قلنا فيما تقدم في إفراد الآية في البعض وجمعها في البعض الآخر، وبيانه أن كلاً من هذه المواضع الثلاثة يصلح لذكر التفكر ولذكر التعقل ولذكر التذكر لاعتبارات ظاهرة غير خفية، فكان في التعبير في كل موضع بواحد منها افتنان حسن لا يوجد في التعبير بواحد منها في جميع المواضع الثلاثة.
13. " وما ذرأ"، وما خلق،" لكم"،لأجلكم،أي:وسخر ما خلق لأجلكم، "في الأرض "، من الدواب والأشجار والثمار وغيرها،" مختلفاً "، نصب على الحال،"ألوانه".
" إن في ذلك لآية لقوم يذكرون " ، يعتبرون .
13."وما ذرأ لكم في الأرض"عطف على"الليل"، أي وسخر لكم ما خلق لكم فيها من حيوان وبنات."مختلفاً ألوانه"أصنافه فإنها تتخالف باللون غالباً ."إن في ذلك لآيةً لقوم يذكرون"إن اختلافها في الطباع والهيئات والمناظر ليس إلا بصنع صانع حكيم.
13. And whatsoever He hath created for you in the earth of divers hues, lo! therein is indeed a portent for people who take heed.
13 - And the things on this earth which he has multiplied in varying colours (and qualities): verily in this is a sign for men who celebrate the praises of God (in gratitude).