13 - (وله) تعالى (ما سكن) حلَّ (في الليل والنهار) أي كل شيء فهو ربه وخالقه ومالكه (وهو السميع) لما يقال (العليم) بما يفعل
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لا يؤمن هؤلاء العادلون بالله الأوثان فيخلصوا له التوحيد، ويفردوا له الطاعة، ويقروا بالألوهية، جهلاً، "وله ما سكن في الليل والنهار"، يقول: وله ملك كل شيء، لأنه لا شيء من خلق الله إلا وهو ساكن في الليل والنهار. فمعلوم بذلك أن معناه ما وصفنا، "وهو السميع"، يقول: وهو السميع ما يقول هؤلاء المشركون فيه، من ادعائهم له شريكاً، وما يقول غيرهم من خلقه، "العليم"، بما يضمرونه في أنفسهم وما يظهرونه بجوارحهم، لا يخفى عليه شيء من ذلك، فهو يحصيه عليهم. ليوفي كل إنسان ثواب ما اكتسب، وجزاء ما عمل.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: "سكن"، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وله ما سكن في الليل والنهار"، يقول: ما استقر في الليل والنهار.
قوله تعالى :" وله ما سكن في الليل والنهار " أي ثبت وهذا احتجاج عليهم أيضاً، وقيل: نزلت الآية لأنهم قالوا: علمنا أنه ما يحملك على ما تفعل إلا الحاجة فنحن نجمع لك من أموالنا حتى تصير أغنانا، فقال الله تعالى: أخبرهم أن جميع الأشياء لله فهو قادر على أن يغنيني و " سكن " معا هدأ واستقر المراد ما سكن وما تحرك فحذف لعلم السامع، وقيل: خص الساكن بالذكر لأن ما يعمه السكون أكثر مما تعمه الحركة وقي: المعنى ما خلق فهو عام في جميع المخلوقات متحركها وساكنها فإنه يجري عليه الليل والنهار، وعلى هذا فليس المراد بالسكون ضد الحركة بل المراد الخلق، وهذا أحسن ما قيل: لأنه يجمع شتات الأقوال: " وهو السميع" لأصواتهم " العليم " بأسرارهم .
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض ومن فيهما, وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة, كما ثبت في الصحيحين, من طريق الأعمش: عن أبي صالح, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لما خلق الخلق, كتب كتاباً عنده فوق العرش, إن رحمتي تغلب غضبي" وقوله "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" هذه اللام هي الموطئة للقسم, فأقسم بنفسه الكريمة, ليجمعن عباده "إلى ميقات يوم معلوم" وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه, أي لا شك فيه عند عباده المؤمنين, فأما الجاحدون المكذبون, فهم في ريبهم يترددون, وقال ابن مردويه عند تفسير هذه الاية: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة, حدثنا عباس بن محمد, حدثنا حسين بن محمد, حدثنا محصن بن عتبة اليماني, عن الزبير بن شبيب, عن عثمان بن حاضر, عن ابن عباس, قال:" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين, هل فيه ماء ؟ قال والذي نفسي بيده إن فيه لماء, إن أولياء الله ليردون حياض الأنبياء, ويبعث الله تعالى سبعين ألف ملك, في أيديهم عصي من نار, يذودون الكفار عن حياض الأنبياء", هذا حديث غريب, وفي الترمذي "إن لكل نبي حوضاً, وأرجو أن أكون أكثرهم وارداً" وقوله "الذين خسروا أنفسهم" أي يوم القيامة "فهم لا يؤمنون" أي لا يصدقون بالمعاد, ولا يخافون شر ذلك اليوم, ثم قال تعالى: "وله ما سكن في الليل والنهار" أي كل دابة في السموات والأرض الجميع عباده وخلقه, وتحت قهره وتصرفه وتدبيره, لا إله إلا هو, "وهو السميع العليم" أي السميع لأقوال عباده, العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم, ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم, وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم "قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض" كقوله "قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون" والمعنى لا أتخذ ولياً إلا الله وحده لا شريك له, فإنه فاطر السموات والأرض, أي خالقهما ومبدعهما, على غير مثال سبق "وهو يطعم ولا يطعم" أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم, كما قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الاية, وقرأ بعضهم ههنا "وهو يطعم ولا يطعم" أي لا يأكل, وفي حديث سهيل بن صالح: عن أبيه, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: دعا رجل من الأنصار, من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام, فانطلقنا معه, فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه, قال "الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم, ومن علينا فهدانا وأطعمنا, وسقانا من الشراب, وكسانا من العري, وكل بلاء حسن أبلانا الحمد لله غير مودع ربي ولا مكافاً ولا مكفور, ولا مستغنى عنه, الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام, وسقانا من الشراب, وكسانا من العري, وهدانا من الضلال, وبصرنا من العمى, وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً, الحمد لله رب العالمين" "قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم" أي من هذه الأمة " ولا تكونن من المشركين * قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم " يعني يوم القيامة "من يصرف عنه" أي العذاب "يومئذ فقد رحمه" يعني رحمه الله "وذلك الفوز المبين" كقوله "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" والفوز حصول الربح, ونفي الخسارة.
قوله: 13- "وله ما سكن في الليل والنهار" أي لله، وخص الساكن بالذكر، لأن ما يتصف بالسكون أكثر مما يتصف بالحركة، وقيل المعنى: ما سكن فيهما أو تحرك فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر، وهذا من جملة الاحتجاج على الكفرة.
13- " وله ما سكن في الليل والنهار "، أي: استقر، قيل: أراد ما سكن وما تحرك، كقوله: " سرابيل تقيكم الحر " أي: الحر والبرد، وقيل: إنما خص السكون بالذكر لأن النعمة فيه أكثر، قال محمد بن جرير : كل ما طلعت عليه الشمس وغربت فهو من ساكن الليل، والمراد منه جميع ما في الأرض. وقيل معناه: ما يمر عليه الليل والنار، " وهو السميع "، لأصواتكم، " العليم " بأسرارهم .
13-" وله " عطف على الله . " ما سكن في الليل والنهار " من السكنى وتعديته بفي كما في قوله تعالى: " وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم " والمعنى ما اشتملا عليه، أو من السكون أي ما سكن فيهما وتحريك فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر. " وهو السميع " لكل مسموع. " العليم " بكل معلوم فلا عليه شيء، ويجوز أن يكون وعيداً للمشركين على أقوالهم وأفعالهم
13. Unto Him belongeth whatsoever resteth in the night and the day. He is the Hearer, the Knower.
13 - O him belongeth all that dwelleth (or lurketh) in the night and the day. for he is the one who heareth and knoweth all things.