13 - (وطعاما ذا غصة) يغص به في الحلق وهو الزقوم أو الضريع أو الغسلين أو شوك من نار لا يخرج ولا ينزل (وعذابا أليما) مؤلما زيادة على ما ذكر لمن كذب النبي صلى الله عليه وسلم
" وطعاما ذا غصة " يقول : وطعاماً يغص به آكله ، فلا هو نازل عن حلقه ، ولا هو خارج منه .
كما حدثني إسحاق بن وهب و ابن سنان القزاز قالا : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله " وطعاما ذا غصة " قال : شوك يأخذ بالحلق ، فلا يدخل ولا يخرج .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله " وطعاما ذا غصة " قال : شجرة الزقوم .
وقوله : " عذابا أليما " يقول : وعذابا مؤلماً موجعاً .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن حمزة الزيات ، " عن حمران بن أعين أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ " إن لدينا أنكالا وجحيما * وطعاما ذا غصة " فصعق صلى الله عليه وسلم " .
قوله تعالى: " وطعاما ذا غصة" أي غير سائغ، يأخذ بالحلق، لا هو نازل ولا هو خارج، وهو الغسلين والزقوم والضريع، قاله ابن عباس وعنه ايضاً: انه شوك يدخل الحلق، فلا ينزل ولا يخرج. وقال الزجاج: أي طعامهم الضريع، كما قال : " ليس لهم طعام إلا من ضريع" [ الغاشية:6] وهو شوك كالعوسج وقال مجاهد هو الزقوم، كما قال : " إن شجرة الزقوم" ، " طعام الأثيم" [ الدخان : 43- 44] المعنى واحد. وقال حمران بن اعين :
"قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " إن لدينا أنكالا وجحيما" ، " وطعاما ذا غصة" فصعق ". وقال خليد بن حسان: امسي الحسن عندنا صائماً، فأتيته بطعام فعرضت له هذه الآية" إن لدينا أنكالا و جحيما * وطعاما ذا غصة وعذابا أليما" فقال : ارفع طعامك. فلما كانت الثانية اتيته بطعام فعرضت له هذه الآية، فقال : ارفعوه. ومثله في الثالثة، فانطلق ابنه الى ثابت البناني ويزيد الضبي ويحي البكاء فحدثهم، فجاؤوه فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق. والغصة: الشجا، وهو ما ينشب في الحلق من عظم او غيره، وجمعها غصص. والغصص بالفتح مصدر قولك: غصصت يا رجل تغص، فانت غاص بالطعام وغصان، واغصصته انا، والمنزل غاص بالقوم أي ممتلىء بهم.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله من كذبه من سفهاء قومه, وأن يهجرهم هجراً جميلاً وهو الذي لا عتاب معه ثم قال له متهدداً لكفار قومه ومتوعداً, وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شيء "وذرني والمكذبين أولي النعمة" أي دعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم "ومهلهم قليلاً" أي رويداً كما قال تعالى: "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ", ولهذا قال ههنا: "إن لدينا أنكالاً" وهي القيود, قاله ابن عباس وعكرمة وطاوس ومحمد بن كعب وعبد الله بن بريدة وأبو عمران الجوني وأبو مجلز والضحاك وحماد بن أبي سليمان وقتادة والسدي وابن المبارك والثوري وغير واحد "وجحيماً" وهي السعير المضطرمة "وطعاماً ذا غصة" قال ابن عباس : ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج "وعذاباً أليماً * يوم ترجف الأرض والجبال" أي تزلزل "وكانت الجبال كثيباً مهيلاً" أي تصير ككثبان الرمل بعد ما كانت حجارة صماء ثم إنها تنسف نسفاً فلا يبقى منها شيء إلا ذهب حتى تصير الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً أي وادياً ولا أمناً أي رابية, ومعناه لا شيء ينخفض ولا شيء يرتفع, ثم قال تعالى مخاطباً لكفار قريش والمراد سائر الناس: "إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم" أي بأعمالكم "كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً * فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً" قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والثوري "أخذاً وبيلاً" أي شديداً أي فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول فيصيبكم ما أصاب فرعون حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر كما قال تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " وأنتم أولى بالهلاك والدمار إن كذبتم رسولكم, لأن رسولكم أشرف وأعظم من موسى بن عمران, ويروى عن ابن عباس ومجاهد .
وقوله تعالى: "فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً" يحتمل أن يكون يوماً معمولاً لتتقون كما حكاه ابن جرير عن قراءة ابن مسعود فكيف تخافون أيها الناس يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم بالله ولم تصدقوا به ؟ ويحتمل أن يكون معمولاً لكفرتم فعلى الأول كيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم إن كفرتم, وعلى الثاني كيف يحصل لكم تقوى إن كفرتم يوم القيامة وجحدتموه, وكلاهما معنى حسن, ولكن الأول أولى والله أعلم. ومعنى قوله "يوماً يجعل الولدان شيباً" أي من شدة أهواله وزلازله وبلابله, وذلك حين يقول الله تعالى لادم ابعث بعث النار فيقول من كم. فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. قال الطبراني : حدثنا يحيى بن أيوب العلاف حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد , حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ "يوماً يجعل الولدان شيباً" قال: "ذلك يوم القيامة وذلك يوم يقول الله لادم قم فابعث من ذريتك بعثاً إلى النار, قال من كم يا رب ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وينجو واحد فاشتد ذلك على المسلمين وعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال حين أبصر ذلك في وجوههم إن بني آدم كثير, وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم, وإنه لا يموت منهم رجل حتى ينتشر لصلبه ألف رجل ففيهم وفي أشباههم جنة لكم" هذا حديث غريب وقد تقدم في أول سورة الحج ذكر هذه الأحاديث. وقوله تعالى: "السماء منفطر به" قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله, ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى: وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لأنه لم يجر له ذكر ههنا, وقوله تعالى: "كان وعده مفعولاً" أي كان وعد هذا اليوم مفعولاً أي واقعاً لا محالة وكائناً لا محيد عنه.
13- "وطعاماً ذا غصة" أي لا يسوغ في الحلق بل ينشب فيه، فلا ينزل ولا يخرج. قال مجاهد: هو الزقوم. وقال الزجاج: هو الضريع كما قال: "ليس لهم طعام إلا من ضريع" قال: وهو شوك العوسج. قال عكرمة هو شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج، والغصة: الشجا في الحلق، وهو ما ينشب فيه من عظم أو غيره وجمعها غصص "وعذاباً أليماً" أي ونوعاً آخر من العذاب غير ما ذكر.
13- "وطعاماً ذا غصة"، غير سائغة تأخذ بالحلق لا ينزل ولا يخرج وهو الزقوم والضريع. "وعذاباً أليماً".
13-" وطعاماً ذا غصة " طعاماً ينشب في الحلق كالضريع والزقوم . " وعذاباً أليماً " ونوعاً آخر من العذاب مؤلماً لا يعرف كنهه إلا الله تعالى ، ولما كانت العقوبات الأربع مما تشترك فيها الأشباح والأرواح فإن النفوس العاصية المنهمكة في الشهوات تبقى مقيدة بحبها والتعلق بها عن التخلص إلى عالم المجردات متحرقة بحرقة الفرقة متجرعة غصة الهجران معذبة بالحرمان عن تجلي أنوار القدس ، فسر العذاب بالحرمان عن لقاء الله تعالى .
13. And food which choketh (the partaker), and a painful doom
13 - And a Food that chokes, and a Penalty Grievous.