14 - (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) مقبلين عليهم ومدبرين عنهم فكفروا كما سيأتي والاهلاك في زمنه فقط (ألا) أي بأن لا (تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل) علينا (ملائكة فإنا بما أرسلتم به) على زعمكم (كافرون)
وقوله : " إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم " يقول : فقل : أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود التي أهلكتهم ، إذ جاءت عاداً وثمود الرسل من بين أيديهم ، فقوله : < إذ > من صلة صاعقة . وعنى بقول : " من بين أيديهم " الرسل التي أتت آباء الذين هلكوا بالصاعقة من هاتين الأمتين وعنى بقوله : " ومن خلفهم " : من خلف الرسل الذين بعثوا إلى آبائهم رسلاً إليهم ، وذلك أن الله بعث إلى عاد هوداً ، فكذبوه من بعد رسل قد كانت تقدمته إلى آبائهم أيضاً ، فكذبوهم ، فأهلكوا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " فإن أعرضوا " .... إلى قوله : " ومن خلفهم " قال : الرسل التي كانت قبل هود ، والرسل الذين كانوا بعده ، بعث الله قبله رسلاً ، وبعث من بعده رسلاً .
وقوله : " أن لا تعبدوا إلا الله " يقول تعالى ذكره : جاءتهم الرسل بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له ، قالوا : " لو شاء ربنا لأنزل ملائكة " يقول جل ثناؤه : فقالوا لرسلهم إذ دعوهم إلى الإقرار بتوحيد الله : لو شاء الله ربنا أن نوحده ، ولا نعبد من دونه شيئاً غيره ، لأنزل إلينا ملائكة من السماء رسلاً بما تدعوننا أنتم إليه ، ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا ، ولكنه رضي عبادتنا مانعبد ، فلذلك لم يرسل إلينا بالنهي عن ذلك ملائكة .
وقوله : " فإنا بما أرسلتم به كافرون " يقول : قالوا لرسلهم : فإنا بالذي أرسلكم به ربكم إلينا جاحدون غير مصدقين به .
قوله تعالى : " إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم " يعني من أرسل إليهم وإلى من قبلهم " أن لا تعبدوا إلا الله " موضع ( أن ) نصب بإسقاط الخافض أي بـ(ألا تعبدوا ) و" قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة " بدل الرسل " فإنا بما أرسلتم به كافرون " من الإنذار والتبشير . قيل : هذا استهزاء منهم . وقيل : إقرار منهم بإرسالهم ثم بعده جحود وعناد .
يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله تعالى فإني أنذركم حلول نقمة الله بكم كما حلت بالأمم الماضين من المكذبين بالمرسلين "صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود" أي ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهما " إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم " كقوله تعالى: "واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه" أي في القرى المجاورة لبلادهم بعث الله إليهم الرسل يأمرون بعبادة الله وحده لا شريك له ومبشرين ومنذرين, ورأوا ما أحل الله بأعدائه من النقم, وما ألبس أولياءه من النعم, ومع هذا ما آمنوا ولا صدقوا بل كذبوا وجحدوا وقالوا: "لو شاء ربنا لأنزل ملائكة" أي لو أرسل الله رسلاً لكانوا ملائكة من عنده "فإنا بما أرسلتم به" أي أيها البشر "كافرون" أي لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا قال الله تعالى: "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق" أي بغوا وعتوا وعصوا "وقالوا من أشد منا قوة ؟" أي منوا بشدة تركيبهم وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس الله " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة " أي أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها وأن بطشه شديد كما قال عز وجل: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" فبارزوا الجبار بالعداوة وجحدوا بآياته وعصوا رسله فلهذا قال: "فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً" قال بعضهم وهي شديدة الهبوب, وقيل الباردة. وقيل هي التي لها صوت والحق أنها متصفة بجميع ذلك فإنها كانت ريحاً شديدة قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم وكانت باردة شديدة البرد جداً كقوله تعالى: "بريح صرصر عاتية" أي باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج, ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق صرصراً لقوة صوت جريه. وقوله تعالى: "في أيام نحسات" أي متتابعات "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" وكقوله: "في يوم نحس مستمر" أي ابتدأوا العذاب في يوم نحس عليهم واستمر بهم هذا النحس "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" حتى أبادهم عن آخرهم واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الاخرة ولهذا قال: " لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى " أي أشد خزياً لهم "وهم لا ينصرون" أي في الاخرة كما لم ينصروا في الدنيا وما كان لهم من الله من واق يقيهم العذاب ويدرأ عنهم النكال, وقوله عز وجل: "وأما ثمود فهديناهم" قال ابن عباس رضي الله عنهما وأبو العالية وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد: بينا لهم, وقال الثوري دعوناهم "فاستحبوا العمى على الهدى" أي بصرناهم وبينا لهم ووضحنا لهم الحق على لسان نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة الله تعالى التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيهم "فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" أي بعث الله عليهم صيحة ورجفة وذلاً وهواناً وعذاباً ونكالاً "بما كانوا يكسبون" أي من التكذيب والجحود "ونجينا الذين آمنوا" أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء ولا نالهم من ذلك ضرر بل نجاهم الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بتقواهم لله عز وجل.
وقوله: 14- " إذ جاءتهم الرسل " ظرف لأنذرتكم، أو لصاعقة، لأنها بمعنى العذاب: أي أنذرتكم العذاب الواقع وقت مجيء الرسل، أو حال من صاعقة عاد. وهذا أولى من الوجهين الأولين، لأن الإنذار لم يقع وقت مجيء الرسل فلا يصح أن يكون ظرفاً له، وكذلك الصاعقة لا يصح أن يكون الوقت ظرفاً لها، وقوله: "من بين أيديهم ومن خلفهم" متعلق بجاءتهم: أي جاءتهم من جميع جوابنهم وقيل المعنى جاءتهم الرسل المتقدمون والمتأخرون على تنزيل مجيء كلامهم منزلة مجيئهم أنفسهم، فكأن الرسل قد جاءوهم وخاطبوهم بقولهم: "أن لا تعبدوا إلا الله" أي بأن لا تعبدوا على أنها المصدرية، ويجوز أن تكون التفسيرية أو المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف. ثم ذكر سبحانه ما أجابوا به على الرسل فقال: "قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة" أي لأرسلهم إلينا ولم يرسل إلينا بشراً من جنسنا. ثم صرحوا بالكفر ولم يتلعثموا، فقالوا "فإنا بما أرسلتم به كافرون" أي كافرون بما تزعمونه من أن الله أرسلكم إلينا، لأنكم بشر مثلنا لا فضل لكم علينا، فكيف اختصكم برسالته دوننا، وقد تقدم دفع هذه الشبهة الداحضة التي جاءوا بها في غير موضع.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: " وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة " قال: لا يشهدون أن لا إله إلا الله، وفي قوله: "لهم أجر غير ممنون" قال: غير منقوص. وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عنه "أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض فقال: خلق الله الأرض في يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلاثاء، وخلق يوم الأربعاء الشجر والحجر والماء والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة أيام، فقال تعالى: " قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين " وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه، فخلق من أول ساعة من هذه الثلاث الآجال حين يموت من مات، وفي الثانية ألقى فيها من كل شيء مما ينتفع به، وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها
في آخر ساعة، قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال ثم استوى على العرش، قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا ثم استراح، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، فنزل " ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون "". وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "وقدر فيها أقواتها" قال: شق الأنهار، وغرس الأشجار، ووضع الجبال، وأجرى البحار، وجعل في هذه ما ليس في هذه وفي هذه ما ليس في هذه. وأخرج أبو الشيخ عنه أيضاً قال: إن الله تعالى خلق يوماً فسماه الأحد، ثم خلق ثانياً فسماه الاثنين، ثم خلق ثالثاً فسماه الثلاثاء، ثم خلق رابعاً فسماه الأربعاء، ثم خلق خامساً فسماه الخميس وذكر نحو ما تقدم. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أن الله فرغ من خلقه في ستة أيام وذكر نحو ما تقدم". وأخرج ابن جرير عن أبي بكر نحو ما تقدم عن ابن عباس. وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: "فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً" قال: قال للسماء أخرجي شمسك وقمرك ونجومك، وللأرض شققي أنهارك وأخرجي ثمارك "قالتا أتينا طائعين". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "ائتيا" قال أعطيا وفي قوله: "قالتا أتينا" قال: أعطينا.
14. " إذ جاءتهم "، يعني: عاداً وثموداً، " الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم "، أراد بقوله: " من بين أيديهم " الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم من قبلهم، " ومن خلفهم "، يعني: ومن بعد الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم الذين أرسلوا إليهم، هود وصالح، فالكناية في قوله من بين أيديهم راجعة إلى [عاد وثمود] وفي قوله: [" ومن خلفهم " راجعة إلى الرسل] " أن لا "، بأن لا، " تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل "، بدل هؤلاء الرسل، " ملائكة "، أي: لو شاء ربنا دعوة [الخلق] لأنزل ملائكة، " فإنا بما أرسلتم به كافرون ".
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، حدثنا عبد الله بن حامد الأصفهاني ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي ، أخبرنا أحمد بن مجدة بن العريان ، حدثنا الحماني ، حدثنا ابن فضيل ، عن الأجلح ، عن الذيال بن حرملة ، عن جابر بن عبد الله قال: قال الملأ من قريش وأبو جهل: قد التبس علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر، فأتاه فكلمه، ثم أتانا ببيان من أمره، فقال عتبة بن ربيعة: والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر، وعلمت من ذلك علماً، وما يخفى علي إن كان كذلطك أو لا، فأتاه فلما خرج إليه قال: يا محمد أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ فبم تشتم آلهتنا؟ وتضلل آباءنا؟ فإن كنت تريد الرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رأساً ما بقيت، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش؟ وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغني أنت وعقبك من بعدك؟ و رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فلما فرغ، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم)) " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته "، إلى قوله: " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عاد وثمود "، الآية. فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم ورجع إلى أهله، ولم يخرج إلى قريش فاحتبس عنهم فقال أبو جهل: يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى دين محمد، وقد أعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته، فانطلقوا بنا إليه، فقال أبو جهل: والله يا عتبة ما حبسك عنا إلا أنك صبوت إلى دين محمد وأعجبك طعامه، قال: فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد، فغضب عتبة وأقسم أن لا يكلم محمداً أبداً، وقال: والله لقد علمتم أني من أكثر قريش مالاً، ولكني أتيته وقصصت عليه القصة فأجابني بشيء، والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، وقرأ السورة إلى قوله: " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عاد وثمود " الآية فأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب.
وقال محمد بن كعب القرظي : " حدثت أن عتبة بن ربيعة كان سيداً حليماً، قال يوماً وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد وأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله يقبل منا بعضها، فنعطيه ويكف عنا، وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون، فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يابن أخي إنك منا حيث علمت من البسطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت جماعتهم، وسفهت أحلامهم، وعبت آلهتهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل يا أبا الوليد، فقال: يابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد شرفاً سودناك علينا، وإن كان هذا الذي بك رئياً تراه لا تستطيع رده طلبنا لك الطب، ولعل هذا شعر جاش به صدرك، فإنكم لعمري بني عبد المطلب يقدرون على ذلك مالا يقدر عليه غيركم، حتى إذا فرغ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو قد فرغت ياأبا الوليد
؟ قال: نعم، قال:فاستمع مني، قال:أفعل، فقال صلى الله عليه وسلم:بسم الله الرحمن الرحيم " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا "، ثم مضى فيها يقرأ، فلما سمعها عتبة أنصت له، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يستمع منه، حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد، ثم قال:قد سمعت ياأبا الوليد فأنت وذاك، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك ياأبا الوليد؟ فقال: ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت بمثله قط، ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش أطيعوني، خلوا ما بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم، فأنتم أسعد الناس به، فقالوا: سحرك والله ياأبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيي لكم، فاصنعوا ما بدا لكم".
14-" إذ جاءتهم الرسل " حال من " صاعقة عاد " ، ولا يجوز جعله صفة لـ" صاعقة " أو ظرفاً لـ" أنذرتكم " لفساد المعنى . " من بين أيديهم ومن خلفهم " أتوهم من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة ، أو من جهة الزمن الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار ، ومن جهة المستقبل بالتحذير عما أعد لهم في الآخرة ، وكل من اللفظين يحتملهما ، أو من قبلهم ومن بعدهم إذ قد بلغتهم خبر المتقدمين وأخبرهم هود وصالح عن المتأخرين داعين إلى الإيمان بهم أجمعين ، ويحتمل أن يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى : " يأتيها رزقها رغداً من كل مكان " . " أن لا تعبدوا إلا الله " بأن لا تعبدوا أو أي لا تعبدوا . " قالوا لو شاء ربنا " إرسال الرسل . " لأنزل ملائكة " برسالته ." فإنا بما أرسلتم به " على زعمكم . " كافرون " إذ أنتم مثلنا لا فضل لكم علينا .
14. When their messengers came unto them from before them and behind them, saying: Worship none but Allah! they said: If our Lord had willed, He surely would have sent down angels (unto us), so lo! we are disbelievers in that wherewith ye have been sent.
14 - Behold, the apostles came to them, from before them and behind them, (preaching): Serve none but God. They said: If our Lord had so pleased, He would certainly have sent down angels (to preach): now we reject your mission (altogether).