15 - (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً) كالمؤمنين (وكرهاً) كالمنافقين ومن أكره بالسيف (و) يسجد (ظلالهم بالغدوِّ) البُكَر (والآصال) العشايا
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فإن امتنع هؤلاء الذين يدعون من دون الله الأوثان والأصنام لله شركاء ، من إفراد الطاعة والإخلاص بالعبادة له ، فلله يسجد من في السماوات من الملائكة الكرام ، ومن في الأرض من المؤمنين به طوعاً ، فأما الكافرون به فإنهم يسجدون له كرهاً حين يكرهون على السجود ، كما :
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها" ،فأما المؤمن فيسجد طائعاً ، وأما الكافر فيسجد كارهاً .
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان قال : كان ربيع بن خيثم إذا تلا هذه الآية : "ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها" ، قال : بلى يا رباه .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها" ، قال : من دخل طائعاً ، هذا طوعاً، "وكرها" ، من لم يدخل إلا بالسيف .
وقوله : "وظلالهم بالغدو والآصال" ، يقول : ويسجد ايضاً ظلال كل من سجد طوعاً وكرهاً بالغدوات والعشايا . وذلك أن ظل كل شخص فإنه يفيء بالعشي ، كما قال جل ثناؤه : ( أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "وظلالهم بالغدو والآصال" ، يعني : حين يفيء ظل أحدهم عن يمينه أو شماله .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان قال : في تفسير مجاهد : "ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال" ، قال : ظل المؤمن يسجد طوعاً وهو طائع ، وظل الكافر يسجد طوعاً وهو كاره .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "وظلالهم بالغدو والآصال" ، قال : ذكر أن ظلال الأشياء كلها تسجد له ، وقرأ : ( سجدا لله وهم داخرون ) . قال : تلك الظلال تسجد لله .
و الآصال جمع أصل و الأصل جمع أصيل ، و الأصيل ، هو العشي ، وهو ما بين العصر إلى مغرب الشمس ، قال أبو ذؤيب :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل
القول في تأويل قوله تعالى : "قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا" .
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد ، لهؤلاء المشركين بالله : من رب السماوات والأرض ومدبرها ؟ فإنهم سيقولون : الله . وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول : "الله" ، فقال له : قل ، يا محمد ، ربها الذي خلقها وأنشأها ، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له ، وهو الله . ثم قال : فإذا أجابوك بذلك . فقال لهم : أفاتخذتم من دون رب السماوات والأرض أولياء لا تملك لأنفسها نفعاً تجلبه إلى نفسها ، ولا ضراً تدفعه عنها ؟ وهي إذ لم تملك ذلك لأنفسها ، فمن ملكه لغيرها ابعد ، فعبدتموها وتركتم عبادة من بيده النفع والضر ، والحياة والموت وتدبير الأشياء كلها . ثم ضرب لهم جل ثناؤه مثلاً فقال : "قل هل يستوي الأعمى والبصير" .
قوله تعالى: " ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها " قال الحسن وقتادة وغيرهما: المؤمن يسجد طوعاً، والكافر يسجد كرهاً بالسيف. وعن قتادة أيضاً: يسجد الكافر كارهاً حين لا ينفعه الإيمان. وقال الزجاج: سجود الكافر كرها ما فيه من الخضوع وأثر الصنعة. وقال ابن زيد: ( طوعا) من دخل في الإسلام رغبة، و ( كرها) من دخل فيه رهبة بالسيف. وقيل: ( طوعا) من طالت مدة إسلامه فألف السجود، و ( كرها) من يكره نفسه لله تعالى، فالآية في المؤمنين، وعلى هذا يكون معنى ( والأرض) وبعض من في الأرض. قال القشيري : وفي الآية مسلكان: أحدهما: أنها عامة والمراد بها التخصيص، فالمؤمن يسجد طوعاً، وبعض الكفار يسجدون إكراهاً وخوفاً كالمنافقين، فالآية محمولة على هؤلاء، ذكره الفراء. وقيل على هذا القول: الآية في المؤمنين، منهم من يسجد طوعاً لا يثقل عليه السجود، ومنهم من يثقل عليه، لأن التزام التكليف مشقة، ولكنهم يتحملون المشقة إخلاصاً وإيماناً، إلى أن يألفوا الحق ويمرنوا عليه. والمسلك الثاني: - وهو الصحيح - إجراء الآية على التعميم، وعلى هذا طريقان: أحدهما: أن المؤمن يسجد طوعاً، وأما الكافر فمأمور بالسجود مؤاخذ به. والثاني - وهو الحق - أن المؤمن يسجد ببدنه طوعاً، وكل مخلوق من المؤمن والكافر يسجد من حيث إنه مخلوق، يسجد دلالة وحاجة إلى الصانع، وهذا كقوله: " وإن من شيء إلا يسبح بحمده " ( الإسراء: 44 وهو تسبيح دلالة لا تسبيح عبادة. " وظلالهم بالغدو والآصال " ( الرعد: 15) أي ظلال الخلق ساجدة لله تعالى بالغدو والآصال، لأنها تبين في هذين الوقتين، وتميل من ناحية إلى ناحية، وذلك تصريف الله إياها على ما يشاء، وهو كقوله تعالى: " أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون " ( النحل: 48) قاله ابن عباس وغيره. وقال مجاهد: ظل المؤمن يسجد طوعاً وهو طائع، وظل الكافر يسجد كرهاً وهو كاره. وقال ابن الأنباري : يجعل للظلال عقول تسجد بها وتخشع بها، كما جعل للجبال أفهام حتى خاطبت وخوطبت. قال القشيري : في هذا نظر، لأن الجبل عين، فيمكن أن يكون له عقل بشرط تقدير الحياة، وأما الظلال فآثار وأعراض، ولا يتصور تقدير الحياة لها، والسجود بمعنى الميل، فسجود الظلال ميلها من جانب إلى جانب، يقال: سجدت النخلة أي مالت. و ( الآصال) جمع أصل، والأصل جمع أصيل، وهو ما بين العصر إلى الغروب، ثم أصائل جمع الجمع، قال أبو ذؤيب الهذلي:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل
و ( ظلالهم) يجوز أن يكون معطوفاً على ( من) ويجوز أن يكون ارتفع بالابتداء والخبر محذوف، التقدير: وظلالهم سجد بالغدو والآصال و ( بالغدو) يجوز أن يكون مصدراً، ويجوز أن يكون جمع غداة، يقوي كونه جمعاً مقابلة الجمع الذي هو الآصال به.
يخبر تعالى عن عظمته وسلطانه, الذي قهر كل شيء, ودان له كل شيء, ولهذا يسجد له كل شيء طوعاً من المؤمنين وكرهاً على الكافرين " وظلالهم بالغدو " أي البكر " والآصال " وهو جمع أصيل, وهو آخر النهار, كقوله تعالى: " أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله " الاية.
15- "ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً" إن كان المراد بالسجود معناه الحقيقي، وهو وضع الجبهة على الأرض للتعظيم مع الخضوع والتذلل، فذلك ظاهر في المؤمنين والملائكة ومسلمي الجن، وأما في الكفار فلا يصح تأويل السجود بهذا في حقهم، فلا بد أن يحمل السجود المذكور في الآية على معنى حق لله السجود ووجب حتى يناول السجود بالفعل وغيره، أو يفسر للسجود بالانقياد، لأن الكفار وإن لم يسجدوا لله سبحانه فهم منقادون لأمره، وحكمه فيهم بالصحة والمرض والحياة والموت والفقر والغنى، ويدل على إرادة هذا المعنى قوله: "طوعاً وكرهاً" فإن الكفار ينقادون كرهاً كما ينقاد المؤمنون طوعاً، وهما منتصبان على المصدرية: أي انقياد طوع وانقياد كره، أو على الحال: أي طائعين وكارهين. وقال الفراء: الآية خاصة بالمؤمنين فإنهم يسجدون طوعاً، وبعض الكفار يسجدون إكراهاً وخوفاً كالمنافقين، فالآية محمولة على هؤلاء، وقيل الآية في المؤمنين، فمنهم من سجد طوعاً لا يثقل عليه السجود، ومنهم من يثقل عليه لأن التزام التكليف مشقة ولكنهم يتحملون المشقة إيماناً بالله وإخلاصاً له "وظلالهم بالغدو والآصال" وظلالهم جمع ظل، والمراد به ظل الإنسان الذي يتبعه، جعل ساجداً بسجوده حيث صار لازماً له لا ينفك عنه. قال الزجاج وابن الأنباري: ولا يبعد أن يخلق الله للظلال أفهاماً تسجد بها لله سبحانه كما جعل للجبال أفهاماً حتى اشتغلت بتسبيحه، فظل المؤمن يسجد لله طوعاً، وظل الكافر يسجد لله كرهاً. وخص الغدو والآصال بالذاكر لأنه يزداد ظهور الظلال فيهما، وهما ظرف للسجود المقدر: أي ويسجد ظلالهم في هذين الوقتين. وقد تقدم تفسير الغدو والآصال في الأعراف، وفي معنى هذه الآية قوله سبحانه: " أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون " وجاء بمن في السموات والأرض تغليباً للعقلاء على غيرهم، ولكون سجود غيرهم تبعاً لسجودهم، ومما يؤيد حمل السجود على الانقياد ما يفيده تقديم لله على الفعل من الاختصاص، فإن سجود الكفار لأصنامهم معلوم، ولا ينقادون لهم كانقيادهم لله في الأمور التي يقرون على أنفسهم بأنها من الله، كالخلق والحياة والموت ونحو ذلك.
15- قوله عز وجل: "ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً"، يعني: الملائكة والمؤمنين، "وكرهاً"، يعني: المنافقين والكافرين الذين أكرهوا على السجود بالسيف.
"وظلالهم"، يعني: ظلال الساجدين طوعا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره.
"بالغدو والآصال"، يعني إذا سجد الغدو أو العشي يسجد معه ظله.
"والآصال": جمع الأصل، و الأصل جمع الأصيل، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس.
وقيل: ظلالهم أي: أشخاصهم بالغدو والآصال: بالبكر والعشايا.
وقيل: سجود الظل تذليله لما أريد له.
15."ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً"يحتمل أن يكون السجود على حقيقته فإنه يسجد له الملائكة والمؤمنون من الثقلين ،طوعاً حالتي الشدة والرخاء والكفرة كرهاً حال الشدة والضرورة."وظلالهم"بالعرض وأن يردا به انقيادهم لإحداث ما أراده منهم شاؤوا أو كرهوا ، وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص وانتصاب "طوعاً وكرها"بالحال أو العلة وقوله:"بالغدو والآصال"ظرف لـ"يسجد"والمراد بهما الدوام أو حال من الظلال ،تخصيص الوقتين لأن الظلال إنما تعظم وتكثر فيهما ، والغدو جمع غداة كقنى جمع قناة ، و "الآصال"جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب. وقيل العدو مصدر ويؤيده أنه قد قرئ والإيصال وهو الدخول في الأصيل.
15. And unto Allah falleth prostrate whosoever is in the heavens and the earth, willingly or unwillingly, as do their shadows in the morning and the evening hours.
15 - Whatever beings there are in the heavens and the earth do prostrate themselves to God (acknowledging subjection), with good will or in spite of themselves; so do their shadows in the mornings and everything's.