15 - (بأيدي سفرة) كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ
وقوله : " بأيدي سفرة " يقول : الصحف المكرمة بأيدي سفرة ، جمع سافر .
واختلف أهل التأويل فيهم ما هو ؟ فقال بعضهم : هم كتبة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله " بأيدي سفرة " يقول : كتبة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " بأيدي سفرة " قال : الكتبة .
وقال آخرون : هم القراء .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة " قال : هم القراء .
وقال آخرون : هم الملائكة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " بأيدي سفرة * كرام بررة " يعني الملائكة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " بأيدي سفرة * كرام بررة " قال : السفرة : الذين يحصون الأعمال .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : هم الملائكة الذين يسفرون بين الله ورسوله بالوحي . وسفير القوم : الذي يسعى بينهم بالصلح ، يقال : سفرت بين القوم : إذا أصلحت بينهم ، ومنه قول الشاعر :
وما أدع السفارة بين قومي وما أمشي بغش إن مشيت
وإذا وجه التأويل إلى ما قلنا : احتمل الوجه الذي قاله القائلون هم الكتبة ، والذي قاله القائلون هم القراء ، لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب ، وتسفر بين الله وبين رسله .
قوله تعالى:" بأيدي سفرة" أي الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، فهم بررة لم يتدنسوا بمعصية. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هي مطهرة تجعل التطهير لمن حملها" بأيدي سفرة" قال : كتبة. وقاله مجاهد أيضاً. وهم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد في الأسفار، التي هي الكتب، واحدهم: سافر، كقولك : كاتب وكتبة. ويقال: سفرت أي كتبت، والكتاب: هو السفر، وجمعه أسفار. قال الزجاج: وإنما قيل للكتاب سفر، بكسر السين، وللكاتب سافر، لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه. يقال: أسفر الصبح: إذا أضاء، وسفرت المرأة: إذا كشفت النقاب عن وجهها. قال: ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة: أصلحت بينهم . وقاله الفراء، وأنشد:
فما ادع السفارة بين قومي ولا أمشي بغش إن مشيت
والسفير : الرسول والمصلح بين القوم، والجمع : سفراء، مثل فقيه وفقهاء. ويقال للوراقين سفراء، بلغة العبرانية. وقال قتادة : السفرة هنا: هم الفراء، لأنهم يقرؤون الأسفار. وعنه أيضاً كقول ابن عباس . وقال وهب بن منبه:((بأيدي سفرة. كرام بررة )) هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن العربي: لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة ، كراماً بررة ، ولكن ليسوا بمرادين بهذه الآية ، ولا قاربوا المرادين بها، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق، ولا يشاركهم فيها سواهم، ولا يدخل معهم في متناولها غيرهم. "وروي في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له، مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرؤه وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران)) " متفق عليه، واللفظ للبخاري.
ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه, فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم وكان ممن أسلم قديماً, فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ويلح عليه, وود النبي صلى الله عليه وسلم أن لوكف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعاً ورغبة في هدايته. وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الاخر فأنزل الله تعالى: " عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى " أي يحصل له زكاة وطهارة في نفسه "أو يذكر فتنفعه الذكرى" أي يحصل له اتعاظ وانزجار عن المحارم " أما من استغنى * فأنت له تصدى " أي أما الغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي " وما عليك أن لا يزكى " أي ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة "وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى" أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له: "فأنت عنه تلهى" أي تتشاغل, ومن ههنا أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يخص بالإنذار أحداً, بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف والفقير والغني والسادة والعبيد والرجال والنساء والصغار والكبار, ثم الله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة. قال الحافظ أيو يعلى في مسنده : حدثنا محمد بن مهدي , حدثنا عبد الرزاق , أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه في قوله تعالى: "عبس وتولى" جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه, فأنزل الله عز وجل "عبس وتولى * أن جاءه الأعمى" فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه.
قال قتادة : أخبرني أنس بن مالك قال: رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء يعني ابن أم مكتوم , وقال أبو يعلى وابن جرير : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي , حدثني أبي قال: هذا ما عرضنا على هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أنزلت "عبس وتولى" في ابن أم مكتوم الأعمى, " أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول أرشدني, قالت وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين, قالت: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الاخر ويقول: أترى بما أقول بأساً ؟ فيقول: لا! ففي هذا أنزلت "عبس وتولى" " وقد روى الترمذي هذا الحديث عن سعيد بن يحيى الأموي بإسناده مثله, ثم قال: وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أنزلت عبس وتولى في ابن أم مكتوم ولم يذكر فيه عن عائشة . "قلت" كذلك هو في الموطأ.
ثم روى ابن جرير وابن أبي حاتم أيضاً من طريق العوفي عن ابن عباس قوله: " عبس وتولى * أن جاءه الأعمى " قال: " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب, وكان يتصدى لهم كثيراً ويحرص عليهم أن يؤمنوا فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبد الله بن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم, فجعل عبد الله يستقرىء النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن, وقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله, فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبس في وجهه وتولى وكره كلامه, وأقبل على الاخرين فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله بعض بصره وخفق برأسه ثم أنزل الله تعالى: "عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى " " .
فلما نزل فيه ما نزل أكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حاجتك ؟ هل تريد من شيء ؟ ـ وإذا ذهب من عنده قال ـ هل لك حاجة في شيء ؟ وذلك لما أنزل الله تعالى: " أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك أن لا يزكى " " فيه غربة ونكارة, وقد تكلم في إسناده, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي , حدثنا عبد الله بن صالح , حدثنا الليث , حدثني يونس عن ابن شهاب قال: قال سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم" وهو الأعمى الذي أنزل الله تعالى فيه "عبس وتولى * أن جاءه الأعمى" وكان يؤذن مع بلال, قال سالم : وكان رجلاً ضرير البصر فلم يك يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذن. وهكذا ذكر عروة بن الزبير ومجاهد وأبو مالك وقتادة والضحاك وابن زيد وغير واحد من السلف والخلف أنها نزلت في ابن أم مكتوم , والمشهور أن اسمه عبد الله ويقال عمرو, والله أعلم.
وقوله تعالى: "كلا إنها تذكرة" أي هذه السورة أو الوصية بالمساواة بين الناس في إبلاغ العلم بين شريفهم ووضيعهم وقال قتادة والسدي "كلا إنها تذكرة" يعني القرآن "فمن شاء ذكره" أي فمن شاء ذكر الله تعالى في جميع أموره ويحتمل عود الضمير إلى الوحي لدلالة الكلام عليه.
وقوله تعالى: "في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة" أي هذه السورة أو العظة وكلاهما متلازم بل جميع القرآن في صحف مكرمة أي معظمة موقرة "مرفوعة" أي عالية القدر "مطهرة" أي من الدنس والزيادة والنقص. وقوله تعالى: "بأيدي سفرة" قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وابن زيد : هي الملائكة. وقال وهب بن منبه : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , وقال قتادة : هم القراء. وقال ابن جريج عن ابن عباس : السفرة بالنبطية القراء, وقال ابن جرير : والصحيح أن السفرة الملائكة والسفرة يعني بين الله تعالى وبين خلقه ومنه يقال السفير الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير كما قال الشاعر:
وما أدع السفارة بين قوم يوما أمشي بغش إن مشيت
وقال البخاري : سفرة: الملائكة, سفرت أصلحت بينهم وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله تعالى وتأديته كالسفير الذي يصلح بين القوم. وقوله تعالى: "كرام بررة" أي خلقهم كريم حسن شريف وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة ومن ههنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرشاد. قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل , حدثنا هشام عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة, والذي يقرؤه وهو عليه شاق, له أجران" أخرجه الجماعة من طريق قتادة به.
15- "بأيدي سفرة" السفرة جمع سافر ككتبة وكاتب، والمعنى: أنها بأيدي كتبة من الملائكة ينسخون الكتب من اللوح المحفوظ. قال الفراء: السفرة هنا الملائكة الذين يسفرون بالوحي بين الله ورسوله، من السفارة وهو السعي بين القوم، وأنشد:
فما أدع السفارة بين قومي ولا أمشي بغير أب نسيب
قال الزجاج: وإنما قيل للكتاب سفر بكسر السين، والكتاب سافر، لأن معناه أنه بين، يقال أسفر الصبح: إذا أضاء، وأسفرت المرأة: إذا كشفت النقاب عن وجهها، ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة: أي أصلحت بينهم. قال مجاهد: هم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد. وقال قتادة: السفرة هنا هم القراءة لأنهم يقرأون الأسفار. وقال وهب بن منبه: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
15- "بأيدي سفرة"، قال ابن عباس ومجاهد: كتبة، وهم الملائكة الكرام الكاتبون، واحدهم سافر، يقال: سفرت أي كتبت. ومنه قيل للكاتب: سافر، وللكتاب: سفر، وجمعه: أسفار.
وقال الآخرون: هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير، وهو الرسول، وسفير القوم الذي يسعى بينهم للصلح، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم.
15-" بأيدي سفرة " كتبة من الملائكة أو الأنبياء ينتسخون الكتب من اللوح أو الوحي ، أو سفراء يسفرون بالوحي بين الله تعالى ورسله ، أو الأمة جمع سافر من السفر ، أو السفارة والتركيب للكشف يقال سفرت المرأة إذا كشفت وجهها .
15. (Set down) by scribes
15 - (Written) by the hands of scribes