158 - (هل ينظرون) ما ينتظر المكذبون (إلا أن تأتيهم) بالتاء والياء (الملائكة) لقبض أرواحهم (أو يأتي ربك) أي أمره بمعنى عذابه (أو يأتي بعض آيات ربك) أي علاماته الدالة على الساعة (يوم يأتي بعض آيات ربك) وهي طلوع الشمس من مغربها كما في حديث الصحيحين (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) الجملة صفة النفس (أو) نفسا لم تكن (كسبت في إيمانها خيرا) طاعة أي لا تنفعها توبتها كما في الحديث (قل انتظروا) أحد هذه الأشياء (إنا منتظرون) ذلك
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : هل ينتظر هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام ، " إلا أن تأتيهم الملائكة" ، بالموت فتقبض أرواحهم ، أو أن يأتيهم ربك ، يا محمد ، بين خلقه في موقف القيامة، " أو يأتي بعض آيات ربك " ، يقول : أو أن يأتيهم بعض آيات ربك . وذلك فيما قال أهل التأويل : طلوع الشمس من مغربها.
ذكر من قال من أهل التأويل ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " إلا أن تأتيهم الملائكة " ، يقول : عند الموت حين توفاهم ، " أو يأتي ربك " ، ذلك يوم القيامة ، " أو يأتي بعض آيات ربك " ، طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " إلا أن تأتيهم الملائكة " ، بالموت ، " أو يأتي ربك " ، يوم القيامة، " أو يأتي بعض آيات ربك " ، قال : آية موجبة ، طلوع الشمس من مغربها، أو ما شاء الله .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة " ، يقول : بالموت ، " أو يأتي ربك " ، وذلك يوم القيامة ، " أو يأتي بعض آيات ربك " .
حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة" ، عند الموت ، أو يأتي ربك ، " أو يأتي بعض آيات ربك " ، يقول : طلوع الشمس من مغربها.
حدثنا ابن وكيع و ابن حميد قالا، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال ، قال عبد الله في قوله : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " ، قال : يصبحون والشمس والقمر من ههنا من قبل المغرب ، كالبعيرين القرينين . زاد ابن حميد في حديثه : فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ، وقال : كالبعيرين المقترنين
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة " ، تقبض الأنفس بالموت ، " أو يأتي ربك " ، يوم القيامة، " أو يأتي بعض آيات ربك " .
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، لا ينفع من كان قبل ذلك مشركاً بالله ، أن يؤمن بعد مجيء تلك الآية .
وقيل : إن تلك الآية التي أخبر الله جل ثناؤه أن الكافر لا ينفعه إيمانه عند مجيئها: طلوع الشمس من مغربها.
ذكر من قال ذلك ، وما ذكر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثني عيسى بن عثمان الرملي قال ، حدئنا يحيى بن عيسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها" ، قال : طلوع الشمس من مغربها ".
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن فضيل و جرير ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها . قال : فإذا رآها الناس آمن من عليها، فتلك ، حين " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " ".
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري و إسحق بن شاهين قالا، أخبرنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن يونس ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، " عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوما : أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ! قال : إنها تذهب إلى مستقرها تحت العرش ، فتخر ساجدة ، فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي من حيث شئت ، فتصبح طالعةً من مطلعها. ثم تجري إلى أن تنتهي إلى مستقر لها تحت العرش ، فتخر ساجدة ، فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي من حيث شئت ، فتصبح طالعة من مطلعها. ثم تجري لا ينكر الناس منها شيئاً، حتى تنتهي فتخر ساجدة في مستقر لها تحت العرش ، فيصبح الناس لا ينكرون منها شيئاً، فيقال لها: اطلعي من مغربك ، فتصبح طالعة من مغربها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون أي يوم ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : ذاك يوم " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ".
حدثنا مؤمل بن هشام و يعقوب بن إبراهيم قالا، حدثنا ابن علية عن يونس ، عن ابراهيم بن يزيد التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه .
" حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن زر ، عن صفوان بن عسال قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من قبل مغرب الشمس باباً مفتوحاً للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه . فإذا طلعت الشمس من نحوه ، لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً " .
حدثنا المفضل بن إسحق قال ، حدثنا أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد الإيامي ، عن أبيه ، عن زبيد ، عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عسال المرادي قال : ذكرت التوبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : للتوبة باب بالمغرب مسيرة سبعين عاماً -أو: أربعين عاماً - فلا يزال كذلك حتى يأتي بعض آيات ربك .
حدثني محمد بن عمارة قال ، حدثنا سهل بن عامر قال ، حدثنا مالك ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عسال أنه قال : إن بالمغرب باباً مفتوحاً للتوبة مسيرة سبعين عاماً ، فإذا طلعت الشمس من مغربها، لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن فضيل ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، " عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا طلعت ورآها الناس ، آمن من عليها، فذلك حين " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " " .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا خالد بن مخلد قال ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن العلاء ، عن ،أبيه ، " عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطبع الشمس من مغربها، فيومئذ يؤمن الناس كلهم أجمعون ، وذلك حين " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ".
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، " عن أبي هريرة قال : التوبة مقبولة، ما لم تطلع الشمس من مغربها " .
حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال ، حدثنا ابن عياش قال ، حدثنا ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن مالك بن يخامر ، عن معاوية بن أبي سفيان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا طلعت ، طبع على كل قلب بما فيه ، وكفي الناس العمل " .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبو أسامة و جعفر بن عون ، بنحوه .
حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية ، عن أبي حيان التيمي ، عن أبي زرعة قال : جلس ثلاثة من المسلمين إلى مروان بن الحكم بالمدينة، فسصوه وهو يحدث عن الآيات : إن أولها خروجا الدجال ، فانصرف القوم إلى عبد الله بن عمرو فحدثوه بذلك ، فقال : لم يقل مروان شيئاً! قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئاً لم أنسه ، لقد " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، أو خروج الدابة على الناس ضحى، أيتهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على أثرها قريبا ". ثم قال عبد الله بن عمرو ، وكان يقرأ الكتب : أظن أولهما خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فيؤذن لها في الرجوع ، حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها، فعلت كما كانت تفعل ، أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فلم يرد عليها شيئاً ، فتفعل ذلك ثلاث مرات ، لا يرد عليها بشيء . حتى إذا ذهب من الليل ما شاء ألله أن يذهب ، وعرفت أن لو أذن لها لم تدرك المشرق ، قالت : ما أبعد المشرق ! رب ، من لي بالناس ! حتى إذا صار الأفق كأنه طوق ، استأذنت في الرجوع ، فقيل لها : اطلعي من مكانك ، فتطلع من مغربها . ثم قرأ : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها " ، إلى آخر الاية .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو ربيعة فهد قال ، حدثنا حماد ، عن يحيى بن سعيد أبي حيان ، عن الشعبي : أن ثلاثة نفر دخلوا على مروان بن الحكم ، فذكر نحوه ، عن عبد الله بن عمرو .
حدننا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر قال ، سمعت عاصم بن أبي النجود ، يحدث عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عسال ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بالمغرب باباً مفتوحاً للتوبة مسيرة سبعين عاماً، لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه " .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو خالد ، عن حجاج ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عسال قال : إذا طلعت الشمس من مغربها، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو ربيعة فهد قال ، حدثنا عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش قال : غدوت إلى صفوان بن عسال فقال :" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن باب التوبة مفتوح من قبل المغرب ، عرضه مسيرة سبعين عاماً، فلا يزال مفتوحاً حتى تطلع من قبله الشمس . ثم قرأ: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " ، إلى " خيرا" " .
حدثني الربيع بن سليمان قال ، حدثنا شعيب بن الليث قال ، حدثنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز : أنه قال : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من المغرب . قال : فإذا طلعت الشمس من المغرب أمن الناس كلهم ، وذلك حين " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون " ".
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها قبل منه " .
حدثني المثنى قال ، حدثنا فهد قال ، حدثنا حماد ، عن يونس بن عبيد ، عن إبراهيم بن يزيد التيمي ، عن أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشمس إذا غربت أتت تحت العرش فسجدت ، فيقال لها : اطلعي من حيث غربت ، ثم قرأ هذه الأية : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة"، إلى آخر الآية ".
حدثني المثنى قال ، حدثنا يزيد بن هرون ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : "كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على حمار، فنظر إلى الشمس حين غربت فقال : إنها تغرب في عين حامية، تنطلق حتى تخر لربها ساجدة تحت العرش ، حتى يأذن لها، فإذا أراد أن يطلعها من مغربها حبسها، فتقول : يا رب ، إن مسيري بعيداً فيقول لها : اطلعي من حيث غربت ! فذلك حين " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " ".
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبدة ، عن موسى بن المسيب ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : " نظر النبي صلى الله عليه وسلم يوما إلى الشمس فقال : يوشك أن تجيء حتى تقف بين يدي الله ، فيقول : ارجعي من حيث جئت ،! فعند ذلك : "لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " " .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أبن عباس قوله : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ، فهو أنه لا ينفع مشركاً إيمانه عند الآيات ، وينفع أهل الإيمان عند الآيات إن كانوا اكتسبوا خيرا قبل ذلك . قال ابن عباس : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية من العشيات فقال لهم : يا عباد الله ، توبوا إلى الله ، فإنكم توشكون أن تروا الشمس من قبل المغرب ، فإذا فعلت ذلك ، حبست التوبة ، وطوي العمل ، وختم الإيمان . فقال الناس : هل لذلك من آية يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن آية تلكم الليلة ، أن تطول كقدر ثلاث ليال ، فيستيقظ الذين يخشون ربهم ، فيصلون له ، ثم يقضون صلاتهم والليل مكانه لم ينقض ، ثم يأتون مضاجعهم فينامون . حتى إذا استيقظوا والليل مكانه ، فإذا رأوا ذلك خافوا أن يكون بين يدي أمر عظيم . فإذا أصبحوا وطال عليهم طلوع الشمس ، فبينا هم ينتظرونها إذ طلعت عليهم من قبل المغرب ، فإذا فعلت ذلك لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ".
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة : أنه سمعه يقول :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا كلهم أجمعون ، فيومئذ " لا ينفع نفسا إيمانها" ، الاية " .
وبه قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، أخبرني ابن أبي عتيق ، أنه سمح عبيد بن عمير يتلو: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها" ، قال ، يقول : كنا نحدث ، والله أعلم ، أنها الشمس تطلع من مغربها. قال ابن جريج ، وأخبرني عمرو بن دينار : أنه سمع عبيد بن عمير يقول ذلك . قال ابن جريج ، وأخبرني عبد الله بن أبي مليكة : كأنه سمع عبد الله بن عمرو يقول : إن الآية التي لا ينفع نفسا إيمانها، إذا طلعت الشمس من مغربها . قال ابن جريج : وقال مجاهد ذلك أيضاً .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن ابن مسعود : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها"، قال : طلوع الشمس من مغربها.
حدثنا محمد بن بشار و محمد بن المثنى قالا، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال ، سمعت قتادة يحدث ، عن زرارة بن أوفى ، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي و عبد الوهاب ، عن عوف ، عن ابن سيرين قال ، حدثني أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود قال : كان عبدالله بن مسعود يقول : ما ذكر من الآيات فقد مضين غير أربع : طلوع الشمس من مغربها ، ودابة الأرض ، والدجال ، وخروج يأجوج ومأجوج ، والآية التي تختم بها الأعمال : طلوع الشمس من مغربها. ألم تر أن الله قال : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " ، قال : فهي طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : قال عبد الله : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها" ، قال : طلوع الثمس من مغربها مع القمر، كأنهما بعيران مقرونان.
قال شعبة ، وحدثنا قتادة ، عن زرارة ، عن عبد الله بن مسعود : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها.
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبدالله بن مسعود : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر، كالبعيرين المقترنين .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور و الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها" ، قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر، كالبعيرين القرينين .
وقال ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، وأبيه ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن عبد الله قال : التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها.
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن ابن أم عبد كان يقول : لا يزال باب التوبة مفتوحاً حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا رأى الناس ذلك آمنوا، وذلك حين " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" .
حدثنا بشر قال ، حدثنا عبد الله بن جعفر قال ، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا طلعت آمن الناس كلهم ، فيومئذ " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" " .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبيد بن عمير : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها .
وقال ، حدثنا أبي ، عن الحسن بن عقبة ، أبي كيران ، عن الضحاك : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها " ، قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا إسرائيل قال ، أخبرني أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن ابن مسعود في قوله : " لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل " ، قال : لا تزال التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني أبو صخر ، عن القرظي : أنه كان يقول في هذه الآية : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " ، يقول : إذا جاءت الآيات لم ينفع نفساً إيمانها . يقول : طلوع الشمس من مغربها .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عشال : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحق ، عن وهب بن جابر ، عن عبد الله بن عمرو : " يوم يأتي بعض آيات ربك " ، قال : طلوع الشمس من مغربها .
وقال آخرون : بل ذلك بعض الآيات الثلاث : الدابة، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جعفر بن عون ، عن المسعودي ، عن القاسم قال ، قال عبد الله : التوبة معروضة على ابن ادم إن قبلها، ما لم تخرج إحدى ثلاث : ما لم تطلع الشمس من مغربها ، أو الدابة ، أو فتح يأجوج ومأجوج .
حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال عبد الله : التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها، ما لم تخرج إحدى ثلاث : الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج يأجوج ومأجوج .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن عامر ، عن عائشة قالت : إذا خرج أول الايات ، طرحت الأقلام ، وحبست الحفظة ، وشهدت الأجساد على الأعمال .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث إذا خرجت " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض " .
حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا معاوية بن عبد الكريم قال ، حدثنا الحسن قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، والدخان ، ودابة الأرض ، وخويصة أحدكم ، وأمر العامة" .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ، فذكر نحوه .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ، ما تظاهرت به الأخبار " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ذلك حين تطلع الشمس من مغربها ".
وأما قوله : " أو كسبت في إيمانها خيرا" ، فإنه يعني : أو عملت في تصديقها بالله خيرا، من عمل صالح يصدق قيله ويحققه ، من قبل طلوع الشمس من مغربها. ولا ينفع كافرا لم يكن آمن بالله قبل طلوعها كذلك ، إيمانه بالله إن آمن وصدق بالله ورسله ، لأنها حالة لا تمتنع نفسق من الإقرار بالله ، لعظيم الهول الوارد عليهم من أمر الله ، فحكم إيمانهم ، كحكم إيمانهم عند قيام الساعة، وتلك حال لا يمتنع الخلق مات الإقرار بوحدانية الله ، لمعاينتهم من أهوال ذلك اليوم ما ترتفع معه حاجتهم إلى الفكر والاستدلال والبحث والاعتبار، ولا ينفع من كان بالله وبرسله مصدقاً، ولفرائض الله مضيعاً، غير مكتسب بجوارحه لله طاعة، إذا هي طلعت من مغربها، أعماله إن عمل ، وكسبه إن اكتسب ، لتفريطه الذي سلف قبل طلوعها في ذلك ، كما:
حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ، يقول : كسبت في تصديقها خيراً، عملاً صالحاً. فهوعلاء أهل القبلة . وإن كانت مصدقة ولم تعمل قبل ذلك خيراً، فعملت بعد أن رأت الآية، لم يقبل منها. وإن عملت قبل الآية خيراً، ثم عملت بعد الآية خيراً، قبل منها .
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها" ، قال : من أدركه بعض الآيات وهو على عمل صالح مع إيمانه ، قبل الله منه العمل بعد نزول الآية، كما قبل منه قبل ذلك .
قال أبو جعفر : يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام : انتظروا أن تأتيكم الملائكة بالموت فتقبض أرواحكم ، أو أن يأتي ربكم لفصل القضاء بيننا وبينكم في موقف القيامة، أو أن يأتيكم طلوع الشمس من مغربها، فتطوى صحف الأعمال ، ولا ينفعكم إيمانكم حينئذ إن آمنتم ، حتى تعلموا حينئذ المحق منا من المبطل ، والمسيء من المحسن ، والصادق من الكاذب ، وتتبينوا عند ذلك بمن يحيق عذاب الله وأليم نكاله ، ومن الناجي منا ومنكم ومن الهالك -إنا منتظرو ذلك ، ليجزل الله لنا ثوابه على طاعتنا إياه ، وإخلاصنا العبادة له ، وإفرادناه بالربوبية دون ما سواه ، ويفصل بيننا وبينكم بالحق ، وهوخير الفاصلين .
قوله تعالى: "هل ينظرون" معناه أقمت عليهم الحجة وأنزلت عليهم الكتاب فلم يؤمنوا، فماذا ينتظرون. "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة" أي عند الموت لقبض أرواحهم. "أو يأتي ربك" قال ابن عباس والضحاك: أمر ربك فيهم بالقتل أو غيره، وقد يذكر المضاف إليه والمراد به المضاف، كقوله تعالى: "واسأل القرية" [يوسف: 82] يعني أهل القرية. وقوله: "وأشربوا في قلوبهم العجل" [البقرة: 93] أي حب العجل. كذلك هنا: يأتي أمر ربك، أي عقوبة ربك وعذاب ربك. ويقال: هذا من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله. وقد تقدم القول في مثله في البقرة وغيرها. "أو يأتي بعض آيات ربك" قيل: هو طلوع الشمس من مغربها، بين بهذا أنهم يمهلون في الدنيا فإذا ظهرت الساعة فلا إمهال. وقيل: إتيان الله تعالى مجيئه لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة، كما قال تعالى: "وجاء ربك والملك صفا صفا". [الفجر: 22]. وليس مجيئه تعالى حركة ولا انتقالاً ولا زوالاً، لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسماً أو جوهراً. والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون: يجيء وينزل ويأتي. ولا يكيفون، لأنه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11]. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض" وعن صفوان بن عسال المرادي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن بالمغرب باباً مفتوحاً للتوبة مسيرة سبعين سنة لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه". أخرجه الدارقطني [والدارمي] والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال سفيان: قبل الشام، خلقه الله يوم خلق السموات والأرض. مفتوحاً يعني للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه. قال: حديث حسن صحيح.
قلت: وكذب بهذا كله الخوارج والمعتزلة كما تقدم. وروى ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب فقال: يا أيها الناس، إن الرجم فلا تخدعن عنه، وإن آية ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم، وأن أبا بكر قد رجم، وأنا قد رجمنا بعدهما، وسيكون قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا. ذكره أبو عمر. وذكر الثعلبي في حديث فيه طول عن أبي هريرة "عن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: أن الشمس تحبس عن الناس- تكثر المعاصي في الأرض، ويذهب المعروف فلا يأمر به أحد، ويفشو المنكر فلا ينهى عنه- مقدار ليلة تحت العرش، كلما سجدت واستأذنت ربها تعالى من أين تطلع لم يجئ لها جواب حتى يوافيها القمر فيسجد معها، ويستأذن من أين يطلع فلا يجاء إليهما جواب حتى يحبسا مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر، فلا يعرف طول تلك الليلة إلا المتهجدون في الأرض، وهم يومئذ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين. فإذا تم لهما مقدار ثلاث ليال أرسل الله تعالى إليهما جبرائيل عليه السلام فيقول: إن الرب سبحانه وتعالى يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منه، وأنه لا ضوء لكما عندنا ولا نور فيطلعان من مغاربهما أسودين، لا ضوء للشمس ولا نور للقمر، مثلهما في كسوفهما قبل ذلك. فذلك قوله تعالى: "وجمع الشمس والقمر" [القيامة: 9] وقوله: "إذا الشمس كورت" [التكوير: 1] فيرتفعان كذلك مثل البعيرين المقرونين، فإذا ما بلغ الشمس والقمر سرة السماء وهي منصفها جاءهما جبريل عليه السلام فأخذ بقرونهما وردهما إلى المغرب، فلا يغربهما من مغاربهما ولكن يغربهما من باب التوبة ثم يرد المصراعين، ثم يلتئم ما بينهما فيصير كأنه لم يكن بينهما صدع. فإذا أغلق باب التوبة لم تقبل لعبد بعد ذلك توبة، ولم تنفعه بعد ذلك حسنة يعملها، إلا من كان قبل ذلك محسناً فإنه يجري عليه ما كان عليه قبل ذلك اليوم، فذلك قوله تعالى: "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا". ثم إن الشمس والقمر يكسيان بعد ذلك الضوء والنور، ثم يطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك يطلعان ويغربان". قال العلماء: وإنما لا ينفع نفساً إيمانها عند طلوعها من مغربها، لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل شهوة من شهوات النفس، وتفتر كل قوة من قوى البدن، فيصير الناس كلهم لإيقانهم بدنو القيامة في حال من حضره الموت في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم وبطلانها من أبدانهم، فمن تاب في مثل هذه الحال لم تقبل توبته، كما لا تقبل توبة من حضره الموت. قال صلى الله عليه وسلم:
"إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" أي تبلغ روحه رأس حلقه، وذلك وقت المعاينة الذي يرى فيه مقعده من الجنة أو مقعده من النار، فالمشاهد لطلوع الشمس من مغربها مثله. وعلى هذا ينبغي أن تكون توبة كل من شاهد ذلك أو كان كالمشاهد له مردودة ما عاش، لأن علمه بالله تعالى وبنبيه صلى الله عليه وسلم وبوعده قد صار ضرورة. فإن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس من هذا الأمر العظيم ما كان، ولا يتحدثوا عنه إلا قليلاً، فيصير الخبر عنه خاصاً وينقطع التواتر عنه، فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب قبل منه. والله أعلم. وفي صحيح مسلم "عن عبد الله قال:
حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحىً وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريباً". وفيه "عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن أسفل منه، فاطلع إلينا فقال:
ما تذكرون؟ قلنا: الساعة. قال: إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات. خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس". قال شعبة: وحدثني عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن أبي سريحة مثل ذلك، لا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أحدهما في العاشرة: ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم. وقال الآخر: وريح تلقي الناس في البحر.
قلت: وهذا حديث متقن في ترتيب العلامات. وقد وقع بعضها وهي الخسوفات على ما ذكر أبو الفرج الجوزي من وقوعها بعراق العجم والمغرب، وهلك بسببها خلق كثير، ذكره في كتاب فهوم الآثار وغيره. ويأتي ذكر الدابة في النمل. ويأجوج ومأجوج في الكهف. ويقال: إن الآيات تتتابع كالنظم في الخيط عاماً فعاماً. وقيل: إن الحكمة في طلوع الشمس من مغربها أن إبراهيم عليه السلام قال لنمرود: "فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر" [البقرة: 258] وأن الملحدة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك ويقولون: هو غير كائن، فيطلعهما الله تعالى يوماً من المغرب ليري المنكرين قدرته أن الشمس في ملكه، إن شاء أطلعها من المشرق وإن شاء أطلعها من المغرب. وعلى هذا يحتمل أن يكون رد التوبة والإيمان على من آمن وتاب من المنكرين لذلك المكذبين لخبر النبي صلى الله عليه وسلم بطلوعها، فأما المصدقون لذلك فإنه تقبل توبتهم وينفعهم إيمانهم قبل ذلك. وروي عن عبد الله بن عباس أنه قال: لا يقبل من كافر عمل ولا توبة إذا أسلم حين يراها، إلا من كان صغيراً يومئذ، فإنه لو أسلم بعد ذلك قبل ذلك منه. ومن كان مؤمناً مذنباً فتاب من الذنب قبل منه. وروي عن عمران بن حصين أنه قال: إنما لم تقبل توبته وقت طلوع الشمس حين تكون صيحة فيهلك فيها كثير من الناس، فمن أسلم أو تاب في ذلك الوقت وهلك لم تقبل توبته، ومن تاب بعد ذلك قبلت توبته، ذكره أبو الليث السمرقندي في تفسيره. وقال عبد الله بن عمر[و]: يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة حتى يغرسوا النخل. والله بغيبه أعلم.
وقرأ ابن عمر وابن الزبير يوم يأتي بالتاء، مثل تلتقطه بعض السيارة. وذهبت بعض أصابعه. وقال جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
قال المبرد: التأنيث على المجاورة لمؤنث لا على الأصل. وقرأ ابن سيرين لا تنفع بالتاء قال أبو حاتم: يذكرون أن هذا غلط من ابن سيرين. قال النحاس: في هذا شيء دقيق من النحو ذكره سيبويه، وذلك أن الإيمان والنفس كل واحد منهما مشتمل على الآخر فأنث الإيمان إذ هو من النفس وبها، وأنشد سيبويه:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم
قال المهدوي: وكثيراً ما يؤنثون فعل المضاف المذكر إذا كانت إضافته إلى مؤنث، وكان المضاف بعض المضاف إليه أو منه أو به، وعليه قول ذي الرمة:
مشين... البيت
فأنث المر لإضافته إلى الرياح وهي مؤنثة، إذ كان المر من الرياح. قال النحاس: وفيه قول آخر وهو أن يؤنث الإيمان لأنه مصدر كما يذكر المصدر المؤنث، مثل: "فمن جاءه موعظة من ربه" [البقرة: 275] وكما قال:
فقد عذرتنا في صحابته العذر
ففي أحد الأقوال أنث العذر لأنه بمعنى المعذرة. "قل انتظروا إنا منتظرون" بكم العذاب.
يقول تعالى متوعداً للكافرين به والمخالفين لرسله والمكذبين بآياته والصادين عن سبيله "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك" وذلك كائن يوم القيامة "أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها" وذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة وأشراطها حين يرون شيئاً من أشراط الساعة كما قال البخاري في تفسير هذه الاية حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة حدثنا أبو زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها" فذلك حين "لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل".
حدثنا إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها" وفي لفظ "فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" ثم قرأ هذه الاية. هكذا روي هذا الحديث من هذين الوجهين ومن الوجه الأول أخرجه بقية الجماعة في كتبهم إلا الترمذي من طرق عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة بن جرير عن أبي هريرة به.
وأما الطريق الثاني فرواه عن إسحاق غير منسوب وقيل هو ابن منصور الكوسج وقيل إسحاق بن نصر والله أعلم, وقد رواه مسلم عن محمد بن رافع الجنديسابوري كلاهما عن عبد الرزاق به, وقد ورد هذا الحديث من طرق أخر عن أبي هريرة كما انفرد مسلم بروايته من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة به. وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً, طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض" ورواه أحمد عن وكيع عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم سلمان عن أبي هريرة به وعنده والدخان, ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب عن وكيع ورواه هو أيضاً والترمذي من غير وجه عن فضيل بن غزوان به, ورواه إسحاق بن عبد الله القروي عن مالك بن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة, ولكن لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه لضعف القروي ـ والله أعلم .
وقال ابن جرير حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا شعيب بن الليث عن أبيه عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت آمن الناس كلهم وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" الاية, ورواه ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة به ورواه وكيع عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة به, أخرج هذه الطرق كلها الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره, وقال ابن جرير: حدثنا الحسن بن يحيى أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها قبل منه" لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة .
(حديث آخر) عن أبي ذر الغفاري في الصحيحين وغيرهما من طرق عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي عن أبيه عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتدري أين تذهب الشمس إذا غربت ؟" قلت: لا أدري قال: "إنها تنتهي دون العرش فتخر ساجدة ثم تقوم حتى يقال لها ارجعي فيوشك يا أبا ذر أن يقال لها ارجعي من حيث جئت وذلك حين "لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" " .
(حديث آخر) عن حذيفة بن أسيد بن أبي شريحة الغفاري رضي الله عنه, قال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن فرات عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها, والدخان والدابة, وخروج يأجوج ومأجوج, وخروج عيسى ابن مريم, وخروج الدجال, وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب, وخسف بجزيرة العرب, ونار تخرج من قعر عدن تسوق أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا" وهكذا رواه مسلم وأهل السنن الأربعة من حديث فرات القزاز عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد به وقال الترمذي: حسن صحيح.
(حديث آخر) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه, قال الثوري عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما آية طلوع الشمس من مغربها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين فينتبه الذين كانوا يصلون فيها فيعملون كما كانوا يعملون قبلها والنجوم لا ترى قد غابت مكانها ثم يرقدون ثم يقومون فيصلون ثم يرقدون ثم يقومون فيطل عليهم جنوبهم حتى يتطاول عليهم الليل فيفزع الناس ولا يصبحون فبينما هم ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذ طلعت من مغربها فإذا رآها الناس آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم" رواه ابن مردويه, وليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه ـ والله أعلم ـ.
(حديث آخر) عن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه وأرضاه. قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي ليلى عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها " قال: "طلوع الشمس من مغربها" ورواه الترمذي عن سفيان بن وكيع عن أبيه به وقال غريب, ورواه بعضهم ولم يرفعه, وفي حديث طالوت بن عباد عن فضال بن جبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أول الايات طلوع الشمس من مغربها" وفي حديث عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله فتح باباً قبل المغرب عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه" رواه الترمذي وصححه النسائي وابن ماجه في حديث طويل .
(حديث آخر) عن عبد الله بن أبي أوفى قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم, حدثنا أحمد بن حازم حدثنا ضرار بن صرد, حدثنا ابن فضيل عن سليمان بن يزيد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليالي من لياليكم هذه فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام فبينما هم كذلك إذ صاح الناس بعضهم في بعض فقالوا ما هذا فيفزعون إلى المساجد فإذا هم بالشمس قد طلعت حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها ـ قال حينئذ ـ لا ينفع نفساً إيمانها" هذا حديث غريب من هذا الوجه وليس هو في شيء من الكتب الستة.
(حديث آخر) عن عبد الله بن عمرو. قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير قال: جلس ثلاثة نفر من المسلمين إلى مروان بالمدينة فسمعوه وهو يحدث عن الايات يقول إن أولها الدجال قال فانصرفوا إلى عبد الله بن عمرو فحدثوه بالذي سمعوه من مروان في الايات فقال: لم يقل مروان شيئاً حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن أول الايات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحى فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها" ثم قال عبد الله وكان يقرأ الكتب وأظن أولها خروجاً طلوع الشمس من مغربها وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش وسجدت واستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل, أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فلم يرد عليها شيء ثم استأذنت في الرجوع فلا يرد عليها شيء حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب وعرفت أنه إذا أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق قالت: رب ما أبعد المشرق من لي بالناس, حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع فيقال لها: من مكانك فاطلعي فطلعت على الناس من مغربها, ثم تلا عبد الله هذه الاية "لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" الاية, وأخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود وابن ماجه في سننيهما من حديث أبي حيان التيمي واسمه يحيى بن سعيد بن حيان بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير به.
(حديث آخر عنه) قال الطبراني حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زريق الحمصي, حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار, حدثنا ابن لهيعة عن يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجداً ينادي ويجهر إلهي مرني أن أسجد لمن شئت ـ قال ـ فيجتمع إليه زبانيته فيقولون كلهم ما هذا التضرع فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم ـ قال ـ ثم تخرج دابة الأرض من صدع في الصفا ـ قال ـ فأول خطوة تضعها بأنطاكيا فتأتي إبليس فتلطمه" هذا حديث غريب جداً وسنده ضعيف ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك فأما رفعه فمنكر, والله أعلم.
(حديث آخر) عن عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين. قال الإمام أحمد: حدثنا الحكم بن نافع, حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر عن ابن السعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل" فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الهجرة خصلتان إحداهما تهجر السيئات والأخرى تهاجر إلى الله ورسوله ولا تنقطع ما تقبلت التوبة ولا تزال التوبة تقبل حتى تطلع الشمس من مغربها, فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفي الناس العمل" هذا الحديث حسن الإسناد ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة, والله أعلم.
(حديث آخر) عن ابن مسعود رضي الله عنه. قال عوف الأعرابي عن محمد بن سيرين حدثني أبو عبيدة عن ابن مسعود أنه كان يقول ما ذكر من الايات فقد مضى غير أربع. طلوع الشمس من مغربها, والدجال, ودابة الأرض, وخروج يأجوج ومأجوج. قال وكان يقول الاية التي تختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها ألم تر أن الله يقول "يوم يأتي بعض آيات ربك" الاية كلها يعني طلوع الشمس من مغربها. حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه عن ابن عباس مرفوعاً فذكر حديثاً طويلاً غريباً منكراً رفعه, وفيه أن الشمس والقمر يطلعان يومئذ من المغرب مقرونين وإذا انتصفا السماء رجعا ثم عادا إلى ما كانا عليه وهو حديث غريب جداً بل منكر بل موضوع إن ادعي أنه مرفوع, فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه وهو الأشبه فغير مدفوع, والله أعلم.
وقال سفيان عن منصور عن عامر عن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا خرج أول الايات طرحت وحبست الحفظة وشهدت الأجساد على الأعمال رواه ابن جرير رحمه الله تعالى, فقوله تعالى: "لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" أي إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ لا يقبل منه فأما من كان مؤمناً قبل ذلك فإن كان مصلحاً في عمله فهو بخير عظيم وإن لم يكن مصلحاً فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة وعليه يحمل قوله تعالى: "أو كسبت في إيمانها خيراً" أي ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملاً به قبل ذلك. وقوله تعالى: "قل انتظروا إنا منتظرون" تهديد شديد للكافرين ووعيد أكيد لمن سوف بإيمانه وتوبته إلى وقت لا ينفعه ذلك وإنما كان هذا الحكم عند طلوع الشمس من مغربها لاقتراب الساعة وظهور أشراطها كما قال "فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم" وقوله تعالى: " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " الاية.
أي لما أقمنا عليهم الحجة وأنزلنا الكتاب على رسولنا المرسل إليهم، فلم ينفعهم ذلك ولم يرجعوا به عن غوايتهم فما بقي بعد هذا إلا أنهم 158- "ينظرون" أي ينتظرون "أن تأتيهم الملائكة" أي ملائكة الموت لقبض أرواحهم، وعند ذلك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل "أو يأتي ربك" يا محمد كما اقترحوه بقولهم: "لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا" وقيل معناه: أو يأتي أمر ربك بإهلاكهم، وقيل المعنى: أو يأتي كل آيات ربك بدليل قوله: "أو يأتي بعض آيات ربك" وقيل: هو من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، وقد جاء في القرآن حذف المضاف كثيراً كقوله "واسأل القرية" وقوله: "وأشربوا في قلوبهم العجل" أي حب العجل، وقيل: إتيان الله مجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين خلقه كقوله: "وجاء ربك والملك صفاً صفاً". قوله: "يوم يأتي بعض آيات ربك". قرأ ابن عمر وابن الزبير "يوم تأتي" بالفوقية، وقرأ الباقون بالتحتية. قال المبرد: التأنيث على المجاورة لمؤنث لا على الأصل ومنه قول جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
وقرأ ابن سيرين: لا تنفع بالفوقية. قال أبو حاتم: إن هذا غلط عن ابن سيرين. وقد قال الناس في هذا شيء دقيق من النحو ذكره نفطويه، وذلك أن الإيمان والنفس كل واحد منهما مشتمل على الآخر، فأنث الإيمان إذ هو من النفس. قال النحاس: وفيه وجه آخر وهو أن يؤنث الإيمان، لأنه مصدر كما يذكر المصدر المؤنث مثل "فمن جاءه موعظة من ربه". معنى "يوم يأتي بعض آيات ربك" يوم يأتي الآيات التي اقترحوها، وهي التي تضطرهم إلى الإيمان "لا ينفع نفساً إيمانها" أو ما هو أعم من ذلك فيدخل فيه ما ينتظرونه، وقيل: هي الآيات التي هي علامات القيامة المذكورة في الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي إذا جاءت لا ينفع نفساً إيمانها. قوله: "لم تكن آمنت من قبل" أي من قبل إتيان بعض الآيات، فأما التي قد كانت آمنت من قبل مجيء بعض الآيات فإيمانها ينفعها، وجملة "لم تكن آمنت من قبل" في محل نصب على أنها صفة نفساً. قوله: "أو كسبت في إيمانها خيراً" معطوف على "آمنت" والمعنى: أنه لا ينفع نفساً إيمانها عند حضور الآيات متصفة بأ،ها لم تكن آمنت من قبل، أو آمنت من قبل ولكن لم تكسب في إيمانها خيراً، فحصل من هذا أنه لا ينفع إلا الجمع بين الإيمان من قبل مجيء بعض الآيات مع كسب الخير في الإيمان، فمن آمن من قبل فقط ولم يكسب خيراً في إيمانه أو كسب خيراً ولم يؤمن فإن ذلك غير نافعه، وهذا التركيب هو كقولك: لا أعطي رجلاً اليوم أتاني لم يأتني بالأمس أو لم يمدحني في إتيانه إلي بالأمس، فإن المستفاد من هذا أنه لا يستحق العطاء إلا رجل أتاه بالأمس ومدحه في إتيانه إليه بالأمس، ثم أمره الله سبحانه أن يقول لهم: انتظروا ما تريدون إتيانه إنا منتظرون له، وهذا تهديد شديد ووعيد عظيم، وهو يقوي ما قيل في تفسير "يوم يأتي بعض آيات ربك" أنها الآيات التي اقترحوها من إتيان الملائكة وإتيان العذاب لهم من قبل الله كما تقدم بيانه.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة" قال: عند الموت "أو يأتي ربك" قال: يوم القيامة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في تفسير الآية مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل "أو يأتي ربك" قال: يوم القيامة في ظلل من الغمام. وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "يوم يأتي بعض آيات ربك" قال: طلوع الشمس من مغربها. قال الترمذي: غريب. ورواه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي سعيد موقوفاً. وأخرجه الطبراني وابن عدي وابن مردويه من حديث أبي هريرة مرفوعاً. وأخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ونعيم بن حماد والطبراني عن ابن مسعود موقوفاً. فإذا ثبت رفع هذا التفسير النبوي من وجه صحيح لا قادح فيه فهو واجب التقديم له متحتم الأخذ به، ويؤيده ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها، ثم قرأ الآية". وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن أبي ذر مرفوعاً نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس مرفوعاً نحوه أيضاً. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: "أو كسبت في إيمانها خيراً" يقول: كسبت في تصديقها عملاً صالحاً هؤلاء أهل القبلة وإن كانت مصدقة لم تعمل قبل ذلك خيراً فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها، وإن عملت قبل الآية خيراً، ثم عملت بعد الآية خيراً قبل منها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله: "أو كسبت في إيمانها خيراً" قال: يعني المسلم الذي لم يعمل في إيمانه خيراً وكان قبل الآية مقيماً على الكبائر. والآيات التي هي علامات القيامة قد وردت الأحاديث المتكاثرة في بيانها وتعدادها، وهي مذكورة في كتب السنة.
158- قوله تعالى: " هل ينظرون "، أي: هل ينتظرون بعد تكذيبهم الرسل وإنكارهم القرآن، " إلا أن تأتيهم الملائكة "، لقبض أرواحهم، وقيل: بالعذاب، قرأ حمزة و الكسائي ( يأتيهم ) بالياء ها هنا وفي النحل، والباقون بالتاء، " أو يأتي ربك "، بلا كيف، لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة، " أو يأتي بعض آيات ربك "، يعني طلوع الشمس من مغربها، عليه أكثر المفسرين ورواه أبو سعيد الخدري مرفوعا." يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل "، أي: لا ينفعهم الإيمان عند ظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان، " أو كسبت في إيمانها خيراً "، يريد: لا يقبل إيمان كافر ولا توبة فاسق " قل انتظروا "، يا أهل مكة، " إنا منتظرون "، بكم العذاب.
أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام بن منبه ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعين ، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا حاجب بن أحمد الطوسي أنا محمد بن حماد ثنا أبو معاوية الأعمش عن عمر بن مرة عن عبيدة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يدا الله بسطان لمسيء الليل ليتوب بالنهار، ولمسيء النهار ليتوب بالليل، حتى تطلع الشمس من مغربها ".
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ثنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا النضر بن شميل أنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ".
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو منصور السمعاني أنا أبو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا أحمد بن عبد الله أنا حماد بن زيد أنا عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي فذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن الله عز وجل جعل بالمغرب باباً مسيرة عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله "، وذلك قول الله تعالى: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ".
وروى أبو حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها ".
158" هل ينظرون " أي ما ينتظرون يعني أهل مكة ، وهم ما كانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظرين " إلا أن تأتيهم الملائكة " ملائكة الموت أو العذاب . وقرأ حمزة و الكسائي بالياء هنا وفي النحل " أو يأتي ربك " بالعذاب ، أو كل آية يعني آيات القيامة والهلاك الكلي لقوله : " أو يأتي بعض آيات ربك " يعني أشراط الساعة وعن حذيفة بن اليمان والبراء بن عازب " كنا نتذاكر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تذاكرون ؟ قلنا : نتذاكر الساعة ، قال : إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات : الدخان ، ودابة الأرض ، وخسفا بالمشرق ، وخسفا بالمغرب ، وخسفا بجزيرة العرب ، والدجال وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ونارا تخرج من عدن " " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها " كالمحتضر إذ صار الأمر عيانا والإيمان برهاني . وقرئ تنفع بالتاء لإضافة الإيمان إلى ضمير المؤنث " لم تكن آمنت من قبل " صفة نفسا " أو كسبت في إيمانها خيراً " عطف على " آمنت " والمعنى : أنه لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها أو مقدمة إيمانها غير كاسبة في إيمانها خيرا ، وهو دليل لمن لم يعتبر الإيمان المجرد عن العمل وللمعتبر تخصيص هذا الحكم بذلك اليوم ، وحمل الترديد على اشتراط النفع بأحد الأمرين على معنى لا ينفع نفسا خلت عنها إيمانها ، والعطف على لم تكن بمعنى لا ينفع نفسا إيمانها الذي حدثته حينئذ وإن كسبت فيه خيرا " قل انتظروا إنا منتظرون " وعيد لهم ، أي : انتظروا إتيان أحد الثلاثة فإنا منتظرون له وحينئذ لنا الفوز وعليكم الويل .
158. Wait they, indeed, for nothing less than that the angels should come unto them, or thy Lord should come, or there should come one of the portents from thy Lord? In the day when one of the portents from they Lord cometh, its belief availeth naught a soul which theretofore believed not, nor in its belief earned good (by works). Say: Wait ye! Lo! We (too) are waiting.
158 - Are they waiting to see if the angels come to them, or thy lord (himself), or certain of the signs of thy lord the day that certain of the signs of thy lord do come, no good will it do to a soul to believe in them then, if it believed not before nor earned righteousness through its faith. say: wait ye: we too are waiting.