159 - (وإن ربك لهو العزيز الرحيم)
القول في تأويل قوله تعالى : " و إن ربك لهو العزيز الرحيم " .
قوله تعالى : " وإن ربك لهو العزيز الرحيم ".
يقول تعالى مخبراً عن ثمود في جوابهم لنبيهم صالح عليه السلام حين دعاهم إلى عبادة ربهم عز وجل أنهم "قالوا إنما أنت من المسحرين" قال مجاهد وقتادة : يعنون من المسحورين. وروى أبو صالح عن ابن عباس "من المسحرين" يعني من المخلوقين, واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر:
فإن تسألينا: فيم نحن ؟ فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
يعني الذين لهم سحور, والسحر هو الرئة. والأظهر في هذا قول مجاهد وقتادة أنهم يقولون: إنما أنت في قولك هذا مسحور لا عقل لك, ثم قالوا "ما أنت إلا بشر مثلنا" يعني فكيف أوحي إليك دوننا ؟ كما قالوا في الاية الأخرى " أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقه بما جاءهم به من ربهم, وقد اجتمع ملؤهم, وطلبوا منه أن يخرج لهم الان من هذه الصخرة ناقة عشراء إلى صخرة عندهم ـ من صفتها كذا وكذا, فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح. العهود والمواثيق لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به وليتبعنه, فأعطوه ذلك, فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى, ثم دعا الله عز وجل أن يجيبهم إلى سؤالهم, فانفطرت تلك الصخرة التي أشاروا إليها عن ناقة عشراء على الصفة التي وصفوها, فآمن بعضهم وكفر أكثرهم "قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" يعني ترد ماءكم يوماً, ويوماً تردونه أنتم "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم" فحذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء, فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر, ترد الماء وتأكل الورق والمرعى ـ وينتفعون بلبنها يحلبون منها ما يكفيهم شرباً ورياً, فلما طال عليهم الأمد وحضر شقاؤهم, تمالؤوا على قتلها وعقرها " فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب " وهو أن أرضهم زلزلت زلزالاً شديداً, وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها, وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون, وأصبحوا في ديارهم جاثمين " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ".
159- "وإن ربك لهو العزيز الرحيم" في هذه السورة، وتقدم أيضاً تفسير قصة صالح وقومه في غير هذه السورة.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "ونخل طلعها هضيم" قال: معشب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: أينع وبلغ. وأخرج ابن أبي حاتمعنه أيضاً قال: أرطب واسترخى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: " فارهين " قال: حاذقين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: " فارهين " أشرين. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: شرهين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس في قوله: " إنما أنت من المسحرين " قال: من المخلوقين، وأنشد قوله لبيد بن ربيعة:
فإن تسألينا فيم نحن [........ ...............] البيت
وأخرج عبد بن حميد عنه أيضاً في قوله: "لها شرب" قال: إذا كان يومها أصدر لها لبنها ما شاءوا.
159- "وإن ربك لهو العزيز الرحيم".
159 -" وإن ربك لهو العزيز الرحيم " .
159. And lo! thy Lord! He is indeed the Mighty, the Merciful.
159 - And verily thy Lord is He, the Exalted in Might, Most Merciful.