16 - واذكر (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه) خافوا عقابه (ذلكم خير لكم) مما أنتم عليه من عبادة الأصنام (إن كنتم تعلمون) الخير من غيره
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر أيضاً يا محمد إبراهيم خليل الرحمن، إذ قال لقومه: اعبدوا الله أيها القوم دون غيره من الأوثان والأصنام، فإنه لا إله لكم غيره، واتقوه. يقول: واتقوا سخطه بأداء فرائضه، واجتناب معاصية " ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " ما هو خير لكم مما هو شر لكم.
قوله تعالى : " وإبراهيم " قال الكسائي : ( وإبراهيم ) منصوب بـ(أنجينا ) يعني أنه معطوف على . وأجز الكسائي أن يكون معطوفاً على نوح ، والمعنى وأرسلنا إبراهيم . وقول ثالث : أن يكون منصوباً بمعنى واكر إبراهيم . " إذ قال لقومه اعبدوا الله " أي أفردوه بالعبادة . " واتقوه " أي اتقوتا عقابه وعذابه . " ذلكم خير لكم " أثي من عبادة الأوثان " إن كنتم تعلمون " .
يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء, أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له والإخلاص له في التقوى وطلب الرزق منه وحده لا شريك له, وتوحيده في الشكر, فإنه المشكور على النعم لا مسدي لهاغيره, فقال لقومه: "اعبدوا الله واتقوه" أي أخلصوا له العبادة والخوف "ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" أي إذا فعلتم ذلك حصل لكم الخير في الدنيا والاخرة, واندفع عنكم الشر في الدنيا والاخرة, ثم أخبر تعالى أن الأصنام التي يعبدونها لا تضر ولا تنفع, وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء فسميتموها آلهة وإنما هي مخلوقة مثلكم, هكذا رواه العوفي عن ابن عباس , وبه قال مجاهد والسدي , وروى الوالبي عن ابن عباس : وتصنعون إفكاً أي تنحتونها أصناما, وبه قال مجاهد في رواية, و عكرمة والحسن وقتادة وغيرهم, واختاره ابن جرير رحمه الله. وهي لا تملك لكم رزقاً "فابتغوا عند الله الرزق" وهذا أبلغ في الحصر كقوله "إياك نعبد وإياك نستعين" "رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة" ولهذا قال: "فابتغوا" أي فاطلبوا "عند الله الرزق" أي لا عند غيره, فإن غيره لا يملك شيئاً "واعبدوه واشكروا له" أي كلوا من رزقه واعبدوه وحده, واشكروا له على ما أنعم به عليكم "إليه ترجعون" أي يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله.
وقوله تعالى: "وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم" أي فبلغكم ما حل بهم من العذاب والنكال في مخالفة الرسل "وما على الرسول إلا البلاغ المبين" يعني إنما على الرسول أن يبلغكم ما أمره الله تعالى به من الرسالة, والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء, فاحرصوا لأنفسكم أن تكونوا من السعداء. وقال قتادة في قوله: "وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم" قال: يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم, وهذا من قتادة يقتضي أنه قد انقطع الكلام الأول واعترض بهذا إلى قوله: "فما كان جواب قومه" وهكذا نص على ذلك ابن جرير أيضاً. والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل عليه السلام, يحتج عليهم لإثبات المعاد لقوله بعد هذا كله "فما كان جواب قومه" والله أعلم.
16- "وإبراهيم إذ قال لقومه" انتصاب إبراهيم بالعطف على نوحاً. وقال النسائي: هو معطوف على الهاء في جعلناها، وقيل منصوب بمقدر: أي واذكر إبراهيم. وإذ قال منصوب معطوف على الظرفية: أي وأرسلنا إبراهيم وقت قوله لقومه اعبدوا الله أو جعلنا إبراهيم آية وقت قوله هذا: أو واذكر إبراهيم وقت قوله، على أن الظرفية بدل اشتمال من إبراهيم "اعبدوا الله واتقوه" أي أفردوه بالعبادة وخصوه بها واتقوه أن تشركوا به شيئاً "ذلكم خير لكم" أي عبادة الله وتقواه خير لكم من الشرك، ولا خير في الشرك أبداً، ولكنه خاطبهم باعتبار اعتقادهم "إن كنتم تعلمون" شيئاً من العلم، أو تعلمون علماً تميزون به بين ما هو خير وما هو شر. قرأ الجمهور وإبراهيم بالنصب، ووجهه ما قدمنا. وقرأ النخعي وأبو جعفر وأبو حنيفة بالرفع على الابتداء والخبر مقدر: أي ومن المرسلين إبراهيم.
قوله عز وجل: 16- " وإبراهيم"، أي: وأرسلنا إبراهيم، "إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه"، أطيعوا الله وخافوه، "ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون".
16ـ " وإبراهيم " عطف على " نوحاً " أو نصب بإضمار اذكر ، وقرئ بالرفع على تقدير ومن المرسلين إبراهيم . " إذ قال لقومه اعبدوا الله " ظرف لأرسلنا أي أرسلناه حين كمل عقله وتم نظره بحيث عرف بالحق وأمر الناس به ، أو بدل منه بدل اشتمال إن قدر باذكر . " واتقوه ذلكم خير لكم " مما أنتم عليه . " إن كنتم تعلمون " الخير والشر وتميزون ما هو خير مما هو شر ، أو كنتم تنظرون في الأمور بنظر العلم دون نظر الجهل .
16. And Abraham! (Remember) when he said unto his folk: serve Allah, and keep your duty unto Him; that is better for you if ye did but know.
16 - And (We also saved) Abraham: Behold, he said to his peoples, Serve God and fear Him: that will be best for you if ye understand!