(إن ينصركم الله) يعنكم على عدوكم كيوم بدر (فلا غالب لكم وإن يخذلكم) يترك نصركم كيوم أحد (فمن ذا الذي ينصركم من بعده) أي بعد خذلانه أي لا ناصر لكم (وعلى الله) لا غيره (فليتوكل) ليثق (المؤمنون)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك : "إن ينصركم الله"، أيها المؤمنون بالله ورسوله ، على من ناوأكم وعاداكم من أعدائه والكافرين به ، "فلا غالب لكم" من الناس ، يقول : فلن يغلبكم مع نصره إياكم أحد، ولو اجتمع عليكم من بين أقطارها من خلقه ، فلا تهابوا أعداء الله لقلة عددكم وكثرة عددهم ، ما كنتم على أمره واستقمتم على طاعته وطاعة رسوله ، فإن الغلبة لكم والظفر، دونهم ، "وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده"، يعني : إن يخذلكم ربكم بخلافكم أمره وترككم طاعته وطاعة رسوله ، فيكلكم إلى أنفسكم ، "فمن ذا الذي ينصركم من بعده"، يقول : فأيسوا من نصرة الناس ، فإنكم لا تجدون [ناصراً] من بعد خذلان الله إياكم إن خذلكم ، يقول : فلا تتركوا أمري وطاعتي وطاعة رسولي فتهلكوا بخذلاني إياكم ، "وعلى الله فليتوكل المؤمنون"، يعني : ولكن على ربكم ، أيها المؤمنون ، فتوكلوا دون سائر خلقه ، وبه فارضوا من جميع من دونه ، ولقضائه فاستسلموا، وجاهدوا فيه أعداءه ، يكفكم بعونه ، ويمددكم بنصره ، كما:
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق : "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون"، أي : إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس -لن يضرك خذلان من خذلك ، وإن يخذلك فلن ينصرك الناس - "فمن ذا الذي ينصركم من بعده"، أي : لا تترك أمري للناس ، وارفض [أمر] الناس لأمري ، وعلى الله ، [لا على الناس]، فليتوكل المؤمنون.
قوله تعالى : " إن ينصركم الله فلا غالب لكم " أي عليه توكلوا فإنه إن يعنكم ويمنعكم من عدوكم لن تغلبوا ، " وإن يخذلكم " يترككم من معونته ، " فمن ذا الذي ينصركم من بعده " أي لا ينصركم أحد من بعده ، أي من بعد خذلانه إياكم ، لأنه قال " وإن يخذلكم " والخذلان ترك العون ، والمخذول : المتروك لا يعبأ به ، وخذلت الوحشية أقامت على ولدها في المرعى وتركت صواحباتها ، فهي خذول قال طرفة :
خذول تراعي ربرباً بخميلة تناول أطراف البرير وترتدي
وقال أيضاً :
نظرت إليك بعين جارية خذلت صواحبها على طفل
وقيل : هذا من المقلوب ، لأنها هي المخذولة إذا تركت ، وتخاذلت رجلاه إذا طعفتا قال :
وخذول الرجل من غير كسح
ورجل خذله للذي لا يزال يخذل . والله أعلم .
يقول تعالى مخاطباً رسوله, ممتناً عليه وعلى المؤمنين فيما ألان به قلبه على أمته المتبعين لأمره, التاركين لزجره, وأطاب لهم لفظه "فبما رحمة من الله لنت لهم" أي: أي شيء جعلك لهم ليناً, لولا رحمة الله بك وبهم, وقال قتادة "فبما رحمة من الله لنت لهم" يقول فبرحمة من الله لنت لهم, وما صلة, والعرب تصلها بالمعرفة كقوله "فبما نقضهم ميثاقهم" وبالنكرة كقوله: "عما قليل" وهكذا ههنا قال: "فبما رحمة من الله لنت لهم" أي برحمة من الله, وقال الحسن البصري هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به, وهذه الاية الكريمة شبيهة بقوله تعالى: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" وقال الإمام أحمد : حدثنا حيوة , حدثنا بقية , حدثنا محمد بن زياد , حدثني أبو راشد الحبراني قال: أخذ بيدي أبو أمامة الباهلي وقال: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "يا أبا أمامة إن من المؤمنين من يلين لي قلبه" تفرد به أحمد , ثم قال تعالى: " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " والفظ الغليظ, والمراد به ههنا غليظ الكلام لقوله بعد ذلك "غليظ القلب" أي لو كنت سيء الكلام, قاسي القلب عليهم لا نفضوا عنك وتركوك, ولكن الله جمعهم عليك, وألان جانبك لهم تأليفاً لقلوبهم, كما قال عبد الله بن عمرو : "إني أرى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة إنه ليس بفظ, ولا غليظ, ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة, ولكن يعفو ويصفح", وقال أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي : أنبأنا بشر بن عبيد الدارمي , حدثنا عمار بن عبد الرحمن عن المسعودي عن ابن أبي مليكة , عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض" حديث غريب. ولهذا قال تعالى: "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر" ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث تطييباً لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه, كما شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير, فقالوا: " يا رسول الله, لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك, ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك, ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون: ولكن نقول اذهب, فنحن معك, وبين يديك, وعن يمينك, وعن شمالك مقاتلون " , وشاورهم أيضاً أين يكون المنزل, حتى أشار المنذر بن عمرو المعنق ليموت, بالتقدم إلى أمام القوم. وشاورهم في أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج إلى العدو, فأشار جمهورهم بالخروج إليهم, فخرج إليهم وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ, فأبى ذلك عليه السعدان سعد بن معاذ وسعد بن عبادة , فترك ذلك, وشاورهم يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين. فقال له الصديق : إنا لم نجىء لقتال أحد وإنما جئنا معتمرين, فأجابه إلى ما قال, وقال صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك "أشيروا علي معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم, وايم الله ما علمت على أهلي من سوء وأبنوهم بمن ؟ والله ما علمت عليه إلا خيراً" واستشار علياً وأسامة في فراق عائشة رضي الله عنها. فكان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها وقد اختلف الفقهاء هل كان ذلك واجباً عليه أو من باب الندب تطييباً لقلوبهم ؟ على قولين. وقد قال الحاكم في مستدركه : أنبأنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي , حدثنا يحيى بن أيوب العلاف بمصر, حدثنا سعيد بن أبي مريم , أنبأنا سفيان بن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن ابن عباس في قوله تعالى: "وشاورهم في الأمر" قال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما, ثم قال: صحيح على شرط الشيخين, ولم يخرجاه, وكذا رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت في أبي بكر وعمر , وكانا حواريي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه, وأبوي المسلمين, وقد روى الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا عبد الحميد عن شهر بن حوشب , عن عبد الرحمن بن غنم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال لأبي بكر وعمر لو اجتمعنا في مشورة ما خالفتكما" وروى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزم ؟ فقال مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم" وقد قال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا يحيى بن بكير عن شيبان , عن عبد الملك بن عمير , عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المستشار مؤتمن" ورواه أبو داود والترمذي , وحسنه النسائي من حديث عبد الملك بن عمير بأبسط من هذا. ثم قال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا أسود بن عامر عن شريك , عن الأعمش , عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستشار مؤتمن" تفرد به. وقال أيضاً: حدثنا أبو بكر , حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعلي بن هاشم عن ابن أبي ليلى , عن أبي الزبير , عن جابر , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه" تفرد به أيضاً. وقوله تعالى: "فإذا عزمت فتوكل على الله" أي إذا شاورتهم في الأمر وعزمت عليه فتوكل على الله فيه "إن الله يحب المتوكلين" وقوله تعالى: "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون" وهذه الاية كما تقدم من قوله: "وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم" ثم أمرهم بالتوكل عليه, فقال "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" وقوله تعالى: "وما كان لنبي أن يغل", قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد: ما ينبغي لنبي أن يخون. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا المسيب بن واضح , حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن سفيان بن خصيف عن عكرمة , عن ابن عباس قال: فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها, فأنزل الله " وما كان لنبي أن يغل " أي يخون. وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا عبد الواحد بن زياد , حدثنا خصيف , حدثنا مقسم , حدثني ابن عباس أن هذه الاية "وما كان لنبي أن يغل" نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر, فقال بعض الناس: لعل رسول الله أخذها, فأكثروا في ذلك, فأنزل الله " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " وكذا رواه أبو داود والترمذي جميعاً عن قتيبة , عن عبد الواحد بن زياد به. وقال الترمذي : حسن غريب, ورواه بعضهم, عن خصيف , عن مقسم يعني مرسلاً, وروى ابن مردويه من طريق أبي عمرو بن العلاء , عن مجاهد , عن ابن عباس قال: اتهم المنافقون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقد, فأنزل الله تعالى: " وما كان لنبي أن يغل " وروي من غير وجه عن ابن عباس نحو ما تقدم, وهذا تنزيه له صلوات الله وسلامه عليه من جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك. وقال العوفي عن ابن عباس "وما كان لنبي أن يغل" أي بأن يقسم لبعض السرايا ويترك بعضاً. وكذا قال الضحاك . وقال محمد بن إسحاق "وما كان لنبي أن يغل" بأن يترك بعض ما أنزل إليه فلا يبلغه أمته. وقرأ الحسن البصري وطاوس ومجاهد والضحاك "وما كان لنبي أن يغل" بضم الياء أي يخان وقال قتادة والربيع بن أنس : نزلت هذه الاية يوم بدر, وقد غل بعض أصحابه. رواه ابن جرير عنهما, ثم حكى عن بعضهم أنه فسر هذه القراءة بمعنى يتهم بالخيانة, ثم قال تعالى: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد, وقد وردت السنة بالنهي عن ذلك أيضاً في أحاديث متعددة, قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الملك , حدثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل , عن عطاء بن يسار , عن أبي مالك الأشجعي , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض, تجدون الرجلين جارين في الأرض ـ أو في الدار ـ فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً, فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة " .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود , حدثنا ابن لهيعة , عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد , عن عبد الرحمن بن جبير قال: سمعت المستورد بن شداد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول من ولي لنا عملاً وليس له منزل فليتخذ منزلاً أو ليست له زوجة فليتزوج, أو ليس له خادم فليتخذ خادماً, أو ليست له دابة فليتخذ دابة, ومن أصاب شيئاً سوى ذلك فهو غال " هكذا رواه الإمام أحمد . وقد رواه أبو داود بسند آخر وسياق آخر, فقال: حدثنا موسى بن مروان الرقي , حدثنا المعافى , حدثنا الأوزاعي عن الحارث بن يزيد , عن جبير بن نفير , عن المستورد بن شداد , قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة, فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً, فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً" قال: قال أبو بكر : أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "من اتخذ غير ذلك فهو غال ـ أو سارق". قال شيخنا الحافظ المزي رحمه الله : رواه جعفر بن محمد الفريابي عن موسى بن مروان : فقال: عن عبد الرحمن بن جبير بدل جبير بن نفير , وهو أشبه بالصواب.
(حديث آخر) ـ قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا حفص بن بشر , حدثنا يعقوب القمي , حدثنا حفص بن حميد عن عكرمة , عن ابن عباس , قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء, فينادي: يا محمد يا محمد, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك, ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملاً له رغاء, فيقول: يا محمد يا محمد, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك, ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرساً له حمحمة ينادي: يا محمد, يا محمد. فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً, قد بلغتك. ولا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قشعاً من أدم ينادي: يا محمد يا محمد, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك" لم يروه أحد من أهل الكتب الستة.
(حديث آخر) . قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن الزهري سمع عروة يقول: حدثنا أبو حميد الساعدي : قال: " استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة, فجاء فقال: هذا لكم وهذا أهدي لي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال ما بال العامل نبعثه فيجي فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي: أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا يأتي أحد منكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته, إن كان بعيراً له رغاء, أو بقرة لها خوار, أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه: ثم قال اللهم هل بلغت ثلاثاً " , وزاد هشام بن عروة فقال أبو حميد : بصرته بعيني وسمعته بأذني واسألوا زيد بن ثابت , أخرجاه من حديث سفيان بن عيينة , وعند البخاري : واسألوا زيد بن ثابت , ومن غير وجه عن الزهري , ومن طريق عن هشام بن عروة , كلاهما عن عروة , به.
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى , حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هدايا العمال غلول " وهذا الحديث من أفراد أحمد , وهو ضعيف الإسناد, وكأنه مختصر من الذي قبله, والله أعلم.
(حديث آخر) ـ قال أبو عيسى الترمذي في كتاب الأحكام : حدثنا أبو كريب , حدثنا أبو أسامة عن داود بن يزيد الأودي , عن المغيرة بن شبل , عن قيس بن أبي حازم , عن معاذ بن جبل , قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن, فلما سرت أرسل في أثري فرددت, فقال أتدري لم بعثت إليك ؟ لا تصيبن شيئاً بغير إذني فإنه غلول "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" لهذا دعوتك فامض لعملك" هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه, وفي الباب عن عدي بن عميرة وبريدة والمستورد بن شداد وأبي حميد وابن عمر .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن علية , حدثنا أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي , عن أبي زرعة بن عمر بن جرير , عن أبي هريرة , قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره, ثم قال: لألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء, فيقول: يا رسول الله أغثني, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك, لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة, فيقول: يا رسول الله أغثني, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك, لا ألفين أحدكم يجي يوم القيامة على رقبته رقاع تخنق فيقول: يا رسول الله أغثني, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك, لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت, فيقول: يا رسول الله أغثني, فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك" أخرجاه من حديث أبي حيان به.
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد , حثني قيس عن عدي بن عميرة الكندي قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس من عمل لنا منكم عملاً فكتمنا منه مخيطاً فما فوقه, فهو غل يأتي به يوم القيامة قال: فقام رجل من الأنصار أسود ـ قال مجالد : هو سعيد بن عبادة كأني انظر إليه ـ فقال: يا رسول الله, اقبل عني عملك. قال وما ذاك ؟ قال: سمعتك تقول: كذا وكذا, قال وأنا أقول ذاك الان, من استعملناه على عمل فليجيء بقليله وكثيره, فما أوتي منه أخذه, وما نهي عنه انتهى" وكذا رواه مسلم وأبو داود من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية عن أبي إسحاق الفزاري , عن ابن جريج , حدثني منبوذ رجل من آل أبي رافع عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع , عن أبي رافع , قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث معهم حتى ينحدر المغرب, قال أبو رافع : " فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً إلى المغرب, إذ مر بالبقيع, فقال أف لك , أف لك مرتين, فكبر في ذرعي وتأخرت وظننت أنه يريدني, فقال :مالك ؟ امش قال: قلت: أحدثت حدثاً يارسول الله, قال وما ذاك" ؟ قلت: أففت بي, قال :لا, ولكن هذا قبر فلان بعثته ساعياً على آل فلان فغل نمرة فدرع الان مثلها من نار".
(حديث آخر) ـ قال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن سالم الكوفي المفلوج ـ وكان بمكة ـ حدثنا عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد , عن أبي صادق , عن ربيعة بن ناجد , عن عبادة بن الصامت , قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم ثم يقول مالي فيه إلا مثل ما لأحدكم, إياكم والغلول فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة, أدوا الخيط والمخيط وما فوق ذلك, وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد, في الحضر والسفر, فإن الجهاد باب من أبواب الجنة, إنه لينجي الله به من الهم والغم, وأقيموا حدود الله في القريب والبعيد ولا تأخذكم في الله لومة لائم" وقد روى ابن ماجه بعضه عن المفلوج به.
(حديث آخر) ـ عن عمرو بن شعيب , عن أبيه , عن جده , قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا الخياط والمخيط, فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة".
(حديث آخر) ـ قال أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة , حدثنا جرير عن مطرف , عن أبي الجهم , عن أبي مسعود الأنصاري , قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعياً, ثم قال : انطلق أبا مسعود لا ألفينك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء, قد غللته قال: إذاً لا أنطلق, قال إذاً لا أكرهك", تفرد به أبو داود .
(حديث آخر) ـ قال أبو بكر بن مردويه : أنبأنا محمد بن أحمد بن إبراهيم , أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة , أنبأنا عبد الحميد بن صالح , أنبأنا أحمد بن أبان عن علقمة بن مرثد , عن ابن بريدة عن أبيه , عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "إن الحجر ليرمى به في جهنم فيهوي سبعين خريفاً ما يبلغ قعرها, ويؤتى بالغلول فيقذف معه ثم يقال لمن غل ائت به, فذلك قوله "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة"".
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم , حدثنا عكرمة بن عمار , حدثني سماك الحنفي أبو زميل , حدثني عبد الله بن عباس , حدثني عمر بن الخطاب , قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد, حتى أتوا على رجل, فقالوا: فلان شهيد, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلا إني رأيته في النار في بردة غلها ـ أو عباءة ـ" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون. قال: فخرجت فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون " , وكذا رواه مسلم والترمذي من حديث عكرمة بن عمار به. وقال الترمذي : حسن صحيح.
(حديث آخر) ـ قال ابن جرير : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي , حدثنا أبي , حدثنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعث سعد بن عبادة مصدقاً, فقال: إياك يا سعد أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء. قال: لا آخذه ولا أجيء به, فأعفاه " ثم رواه من طريق عبيد الله عن نافع به نحوه.
(حديث آخر) ـ قال أحمد : حدثنا أبو سعيد , حدثنا عبد العزيز بن محمد , حدثنا صالح بن محمد بن زائدة عن سالم بن عبد الله أنه كان مع مسلمة بن عبد الملك في أرض الروم, فوجد في متاع رجل غلول, قال: فسأل سالم بن عبد الله , فقال: حدثني أبي عبد الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتم في متاعه غلولاً فاحرقوه ـ قال: وأحسبه قال: واضربوه قال: فأخرج متاعه في السوق فوجد فيه مصحفاً, فسأل سالماً فقال: بعه وتصدق بثمنه " , وكذا رواه علي بن المديني وأبو داود والترمذي من حديث عبد العزيز بن محمد الأتدراوردي , زاد أبو داود وأبو إسحاق الفزاري , كلاهما عن أبي واقد الليثي الصغير صالح بن محمد بن زائدة به. وقد قال علي بن المديني والبخاري وغيرهما: هذا حديث منكر من رواية أبي واقد هذا, وقال الدارقطني : الصحيح أنه من فتوى سالم فقط, وقد ذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ومن تابعه من أصحابه, وقد رواه الأموي عن معاوية عن أبي إسحاق , عن يونس بن عبيد , عن الحسن , قال: عقوبة الغال أن يخرج رحله فيحرق على ما فيه. ثم روى عن معاوية عن أبي إسحاق عن عثمان بن عطاء , عن أبيه , عن علي , قال: الغال يجمع رحله فيحرق ويجلد دون حد, وخالفه أبو حنيفة ومالك والشافعي والجمهور فقالوا: لا يحرق متاع الغال بل يعزر تعزير مثله, وقال البخاري : " وقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال, ولم يحرق متاعه " , والله أعلم.
(حديث آخر عن عمر رضي الله عنه) ـ قال ابن جرير : حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب , حدثني عبد الله بن وهب , أخبرني عمرو بن الحارث أن موسى بن جبير حدثه: أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري حدثه: أن عبد الله بن أنيس حدثه: أنه تذاكر هو و عمر بن الخطاب يوماً الصدقة, فقال: ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة "من غل منها بعيراً أو شاة فإنه يحمله يوم القيامة" ؟ قال عبد الله بن أنيس : بلى. ورواه ابن ماجه عن عمرو بن سواد عن عبد الله بن وهب به. ورواه الأموي عن معاوية , عن أبي إسحاق , عن يونس بن عبيد , عن الحسن قال: عقوبة الغال أن يخرج رحله ويحرق على ما فيه. ثم روى عن معاوية , عن أبي إسحاق , عن عثمان بن عطاء , عن أبيه , عن علي قال: الغال يجمع رحله فيحرق ويجلد دون حد.
وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر , أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن جبير بن مالك , قال: أمر بالمصاحف أن تغير, قال: فقال ابن مسعود : من استطاع منكم أن يغل مصحفاً فليغله, فإنه من غل شيئاً جاء به يوم القيامة, ثم قال: قرأت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة, أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وروى وكيع في تفسيره عن شريك , عن إبراهيم بن مهاجر , عن إبراهيم , قال: لما أمر بتحريق المصاحف قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ياأيها الناس غلوا المصاحف, فإنه من غل يأت بما غل يوم القيامة, ونعم الغل المصحف يأتي به أحدكم يوم القيامة ـ وقال أبو داود , عن سمرة بن جندب , قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غنم غنيمة أمر بلالاً فينادي في الناس, فيجيئون بغنائمهم, فيخمسه ويقسمه, فجاء رجل يوماً بعد النداء بزمام من شعر فقال: يا رسول الله, هذا كان مما أصبنا من الغنيمة, فقال أسمعت بلالاً ينادي ثلاثاً ؟ قال: نعم. قال فما منعك أن تجيء ؟ فاعتذر إليه فقال كلا أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك " .
وقوله تعالى: "أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير" أي لا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه فاستحق رضوان الله وجزيل ثوابه, وأجير من وبيل عقابه, ومن استحق غضب الله وألزم به فلا محيد له عنه, ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير, وهذه الاية لها نظائر كثيرة في القرآن, كقوله تعالى: "أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى", وكقوله "أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا" الاية. ثم قال تعالى: "هم درجات عند الله", قال الحسن البصري ومحمد بن إسحاق : يعني أهل الخير وأهل الشر درجات, وقال أبو عبيدة والكسائي : منازل, يعني متفاوتون في منازلهم ودرجاتهم في الجنة ودركاتهم في النار, كقوله تعالى: "ولكل درجات مما عملوا" الاية, ولهذا قال تعالى: "والله بصير بما يعملون" أي وسيوفيهم إياها, لا يظلمهم خيراً ولا يزيدهم شراً, بل يجازي كل عامل بعمله, وقوله تعالى: " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم " أي من جنسهم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به, كما قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها" أي من جنسكم, وقال تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد" الاية. وقال تعالى: "وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق" وقال تعالى "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى" وقال تعالى: "يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم" فهذا أبلغ في الامتنان أن يكون الرسول إليهم منهم بحيث يمكنهم مخاطبته ومراجعته في فهم الكلام عنه, ولهذا قال تعالى: "يتلو عليهم آياته" يعني القرآن "ويزكيهم" أي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكو نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم, "ويعلمهم الكتاب والحكمة" يعني القرآن والسنة, "وإن كانوا من قبل" أي من قبل هذا الرسول "لفي ضلال مبين" أي لفي غي وجهل ظاهر جلي بين لكل أحد.
وقوله 160- "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" جملة مستأنفة لتأكيد التوكل والحث عليه، والخذلان: ترك العون: أي وإن يترك الله عونكم "فمن ذا الذي ينصركم من بعده" وهذا الاستفهام إنكاري. والضمير في قوله: "من بعده" راجع إلى الخذلان المدلول عليه بقوله "وإن يخذلكم" أو إلى الله، ومن علم أنه لا ناصر له إلا الله سبحانه وأن من نصره الله لا غالب له، ومن خذله لا ناصر له، فوض أموره إليه وتوكل عليه ولم يشتغل بغيره، وتقديم الجار والمجرور على الفعل في قوله "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" لإفادة قصره عليه.
160-"إن ينصركم الله "، يعنكم الله ويمنعكم من عدوكم ،"فلا غالب لكم" ، مثل يوم بدر، "وإن يخذلكم" يترككم لم ينصركم كما كان بأحد ، والخذلان : القعود عن النصرة والإسلام للهلكة ،"فمن ذا الذي ينصركم من بعده" أي: من بعد خذلانه ،"وعلى الله فليتوكل المؤمنون" ، قيل: التوكل أن لا تعصي الله من أجل رزقك ، وقيل: أن لا تطلب لنفسك ناصراً غير الله ولا لرزقك خازناً غيره ولا لعملك شاهداً غيره.
أخبرناابو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريأخبرنا ابو عبد الله الحسين بن شجاع البزاز ببغداد أخبرناأبو بكر محمد بن جعفر الهيم الأنباري أخبرنا محمد بن أبي العوام أخبرناوهب ابن جريرأخبرنا هشام بن حسان عنالحسن عنعمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يدخل سبعون ألفاً من أمتي الجنة بغير حساب قيل: يارسول الله من هم ؟ قال: هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ، فقال عكاشة بن محصن : يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت منهم ثم قام آخر فقال: يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال: سبقك بها عكاشة".
أخبرناأبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي أخبرنا عبد الله بن محمود أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن حياة بن شريح حدثني بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول: سمعت عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً".
160"إن ينصركم الله" كما نصركم يوم بدر. "فلا غالب لكم" فلا أخد يغلبكم. "وإن يخذلكم" كما خذلك يوم أحد. " فمن ذا الذي ينصركم من بعده " من بعد خذلانه، أو من بعد الله بمعنى إذا جاوزتموه فلا ناصر لكم، وهذا تنبيه على المقتضى للتوكل وتحريض على ما يستحق به انصر من الله وتحذير عما يستجلب خذلانه. " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا أن لا ناصر لهم سواه وآمنوا به.
160. If Allah is your helper none can overcome you, and if He withdraw His help from you, who is there who can help you? In Allah let believers put their trust.
160 - If God help you, non can overcome you: if he forsakes you, who is there, after that, that can help you? in God, then, let believers put their trust.