(وقال الذين اتَّبعوا لو أن لنا كرة) رجعة إلى الدنيا (فنتبرأ منهم) أي المتبوعين (كما تبرؤوا منا) اليوم ولو للتمني ونتبرأ جوابه (كذلك) أي كما أراهم شدة عذابه وتبرأ بعضهم من بعض (يريهم الله أعمالهم) السيئة (حسرات) حال ندامات (عليهم وما هم بخارجين من النار) بعد دخولها
القول في تأويل قوله تعالى: " وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا " قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: "وقال الذين اتبعوا"، وقال أتباع الرجال- الذين كانوا اتخذوهم أنداداً من دون الله، يطيعونهم في معصية الله، ويعصون ربهم في طاعتهم، إذ يرون عذاب الله في الآخرة-: "لو أن لنا كرة".يعني بالكرة، الرجعة إلى الدنيا، من قول القائل: كررت على القوم أكر كرا، والكرة المرة الواحدة، وذلك إذا حمل عليهم راجعاً عليهم بعد الانصراف عنهم، كما قال الأخطل:
ولقد عطفن على فزارة عطفة كرالمنيح، وجلن ثم مجالا
وكما: حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: " وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا "، أي: لنا رجعة إلى الدنيا.حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: "وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة"، قال: قالت الأتباع: لو أن لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا. وقوله: "فنتبرأ منهم"، منصوب، لأنه جواب للتمني بـ الفاء. لأن القوم تمنوا رجعة إلى الدنيا ليتبرأوا من الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله، كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا المتبوعون فيها على الكفر بالله، إذ عاينوا عظيم النازل بهم من عذاب الله، فقالوا: يا ليت لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم، و "يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" [الأنعام: 27]. القول في تأويل قوله تعالى: "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم".قال أبو جعفر: ومعنى قوله: "كذلك يريهم الله أعمالهم"، يقول: كما أراهم العذاب الذي ذكره في قوله: "ورأوا العذاب"، الذي كانوا يكذبون به في الدنيا، فكذلك يريهم أيضاً أعمالهم الخبيثة التي استحقوا بها العقوبة من الله "حسرات عليهم"، يعني: ندامات. والحسرات جمع حسرة. وكذلك كل اسم كان واحده على فعلة مفتوح الأول
ساكن الثاني فإن جمعه على فعلات مثل شهوة وتمرة تجمع شهوات وتمرات مثقلة الثواني من حروفها. فأما إذا كان نعتا فإنك تدع ثانيه ساكناً مثل ضخمة، تجمعها ضخمات و عبلة تجمعها عبلات ، وربما سكن الثاني في الأسماء، كما قال الشاعر:
عل صروف الدهر أو دولاتها يدلننا اللمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها
فسكن الثاني من الزفرات ، وهي اسم. وقيل: إن الحسرة أشد الندامة. فإن قال لنا قائل: فكيف يرون أعمالهم حسرات عليهم، وإنما يتندم المتندم على ترك الخيرات وفوتها إياه؟ وقد علمت أن الكفار لم يكن لهم من الأعمال ما يتندمون على تركهم الازدياد منه، فيريهم الله قليله! بل كانت أعمالهم كلها معاصي لله، ولا حسرة عليهم في ذلك، وإنما الحسرة فيما لم يعملوا من طاعة الله؟ قيل: إن أهل التأويل في تأويل ذلك مختلفون، فنذكر في ذلك ما قالوا، ثم نخبر بالذي هو أولى بتأويله إن شاء الله. فقال بعضهم: معنى ذلك: كذلك يريهم الله أعمالهم التي فرضها عليهم في الدنيا فضيعوها ولم يعملوا بها، حتى استوجب- ما كان الله أعد لهم، لو كانوا عملوا بها في حياتهم، من المساكن والنعم- غيرهم بطاعته ربه. فصار ما فاتهم من الثواب- الذي كان الله أعده لهم عنده لو كانوا أطاعوه في الدنيا، إذ عاينوه عند دخول النار أو قبل ذلك- أسى وندامة وحسرة عليهم.
ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم"، زعم أنه يرفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها، لو أنهم أطاعوا الله فيقال لهم: تلك مساكنكم لو أطعتم الله! ثم تقسم بين المؤمنين، فيرثونهم. فذلك حين يندمون.حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل قال، حدثنا أبو الزعراء، عن عبدالله- في قصة ذكرها- فقال: فليس نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار، وهو يوم الحسرة. قال: فيرى أهل النار الذين في الجنة، فيقال لهم: لو عملتم! فتأخذهم الحسرة. قال: فيرى أهل الجنة البيت الذي في النار، فيقال: لولا أن من الله عليكم! فإن قال قائل: وكيف يكون مضافاً إليهم من العمل ما لم يعملوه على هذا التأويل؟ قيل: كما يعرض على الرجل العمل فيقال له، قبل أن يعمله: هذا عملك. يعني: هذا الذي يجب عليك أن تعمله، وكما يقال للرجل يحضر غداؤه قبل أن يتغدى به: هذا غداؤك اليوم. يعني به: هذا ما تتغدى به اليوم. فكذلك قوله: "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم"، يعني: كذلك يريهم الله أعمالهم التي كان لازماً لهم العمل بها في الدنيا، حسرات عليهم. وقال آخرون: كذلك يريهم الله أعمالهم السيئة حسرات عليهم، لم عملوها؟ وهلا عملوا بغيرها مما يرضي الله تعالى ذكره؟ ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عنأبيه،عنالربيع "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم" فصارت أعمالهم الخبيثة حسرة عليهم يوم القيامة. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أعمالهم حسرات عليهم"، قال: أوليس أعمالهم الخبيثة التي أدخلهم الله بها النار؟ فجعلها حسرات عليهم. قال: وجعل أعمال أهل الجنة لهم، وقرأ قول الله: "بما أسلفتم في الأيام الخالية" [الحاقة: 24].قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال: معنى قوله: "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم"، كذلك يري الله الكافرين أعمالهم الخبيثة حسرات عليهم، لم عملوا بها؟ وهلا عملوا بغيرها؟ فندموا على ما فرط منهم من أعمالهم الرديئة، إذ رأوا جزاءها من الله وعقابها، لأن الله أخبر أنه يريهم أعمالهم ندماً عليهم.فالذي هو أولى بتأويل الاية، ما دل عليه الظاهر دون ما احتمله الباطن الذي لا دلالة له على أنه المعني بها. والذي قال السدي في ذلك، وإن كان مذهباً تحتمله الاية، فإنه منزع بعيد. ولا أثر- بأن ذلك كما ذكر- تقوم به حجة فيسلم لها، ولا دلالة في ظاهر الآية أنه المراد بها. فإذ كان الأمر كذلك، لم يحل ظاهر التنزيل إلى باطن تأويل.القول في تأويل قوله تعالى: "وما هم بخارجين من النار"قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وما هؤلاء الذين وصفتهم من الكفار- وإن ندموا بعد معاينتهم ما عاينوا من عذاب الله، فاشتدت ندامتهم على ما سلف منهم من أعمالهم الخبيثة، وتمنوا إلى الدنيا كرة لينيبوا فيها، ويتبرأوا من مضليهم وسادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله فيها- بخارجين من النار التي أصلاهموها الله بكفرهم به في الدنيا، ولا ندمهم فيها بمنجيهم من عذاب الله حينئذ ولكنهم فيها مخلدون.وفي هذه الآية الدلالة على تكذيب الله الزاعمين أن عذاب الله أهل النار من أهل الكفر منقض،وأنه إلى نهاية، ثم هو بعد ذلك فان. لأن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذ الاية، ثم ختم الخبر عنهم بأنهم غير خارجين من النار، بغير استثناء منه وقتا دون وقت. فذلك إلى في حد ولا نهاية.
قوله تعالى : "وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة" أن في موضع رفع ، أي لو ثبت أن لنا رجعة "فنتبرأ منهم" جواب التمني . والكرة : الرجعة والعودة إلى حال قد كانت ، أي قال الأتباع : لو رددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحاً ونتبرأ منهم " كما تبرؤوا منا " أي تبرأ "كما" فالكاف في موضع نصب على النعت لمصدر محذوف . ويجوز أن يكون نصباً على الحال ، تقريرها متبرئين ، والتبرؤ الانفصال .
قوله تعالى : "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم" الكاف في موضع رفع ، أي الأمر ذلك . أي كما أراهم الله العذاب كذلك يريهم الله أعمالهم . و "يريهم الله" قيل : هي من رؤية البصر ، فيكون متعدياً لمفعولين : الأول الهاء والميم في "يريهم" . والثاني : "أعمالهم" ، وتكون "حسرات" حال . ويحتمل ان يكون من رؤية القلب ، فتكون "حسرات" المفعول الثالث . أعمالهم قال الربيع : أي الأعمال الفاسدة التي ارتكبوها فوجبت لهم بها النار .وقال ابن مسعود و السدي : الأعمال الصالحة التي تركوها ففاتتهم الجنة ، ورويت في هذا القول احاديث . قال السدي : ترفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله تعالى ، ثم تقسم بين المؤمنين فذلك حين يندمون . وأضيفت هذه الأعمال إليهم من حيث هم مأمورون بها ، وأما إضافة الأعمال الفاسدة إليهم فمن حيث عملوها . والحسرة واحدة الحسرات ، كتمرة وتمرات ، وجفنة وجفنات ، وشهوة وشهوات . هذا إذا كان اسماً ، فإن نعته سكنت ، كقولك : ضخمة وضخمات ، وعبلة وعبلات . والحسرة أعلا درجات الندامة على شيء فائت . والتحسر : التلهف ، يقال : حسرت عليه (بالكسر) أحسر حسرا وحسرة . وهي مشتقة من الشيء الحسير الذي قد انقطع وذهبت قوته ، كالبعير إذا عيي . وقيل : هي مشتقة من حسر إذا كشف ، ومنه الحاسر في الحرب : الذي لا درع معه . والانحسار : الانكشاف .
قوله تعالى : وما هم بخارجين من النار دليل على خلود الكفار فيها وأنهم لا يخرجون منها . وهذا قول جماعة أهل السنة ، لهذه الآية ، ولقوله تعالى : "ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" . وسيأتي .
يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا ومالهم في الدار الاخرة حيث جعلوا له أنداداً أي أمثالاً ونظراء , يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه, وهو الله لا إله إلا هو , ولا ضد له, ولا ند له, ولا شريك معه. وفي الصحيحين "عن عبد الله بن مسعود , قال: قلت: يا رسول الله, أي الذنب أعظم ؟ قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك" وقوله: "والذين آمنوا أشد حباً لله" ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له, لا يشركون به شيئاً بل يعبدونه وحده, ويتوكلون عليه, ويلجأون في جميع أمورهم إليه. ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لأنفسهم بذلك, فقال "ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً" قال بعضهم: تقدير الكلام, لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ أن القوة لله جميعاً, أي أن الحكم له وحده لا شريك له, وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه "وأن الله شديد العذاب" كما قال " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد " يقول لو يعلمون ما يعاينونه هنالك وما يحل بهم من الأمر الفظيع المنكر الهائل على شركهم وكفرهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال ثم أخبر عن كفرهم بأوثانهم وتبري المتبوعين من التابعين, فقال: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا" تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدار الدنيا, فيقول الملائكة: "تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون" ويقولون: "سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون", والجن أيضاً تتبرأ منهم, ويتنصلون من عبادتهم لهم, كما قال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقال تعالى: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً" وقال الخليل لقومه "إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين" وقال تعالى: "ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" وقال تعالى: " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم " وقوله: "ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب" أي عاينوا عذاب الله وتقطعت بهم الحيل وأسباب الخلاص ولم يجدوا عن النار معدلاً ولا مصرفاً. قال عطاء عن ابن عباس "وتقطعت بهم الأسباب" قال المودة, وكذا قال مجاهد في رواية ابن أبي نجيح, وقوله: " وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا " أي لو أن لنا عودة إلى الدار الدنيا حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم, فلا نلتفت إليهم بل نوحد الله تعالى عنهم بذلك, ولهذا قال: "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم" أي تذهب وتضمحل كما قال تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً" وقال تعالى: "مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف" الاية, وقال تعالى: "والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء" الاية, ولهذا قال تعالى: "وما هم بخارجين من النار".
والكرة: الرجعة والعودة إلى حال قد كانت، ولو هنا في معنى التمني كأنه قيل: ليت لنا كرة، ولهذا وقعت الفاء في الجواب. والمعنى: أن الأتباع قالوا: لو رددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحاً ونتبرأ منهم كما تبرأوا منا. والكاف في قوله: 167- " كما تبرؤوا منا " في محل نصب على النعت لمصدر محذوف، وقيل: في محل نصب على الحال، ولا أراه صحيحاً. وقوله: "كذلك يريهم الله" في موضع رفع: أي الأمر كذلك: أي كما أراهم الله العذاب يريهم أعمالهم، وهذه الرؤية إن كانت بصرية فقوله: "حسرات" منتصب على الحال، وإن كانت القبيلة فهو المفعول الثالث، والمعنى: أن أعمالهم الفاسدة يريهم الله إياها فتكون عليهم حسرات، أو يريهم الأعمال الصالحة التي أوجبها عليهم فتركوها فيكون ذلك حسرة عليهم. وقوله: "وما هم بخارجين من النار" فيه دليل على خلود الكفار في النار، وظاهر هذا التركيب يفيد الاختصاص، وجعله الزمخشري للتقوية لغرض له يرجع إلى المذهب، والبحث في هذا يطول.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً" قال: مباهاة ومضاررة للحق بالأنداد "والذين آمنوا أشد حباً لله" قال: من الكفار لآلهتهم. وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في هذه الآية قال: هؤلاء المشركون أندادهم آلهتهم التي عبدوا مع الله يحبونهم كما يحب الذين آمنوا الله "والذين آمنوا أشد حباً لله" من حبهم لآلهتهم. وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: الأنداد من الرجال يطيعونهم كما يطيعون الله إذا أمروهم أطاعوهم وعصوا الله. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة نحو ما قال ابن زيد. وأخرج ابن جرير عن الزبيري في قوله: " ولو يرى الذين ظلموا " قال: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا أنفسهم فاتخذوا من دوني أنداداً يحبونهم كحبكم إياي حين يعاينون عذابي يوم القيامة الذي أعددت لهم، لعلمتم أن القوة كلها لي دون الأنداد، والآلهة لا تغني عنهم هنالك شيئاً ولا تدفع عنهم عذاباً أحللت بهم، وأيقنتهم أني شديد عذابي لمن كفر بي وادعى معي إلها غيري. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: "إذ تبرأ الذين اتبعوا" قال: هم الجبابرة والقادة والرؤوس في الشرك "من الذين اتبعوا" قال: هم الشياطين تبرأوا من الإنس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: " وتقطعت بهم الأسباب " قال: المودة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: هي المنازل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه قال: هي الأرحام. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال: هي الأوصال التي كانت بينهم في الدنيا والمودة. وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال: هي الأعمال. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الربيع قال: هي المنازل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: "لو أن لنا كرة" قال: رجعة إلى الدنيا. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: "حسرات" قال: صارت أعمالهم الخبيثة حسرة عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: "وما هم بخارجين من النار" قال: أولئك أهلها الذين هم أهلها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت بن معبد قال: ما زال أهل النار يأملون الخروج منها حتى نزلت "وما هم بخارجين من النار".
167. " وقال الذين اتبعوا " يعني الأتباع " لو أن لنا كرة " أي رجعة إلى الدنيا " فنتبرأ منهم " أي من المتبوعين " كما تبرؤوا منا " اليوم " كذلك " أي كما أراهم العذاب كذلك " يريهم الله " وقيل كتبرئ بعضهم من بعض يريهم الله " أعمالهم حسرات " ندامات " عليهم " جمع حسرة قيل يريهم الله ما ارتكبوا من السيئات فيتحسرون لم عملوا، وقيل يريهم ما تركوا من الحسنات فيندمون على تضييعها وقال ابن كيسان : إنهم أشركوا بالله الأوثان رجاء أن تقربهم إلى الله عز وجل، فلما عذبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسروا وندموا. قال السدي : ترفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله فيقال لهم تلك مساكنكم لو أطعتم الله، ثم تقسم بين المؤمنين فذلك حين يندمون ويتحسرون " وما هم بخارجين من النار ".
167-" وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا " " لو " للتمني ولذلك أجيب بالفاء ، أي ليت لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم " كذلك " مثل ذلك الآراء الفظيع . " يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم " ندامات ، وهي ثالث مفاعيل يرى أن كان من رؤية القلب وإلا فحال " وما هم بخارجين من النار " أصله وما يخرجون ، فعدل به إلى هذه العبارة ، للمبالغة في الخلود والأقناط عن الخلاص والرجوع إلى الدنيا .
167. And those who were but followers will say: If a return were possible for us, we would disown them even as they have disowned us. Thus will Allah show them their own deeds as anguish for them, and they will not emerge from the Fire.
167 - And those who followed would say: if only we had one more chance, we would clear ourselves of them, as they have cleared themselves of us. thus will God show them (the fruits of) their deeds as (nothing but) regrets. nor will there be a way for them out of the fire.