17 - (يعظكم الله) ينهاكم (أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين) تتعظون بذلك
يقول تعالى ذكره : يذكركم الله ، وينهاكم بآي كتابه ، لئلا تعودوا لمثل فعلكم الذي فعلتموه في أمر عائشة ، من تلقيكم الإفك الذي روي عليها بألسنتكم ، وقولكم بأفواهكم ما ليس لكم به علم فيها أبدا " إن كنتم مؤمنين " يقول : إن كنتم تتعظون بعظات الله ، وتأتمرون لأمره ، وتنتهون عما نهاكم عنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
السادسة عشرة: قوله تعالى: " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا " يعني في عائشة، لأن مثله لا يكون إلا نظير القول في المقول عنه بعينه، أو فيمن كان في مرتبته من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لما في ذلك من إذاية رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه وأهله، وذلك كفر من فاعله.
السابعة عشرة: قال هشام بن عمار سمعت مالكاً يقول: من سب أبا بكر وعمر أدب، ومن سب عائشة قتل، لأن الله تعالى يقول: " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين "، فمن سب عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل. قال ابن العربي : ((قال أصحاب الشافعي من سب عائشة رضي الله عنها أدب كما في سائر المؤمنين، وليس قوله " إن كنتم مؤمنين " في عائشة لأن ذلك كفر، وإنما هو كما قال عليه السلام:
" لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه ". ولو كان سلب الإيمان في سب من سب عائشة حقيقة لكان سلبه في قوله:
" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " حقيقة. قلنا: ليس كما زعمتم، فإن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله تعالى فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر، فهذا طريق قول مالك ، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر. ولو أن رجلاً سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب)).
هذا تأديب آخر بعد الأول الامر بظن الخير, أي إذا ذكر ما لا يليق من القول في شأن الخيرة فأولى ينبغي الظن بهم خيراً, وأن لا يشعر نفسه سوى ذلك, ثم إن علق بنفسه شيء من ذلك وسوسة أو خيالاً, فلا ينبغي أن يتكلم به, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل" أخرجاه في الصحيحين . وقال الله تعالى: "ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا" أي ما ينبغي لنا أن نتفوه بهذا الكلام ولا نذكره لأحد "سبحانك هذا بهتان عظيم" أي سبحان الله أن يقال هذا الكلام على زوجة رسوله وحليلة خليله.
ثم قال تعالى: "يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً" أي ينهاكم الله متوعداً أن يقع منكم ما يشبه هذا أبداً أي فيما يستقبل, فلهذا قال "إن كنتم مؤمنين" أي إن كنتم تؤمنون بالله وشرعه, وتعظمون رسوله صلى الله عليه وسلم, فأما من كان متصفاً بالكفر فذاك حكم آخر, ثم قال تعالى: " ويبين الله لكم الآيات " أي يوضح لكم الأحكام الشرعية والحكم القدرية "والله عليم حكيم" أي عليم بما يصلح عباده, حكيم في شرعه وقدره.
17- "يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً" أي ينصحكم الله، أو يحرم عليكم، أو ينهاكم كراهة أن تعودوا، أو من أن تعودوا، أو في أن تعودوا لمثل هذا القذف مدة حياتكم "إن كنتم مؤمنين" فإن يقتضي عدم الوقوع في مثله ما دمتم، وفيه تهييج عظيم وتقريع بالغ.
17- "يعظكم الله"، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يحرم الله عليكم، وقال مجاهد: ينهاكم الله. "أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين".
17 -" يعظكم الله أن تعودوا لمثله " كراهة أن تعودوا أو في أن تعودوا . " أبداً " ما دمتم أحياء مكلفين . " إن كنتم مؤمنين " فإن الإيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع .
17. Allah admonisheth you that ye repeat not the like thereof ever, if ye are (in truth) believers.
17 - God doth admonish you, that ye may never repeat such (conduct), if ye are (true) Believers.