17 - (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) في ترك الجهاد (ومن يطع الله ورسوله يدخله) بالياء والنون (جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه) بالياء والنون (عذابا أليما)
يقول تعالى ذكره : ليس على الأعمى منكم أيها الناس ضيق ، ولا على الأعرج ضيق ، ولا على المريض ضيق أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين ، وشهود كالحرب معهم إذا هم لقوا عدوهم ، للعلل التي بهم ، والأسباب التي تمنعهم من شهودها .
وبنحو الذي قلنا في ذلم قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " قال : هذا كله في الجهاد .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قال : ثم عذر الله أهل العذر من الناس ، فقال : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج "
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " قال : في الجهاد في سبيل الله .
حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " ليس على الأعمى حرج " ....الآية ، يعني في القتال .
وقوله " ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار " يقول تعالى ذكره : ومن يطع الله ورسوله فيجيب إلى حرب أعداء الله من أهل الشرك ، وإلى القتال مع المؤمنين ابتغاء وجه الله إذا دعي إلى ذلك ، يدخله الله يوم القيامة جنات تجري من تحتها الأنهار " ومن يتول " يقول : ومن يعص الله ورسوله ، فيتخلف عن قتال أهل الشرك بالله إذا دعي إليه ، ولم يستجب لدعاء الله ورسوله يعذبه عذابا موجعا ، وذلك عذاب جهنم يوم القيامة .
قوله تعالى : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما "
قال ابن عباس : لما نزلت : " وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما " قال أهل الزمانة : كيف بنا يا رسول الله ؟ فنزلت : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " أي لا إثم عليهم في التخلف عن الجهاد لعماهم وزمانتهم وضعفهم ، وقد مضى في براءة وغيرها الكلام فيه مبيناً والعرج : آفة تعرض لرجل واحدة ، وإذا كان ذلك مؤثراً فخلل الرجلين أولى أن يؤثر ، وقال مقاتل : هم أهل الزمانة الذين تخلفوا عن الحديبية وقد عذرهم ، أي من شاء أن يسير منهم معكم إلى خيبر فليفعل " ومن يطع الله ورسوله " فيما أمره ، " يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار " قرأ نافع و ابن عامر ( ندخله ) بالنون على التعظيم ، الباقون بالياء ، واختاره أبو عبيد و أبو حاتم لتقدم اسم الله أولاً ، " ومن يتول يعذبه عذابا أليما " .
اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين يدعون إليهم الذين هم أولو بأس شديد على أقوال (أحدها) أنهم هوازن, رواه شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أو عكرمة أو جميعاً, ورواه هشيم عن أبي بشر عنهما وبه يقول قتادة في رواية عنه (الثاني) ثقيف, قاله الضحاك. (الثالث) بنو حنيفة, قاله جويبر ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري وروي مثله عن سعيد وعكرمة. (الرابع) هم أهل فارس, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما, وبه يقول عطاء ومجاهد وعكرمة في إحدى الروايات عنه. وقال كعب الأحبار: هم الروم, وعن ابن أبي ليلى وعطاء والحسن وقتادة: وهم فارس والروم, وعن مجاهد: هم أهل الأوثان, وعنه أيضاً: هم رجال أولو بأس شديد, ولم يعين فرقة, وبه يقول ابن جريج وهو اختيار ابن جرير. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الأشج, حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق القواريري عن معمر عن الزهري في قوله تعالى: "ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد" قال: لم يأت أولئك بعد.
وحدثنا أبي, حدثنا ابن أبي عمر, حدثنا سفيان عن ابن أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: "ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد" قال: هم البارزون قال وحدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين ذلف الأنوف, كأن وجوههم المجان المطرقة" قال سفيان: هم الترك, قال ابن أبي عمر: وجدت في مكان آخر, حدثنا ابن أبي خالد عن أبيه قال: نزل علينا أبو هريرة رضي الله عنه ففسر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر" قال: هم البارزون يعني الأكراد, وقوله تعالى: "تقاتلونهم أو يسلمون" يعني شرع لكم جهادهم وقتالهم, فلا يزال ذلك مستمراً عليهم, ولكم النصرة عليهم أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار.
ثم قال عز وجل: "فإن تطيعوا" أي تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه "يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل" يعني زمن الحديبية حيث دعيتم فتخلفتم "يعذبكم عذاباً أليماً". ثم ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر, وعارض كالمرض الذي يطرأ أياماً ثم يزول, فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ. ثم قال تبارك وتعالى مرغباً في الجهاد وطاعة الله ورسوله: "ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول" أي ينكل عن الجهاد ويقبل على المعاش "يعذبه عذاباً أليماً" في الدنيا بالمذلة وفي الاخرة بالنار, والله تعالى أعلم.
17- "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج" أي ليس على هؤلاء المعذورين بهذه الأعذار حرج في التخلف عن الغزو لعدم استطاعتهم. قال مقاتل: عذر الله أهل الزمانة الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية بهذه الآية، والحرج: الإثم "ومن يطع الله ورسوله" فيما أمرا به ونهياه عنه " يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار " قرأ الجمهور "يدخله" بالتحتية، واختار هذه القراءة أبو حاتم وأبو عبيد، وقرأ نافع وابن عامر بالنون "ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً" أي ومن يعرض عن الطاعة يعذبه الله عذاباً شديد الألم.
17. فأنزل الله تعالى: " ليس على الأعمى حرج "، [يعني في التخلف عن الجهاد]، " ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً "، قرأ أهل المدينة والشام ((ندخله)) و ((نعذبه)) بالنون فيهما، وقرأ الآخرون بالياء لقوله: " ومن يطع الله ".
17-" ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " لما أوعد على التخلف نفي الحرج عن هؤلاء المعذورين استثناء لهم عن الوعيد . " ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار " فصل الوعد وأجمل الوعيد مبالغة في الوعد لسبق رحمته ، ثم جبر ذلك بالتكرير على سبيل التعميم فقال : " ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً " إذ الترهيب ها هنا أنفع من الترغيب ، وقرأ نافع و ابن عامر ندخله و نعذبه بالنون .
17. There is no blame for the blind, nor is there blame for the lame, nor is there blame for the sick (that they go not forth to war). And whoso obeyeth Allah and His messenger, He will make him enter Gardens underneath which rivers flow; and whoso turneth back, him will He punish with a painful doom.
17 - No blame is there on the blind, nor is there blame on the lame, nor on one ill (if he joins not the war): but he that obeys God and His Apostle, (God) will admit him to Gardens beneath which rivers flow; and he who turns back, (God) will punish him with a grievous Penalty.