174 - (فتول عنهم) أعرض عن كفار مكة (حتى حين) تؤمر فيه بقتالهم
يعني تعالى ذكره بقوله "فتول عنهم حتى حين": فأعرض عنهم إلى حين.
واختلف أهل التأويل في هذا الحين ، فقال بعضهم : معناه إلى الموت.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "فتول عنهم حتى حين": أي إلى الموت.
وقال آخرون : إلى يوم بدر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله "فتول عنهم حتى حين" قال : حتى يوم بدر.
وقال آخرون : معنى ذلك : إلى يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "فتول عنهم حتى حين" قال : يوم القيامة.
وهذا القول الذي قاله السدي ، أشبه بما دل عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن الله توعدهم بالعذاب الذي كانوا يستعجلونه ، فقال : "أفبعذابنا يستعجلون" ،وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليهم إلى مجيء حينه فتأويل الكلام : فتول عنهم يا محمد إلى حين مجيء عذابنا، ونزوله بهم.
قوله تعالى : " فتول عنهم " أي أعرض عنهم . " حتى حين " قال قتادة إلى الموت . وقال الزجاج : إلى الوقت الذي أمهلوا إليه . وقال ابن عباس : يعني القتل ببدر . وقيل : يعني فتح مكة . وقيل : الآية منسوخة بآية السيف .
يقول تبارك وتعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين" أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " وقال عز وجل: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" ولهذا قال جل جلاله: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون " أي في الدنيا والاخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين "وإن جندنا لهم الغالبون" أي تكون لهم العاقبة. وقوله جل وعلا: "فتول عنهم حتى حين" أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر, ولهذا قال بعضهم غيى ذلك إلى يوم بدر وما بعدها أيضاً في معناها, وقوله جلت عظمته "وأبصرهم فسوف يبصرون" أي أنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد "فسوف يبصرون" ثم قال عز وجل: "أفبعذابنا يستعجلون" أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك فإن الله تعالى يغضب عليهم بذلك ويعجل لهم العقوبة ومع هذا أيضاً كانوا من كفرهم وعنادهم يستعجلون العذاب والعقوبة. قال الله تبارك وتعالى: "فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين" أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم, وقال السدي "فإذا نزل بساحتهم" يعني بدارهم "فساء صباح المنذرين" أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم. ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون: محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" ورواه البخاري من حديث مالك عن حميد عن أنس رضي الله عنه. وقال الإمام أحمد حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: لما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضهم, فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" لم يخرجوه من هذه الوجه وهو صحيح على شرط الشيخين, وقوله تعالى: "وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون" تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم أمر الله سبحانه رسوله بالإعراض عنهم والإغماض عما يصدر منهم من الجهالات والضلالات فقال: 174- "فتول عنهم حتى حين" أي أعرض عنهم إلى مدة معلومة عند الله سبحانه، وهي مدة الكف عن القتال. قال السدي ومجاهد: حتى نأمرك بالقتال. وقال قتادة: إلى الموت، وقيل إلى يوم بدر، وقيل إلى يوم فتح مكة، وقيل هذه الآية منسوخة بآية السيف.
174. " فتول "، أعرض، " عنهم حتى حين "، قال ابن عباس: يعني الموت. وقال مجاهد : يوم بدر. وقال السدي : حتى نأمرك بالقتال. وقيل: إلى أن يأتيهم عذاب الله، قال مقاتل بن حيان : نسختها آية القتال.
174-" فتول عنهم " فأعرض عنهم . " حتى حين " هو الموعد لنصرك عليهم وهو يوم بدر ، وقيل يوم الفتح .
174. So withdraw from them (O Muhammad) awhile,
174 - So turn thou away from them for a little while,