175 - (وأبصرهم) إذ نزل بهم العذاب (فسوف يبصرون) عاقبة كفرهم
وقوله "وأبصرهم فسوف يبصرون ": وأنظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "وأبصرهم فسوف يبصرون" حين لا ينفعهم البصر.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "وأبصرهم فسوف يبصرون" يقول : أنظرهم فسوف يبصرون ما لهم بعد اليوم ، قال : يقول : يبصرون يوم القيامة ما ضيعوا من أمر الله ، وكفرهم بالله ورسوله وكتابه ، قال : فأبصرهم وأبصر، واحد.
" وأبصرهم فسوف يبصرون " قال قتادة : سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار . وعسى من الله للوجوب وعبر بالإبصار عن تقريب الأمر ، أي عن قريب يبصرون . وقيل : المعنى فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة .
يقول تبارك وتعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين" أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " وقال عز وجل: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" ولهذا قال جل جلاله: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون " أي في الدنيا والاخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين "وإن جندنا لهم الغالبون" أي تكون لهم العاقبة. وقوله جل وعلا: "فتول عنهم حتى حين" أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر, ولهذا قال بعضهم غيى ذلك إلى يوم بدر وما بعدها أيضاً في معناها, وقوله جلت عظمته "وأبصرهم فسوف يبصرون" أي أنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد "فسوف يبصرون" ثم قال عز وجل: "أفبعذابنا يستعجلون" أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك فإن الله تعالى يغضب عليهم بذلك ويعجل لهم العقوبة ومع هذا أيضاً كانوا من كفرهم وعنادهم يستعجلون العذاب والعقوبة. قال الله تبارك وتعالى: "فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين" أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم, وقال السدي "فإذا نزل بساحتهم" يعني بدارهم "فساء صباح المنذرين" أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم. ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون: محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" ورواه البخاري من حديث مالك عن حميد عن أنس رضي الله عنه. وقال الإمام أحمد حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: لما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضهم, فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" لم يخرجوه من هذه الوجه وهو صحيح على شرط الشيخين, وقوله تعالى: "وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون" تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
175- "وأبصرهم فسوف يبصرون" أي وأبصرهم إذا نزل بهم العذاب بالقتل والأسر فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار، وعبر بالإبصار عن قرب الأمر: أي فسوف يبصرون عن قريب. وقيل المعنى: فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة.
175. " وأبصرهم "، إذا نزل بهم العذاب، " فسوف يبصرون "، ذلك فقالوا: متى هذا العذاب؟
175-" وأبصرهم " على ما ينالهم حينئذ والمراد بالأمر الدلالة على أن ذلك كائن قريب كأنه قدامه . " فسوف يبصرون " ما قضينا لك من التأييد والنصرة والثواب في الآخرة ، و سوف للوعيد لا للتبعيد .
175. And watch, for they will (soon) see.
175 - And watch them (how they fare), and they soon shall see (how thou farest).