(ولا يُحزِنك) بضم الياء وكسر الزاي و بفتحها و ضم الزاي من حزنه لغة في أحزنه (الذين يسارعون في الكفر) يقعون فيه سريعاً بنصرته وهم أهل مكة أو المنافقون أي لا تهتم لكفرهم (إنهم لن يضروا الله شيئا) بفعلهم وإنما يضرون أنفسهم (يريد الله ألا يجعل لهم حظاً) نصيباً (في الآخرة) أي الجنة فلذلك خذلهم الله (ولهم عذاب عظيم) في النار
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه : ولا يحزنك ، يا محمد، كفر الذين يسارعون في الكفر مرتدين على أعقابهم من أهل النفاق ، فإنهم لن يضروا الله بمسارعتهم في الكفر شيئاً، وكما أن مسارعتهم لو سارعوا إلى الإيمان لم تكن بنافعته ، كذلك مسارعتهم إلى الكفر غير ضارته ، كما:
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر"، يعني : أنهم المنافقون.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق : "ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر"، أي : المنافقون .
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : يريد الله أن لا يجعل لهؤلاء الذين يسارعون في الكفر، نصيباً في ثواب الآخرة، فلذلك خذلهم فسارعوا فيه . ثم أخبر أنهم مع حرمانهم ما حرموا من ثواب الآخرة، لهم عذاب عظيم في الآخرة، وذلك عذاب النار. وقال ابن إسحاق في ذلك بما:
حدثني ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق : " يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة "، أن يحبط أعمالهم.
قوله تعالى : " ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " هؤلاء قوم أسلموا ثم ارتدوا خوفاً من المشركين ، فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : " ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " وقال الكلبي : يعني به المنافقين ورؤساء اليهود ، كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب فنزلت ، ويقال : إن أهل الكتاب لما لم يؤمنوا شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الناس ينظرون إليهم ويقولون إنهم أهل كتاب ، فلو كان حقاً لاتبعوه ، فنزلت " ولا يحزنك " قراءة نافع بضم الياء وكسر الزاي حيث وقع إلا في الأنبياء " لا يحزنهم الفزع الأكبر " [ الأنبياء : 103 ] ، فإنه بفتح الياء وبضم الزاي ، وضده أبو جعفر ، وقرأ ابن محيصن كلها بضم الياء وكسر الزاي ، والباقون كلها بفتح الياء وضم الزاي ، وهما لغتان : حزنني الأمر يحزنني ، وأحزنني أيضاً وهي لغة قليلة ، والأولى أفصح اللغتين ، قاله النحاس ، وقال الشاعر : في ( أحزن ) :
مضى صحبي وأحزنني الديار
وقراءة العامة ( يسارعون ) وقرأ طلحة ( يسرعون في الكفر ) قال الضحاك : هم كفار قريش ، وقال غيره : هم المنافقون ، وقيل : هو ما ذكرناه قبل وقيل : هو عام في جميع الكفار ، ومسارعتهم في الكفر المظاهرة على محمد صلى الله عليه وسلم ، قال القشيري : والحزن على كفر الكافر طاعة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرط في الحزن على كفر قومه ، فنهي عن ذلك ، كما قال : " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " وقال : " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا " .
" إنهم لن يضروا الله شيئا " أي لا ينقصون من ملك الله وسلطانه شيئاً ، يعني لا ينقص بكفرهم ، وكما روي عن أبي ذر : " عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " ، خرجه مسلم في صحيحه و الترمذي وغيرهما ، وهو حديث عظيم فيه طول يكتب كله ، وقيل : معنى " لن يضروا الله شيئا " أي لن يضروا أولياء الله حين تركوا نصرهم إذ كان الله عز وجل ناصرهم .
قوله تعالى : " يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم " أي نصيباً والحظ النصيب والجد ، يقال : فلان أحظ من فلان ، وهو محظوظ ، وجمع الحظ أحاظ على غير قياس ، قال أبو زيد : يقال رجل حظيظ ، أي جديد إذا كان ذا حظ من الرزق ، وحظظت في الأمر أحظ ، وربما جمع الحظ أحظاً ، أي لا يجعل لهم نصيباً في الجنة ، وهو نص في أن الخير والشر بإرادة الله تعالى .
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر" وذلك من شدة حرصه على الناس, كان يحزنه مبادرة الكفار إلى المخالفة والعناد والشقاق, فقال تعالى: لا يحزنك ذلك " إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة " أي حكمته فيهم أنه يريد بمشيئته وقدرته أن لا يجعل لهم نصيباً في الاخرة "ولهم عذاب عظيم", ثم قال تعالى مخبراً عن ذلك إخباراً مقرراً: "إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان" أي استبدلوا هذا بهذا "لن يضروا الله شيئاً" أي ولكن يضرون أنفسهم "ولهم عذاب أليم", ثم قال تعالى, " ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين " كقوله " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " وكقوله "فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون" وكقوله "ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون" ثم قال تعالى: "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب" أي لا بد أن يعقد سبباً من المحنة, يظهر فيه وليه ويفضح به عدوه, يعرف به المؤمن الصابر, والمنافق الفاجر, يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين, فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم, وهتك به ستر المنافقين. فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم, ولهذا قال تعالى: "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب" قال مجاهد : ميز بينهم يوم أحد, وقال قتادة : ميز بينهم بالجهاد والهجرة, وقال السدي : قالوا: إن كان محمد صادقاً فليخبرنا عمن يؤمن به منا ومن يكفر, فأنزل الله تعالى: "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب" أي حتى يخرج المؤمن من الكافر, روى ذلك كله ابن جرير ـ ثم قال تعالى: "وما كان الله ليطلعكم على الغيب" أي أنتم لا تعلمون غيب الله في خلقه حتى يميز لكم المؤمن من المنافق لولا ما يعقده من الأسباب الكاشفة عن ذلك. ثم قال تعالى: "ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء" كقوله تعالى: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً" ثم قال تعالى: "فآمنوا بالله ورسله" أي أطيعوا الله ورسوله واتبعوه فيما شرع لكم "وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم". وقوله تعالى: " ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم " أي لا يحسبن البخيل أن جمعه المال ينفعه بل هو مضرة عليه في دينه, وربما كان في دنياه. ثم أخبر بمآل أمر ماله يوم القيامة, فقال "سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة", قال البخاري : حدثنا عبد الله بن منير , سمع أبا النضر , حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار عن أبيه , عن أبي صالح , عن أبي هريرة , قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة, يأخذ بلهزمتيه ـ يعني بشدقيه ـ ثم يقول: أنا مالك, أنا كنزك " ثم تلا هذه الاية "ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم" إلى آخر الاية, تفرد به البخاري دون مسلم من هذا الوجه, وقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق الليث بن سعد عن محمد بن عجلان , عن القعقاع بن حكيم , عن أبي صالح به .
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا حجين بن المثنى , حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن دينار , عن ابن عمر , عن النبي صلى الله عليه وسلم, " قال إن الذي لا يؤدي زكاة ماله يمثل الله له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان, ثم يلزمه يطوقه يقول: أنا كنزك أنا كنزك" وهكذا رواه النسائي عن الفضل بن سهل عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة به. ثم قال النسائي : ورواية عبد العزيز عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أثبت من رواية عبد الرحمن عن أبيه عبد الله بن دينار , عن أبي صالح عن أبي هريرة (قلت) ولا منافاة بين الروايتين, فقد يكون عند عبد الله بن دينار من الوجهين, والله أعلم, وقد ساقه الحافظ أبو بكر بن مردويه من غير وجه عن أبي صالح , عن أبي هريرة . ومن حديث محمد بن أبي حميد عن زياد الخطمي عن أبي هريرة به .
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن جامع , عن أبي وائل , عن عبد الله , عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال ما من عبد لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له شجاع أقرع يتبعه, يفر منه وهو يتبعه, فيقول: أنا كنزك" ثم قرأ عبد الله مصداقه من كتاب الله "سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة", وهكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي راشد , زاد الترمذي : و عبد الملك بن أعين , كلاهما عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود به, وقال الترمذي : حسن صحيح. وقد رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي بكر بن عياش وسفيان الثوري , كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي , عن أبي وائل , عن ابن مسعود به, ورواه ابن جرير من غير وجه عن ابن مسعود موقوفاً.
(حديث آخر) قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أمية بن بسطام , حدثنا يزيد بن زريع , حدثنا سعيد عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد , عن معدان بن أبي طلحة , عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال من ترك بعده كنزاً مثل له شجاعاً أقرع يوم القيامة له زبيبتان يتبعه, ويقول: من أنت ؟ ويلك, فيقول: أنا كنزك الذي خلفت بعدك, فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها, ثم يتبع سائر جسده" إسناده جيد قوي, ولم يخرجوه. وقد رواه الطبراني عن جرير بن عبد الله البجلي , ورواه ابن جرير وابن مردويه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه, عن جده, عن النبي صلى الله عليه وسلم, " قال لا يأتي الرجل مولاه فيسأله من فضل ماله عنده فيمنعه إياه إلا دعي له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منع" لفظ ابن جرير , وقال ابن جرير حدثنا ابن المثنى , حدثنا عبد الأعلى , حدثنا داود عن أبي قزعة , عن رجل, عن النبي صلى الله عليه وسلم, " قال ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل جعله الله عنده, فيبخل به عليه, إلا أخرج له من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه" ثم رواه من طريق أخرى عن أبي قزعة واسمه حجير بن بيان , عن أبي مالك العبدي موقوفاً, ورواه من وجه آخر عن أبي قزعة مرسلاً. وقال العوفي عن ابن عباس : نزلت في أهل الكتاب الذين بخلوا بما في أيديهم من الكتب المنزلة أن يبينوها, رواه ابن جرير , والصحيح الأول وإن دخل هذا في معناه, وقد يقال:إن هذا أولى بالدخول, والله سبحانه وتعالى أعلم, وقوله تعالى "ولله ميراث السموات والأرض" أي " وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " فإن الأمور كلها مرجعها إلى الله عز وجل. فقدموا من أموالكم ما ينفعكم يوم معادكم "والله بما تعملون خبير" أي بنياتكم وضمائركم.
قوله 176- "ولا يحزنك" قرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي، وقرأ ابن محيصن بضم الياء والزاي، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الزاي، وهما لغتان، يقال: حزنني الأمر وأحزنني، والأولى أفصح. وقرأ طلحة " يسارعون " قيل: هم قوم ارتدوا، فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فسلاه الله سبحانه ونهاه عن الحزن، وعلل ذلك بأنهم لن يضروا الله شيئاً، وإنما ضروا أنفسهم بأن لاحظ لهم في الآخرة ولهم عذاب عظيم، وقيل: هم كفار قريش وقيل: هم المنافقون، وقيل: هو عام في جميع الكفار. قال القشيري، والحزن على كفر الكافر طاعة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرط في الحزن، فنهي عن ذلك كما قال الله تعالى " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا " وعدي السارعون بفي دون إلى للدلالة على أنهم مستقرون فيه مديمون لملابسته، ومثله يسارعون في الخيرات. وقوله "إنهم لن يضروا الله شيئاً" تعليل للنهي، والمعنى: أن كفرهم لا ينقص من ملك الله سبحانه شيئاً، وقيل: المراد لن يضروا أولياءه، ويحتمل أن يراد لن يضروا دينه الذي شرعه لعباده، وشيئاً منصوب على المصدرية: أي شيئاً من الضرر، وقيل: منصوب بنزع الخافض: أي بشيء: والحظ: النصيب. قال أبو زيد: يقال رجل حظيظ إذا كان ذا حظ من الرزق، والمعنى: أن الله يريد أن لا يجعل لهم نصيباً في الجنة أو نصيباً من الثواب، وصيغة الاستقبال للدلالة على دوام الإرادة واستمرارها "ولهم عذاب عظيم" بسبب مسارعتهم في الكفر فكان ضرر كفرهم عائداً عليهم جالياً لهم عدم الحظ في الآخرة ومصيرهم في العذاب العظيم.
176-قوله عز وجل:" ولا يحزنك"، قرأ نافع"يحزنك" بضم الياء وكسر الزاي، وكذلك جميع القرآن إلا قوله "لا يحزنهم الفزع الأكبر"، ضده أبو جعفر ، وهما لغتان : حزن يحزن وأحزن يحزن ،إلا أن اللغة الغالبه حزن يحزن ،"الذين يسارعون في الكفر"، قال الضحاك : هم كفار قريش، وقال غيره: هم المنافقون يسارعون في الكفر بمظاهرة الكفار."إنهم لن يضروا الله شيئاً" ، بمسارعتهم في الكفر،" يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة "، نصيباً في ثواب الآخرة ، فذلك خذلهم حتى سارعوا في الكفر، "ولهم عذاب عظيم".
176" ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " يقعون فيه سريعاً حرصاً عليه، وهم المنافقين من المتخلفين، أو قوم ارتدوا عن الإسلام. والمعنى لا يحزنك خوف أن يضروك ويعينوا عليك لقوله: " إنهم لن يضروا الله شيئا " أي لن يضروا أولياء الله شيئاً بمسارعتهم في الكفر، وإنما يضرون بها أنفسهم. وشيئاً يحتمل المفعول والمصدر وقرأ نافع " يحزنك " بضم الياء وكسر الزاي حيث وقع ما خلا قوله في الأنبياء لا يحزنهم الفزع الأكبر، فإنه فتح الياء وضم الزاي فيه والباقون كذلك في الكل. " يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة " نصيباً من الثواب في الآخرة، وهو يدل على تمادي طغيانهم وموتهم على الكفر، وفي ذكر الإرادة إشعار بأن كفرهم بلغ الغاية حتى أراد أرحم الراحمين أن لا يكون لهم حظ من رحمته، وإن مسارعتهم في الكفر لأنه تعالى لم يرد أن يكون لهم حظ في الآخرة. " ولهم عذاب عظيم " مع الحرمان عن الثواب.
176. Let not their conduct grieve thee, who run easily to disbelief, for Lo! they injure Allah not at all. It is Allah's will to assign them no portion in the Hereafter, and theirs will be an awful doom.
176 - Let not those grieve thee who rush headlong into unbelief: not the least harm will they do to God: God's plan is that he will give them no portion in the hereafter, but a severe punishment.