19 - (وما كان الناس إلا أمة واحدة) على دين واحد وهو الإسلام ، من لدن آدم إلى نوح ، وقيل من عهد إبراهيم إلى عمرو بن لحيّ (فاختلفوا) بأن ثبت بعض وكفر بعض (ولولا كلمة سبقت من ربك) بتأخير الجزاء إلى يوم القيامة (لقضي بينهم) أي الناس في الدنيا (فيما فيه يختلفون) من الدين بتعذيب الكافرين
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما كان الناس إلا أهل دين واحد وملة واحدة، فاختلفوا في دينهم، فافترقت بهم السبل في ذلك، " ولولا كلمة سبقت من ربك "، يقول: ولو لا أنه سبق من الله أنه لا يهلك قوماً إلا بعد انقضاء آجالهم، " لقضي بينهم فيما فيه يختلفون "، يقول: لقضي بينهم بأن يهلك أهل الباطل منهم، وينجي أهل الحق.
وقد بينا اختلاف المختلفين في معنى ذلك في ((سورة البقرة))، وذلك في قوله: " كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين "، [البقرة: 213]، وبينا الصواب من القول فيه بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا "، حين قتل أحد ابني آدم أخاه.
حدثني المثنى قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، بنحوه.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه.
تقدم في البقرة معناه فلا معنى للإعادة. وقال الزجاج: هم العرب كانوا على الشرك. وقيل: كل مولود يولد على الفطرة، فاختلفوا عند البلوغ. "ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون" إشارة إلى القضاء والقدر، أي لولا ما سبق في حكمه أنه لا يقضي بينهم فيما اختلفوا بالثواب والعقاب دون القيامة لقضى بينهم في الدنيا، فأدخل المؤمنين الجنة بأعمالهم والكافرين النار بكفرهم، ولكنه سبق من الله الأجل مع علمه بصنيعهم فجعل موعدهم القيامة، قاله الحسن. وقال أبو روق: "لقضي بينهم" لأقام عليهم الساعة. وقيل: لفرغ من هلاكهم. وقال الكلبي: الكلمة أن الله أخر هذه الأمة فلا يهلكهم بالعذاب في الدنيا إلى يوم القيامة، فلولا هذا التأخير لقضى بينهم بنزول العذاب أو بإقامة الساعة. والآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العذاب عمن كفر به. وقيل: الكلمة السابقة أنه لا يأخذ أحداً إلا بحجة وهو إرسال الرسل، كما قال: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء:15] وقيل: الكلمة قوله: سبقت رحمتي غضبي ولولا ذلك لما أخر العصاة إلى التوبة. وقرأ عيسى لقضى بالفتح.
ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ظانين أن تلك الالهة تنفعهم شفاعتها عند الله فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئاً, ولا يقع شيء مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبداً ولهذا قال تعالى: " قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض " وقال ابن جرير: معناه أتخبرون الله بما لا يكون في السموات ولا في الأرض ؟ ثم نزه نفسه الكريمة عن شركهم وكفرهم فقال: "سبحانه وتعالى عما يشركون" ثم أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكن وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الإسلام قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ثم وقع الاختلاف بين الناس وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحججه البالغة وبراهينه الدامغة " ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة " وقوله: "ولولا كلمة سبقت من ربك" الاية, أي لولا ما تقدم من الله تعالى أنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه, وأنه قد أجل الخلق إلى أجل معدود لقضى بينهم فيما اختلفوا فيه فأسعد المؤمنين وأعنت الكافرين.
قوله: 19- "وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا" قد تقدم تفسيره في البقرة. والمعنى: أن الناس ما كانوا جميعاً إلا أمة واحدة موحدة لله سبحانه مؤمنة به، فصار البعض كافراً وبقي البعض الآخر مؤمناً فخالف بعضهم بعضاً. وقال الزجاج: هم العرب كانوا على الشرك. وقال: كل مولود يولد على الفطرة، فاختلفوا عند البلوغ، والأول أظهر. وليس المراد أن كل طائفة أحدثت ملة من ملل الكفر مخالفة للأخرى، بل المراد كفر البعض وبقي البعض على التوحيد كما قدمنا "ولولا كلمة سبقت من ربك" وهي أنه سبحانه لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه إلا يوم القيامة "لقضي بينهم" في الدنيا "فيما" هم "فيه يختلفون" لكنه قد امتنع ذلك بالكلمة التي لا تتخلف، وقيل معنى "لقضي بينهم" بإقامة الساعة عليهم، وقيل: لفرغ من هلاكهم، وقيل: الكلمة إن الله أمهل هذه الأمة فلا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، وقيل: الكلمة أنه لا يأخذ أحداً إلا بحجة، وهي إرسال الرسل كما قال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"، وقيل: الكلمة قوله: سبقت رحمتي غضبي. وقرأ عيسى بن عمر لقضي بالبناء للفاعل. وقرأ من عداه بالبناء للمفعول.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال النضر: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى، فأنزل الله: " فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون * ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم " الآية. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا" قال ابن مسعود: كانوا على هدى. وروي أنه قرأ هكذا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "وما كان الناس إلا أمة واحدة" قال: آدم وحده "فاختلفوا" قال: حين قتل أحد ابني آدم أخاه. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كان الناس أهل دين واحد على دين آدم فكفروا، فلولا أن ربك أجلهم إلى يوم القيامة لقضي بينهم.
19-قوله تعالى: "وما كان الناس إلا أمة واحدة"، أي: على الإسلام. وقد ذكرنا الاختلاف فيه في سورة البقرة. "فاختلفوا"، وتفرقوا إلى مؤمن وكافر، "ولولا كلمة سبقت من ربك"، بأن جعل لكل أمة أجلا. وقال الكلبي: هي إمهال هذه الأمة وأنه لا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، "لقضي بينهم"، بنزول العذاب وتعجيل العقوبة للمكذبين، وكان ذلك فصلا بينهم، "فيما فيه يختلفون"، وقال الحسن: ولولا كلمة سبقت من ربك، مضت في حكمه أنه: لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة، لقضي بينهم في الدنيا فأدخل المؤمن الجنة والكافر النار، ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة.
19."وما كان الناس إلا أمةً واحدةً"موحدين على الفطرة أو متفقين على الحق ،ولذلك في عهد آدم عليه السلام إلى أن قتل قابيل هابيل أو بعد الطوفان ،أو على الضلال في فترة من الرسل ."فاختلفوا"باتباع الهوى والأباطيل ، أو ببعثه الرسل عليهم الصلاة والسلام فتبعتهم طائفة وأصرت أخرى."ولولا كلمة سبقت من ربك"بتأخير الحكم بينهم أو العذاب الفاصل بينهم إلى يوم القيامة فإنه يوم الفصل والجزاء."لقضي بينهم"عاجلاً."فيما فيه يختلفون" بإهلاك المبطل وإبقاء المحق.
19. Mankind were but one community; then they differed; and had it not been for a word that had already gone forth from thy Lord it had been judged between them in respect of that wherein they differ.
19 - Mankind was but one nation, but differed (later). had it not been for a word that went forth before from thy Lord, their differences between them.