19 - (أولم يروا كيف) بالياء والتاء ينظروا (يبديء الله الخلق ثم) هو بضم أوله وقرىء بفتحه من بدأ وأبدا بمعنى أي يخلقهم ابتداء (يعيده) هو (إن) الخلق كما بدأهم (ذلك على) المذكور من الخلق الأول والثاني (الله يسير قل) فكيف ينكرون الثاني
يقول تعالى ذكره: أولم يروا كيف يستأنف الله خلق الأشياء طفلاً صغيراً، ثم غلاماً يافعاً، ثم رجلاً مجتمعاً، ثم كهلاً، يقال منه: أبدأ وأعاد، وبدأ وعاد، لغتان بمعنى واحد. وقوله " ثم يعيده " يقول ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه، كما بدأه أول مرة خلقاً جديداً، لا يتعذر عليه ذلك " إن ذلك على الله يسير " سهل كما كان يسيراً عليه إبداؤه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ": بالبعث بعد الموت.
قوله تعالى : " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق " وقرءائة العامة بالياء على الخبر والتوبيخ لهم ، وهي اختيار أبي عبيد و أبي حاتم . قال أبو عبيد : لذكر الأمم كأنه قال أولم ير الأمم كيف . وقرأ أبو بكر والأعمش و ابن وثاب و حمزة و الكسائي : ( تروا ) بالتاء خطاباً ، لقوله : ( وإن تكذبوا ) وقد قيل : ( وإن تكذبوا ) خطاب لقريش ليس من قول إبراهيم . " ثم يعيده" يعني الخلف والبعث . وقيل : المعنى أولم يروا كيف يبدئ الله الثمار فتحيا ثم تفنى ثم يعيدها أبداً . وكذلك يبدأ خلق الإنسان ثم يملكه بعد أن خلق منه ولداً ،وخلق من الولجد ولداً . وكذلك سائر الحيوان . وأي فإذا رأيتم قدرته على الإبداء والإيجاد فهو القادر على الإعادة " إن ذلك على الله يسير " لأنه إذا اراد أراً قال له كن فيكون .
يقول تعالى مخبراً عن الخليل عليه السلام أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً, ثم وجدوا وصاروا أناساً سامعين مبصرين, فالذي بدأ هذا قادر على إعادته, فإنه سهل عليه يسير لديه, ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الافاق من الايات المشاهدة من خلق الله الأشياء: السموات وما فيها من الكواكب النيرة الثوابت والسيارات, والأرضين وما فيها من مهاد وجبال, وأودية وبراري وقفار, وأشجار وأنهار, وثمار وبحار, كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها, وعلى وجود صانعها الفاعل المختار, الذي يقول للشيء كن فيكون, ولهذا قال: " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير " كقوله تعالى: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" ثم قال تعالى: " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة " أي يوم القيامة "إن الله على كل شيء قدير" وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " وكقوله تعالى: "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ؟ * أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون".
وقوله تعالى: "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء" أي هو الحاكم المتصرف الذي يفعل ما يشاء, ويحكم ما يريد, لا معقب لحكمه, ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون, فله الخلق والأمر مهما فعل فعدل, لأنه المالك الذي لا يظلم مثقال ذرة, كما جاء في الحديث الذي رواه أهل السنن "إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم" ولهذا قال تعالى: "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون" أي ترجعون يوم القيامة.
وقوله تعالى: "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء" أي لا يعجزه أحد من أهل سمواته وأرضه, بل هو القاهر فوق عباده, فكل شيء خائف منه فقير إليه, وهو الغني عما سواه "وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه" أي جحدوها وكفروا بالمعاد "أولئك يئسوا من رحمتي" أي لا نصيب لهم فيها "وأولئك لهم عذاب أليم" أي موجع شديد في الدنيا والاخرة.
19- " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده " قرأ الجمهور "أو لم يروا" بالتحتية على الخبر، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم. قال أبو عبيد: كأنه قال: أو لم ير الأمم. وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي بالفوقية على الخطاب من إبراهيم لقريش، وقيل هو خطاب من الله لقريش. قرأ الجمهور "كيف يبدئ" بذم التحتية من أبدأ يبدئ. وقرأ الزبيري وعيسى بن عمر وأبو عمرو بفتحها من بدأ يبدأ. وقرأ الزهري كيف بدأ والمعنى ألم يروا كيف يخلقهم الله ابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ينفخ فيه الروح ثم يخرجه إلى الدنيا ثم يتوفاه بعد ذلك، وكذلك سائر الحيوانات وسائر النباتات، فإذا رأيتم قدرة الله سبحانه على الابتداء والإيجاد فهو القادر على الإعادة، والهمزة لإنكار عدم رؤيتهم، والواو للعطف على مقدر "إن ذلك على الله يسير" لأنه إذا أراد أمراً قال له كن فيكون.
19- " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق "، كيف يخلقهم ابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة "ثم يعيده" في الآخرة عند البعث "إن ذلك على الله يسير".
19ـ " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق " من مادة ومن غيرها ، وقرأ
حمزة و الكسائي و أبو بكر بالتاء على تقدير القول وقرئ
(( يبدأ )) . " ثم يعيده" إخبار بالإعادة بعد الموت معطوف على " أولم يروا " لا على " يبدئ " ، فإن الرؤية غير واقعة عليه ويجوز أن تؤول الإعادة بأن ينشئ في كل سنة مثل ما كان في السنة السابقة من النبات والثمار ونحوهما وتعطف على " يبدئ " . " إن ذلك " الإشارة إلى الإعادة أو إلى ما ذكر من الأمرين . " على الله يسير " إذ لا يفتقر في فعله إلى شيء .
19. See they not how Allah produceth creation, then reproduceth it? Lo! for Allah that is easy.
19 - See they not how God originates creation, then repeats it: truly that is easy for God.