21 - (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان) طرق تزيينه (ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه) أي المتبع (يأمر بالفحشاء) أي القبيح (والمنكر) شرعا باتباعها (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم) أيها العصبة بما قلتم من الإفك (من أحد أبدا) أي ما صلح وطهر من هذا الذنب بالتوبة منه (ولكن الله يزكي) يطهر (من يشاء) من الذنب بقبول توبته منه (والله سميع) بما قلتم (عليم) بما قصدتم
يقول تعالى ذكره : ولولا فضل الله عليكم أيها الناس ورحمته لكم ، ما تطهر منكم من أحد أبدا ، من دنس ذنوبه وشركه ، ولكن الله يطهر من يشاء من خلقه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا " يقول : ما اهتدى منكم من الخلائق لشيء من الخير ، ينفع به نفسه ، ولم يتق شيئا من الشر يدفعه عن نفسه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا " قال : ما زكى : ما اسلم ، وقال : كل شيء في القرآن من زكى أو تزكى فهو الإسلام .
وقوله : " والله سميع عليم " يقول : والله سميع لما تقولون بأفواهكم ، وتلقونه بألسنتكم ، وغير ذلك من كلامكم ، عليم بذلك كله ، وبغيره من أموركم ، محيط به ، محصيه عليكم ، ليجازيكم بكل ذلك .
الموفية عشرين: قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان " يعني مسالكه ومذاهبه، المعنى: لا تسلكوا الطريق الذي يدعوكم إليها الشيطان. وواحد الخطوات خطوة، وهو ما بين القدمين. والخطوة (بالفتح) المصدر، يقال: خطوت خطوة، وجمعها خطوات. وتخطى إلينا فلان، ومنه الحديث: أنه رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة. وقرأ الجمهور " خطوات " بضم الطاء. وسكنها عاصم والأعمش. وقرأ الجمهور " ما زكا " بتخفيف الكاف، أي ما اهتدى ولا أسلم ولا عرف رشداً. وقيل: " ما زكا " أي ما صلح، يقال: زكا يزكو زكاء، أي صلح. وشددها الحسن وأبو حيوة، أي أن تزكيته لكم وتطهيره وهدايته إنما هي بفضله لا بأعمالكم. وقال الكسائي : " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان " معترض، وقوله: " ما زكا منكم من أحد أبدا " جواب لقوله أولاً وثانياً " ولولا فضل الله عليكم ".
يقول الله تعالى: "ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم" أي لولا هذا لكان أمر آخر, ولكنه تعالى رؤوف بعباده رحيم بهم, فتاب على من تاب إليه من هذه القضية, وطهر من طهر منهم بالحد الذي أقيم عليهم, ثم قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان" يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "خطوات الشيطان" عمله. وقال عكرمة : نزغاته. وقال قتادة : كل معصية فهي من خطوات الشيطان. وقال أبو مجلز : النذور في المعاصي من خطوات الشيطان. وقال مسروق : سأل رجل ابن مسعود فقال: إني حرمت أن آكل طعاماً وسماه, فقال: هذا من نزغات الشيطان, كفر عن يمينك وكل وقال الشعبي في رجل نذر ذبح ولده: هذا من نزغات الشيطان, وأفتاه أن يذبح كبشاً.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا حسان بن عبد الله المصري , حدثنا السري بن يحيى عن سليمان التيمي عن أبي رافع قال: غضبت علي امرأتي فقالت هي يوماً يهودية ويوماً نصرانية, وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك, فأتيت عبد الله بن عمر فقال: إنما هذه من نزغات الشيطان, وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة وهي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة, وأتيت عاصم بن عمر فقال مثل ذلك. ثم قال تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا " أي لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه ويزكي النفوس من شركها, وفجورها ودنسها, وما فيها من أخلاق رديئة كل بحسبه, لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيراً "ولكن الله يزكي من يشاء" أي من خلقه, ويضل من يشاء ويرديه في مهالك الضلال والغي. وقوله "والله سميع" أي سميع لأقوال عباده "عليم" بمن يستحق منهم الهدى والضلال.
21- "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان" الخطوات جمع خطوة، وهي ما بين القدمين، والخطوة بالفتح المصدر: أي لا تتبعوا مسالك الشيطان ومذاهبه ولا تسلكوا طرائقه التي يدعوكم إليها. قرأ الجمهور "خطوات" بضم الخاء والطاء، وقرأ عاصم والأخفش بضم الخاء وإسكان الطاء "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" قيل جزاء الشرط محذوف أقيم مقامه ما هو علة له، كأنه قيل: فقد ارتكب الفحشاء والمنكر لأن دأبه أن يستمر آمراً لغيره بهما، والفحشاء ما أفرط قبحه، والمنكر ما ينكره الشرع، وضمير إنه للشيطان، وقيل للشأن، والأولى أن يكون عائداً إلى من يتبع خطوات الشيطان، لأن من اتبع الشيطان صار مقتدياً به في الأمر بالفحشاء والمنكر "ولولا فضل الله عليكم ورحمته" قد تقدم بيانه وجواب لولا هو قوله: " ما زكا منكم من أحد أبدا " أي لولا التفضل والرحمة من الله ما طهر أحد منكم نفسه من دنسها ما دام حياً. قرأ الجمهور "زكى" بالتخفيف، وقرأ الأعمش وابن محيصن وأبو جعفر بالتشديد أي ما طهره الله. وقال مقاتل: أي ما صلح. والأولى تفسير زكى بالتطهر والتطهير، وهو الذي ذكره ابن قتيبة. قال الكسائي: إن قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان" معترض، وقوله: " ما زكا منكم من أحد أبدا " جواب لقوله أولاً وثانياً ولولا فضل الله. وقراءة التخفيف أرجح لقوله: "ولكن الله يزكي من يشاء" أي من عباده بالتفضل عليهم والرحمة لهم "والله سميع" لما يقولونه "عليم" بجميع المعلومات وفيه حث بالغ على الإخلاص، وتهييج عظيم لعباده التائبين، ووعيد شديد لمن يتبع الشيطان ويحب أن تشيع الفاحشة في عباد الله المؤمنين، ولا يزجر نفسه بزواجر الله سبحانه.
وقد أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم حديث عائشة الطويل في سبب نزول هذه الآيات بألفاظ متعددة وطرق مختلفة. حاصله أن سبب النزول هو ما وقع من أهل الإفك الذين تقدم ذكرهم في شأن عائشة رضي الله عنها، وذلك أنها خرجت من هودجها تلتمس عقداً لها انقطع من جزع، فرحلوا وهم يظنون أنها في هودجها، فرجعت وقد ارتحل الجيش والهودج معهم، فأقامت في ذلك المكان ومر بها صفوان بن المعطل، وكان متأخراً عن الجيش، فأناخ راحلته وحملها عليها، فلما رأى ذلك أهل الإفك قالوا ما قالوا، فبرأها الله مما قالوه. هذا حاصل القصة مع طولها وتشعب أطرافها فلا نطول بذكر ذلك. وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأهل السنن الأربع وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت: لما نزل عذري قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا حدهم. قال الترمذي: هذا حديث حسن. ووقع عند أبي داود تسميتهم: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: الذين افتروا على عائشة عبد الله بن أبي بن سلول ومسطح وحسان وحمنة بنت جحش. وأخرج البخاري وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن الزهري قال: كنت عند الوليد بن عبد الملك، فقال الذي تولى كبره منهم علي، فقلت لا، حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود كلهم سمع عائشة تقول: الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي، قال فقال لي: فما كان جرمه؟ قلت: حدثني شيخان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنهما سمعا عائشة تقول: كان مسيئاً في أمري. وقال يعقوب بن شيبة في مسنده: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا الشافعي، حدثنا عمي قال: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال له: يا سليمان الذي تولى كبره من هو؟ قال: عبد الله بن أبي. قال: كذبت هو علي. قال: أمير المؤمنين أعلم بما يقول، فدخل الزهري فقال: يا ابن شهاب من الذي تولى كبره؟ فقال: ابن أبي. قال: كذبت هو علي. قال: أنا أكذب؟ لا أبا لك، والله لو نادى مناد من السماء أن الله قد أحل الكذب ما كذبت، حدثني عروة وسعيد وعبد الله وعلقمة عن عائشة أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن مسروق قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قالت: لكنك لست كذلك، قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك، وقد أنزل الله "والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم" فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن بعض الأنصار أن امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الإفك ما قالوا: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى وذلك الكذب، أكنت أنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت لا والله، قال: فعائشة والله خير منك وأطيب، إنما هذا كذب وإفك باطل، فلما نزل القرآن ذكر الله من قال من الفاحشة ما قال من أهل الإفك. ثم قال: "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين" أي كما قال أبو أيوب وصاحبته. وأخرج الواقدي والحاكم وابن عساكر عن أفلح مولى أبي أيوب أن أم أيوب فذكر نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس "يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً" قال: يحرج الله عليكم. وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال: القائل الفاحشة والذي شيع بها في الإثم سواء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: " ما زكا منكم من أحد أبدا " قال: ما اهتدى أحد من الخلائق لشيء من الخير.
قوله عز وجل: 21- "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء"، أي: بالقبائح من الأفعال، "والمنكر"، ما يكرهه الله عز وجل، " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا "، قال مقاتل: ما صلح. وقال ابن قتيبة: ما طهر، "منكم من أحد"، والآية على العموم عند بعض المفسرين، قالوا: أخبر الله أنه لولا فضله ورحمته بالعصمة ما صلح منكم أحد. وقال قوم: هذا الخطاب للذين خاضوا في الإفك، ومعناه: ما طهر من هذا الذنب ولا صلح أمره بعد الذي فعل، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء، قال: ما قبل توبة أحد منكم، "أبداً ولكن الله يزكي"، يطهر، "من يشاء"، من الذنب بالرحمة والمغفرة، "والله سميع عليم".
21 -" يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان " بإشاعة الفاحشة ، وقرئ بفتح الطاء وقرأ نافع و البزي و أبو عمرو و أبو بكر و حمزة بسكونها . " ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر " بيان لعلة النهي عن اتباعه ، و(( الفحشاء )) ما أفرط قبحه ، و(( المنكر )) ما أنكره الشرع . " ولولا فضل الله عليكم ورحمته " بتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها " ما زكا " ما طهر من دنسها . " منكم من أحد أبداً " آخر الدهر . " ولكن الله يزكي من يشاء " بحمله على التوبة وقبولها . " والله سميع " لمقالهم . " عليم " بنياتهم .
21. O ye who believe! Follow not the footsteps of the devil. Unto whomsoever followeth the footsteps of the devil, lo! he commandeth filthiness and wrong. Had it not been for the grace of Allah and His mercy unto you, not one of you would ever have grown pure. But Allah causeth whom He will to grow. And Allah is Hearer, Knower.
21 - O ye who believe! Follow not Satan's footsteps: if any will follow the footsteps of Satan, he will (but) command what is shameful and wrong: and were it not for the grace and mercy of God on you, not one of you would ever have been pure: but God doth purify whom He pleases: and God is One Who hears and knows (all things).