21 - (أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك) الرحمان (رزقه) أي المطر عنكم وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي فمن يرزقكم أي لا رازق لكم غيره (بل لجوا) تمادوا (في عتو) تكبر (ونفور) تباعد عن الحق
يقول تعالى ذكره : أم من هذا الذي يطعمكم ويسقيكم ، ويأتي بأقواتكم إن أمسك بكم رزقه الذي يرزقه عنكم .
وقوله " بل لجوا في عتو ونفور " يقول : بل تمادوا في طغيان ونفور عن الحق واستكبار .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، فقال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " بل لجوا في عتو ونفور " يقول : في ضلال .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " بل لجوا في عتو ونفور " قال : كفور .
قوله تعالى: "أمن هذا الذي يرزقكم" أي يعطيكم منافع الدنيا. وقيل: المطر من آلهتكم. "إن أمسك" يعني الله تعالى رزقه. بل لجوا أي تمادوا وأصروا. "في عتو" طغيان "ونفور" عن الحق.
يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا معه غيره يبتغون عندهم نصراً ورزقاً, منكراً عليهم فيما اعتقدوه ومخبراً لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه, فقال تعالى: "أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن" أي ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ولا ناصر لكم غيره, ولهذا قال تعالى: "إن الكافرون إلا في غرور" ثم قال تعالى: "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه" أي من هذا الذي إذا قطع الله عنكم رزقه يرزقكم بعده, أي لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق وينصر إلا الله عز وجل وحده لا شريك له, أي وهم يعلمون ذلك ومع هذا يعبدون غيره, ولهذا قال تعالى: "بل لجوا" أي استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم "في عتو ونفور" أي في معاندة واستكبار ونفور على إدبارهم عن الحق لا يسمعون له ولا يتبعونه.
ثم قال تعالى: "أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى! أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم" وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر, فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكباً على وجهه, أي يمشي منحنياً لا مستوياً على وجهه أي لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب بل تائه حائر ضال, أهذا أهدى "أمن يمشي سوياً" أي منتصب القامة "على صراط مستقيم" أي على طريق واضح بين وهو في نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة, هذا مثلهم في الدنيا وكذلك يكونون في الاخرة, فالمؤمن يحشر يمشي سوياً على صراط مستقيم مفض به إلى الجنة الفيحاء, وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم.
" احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم " الايات. أزواجهم: أشباههم. قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا ابن نمير , حدثنا إسماعيل عن نفيع , قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال: "أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادراً على أن يمشيهم على وجوههم" وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق وقوله تعالى: "قل هو الذي أنشأكم" أي ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة" أي العقول والإدراك "قليلاً ما تشكرون" أي قلما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره "قل هو الذي ذرأكم في الأرض" أي بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم, وحلالكم وأشكالكم وصوركم "وإليه تحشرون" أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات, يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم. ثم قال تعالى مخبراً عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " أي متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق " قل إنما العلم عند الله " أي لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله عز وجل لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه "وإنما أنا نذير مبين" أي وإنما علي البلاغ وقد أديته إليكم.
قال تعالى: "فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا" أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ورأوا أن الأمر كان قريباً لأن كل ما هو آت آت وإن طال زمنه, فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون ما لهم هناك من الشر أي فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ "هذا الذي كنتم به تدعون" أي تستعجلون.
21- "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه" الكلام في هذا كالكلام في الذي قبله قراءة وإعراباً: أي من الذي يدر عليكم الأرزاق من المطر وغير إن أمسك الله ذلك عنكم ومنعه عليكم "بل لجوا في عتو ونفور" أي لم يتأثروا لذلك، بل تمادوا في عناد واستكبار عن الحق ونفور عنه ولم يعتبروا ولا تفكروا، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه: أي إن أمسك رزقه فمن يرزقكم غيره، والعتو العناد والطغيان، والنفور الشرود.
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس "إن الذين يخشون ربهم بالغيب" قال: أبو بكر وعمر وعلي وأبو عبيدة بن الجراح. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه في قوله: "في مناكبها" قال: جبالها. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: أطرافها. وأخرج الطبراني وابن عدي والبيهقي في الشعب والحكيم الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب العبد المؤمن المحترف". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "بل لجوا في عتو ونفور" قال: في ضلال.
21- "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه"، أي من الذي يرزقكم المطر إن أمسك الله عنكم، "بل لجوا في عتو"، تماد في الضلال، "ونفور"، تباعد من الحق. وقال مجاهد: كفور.
21-" أمن هذا الذي يرزقكم " أم من يشار إليه ويقال " هذا الذي يرزقكم " . " إن أمسك رزقه " بإمساك المطر وسائر الأسباب المخلصة والموصلة له إليكم . " بل لجوا " تمادوا . " في عتو " عناد . " تفور " شراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه .
21. Or who is he that will provide for you if He should withhold His providence? Nay, but they are set in pride and frowardness.
21 - Or who is there that can provide you with Sustenance if He were to with hold His provision? Nay, they obstinately persist in insolent impiety and flight (from the Truth).