22 - (ولما توجه) قصد بوجهه (تلقاء مدين) جهتها وهي قرية شعيب على مسيرة ثمانية أيام من مصر سمت بمدين بن إبراهيم ولم يكن يعرف طريقها (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) أي قصد الطريق أي الطريق الوسط إليها فأرسل الله ملكا بيده عنزة فانطلق به إليها
ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ، قال: لما أخذ موسى في بنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة، فلما رآه موسى سجد له من الفرق قال: لا تسجد لي ولكن اتبعني فاتبعه، فهداه نحو مدين، وقال موسى وهو متوجه نحو مدين " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " فانطلق به حتى انتهى به إلى مدين.
حدثنا العباس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خرج موسى متوجهاً نحو مدين، وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، فإنه قال " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر لي أنه خرج وهو يقول " رب نجني من القوم الظالمين " فهيأ الله الطريق إلى مدين، فخرج من مصر بلا زاد ولا حذاء ولا ظهر ولا درهم ولا رغيف، خائفاً يترقب، حتى وقع إلى أمة من الناس يسقون بمدين.
حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: خرج موسى من مصر إلى مدين، وبينه وبينها مسيرة ثمان، قال: وكان يقال نحو من الكوفة إلى البصرة، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، وخرج حافياً، فما وصل إليها حتى وقع خف قدمه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثام، قال: ثنا الأعمش ، عن المنهال، عن سعيد، عن ابن عباس، قال: لما خرج موسى من مصر إلى مدين، وبينه وبينها ثمان ليال، كان يقال: نحو من البصرة إلى الكوفة، ثم ذكر نحوه. ومدين كان بها يومئذ قوم شعيب عليه السلام.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " ولما توجه تلقاء مدين " ومدين: ماء كان عليه قوم شعيب " قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ".
وأما قوله " سواء السبيل " فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله نحو قولنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " سواء السبيل " قال: الطريق إلى مدين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة " قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " قال: قصد السبيل.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عباد بن راشد، عن الحسن " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " قال: الطريق المستقيم.
قوله تعالى : " ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " لما خرج موسى عليه السلام فاراً بنفسه منفرداً خائفاً ، لاشيء معه من زاد ولا راحلة ولا حذاء نحو مدين للنسب الذي بينه وبينهم ، لأن مدين من ولد إبراهيم ، وموسة من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ورأى حاله وعدم معرفته بالطريق ، وخلوه من زاد وغيره ، أسند أمره إلى الله تعالى بقوله : " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " وهذه حالة المضطر .
قلت : روي أنه كان يتقوت ورق الشجر ، وما وصل حتى سقط خف قدميه . قال أبو مالك : وكان فرعون وجه في طلبه وقال لهم عنزة ، فقال لموسى : اتبعني فاتبعه فهداه إلى الطريق ، فيقال : إنه أعطاه العنزة فكانت عصاه . ويروى أن عصاه إنما أخذها لرعي الغنم من مدين . وهو أكثر وأصح . وقال مقاتل و السدي : إن الله بعث إليه جبريل ، فالله أعلم . وبين مدين ومصر ثمانية أيام ، قاله ابن جبير والناس . وكان ملك مدين لغير فرعون .
لما أخبره ذلك الرجل بما تمالأ عليه فرعون ودولته في أمره, خرج من مصر وحده, ولم يألف ذلك قبله بل كان في رفاهية ونعمة ورياسة "فخرج منها خائفاً يترقب" أي يتلفت "قال رب نجني من القوم الظالمين" أي من فرعون وملئه, فذكروا أن الله سبحانه وتعالى بعث إليه ملكاً على فرس, فأرشده إلى الطريق, فالله أعلم "ولما توجه تلقاء مدين" أي أخذ طريقاً سالكاً مهيعاً, فرح بذلك "قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل" أي الطريق الأقوم, ففعل الله به ذلك وهداه إلى الصراط المستقيم في الدنيا والاخرة, فجعله هادياً مهدياً "ولما ورد ماء مدين" أي لما وصل إلى مدين وورد ماءها, وكان لها بئر يرده رعاء الشاء "وجد عليه أمة من الناس يسقون" أي جماعة يسقون, "ووجد من دونهم امرأتين تذودان" أي تكفكفان غنمهما أن ترد مع غنم أولئك الرعاء لئلا يؤذيا, فلما رآهما موسى عليه السلام رق لهما ورحمهما "قال ما خطبكما ؟" أي ما خبركما لا تردان مع هؤلاء ؟ "قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء" أي لا يحصل لنا سقي إلا بعد فراغ هؤلاء "وأبونا شيخ كبير" أي فهذا الحال الملجىء لنا إلى ما ترى, قال الله تعالى: "فسقى لهما" قال أبو بكر بن أبي شيبة . حدثنا عبد الله , أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين, وجد عليه أمة من الناس يسقون قال: فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر, ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال, فإذا هو بامرأتين تذودان قال: ما خطبكما ؟ فحدثتاه, فأتى الحجر فرفعه, ثم لم يستق إلا ذنوباً واحداً حتى رويت الغنم, إسناد صحيح.
وقوله تعالى: "ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير" قال ابن عباس : سار موسى من مصر إلى مدين ليس له طعام إلا البقل وورق الشجر, وكان حافياً, فما وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه, وجلس في الظل وهو صفوة الله من خلقه, وإن بطنه للاصق بظهره من الجوع, وإن خضرة البقل لترى من داخل جوفه, وإنه لمحتاج إلى شق تمرة, وقوله "إلى الظل" قال ابن عباس وابن مسعود والسدي : جلس تحت شجرة. وقال ابن جرير : حدثني الحسين بن عمرو العنقزي , حدثنا أبي , حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ قال: حثثت على جمل ليلتين حتى صبحت مدين, فسألت عن الشجرة التي أوى إليها موسى, فإذا هي شجرة خضراء ترف, فأهوى إليها جملي وكان جائعاً فأخذها جملي فعالجها ساعة ثم لفظها, فدعوت الله لموسى عليه السلام ثم انصرفت. وفي رواية عن ابن مسعود أنه ذهب إلى الشجرة التي كلم الله منها موسى, كما سيأتي إن شاء الله, فالله أعلم. وقال السدي , كانت الشجرة من شجر السمر. وقال عطاء بن السائب لما قال موسى "رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير" أسمع المرأة.
22- "ولما توجه تلقاء مدين" أي نحو مدين قاصداً لها. قال الزجاج: أي سلك في الطريق الذي تلقاء مدين فيها انتهى، يقال داره تلقاء دار فلان، وأصله من اللقاء، ولم تكن هذه القرية داخلة تحت سلطان فرعون، ولهذا خرج إليها "قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل" أي يرشدني نحو الطريق المستوية إلى مدين.
22- "ولما توجه تلقاء مدين"، أي: قصد نحوها ماضياً إليها، يقال: داره تلقاء دار فلان، إذا كانت محاذيتها، وأصله من اللقاء، قال الزجاج: يعني سلك الطريق الذي تلقاء مدين فيها، ومدين هو مدين بن إبراهيم، سميت البلدة باسمه، وكان موسى قد خرج خائفاً بلا ظهر ولا حذاء ولا زاد، وكانت مدين على مسيرة ثمانية أيام من مصر، "قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل"، أي: قصد الطريق إلى مدين، قال ذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها قبل، فلما دعا جاءه ملك بيده عنزة فانطلق به إلى مدين.
قال المفسرون: خرج موسى من مصر ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر والبقل، حتى يرى خضرته في بطنه، وما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه.
قال ابن عباس: وهو أول ابتلاء من الله عز وجل لموسى عليه السلام.
22 -" ولما توجه تلقاء مدين " قبالة مدين قرية شعيب ، سميت باسم مدين بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ولم تكن في سلطان فرعون وكان بينها وبين مصر مسيرة ثمان . " قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " توكلاً على الله وحسن ظن به ، وكان لا يعرف الطريق فعن له ثلاث طرق فأخذ في أوسطها وجاء الطلاب عقبيه فأخذوا الآخرين .
22. And when he turned his face toward Midian, he said: Peradventure my Lord will guide me in the right road.
22 - Then, when he turned his face towards (the land of) Madyan, he said: I do hope that my Lord will show me the smooth and straight Path.