22 - (ومن يسلم وجهه إلى الله) يقبل على طاعته (وهو محسن) موحد (فقد استمسك بالعروة الوثقى) بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه (وإلى الله عاقبة الأمور) مرجعها
يقول تعالى ذكره: ومن يعبد وجهه متذللاً بالعبودة، مقراً له بالألوهة " وهو محسن " يقول: وهو مطيع لله في أمره ونهيه " فقد استمسك بالعروة الوثقى " يقول: فقد تمسك بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه م تمسك به، وهذا مثل، وإنما يعني بذلك أنه قد تمسك من رضا الله بإسلامه وجهه إليه وهو محسن، ما لا يخاف معه عذاب الله يوم القيامة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي السوداء، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس " ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى " قال: لا إله إلا الله.
وقوله " وإلى الله عاقبة الأمور " يقول: وإلى الله مرجع عاقبة كل أمر خيره وشره، وهو المسائل أهله عنه، ومجازيهم عليه.
قوله تعالى: "ومن يسلم وجهه إلى الله" أي يخلص عبادته وقصده إلى الله تعالى. "وهو محسن" لأن العبادة من غير إحسان ولا معرفة القلب لا تنفع، نظيره: "ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن" طه:112 . وفي حديث جبريل عليه السلام قال: فأخبرني عن الإحسان ؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. "فقد استمسك بالعروة الوثقى" قال ابن عباس: لا إله إلا الله، وقد مضى في البقرة. وقد قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه والسلمي وعبد الله بن مسلم بن يسار: ومن يسلم. النحاس: ويسلم في هذا أعرف، كما قال عز وجل: "فقل أسلمت وجهي لله" آل عمران:20 ومعنى: أسلمت وجهي لله قصت بعبادتي إلى الله عز وجل، ويكون يسلم على الكثير، إلا أن المستعمل في سلمت أنه بمعنى دفعت، يقال سلمت في الحنطة، وقد يقال أسلمت. الزمخشري: قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: ومن يسلم بالتشديد، يقال: أسلم أمرك وسلم أمرك إلى الله تعالى، فإن قلت: ما له عدي باللام في قوله عز وجل: "بلى من أسلم وجهه لله" البقرة:112 ؟ قلت: معناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالماً لله، أي خالصاً له. ومعناه مع إلى راجع إلى أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه. والمراد التوكل عليه والتفويض إليه. "وإلى الله عاقبة الأمور" أي مصيرها.
يقول تعالى مخبراً عمن أسلم وجهه لله أي أخلص له العمل وانقاد لأمره واتبع شرعه, ولهذا قال "وهو محسن" أي في عمله باتباع ما به أمر, وترك ما عنه زجر "فقد استمسك بالعروة الوثقى" أي فقد أخذ موثقاً من الله متيناً لا يعذبه "وإلى الله عاقبة الأمور * ومن كفر فلا يحزنك كفره" أي لا تحزن عليهم يا محمد في كفرهم بالله وبما جئت به, فإن قدر الله نافذ فيهم, وإلى الله مرجعهم فينبئهم بما عملوا, أي فيجزيهم عليه "إن الله عليم بذات الصدور" فلا تخفى عليه خافية, ثم قال تعالى: "نمتعهم قليلاً" أي في الدنيا "ثم نضطرهم" أي نلجئهم "إلى عذاب غليظ" أي فظيع صعب مشق على النفوس, كما قال تعالى: "إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون".
22- "ومن يسلم وجهه إلى الله" أي يفوض إليه أمره، ويخلص له عبادته ويقبل عليه بكليته "وهو محسن" في أعماله، لأن العبادة من غير إحسان لها ولا معرفة بما يحتاج إليه فيها لا تقع بالمقوع الذي تقع به عبادة المحسنين. وقد صح عن الصادق المصدوق لما سأله جبريل عن الإحسان أنه قال له "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، "فقد استمسك بالعروة الوثقى" أي اعتصم بالعهد الأوثق وتعلق به، وهو تمثيل لحال من أسلم وجهه إلى الله بحال من أراد أن يترقى إلى شاهق جبل، فتمسك بأوثق عرى حبل متدل منه "وإلى الله عاقبة الأمور" أي مصيرها إليه لا إلى غيره. وقرأ علي بن أبي طالب والسلمي وعبد الله بن مسلم بن يسار ومن يسلم بالتشديد قال النحاس: والتخفيف في هذا أعرف كما قال عز وجل "فقل أسلمت وجهي لله".
22- "ومن يسلم وجهه إلى الله"، يعني: لله، أي: يخلص دينه لله، ويفوض أمره إلى الله، "وهو محسن"، في عمله، "فقد استمسك بالعروة الوثقى"، أي: اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه، "وإلى الله عاقبة الأمور".
22 -" ومن يسلم وجهه إلى الله " بأن فوض أمره إليه وأقبل بشراشره عليه من أسلمت المتاع إلى الزبون ، ويؤيده القراءة بالتشديد وحيث عدي باللام فلتضمن معنى الإخلاص . " وهو محسن " في عمله . " فقد استمسك بالعروة الوثقى " تعلق بأوثق ما يتعلق به ، وهو تمثيل للمتوكل المشتغل بالطاعة بمن أراد أن يترقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه . " وإلى الله عاقبة الأمور " إذ الكل صائر إليه .
22. Whosoever surrendereth his purpose to Allah while doing good, he verily hath grasped the firm hand hold. Unto Allah belongeth the sequel of all things.
22 - Whoever submits his whole self to God, and is a doer of good, has grasped indeed the most trustworthy hand hold: and with God rests the End and Decision of (all) affairs.