(ولا تَنكِحوا) تتزوجوا أيها المسلمون (المشركات) أي الكافرات (حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة) حرة لأن سبب نزولها العيب على من تزوج أمة وترغيبه في نكاح حرة مشركة (ولو أعجبتكم) لجمالها ومالها وهذا مخصوص بغير الكتابيات بآية {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} (ولا تُنكِحوا) تُزوِّجوا (المشركين) أي الكفار المؤمنات (حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) لماله وجماله (أولئك) أي أهل الشرك (يدعون إلى النار) بدعائهم إلى العمل الموجب لها فلا تليق مناكحتهم (والله يدعو) على لسان رسله (إلى الجنة والمغفرة) أي العمل الموجب لهما (بإذنه) بإرادته فتجب إجابته بتزويج أوليائه (ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) يتعظون
قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي عن مقاتل قال نزلت هذه الآية في ابن أبي مرثد الغنوي إستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عناق أن يتزوجها وهي مشركة وكانت ذات حظ وجمال فنزلت
قوله تعالى ولأمة مؤمنة الآية أخرج الواحدي من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم أنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وقال لأعتنقها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس وقالوا ينكح أمة فأنزل الله هذه الآية وأخرجه ابن جرير عن السدي منقطعا
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في هذه الآية: هل نزلت مرادا بها كل مشركة، أم مراد بحكمها بعض المشركات دون بعض؟ وهل نسخ منها بعد وجوب الحكم بها شيء أم لا؟.فقال بعضهم: نزلت مرادا بها تحريم نكاح كل مشركة على كل مسلم من أي أجناس الشرك كانت،عابدة وثن كانت، أو كانت يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو من غيرهم من أصناف الشرك، ثم نسخ تحريم نكاح أهل الكتاب بقوله: "يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات" إلى "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 4، 5]. ذكر من قال ذلك:حدثني علي بن داود قال، حدثني عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عنعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، ثم استثنى نساء أهل الكتاب فقال: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب" حل لكم "إذا آتيتموهن أجورهن" [المائدة: ه]. حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا، "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، فنسخ من ذلك نساء أهل الكتاب، أحلهن للمسلمين. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن ابي نجيح، عن مجاهد في قوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، قال: نساء أهل مكة ومن سواهن من المشركين، ثم أحل منهن نساء أهل الكتاب.حدثنا القاسمقال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن ابي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: "ولا تنكحوا المشركات" إلى قوله: "لعلهم يتذكرون"، قال: حرم الله المشركات في هذه الآية، ثم أنزل في سورة المائدة، فاستثنى نساء أهل الكتاب فقال: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن" [المائدة: ه]. وقال آخرون: بل أنزلت هذه الآية مراداً بحكمها مشركات العرب، لم ينسخ منها شيء ولم يستثن، وانما هي آية عام ظاهرها، خاص تأويلها. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، يعني: مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، قال: المشركات، من ليس من أهل الكتاب، وقد تزوج حذيفة يهودية أو نصرانية. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن ابي جعفر، عن أبيه، عن قتادة في قوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، يعني مشركات العرب اللاتي ليس لهن كتاب يقرأنه. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن سعيد بن جبير قوله:"ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، قال: مشركات أهل الأوثان. وقال آخرون: بل أنزلت هذه الآية مرادا بها كل مشركة من أي أصناف الشرك كانت، غير مخصوص منها مشركة دون مشركة، وثنية كانت أو مجوسية أو كتابية، ولا نسخ منها شيء. ذكر من قال ذلك: حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني قال، حدثنا أبي قال، حدثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري قال، حدثنا شهر بن حوشب قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، الا ما كان من المؤمنات المهاجرات، وحرم كل ذات دين غير الإسلام"، وقال الله تعالى ذكره: "ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله" [المائدة: ه]، وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية، فغضب عمربن الخطاب رضي الله عنه غضبا شديدا، حتى هم بأن يسطو عليهما. فقالا: نحن نطفق يا أمير المؤمنين، ولا تغضب! فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم صغرة قماء. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة: من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله:"ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن" من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات، وأن الآية عام ظاهرها خاص باطنها، لم ينسخ منها شيء، وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها. وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"- للمؤمنين من نكاح محصناتهن، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات. وقد بينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا، وفي كتابنا كتاب اللطيف من البيان : أن كل آيتين أو خبرين كان أحدهما نافيا حكم الآخر في فطرة العقل، فغير جائز أن يقضى على أحدهما بأنه ناسخ حكم الآخر، إلا بحجة من خبر قاطع للعذر مجيئه. وذلك غير موجود، أن قوله: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب" [المائدة: ه] ناسخ ما كان قد وجب تحريمه من النساء بقوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن". فإذ لم يكن ذلك موجودا كذلك، فقول القائل: هذه ناسخة هذه ، دعوى لا برهان له عليها، والمدعي دعوى لا برهان عليها متحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحد. وأما القول الذي روي عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنه: من تفريقه بين طلحة وحذيفة وامرأتيهما اللتين كانتا كتابيتين، فقول لا معنى له- لخلافه ما الأمة مجتمعة على تحليله بكتاب الله تعالى ذكره، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من القول خلاف ذلك، بإسناد هو أصح منه، وهو ما:- حدثني به موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا محمد بن بشر قال، حدثنا سفيان بن سعيد، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب قال، قال عمر: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة. وإنما كره عمر لطلحة وحذيفة رحمة الله عليهم نكاح اليهودية والنصرانية، حذارا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك، فيزهدوا في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، فأمرهما بتخليتهما، كما: حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا الصلت بن بهرام، عن شقيق قال: تزوج حذيفة يهودية، فكتب إليه عمر: خل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟، فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن . وقد:-
حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا إسحاق الأزرق، عن شريك، عن أشعث بن سوار، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا". فهذا الخبر- وإن كان في إسناده ما فيه- فالقول به، لإجماع الجميع على صحة القول به، أولى من خبر عبد الحميد بن بهرام، عن شهربن حوشب. فمعنى الكلام إذا: ولا تنكحوا أيها المؤمنون مشركات، غير أهل الكتاب، حتى يؤمن فيصدقن بالله ورسوله وما أنزل عليه. قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "ولأمة مؤمنة" بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، خير عند الله وأفضل من حرة مشركة كافرة، وإن شرف نسبها وكرم أصلها. يقول: ولا تبتغوا المناكح في ذوات الشرف من أهل الشرك بالله، فإن الإماء المسلمات عند الله خير منكحا منهن. وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل نكح أمة، فعذل في ذلك، وعرضت عليه حرة مشركة. ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:" "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"، قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وأنه غضب عليها فلطمها. ثم فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبرها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هي يا عبد الله؟ قال: يا رسول الله، هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال: هذه مؤمنة فقال عبدالله: فو الذي بعثك بالحق لاعتقنها ولأتزوجنها ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا: تزوح أمة وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله فيهم: "ولأمة مؤمنة خير من مشركة" و"لعبد مؤمن خير من مشرك" " . حدثنا القاسمقال، حدثنا الحسين قال، حدثني الحجاج قال، قال ابن جريج في قوله:"ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، قال: المشركات- لشرفهن- حتى يؤمن. قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وإن أعجبتكم المشركة من غير أهل الكتاب في الجمال والحسب والمال، فلا تنكحوها، فإن الأمة المؤمنة خير عند الله منها. وإنما وضعت لو موضع إن لتقارب مخرجيهما، ومعنييهما، ولذلك تجاب كل واحدة منهما
بجواب صاحبتها، على ما قد بينا فيما مضى قبل. قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك، أن الله قد حرم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك، ومن أي أصناف الشرك كان، فلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم، فإن ذلك حرام عليكم، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك، ولو شرف نسبه وكرم أصله، وإن أعجبكم حسبه ونسبه. وكان أبو جعفر محمد بن علي يقول: هذا القول من الله تعالى ذكره، دلالة على أن أولياء المرأة أحق بتزويجها من المرأة. حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي قال، أخبرنا حفص بن غياث، عن شيخ لم يسمه، قال أبو جعفر: النكاح بولي في كتاب الله، ثم قرأ: "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" برفع التاء. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والزهري في قوله: "ولا تنكحوا المشركين"، قال: لا يحل لك أن تنكح يهوديا أو نصرانيا ولا مشركا من غيرأهل دينك. حدثنا القاسمقال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج: "ولا تنكحوا المشركين" - لشرفهم- "حتى يؤمنوا". حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري: "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا"، قال: حرم المسلمات على رجالهم- يعني رجال المشركين. قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "أولئك"، هؤلاء الذين حرمت عليكم أيها المؤمنون مناكحتهم من رجال أهل الشرك ونسائهم، يدعونكم إلى النار، يعني: يدعونكم إلى العمل بما يدخلكم النار، وذلك هو العمل الذي هم به عاملون من الكفر بالله ورسوله. يقول: ولا تقبلوا منهم ما يقولون، ولا تستنصحوهم، ولا تنكحوهم ولا تنكحوا إليهم، فإنهم لا يألونكم خبالاً، ولكن اقبلوا من الله ما أمركم به فاعملوا به، وانتهوا عما نهاكم عنه، فإنه يدعوكم إلى الجنة، يعني بذلك يدعوكم إلى العمل بما يدخلكم الجنة، ويوجب لكم النجاة إن عملتم به من النار، وإلى ما يمحو خطاياكم أو ذنوبكم، فيعفو عنها ويسترها عليكم. وأما قوله "بإذنه"، فإنه يعني: أنه يدعوكم إلى ذلك بإعلامه إياكم سبيله وطريقه الذي به الوصول إلى الجنة والمغفرة. ثم قال تعالى ذكره: "ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون"، يقول: ويوضح حججه وأدلته في كتابه الذي أنزله على لسان رسوله لعباده، ليتذكروا فيعتبروا، ويميزوا بين الأمرين اللذين أحدهما دعاء إلى النار والخلود فيها، والآخر دعاء إلى الجنة وغفران الذنوب، فيختاروا خيرهما لهم. ولم يجهل التمييز بين هاتين إلا غبي [غبين] الرأي مدخول العقل.
قوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " ولا تنكحوا " قراءة الجمهور بفتح التاء ، وقرئت في الشاذ بالضم ، كأن المعنى أن المتزوج لها أنكحها من نفسه ، ونكح أصله الجماع ، ويستعمل في التزوج تجوزاً وأتساعاً ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
الثانية : لما أذن الله سبحانه وتعالى في مخالطة الأيتام ، وفي مخالطة النكاح بين أن مناكحة المشركين لا تصح ، وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي ، وقيل : في مرثد بن أبي مرثد واسمه كناز بن حصين الغنوي . بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة سراً ليخرج رجلاً من أصحابه ، وكانت له بمكة امرأة يحبها في الجاهلية يقال لها (( عناق )) فجاءته ، فقال لها : إن الإسلام حرم ما كان في الجاهلية ، قالت : فتزوجني ، قال : حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه فنهاه عن التزوج بها ، لأنه كان مسلماً وهي مشركة ، وسيأتي في (( النور )) بيانه إن شاء الله تعالى .
الثالثة : واختلف العلماء في تأويل هذه الآية ، فقالت طائفة : حرم الله نكاح المشركات في سورة (( البقرة )) ثم نسخ من هذه الجملة نساء أهل الكتاب ، فأحلهن في سورة (( المائدة )) وروي هذا القول عن ابن عباس ، وبه قال مالك بن أنس و سفيان بن سعيد الثوري ، و عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وقال قتادة و سعيد بن جبير : لفظ الآية العموم في كل كافرة ، والمراد بها الخصوص في الكتابيات ، وبينت الخصوص آية (( المائدة )) ولم يتناول العموم قط الكتابيات ، وهذا أحد قولي الشافعي ، وعلى القوم الأول يتناولهن العموم ، ثم نسخت آية (( المائدة )) بعض العموم ، وهذا مذهب مالك رحمه الله ، ذكره ابن حبيب ، وقال : ونكاح اليهودية والنصرانية وإن كان قد أحله الله تعالى مستقل مذموم ، وقال إسحاق بن إبراهيم الحربي : ذهب قوم فجعلوا الآية التي في (( البقرة )) هي الناسخة ، والتي في (( المائدة )) هي المنسوخة ، فحرموا نكاح كل مشركة كتابية أو غير كتابية ، قال النحاس : ومن الحجة لقائل هذا مما صح سنده ما حدثناه محمد بن ريان قال : حدثنا محمد بن رمح ، قال : حدثنا الليث عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال : حرم الله المشركات على المؤمنين ، ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى ، أو عبد من عباد الله ! قال النحاس : وهذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة ، لأنه قد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين سعيد بن المسيب و سعيد بن جبير و الحسن و مجاهد و طاوس و عكرمة و الشعبي و الضحاك ، وفقهاء الأمصار عليه ، وأيضاً فيمتنع أن تكون هذه الآية من سورة (( البقرة )) ناسخة للآية التي في سورة (( المائدة )) لأ، (( البقرة )) من أول ما نزل بالمدينة ، و (( المائدة )) من آخر ما نزل ، وإنما الآخر ينسخ الأول ، وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه ، لأن ابن عمر رحمه الله كان رجلاً متوقفاً ، فلما سمع الآيتين في واحدة التحليل ، وفي أخرى التحريم ولم يبلغه النسخ توقف ، ولم يؤخذ عنه ذكر النسخ وإنما تؤول عليه ، وليس يؤخذ الناسخ والمنسوخ بالتأويل ،وذكر ابن عطية ، وقال ابن عباس في بعض ما روي عنه : إن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات ،وكل من على غير الإسلام حرام ، فعلى هذا هي ناسخة للآية التي في (( المائدة )) وينظر إلى هذا قول ابن عمر في الموطأ : ولا أعلم إشراكاً أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى ، وروي عن عمر : أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كابيتين ،وقالا : نطلق يا أمر المؤمنين ولا تغضب ، فقال : لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما ! ولكن أفرق بينكما صغرة قماة قال ابن عطية : وهذا لا يستند جيداً ، وأسند منه أن عمر أراد التفريق بينهما فقال له حذيفة : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ،ولكني أخاف أن تعاطوا الممومسات منهن ، وروي عن ابن عباس نحو هذا ، وذكر ابن المنذر جواز نكاح الكتابيات عن عمر بن الخطاب ، ومن ذكر من الصحابة والتابعين في قول النحاس ، وقال في آخر كلامه ، ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك ، وقال بعض العلماء ، وأما الآيتان فلا تعارض بينهما ، فإن ظاهر لفظ الشرك لا يتناول أهل الكتاب ، لقوله تعالى : " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم " [ البقرة : 105 ] ، وقال : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين " [ البينة : 1 ] ففرق بينهم في اللفظ ، وظاهر العطف يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ، وأيضاً فاسم الشرك عموم وليس بنص ، وقوله تعالى : " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب " [ المائدة : 5 ] ، بعد قوله " والمحصنات من المؤمنات " [ المائدة : 5 ] نص ، فلا تعارض بن المحتمل وبين ما لا يحتمل ، فإن قيل : أراد بقوله : " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " [ آل عمران : 199 ] ، وقوله : " من أهل الكتاب أمة قائمة " [ آل عمران : 133 ] ، قيل له : هذا خلاف نص الآية في قوله : " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " وخلاف ما قاله الجمهور ، فإنه لا يشكل على أحد جواز التزويج ممن أسلم وصار من أعيان المسلمين ، فإن قالوا : فقد قال الله تعالى : " أولئك يدعون إلى النار " فجعل العلة في تحريم نكاحهن الدعاء إلى النار ، والجواب أن ذلك علة لقوله تعالى : " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " لأن المشرك يدعو إلى النار ، وهذه العلة مطردة في جميع الكفار ، فالمسلم خير من الكافر مطلقاً ، وهذا بين .
الرابعة : وأما نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حرباً فلا يحل ، وسئل ابن عباس عن ذلك فقال : لا يحل ، وتلا قول الله تعالى : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " إلى قوله : " صاغرون " [ التوبة : 29 ] ، قال المحدث : حدثت بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه ، وكره مالك تزوج الحربيات ، لعلة ترك الولد في دار الحرب ولتصرفها في الخمر والخنزير .
الخامسة : قوله تعالى : " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " إخبار بأن المؤمنية المملوكة خير من المشركة ،وإن كانت ذات الحسب والمال " ولو أعجبتكم " في الحسن وغير ذلك ، هذا قول الطبري وغيره ، ونزلت في خنساء وليدة سوداء كانت لحذيفة بن اليمان ، فقال لها حذيفة : يا خنساء ، قد ذكرت في الملأ الأعلى مع سوادك ودمامتك ، وأنزل الله تعالى ذكرك في كتابه ، فأعتقها حذيفة وتزوجها ، وقال السدي : " نزلت في عبد الله بن رواحة ، كانت له أمة سوداء فلطمها في غضب ثم ندم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هي يا عبد الله ، قال : تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه مؤمنة ، فقال ابن رواحة لأعتقنها ولأتزوجنها ، ففعل ، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا : نكح أمة " ، وكانوا يرون أن ينكحوا إلى المشركين ، وكانوا ينكحونهم رغبة في أحسابهم ، فنزلت هذه الآية والله أعلم .
السادسة : واختلف العلماء في نكاح إماء أهل الكتاب ، فقال مالك : لا يجوز نكاح الأمة الكتابية ، وقال أشهب في كتاب محمد ، فيمن أسلم وتحته أمة كتابية : إنه لا يفرق بينهما وقال أبو حنيفة وأصحابه ، يجوز نكاح إماء أهل الكتاب ، قال ابن العربي : درسنا الشيخ أبو بكر الشاشي بمدينة السلام قال : احتج أصحاب أبي حنيفة على جواز نكاح الأمة [ الكتابية ] بقوله تعالى : " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " ، ووجه الدليل من الآية أن الله سبحانه خاير بين نكاح الأمة المؤمنة والمشركة ، فلولا أن نكاح الأمة المشركة جائز لما خاير الله تعالى بينهما ، لأن المخايرة إنما هي بين الجائزين لا بين جائز وممتنع ولا بين متضادين والجواب أن المخايرة بين الضدين تجوز لغة وقرآناً : لأن الله سبحانه قال : " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا " [ الفرقان : 24 ] ، وقال عمر في رسالته لأبي موسى : (( الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل )) ، جواب آخر ، قوله تعالى : " ولأمة " لم يرد به الرق المملوك وإنما أراد به الآدمية ، والآدميات والآدميون بأجمعهم عبيد الله وإماؤه ، قال القاضي بالبصرة أبو العباس الجرجاني .
السابعة : واختلفوا في نكاح نساء المجوس ، فمنع مالك و الشافعي و أبو حنيفة و الأوزاعي و إسحاق من ذلك ، وقال ابن حنبل : لا يعجبني ، وروي أن حذيفة بن اليمان تزوج مجوسية ، وأن عمر قال له : طلقها ، وقال ابن القصار : قال بعض أصحابنا : يجب على أحد القولين أن لهم كتاباً أن تجوز مناكحتهم ، وروى ابن وهب عن مالك أن الأمة المجوسية لا يجوز أن توطأ بملك اليمين ، وكذلك الوثنيات وغيرهن من الكافرات ، وعلى هذا جماعة العلماء ، إلا ما رواه يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عطاء و عمرو بن دينار أنهما سئلا عن نكاح الإماء المجوسيات ، فقالا : لا بأس بذلك ، وتأولا قول الله عز وجل : " ولا تنكحوا المشركات " ، فهذا عندهما على عقد النكاح لا على الأمة المشتراة ، واحتجا بسبي أوطاس ، وإن الصحابة نكحوا الإماء منهن بملك اليمين ، قال النحاس : وهذا قول شاذ ، أما سبي أوطاس فقد يجوز أن يكون الإماء أسلمن فجازا نكاحهن ، وأما الإحتجاج بقوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " فغلط ، لأنهم حملوا النكاح على العقد ، والنكاح في اللغة يقع على العقد وعلى الوطء ، فلما قال : " ولا تنكحوا المشركات " حرم كل نكاح يقع على المشركات من نكاح ووطء ، وقال أبو عمر بن عبد البر : وقال الأوزاعي : سألت الزهري عن الرجل يشتري المجوسية أيطؤها ؟ فقال : إذا شهدت أن لا إله إلا الله وطئها ، وعن يونس عن ابن شهاب قال : لا يحل له أن يطأها حتى تسلم قال أبو عمر : قول ابن شهاب لا يحل له أن يطأها حتى تسلم هذا وهو أعلم الناس بالمغازي والسير ليل على فساد قول من زعم أن سبي أوطاس وطئن ولم يسلمن ، روي ذلك عن طائفة منهم عطاء و عمرو بن دينار قالا : لا بأس بوطء المجوسية ، وهذا لم يلتفت إليه أحد من الفقهاء بالأمصار ، وقد جاء عن الحسن البصري وهو ممن لم يكن غزوه ولا غزو أهل ناحيته إلا الفرس ومن وراءهم من خراسان ، وليس منهم أحد أهل الكتاب ، ما يبين لك كيف كانت السيرة في نسائهم إذا سبين ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد ، قال : حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو عبيد ، حدثنا هشام عن يونس عن الحسن ، قال : قال رجل له : يا أبا سعيد كيف كنتم تصنعون إذا سبيتموهن ؟ قال : كنا نوجهها إلى القبلة ونأمرها أن تسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ثم نأمرها أن تغتسل ، وإذا أراد صاحبها أن يصيبها لم يصبها حتى يستبرئها ، وعلى هذا تأويل جماعة العلماء في قول الله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " أنهن الوثنيات والمجوسيات ، لأن الله تعالى قد أحل الكتابيات بقوله : " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " [ المائدة : 5 ] يعني العفائف ، لا من شهر زناها من المسلمات ، ومنهم من كره نكاحها ووطأها بملك اليمين ما لم يكن منهن توبة ، لما في ذلك من إفساد النسب .
قوله تعالى : " لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " فيه إحدى عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : " ولا تنكحوا " أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك ، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه ، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام ، والقراء على ضم التاء من (( تنكحوا )) .
علي بن الحسين : النكاح بولي في كتاب الله ، ثم قرأ " ولا تنكحوا المشركين " ، قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا نكاح إلا بولي " وقد اختلف أهل العلم في النكاح بغير ولي ، فقال كثير من أهل العلم : لا نكاح إلا بولي ، روي هذا الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم ، وبه قال سعيد بن المسيب و الحسن البصري و عمر بن عبد العزيز و جابر بن زيد و سفيان الثوري و ابن أبي ليلى و ابن شبرمة و ابن المبارك و الشافعي و عبيد الله بن الحسن و أحمد و إسحاق و أبو عبيد .
قلت : وهو قول مالك رضي الله عنهم أجمعين و أبي ثور و الطبري قال : أبو عمر حجة من قال : لا نكاح إلا بولي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه قال : " لا نكاح إلا بولي " ، روى هذا الحديث شعبة و الثوري عن إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً ، فمن يقبل المراسيل يلزمه قبوله ، وأما من لا يقبل المراسيل فيلزمه أيضاً ، لأن الذين وصلوا من أهل الحفظ والثقة وممن وصله إسرائيل و أبو عوانة كلاهما عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و إسرائيل ومن تابعه حفاظ ، والحافظ تقبل زيادته ، وهذه الزيادة يعضدها أصول ، قال الله عز وجل : " لا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " [ البثرة 232 ] وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار إذ عضل أخته عن مراجعة زوجها ، قاله البخاري ، ولولا أن له حقاً في الإنكاح ما نهي عن العضل .
قلت : ومما يدل على هذا أيضاً من الكتاب قوله : " فانكحوهن بإذن أهلهن " [ النساء : 25 ] ، وقوله : " وأنكحوا الأيامى منكم " [ النور : 32 ] فلم يخاطب تعالى بالنكاح غير الرجال ، ولو كان إلى النساء لذكرهن وسيأتي بيان هذا في (( النور )) وقال تعالى حكاية عن شعيب في قصة موسى عليهما السلام : " إني أريد أن أنكحك " [ القصص : 27 ] على ما يأتي بيانه في سورة (( القصص )) وقال تعالى : " الرجال قوامون على النساء " [ النساء : 34 ] ، فقد تعاضد الكتاب والسنة على أن لا نكاح إلا بولي ، قال الطبري : في حديث حفصة حين تأيمت وعقد عمر عليها النكاح ولم تعقده هي إبطال قول من قول : إن للمرأة البالغة المكالة لنفسها تزويج نفسها وعقد النكاح دون وليها ، ولو كان ذلك لها لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع خطبة حفصة لنفسها إذا كانت أولى بنفسها من أبيها ، وخطبها إلى من لا يملك أمرها ولا العقد عليها ، وفيه بيان قوله عليه السلام " الأيم أحق بنفسها من وليها " أن معنى ذلك أنها أحق بنفسها في أنه يعقد عليها إلا برضاها ، لا أنها أحق بنفسها في أن تعقد عقد النكاح على نفسها دون وليها ، وروى الدارقطني عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها " ،قال : حديث صحيح ، وروى أبو داود من حديث سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاث مرات فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " ، وهذا الحديث صحيح ، ولا اعتبار بقل ابن علية عن ابن جريج أنه قال : سألت عنه الزهري فلم يعرفه ، ولم يقل هذا أحد عن ابن جريج غير ابن علية ، وقد رواه جماعة عن الزهري لم يذكروا ذلك ، ولو ثبت هذا عن الزهري لم يكن في ذلك حجة ، لأن قد نقله عنه ثقات ، منهم سليمان بن موسى وهو ثقة إمام و جعفر بن ربيعة ، فلو نسيه الزهري لم يضره ذلك ، لأن النسيان لا يعصم منه ابن آدم ، قال صلى الله عليه وسلم : " نسي آدم فنسيت ذريته " ، وكان صلى الله عليه وسلم ينسى ، فمن سواه أحرى أن ينسى ، ومن حفظ فهو حجة على من نسي ، فإذا روى الخبر ثقة فلا يضره نسيان من نسيه ، هذا لو صح ما حكى ابن علية عن ابن جريج ، فكيف وقد أنكر أهل العلم ذلك من حكايته ولم يعرجوا عليها .
قلت : وقد أخرج هذا الحديث أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي في المسند الصحيح له على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها ، ولا ثبوت جرح في ناقلها ، عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من ولا ولي له " ، قال أبو حاتم : لم يقل أحد في خبر ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري هذا : " وشاهدي عدل " إلا ثلاثة أنفس : سويد بن يحيى الأموي عن حفص بن غياث و عبد الله بن عبد الوهاب الجمحي عن خالد بن الحارث و عبد الرحمن بن يونس الرقي عن عيسى بن يونس ، ولا يصح في الشاهدين غير هذا الخبر ، وإذا ثبت هذا الخبر فقد صرح الكتاب والسنة بأن لا نكاح إلا بولي : فلا معنى لما خالفهما ، وقد كان الزهري و الشعبي يقولان : إذا زوجت المرأة نفسها كفؤاً بشاهدين فذلك نكاح جائز كان أبو حنيفة يقول : غذا زوجت المرأة نفسها كفؤاً بشاهدين فذلك نكاح جائز ، وهو قول زفر ، وإن زوجت نفسها غير كفء فالنكاح جائز ، وللأولياء أن يفرقوا بينهما قال ابن المنذر : وأما ما قاله النعمان فمخالف للسنة ، خارج عن قول أكثر أهل العلم ، وبالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول : وقال أبو يوسف : لا يجوز النكاح إلا بولي ، فإن سلم الولي جاز ، وإن أبى أن يسلم والزوج كفء أجازه القاضي ، وإنما يتم النكاح في قوله حين يجيزه القاضي ، وهو قول محمد بن الحسن ، وقد كان محمد بن الحسن يقول : يأمر القاضي الولي بإجازته ، فإن لم يفعل استأنف عقداً ، ولا خلاف بين أبي حنيفة وأصحابه أنه إذا أذن لها وليها فعقدت النكاح بنفسها جاز وقال الأوزاعي : إذا ولت أمرها رجلاً فزوجها كفؤاً فالنكاح جائز ، وليس للولي أن يفرق بينهما ، إلا أن تكون عربية تزوجت مولى ، وهذا نحو مذهب مالك على ما يأتي ، وحمل القائلون بمذهب الزهري و أبي حنيفة و الشعبي قوله عليه السلام : " لا نكاح إلا بولي " ، على الكمال لا على الوجب ، كما قال عليه السلام : " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " ، واستدلوا على هذا بقوله تعالى : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " [ البقرة : 234 ] ، وقوله تعالى : " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " [ البقرة : 234 ] ، وبما روى الدارقطني عن سماك بن حرب قال : جاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال : امرأة أنا وليها تزوجت بغير إذني ؟ فقال علي : ينظر فيما صنعت ، فإن كانت تزوجت كفؤاً أجزنا ذلك لها ، وإن كانت تزوجت من ليس لها بكفء جعلنا ذلك إليك ، وفي الموطأ أن عائشة رضي الله عنه زوجت بنت أخيها عبد الرحمن وهو غائب ، الحديث وقد رواه ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت رجلاً هو المنذر بن الزبير امرأة من بني أخيها فضربت بينهم بستر ، ثم تكلمت حتى إذا لم يبق إلا العقد أمرت رجلاً فأنكح ، ثم قالت : ليس على النساء إنكاح فالوجه في حديث مالك أن عائشة قررت المهر وأحوال النكاح ، وتولى العقد أحد عصبتها ، ونسب العقد إلى عائشة لما كان تقريره إليها .
الثالثة : ذكر ابن خويز منداد : واختلفت الرواية عن مالك في الأولياء ، من هم ؟ فقال مرة ، كل من وضع المرأة في منصب حسن فهو وليها ، سواء كان من العصبة أو من ذوي الأرحام أو الأجانب أو الإمام أو الوصي ، وقال مرة : الأولياء من العصبة ، فمن وضعها منهم في منصب حسن فهو ولي ، وقال أبو عمر : قال مالك فيما ذكر ابن القاسم عنه : إن المرأة إذا زوجها غير وليها بإذنها فإن كانت شريفة لها في الناس حال كان وليها بالخيار في فسخ النكاح وإقراره ، وإن كانت دنيئة كالمعتقة والسوداء والسعاية والمسلمانية ، ومن لا حال لها جاز نكاحها ، ولا خيار لوليها لأن كل واحد كفء لها ، وقد روي عن مالك أن الشريفة والدنيئة لا يزوجها إلا وليها أو السلطان ، وهذا القول أختاره ابن المنذر ، قال : وأما تفريق مالك بين المسكينة والتي لها قدر فغير جائز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سوى بين أحكامهم في الدماء فقال : " المسلمون تتكافؤ دماؤهم " ، وإذا كانوا في الدماء سواء فهم في غير ذلك شيء واحد ، وقال إسماعيل بن إسحاق : لما أمر الله سبحانه بالنحكاح جعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض فقال تعالى : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " [ التوبة : 71 ] ، والمؤمنون في الجملة هكذا يرث بعضهم بعضاً ، فلو أن رجلاً مات ولا وارث له لكان ميراث لجماعة المسلمين ، ولو جنى لعقل عنه المسلمون ، ثم تكون ولاية أقرب من ولاية ،وقرابة أقرب من قرابة ، وإذا كانت المرأة بموضع لا سلطان فيه ولا ولي لها فإنها تصير أمرها غلى من يوثق به من جيرانها ، فيزوجها ويكون هو وليها في هذه الحال ، لأن الناس لا بد لهم من التزويج ، وإنما يعملون فيه بأحسن ما يمكن ، وعلى هذا قال مالك في المرأة الضعيفة الحال : إنه يزوجها من تسند أمرها إليه ، لأنها ممن تضعف عن السلطان فاشبهت من لا سلطان بحضرتها ، فرجعت في الجملة إلى أن المسلمين أولياؤها ، فأما إذا صيرت أمرها إلى رجل وتركت أولياءها فإنها أخذت الأمر من غير وجهه ، وفعلت ما ينكره الحاكم عليها والمسلمون ، فيفسخ ذلك النكاح من غير أن يعلم أن حقيقته حرام ، لما وصفنا من أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، ولما في ذلك من الإختلاف ، ولكن يفسخ لتناول الأمر من غير وجهه ، ولأنه أحوط للفروج ولتحصينها ، فإذا وقع الدخول وتطاول الأمر وولدت الأولاد وكان صواباً لم يجز الفسخ ، لأن المأمور إذا تفاوتت لم يرد منها إلا الحرام الذي لا يشك فيه ، ويشبه ما فات من ذلك بحكم الحاكم إذا حكم لم يفسح إلا أن يكون خطأ لا شك فيه ، وأما الشافعي وأصحابه فالنكاح عندهم بغير ولي مفسوخ أبداً قبل الدخول وبعده ، ولا يتوارثان إن مات أحدهما ، والولي عندهم من فرائض النكاح ، لقيام الدليل عندهم من الكتاب والسنة : قال الله تعالى : " وأنكحوا الأيامى منكم " [ النور : 32 ] ، كما قال " فانكحوهن بإذن أهلهن " [ النساء : 25 ] ، وقال مخاطباً للأولياء : " فلا تعضلوهن " وقال عليه السلام : " لا نكاح إلا بولي " ، ولم يفرقوا بين دنية الحال وبين الشريفة ، لإجماع العلماء على أن لا فرق بينهما في الدماء ، لقوله عليه السلام : " المسلمون تتكافؤ دماؤهم " ، وسائر الأحكام كذلك ، وليس في شيء من ذلك فرق بين الرفيع والوضيع في كتاب ولا سنة .
الرابعة : واختلفوا في النكاح يقع على غير ولي ثم يجيزه قبل الدخول ، فقال مالك وأصحابه إلا عبد الملك : ذلك جائز ، إذا كانت إجازته لذلك بالقرب ، وسواء دخل أو لم يدخل ، هذا إذا عقد النكاح غير ولي ولم تعقده المرأة بنفسها ، فإن زوجت المرأة نفسها وعقدت عقدة النكاح من غير ولي قريب ولا بعيد من المسلمين فإن هذا النكاح لا يقر أبداً على حال وإن تطاول وولدت الأولاد ، ولكنه يلحق الولد إن دخل ، ويسقط الحد ، ولا بد من فسخ ذلك النكاح على كل حال ، وقال ابن نافع عن مالك الفسخ فيه بغير طلاق .
الخامسة : واختلف العلماء في منازل الأولياء وترتيبهم ، فكان مالك يقول : أولهم البنون وإن سفلوا ، ثم الآباء ، ثم الإخوة للأب والأم ، ثم للأب ، ثم بنو الإخوة للأب والأم ، ثم بنو الإخوة للأب ، ثم الأجداد للأب وإن علموا ، ثم العمومة على ترتيب الإخوة ، ثم بنوهم علىترتيب بني الإخوة وإن سفلوا ، ثم المولى ثم السلطان أو قاضيه ، والوصي مقدم في إنكاح الأيتام على الأولياء ، وهو خليفة الأب ووكيله ، فأشبه حاله لو كان الأب حياً ، وقال الشافعي : لا ولاية لأحد مع الأب ، فإن مات فالجد ، ثم أب أب الجد ، لأنهم كلهم آباء ، والولاية بعد الجد للإخوة ، ثم الأقرب ، وقال المزني : قال في الجديد : من أنفرد بأم كان أولى بالنكاح ، كالميراث ، وقال في القديم : هما سواء .
قلت : وروى المدنيون عن مالك مثل قول الشافعي ، وأن الأب أولى من الأبن ، وهو أحد قولي أبي حنيفة ، حكاه الباجي ، وروي عن المغيرة أنه قال : الجد أولى من الإخوة ، والمشهور من المذهب ما قدمناه ، وقال أحمد : أحقهم بالمرأة أن يزوجها أبوها ، ثم الابن ، ثم الأخ ثم ابه ثم العم وقال إسحاق : الابن أولى من الأب ، كما قاله مالك ، واختاره ابن المنذر ، لأن عمر بن أم سلمة زوجها بإذنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم : قلت : أخرجه النسائي عن أم سلمة وترجم له ( إنكاح الابن أمه ) .
قلت : وكثراً ما يستدل بهذا علماؤنا وليس بشيء ، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحاح " أن عمر بن أبي سلمة قال : كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال : يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " ، وقال أبو عمر في كتاب الإستيعاب : عمر بن أبي سلمة يكنى أبا حفص ، ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة وقيل أنه كان يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن تسع سنين .
قالت : ومن كان سنه هذا لا يصلح أن يكون ولياً ، ولكن ذكر أبو عمر أن لأبي سلمة من أم سلمة ابنا آخر أسمه سلمة ، وهو الذي عقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أمه أم سلمة ، وكان سلمة أسن من أخيه عمر بن أبي سلمة ، ولا أحفظ له له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى عنه عمر أخوه .
السادسة : واختلفوا في الرجل يرزج الأبعد من الأولياء كذا وقع ، الأقرب عبارة أن يقال : اختلف في المرأة يزوجها من أوليائها الأبعد والأقعد حاضر ، فقال الشافعي : النكاح باطل ، وقال مالك : النكاح جائز ، قال ابن عبد البر : إن لم ينكر الأقعد شيئاً من ذلك ولا رده نفذ ، وإن أنكره وهي ثيب أو بكر بالغ يتيمة ولا وصي لها فقد اختلف قول مالك وأصحابه وجماعة من أهل المدينة في ذلك ، فقال منهم قائلون لا يرد ذلك وينفذ ، لأنه أنعقد بإذن ولي من الفخذ والعشيرة ، ومن قال هذا منهم لا ينفذ قال : إنما جاءت الرتبة في الأولياء على الأفضل والأولى ، وذلك مستحب وليس بواجب ، وهذا تحصيل مذهب مالك عند أكثر أصحابه وإياه أختار إسماعيل بن إسحاق وأتباعه ، وقيل : ينظر السلطان في ذلك ويسأل الولي الأقرب على ما ينكره ، ثم إن رأى إمضاءه أمضاه ، وإن رأى أن يرده رده ، وقيل : بل للأقعد رده على كل حال ، لأنه حق له ، وقيل : له رده وإجازته ما لم يطل مكثها وتلد الأولاد ، وهذه كلها أقاويل أهل المدينة .
السابعة : فلو كان الولي الأقرب محبوساً أو سفيهاً زوجها من يليه من أوليائها ، وعد كالميت منهم ، وكذلك إذا غاب من أوليائها غيبة بعيدة أو غيبة لا يرجى لها أوبة سريعة زوجها من ليله من الأولياء وقد قيل : إذا غاب أقرب أوليائها لم يكن للذي يليه تزويجها ، ويزوجها الحاكم ، والأول قول مالك .
الثامنة : وإذا كان الوليان قد استويا في القعدد وغاب أحدهما وفوضت المرأة عقد نكاحها إلى الحاضر لم يكن للغائب إن قدم نكرته ، وإن كانا حاضرين ففوضت أمرها إلى أحدهما لم يزوجها إلا بإذن صاحبه ، فإن اختلفا نظر الحاكم في ذلك ، وأجاز عليها رأي أحسنهما نظراً لها ، رواه ابن وهب عن مالك .
التاسعة : وأما الشهادة على النكاح فليست بركن عند مالك وأصحابه ، ويكفي من ذلك شهرته والإعلان به ، وخرج عن أن يكون نكاح سر ، قال ابن القاسم عن مالك : لو زوج ببينة ، وأمرهم أن يكتموا ذلك لم يجز النكاح ، لأنه نكاح سر ، وإن تزوج بغير بينة على غير استسرار جاز ، وأشهد فيما يستقبلان ، وروى ابن وهب عن مالك في الرجل يتزوج المرأة بشهادة رجلين ويستكتمهما قال : يفرق بتطليقه ولا يجوز النكاح ، ولها صداقها إن كان أصابها ، ولا يعاقب الشاهدان ، وقال أبو حنيفة و الشافعي وأصحابهما : إذا تزوجها بشاهدين وقال لهما : أكتما جاز النكاح ، قال أبو عمر : وهذا قول يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي صاحبنا ، قال : كل نكاح شهد عليه رجلان فقد خرج من حد السر ، وأظنه حكاه عن الليث بن سعد ، والسر عند الشافعي والكوفيين ومن تابعهم : كل نكاح لم يشهد عليه رجلان فصاعداً ، ويفسخ على كل حال .
قلت : قول الشافعي أصح للحديث الذي ذكرناه ، وروي عن ابن عباس أنه قال : لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد ، ولا مخالف له من الصحابة فيما علمته ، وأحتج مالك لمذهبه أن البيوع التي ذكرها الله تعالى فيها الإشهاد عند العقد ، وقد قامت الدلالة بأن ذلك ليس من فرائض البيوع ، والنكاح الذي لم يذكر الله تعالى فيها الإشهاد أحرى بألا يكون الإشهاد فيه من شروطه وفرائضه ،وإنما الغرض الإعلان والظهور لحفظ الأنساب ،والإشهاد يصلح بعد العقد للتداعي والإختلاف فيما ينعقد بين المتناكحين ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" أعلنوا النكاح " وقول مالك هذا ، قول ابن شهاب وأكثر أهل المدينة .
العاشرة : قوله تعالى : " ولعبد مؤمن " أي مملوك " خير من مشرك " أي حسيب ، " ولو أعجبكم " أي حسبه وماله ، ما تقدم ، وقيل المعنى : ولرجل مؤمن ،وكذا ولأمة مؤمنة ، أي ولامرأة مؤمنة ، كما بيناه قال صلى الله عليه وسلم : " كل رجالكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله " ، وقال " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " ، وقال تعالى : " نعم العبد إنه أواب " [ ص : 30 ، 44 ] ، وهذا أحسن ما حمل عليه القول في هذه الآية ، وبه يرتفع النزاع ويزول الخلاف ، والله الموفق .
الحادية عشر : قوله تعالى : " أولئك " إشارة للمشركين والمشركات . " يدعون إلى النار " إلى الأعمال الموجبة للنار ، فإن صحبتهم ومعاشرتهم توجب الانحطاط في كثير من هواهم مع تربيتهم النسل ، " والله يدعو إلى الجنة " أي إلى عمل أهل الجنة ، بإذنه أي بأمره ، قاله الزجاج . أو
هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين, أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان, ثم إن كان عمومها مراداً, وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية, فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين" قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن": استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب, وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم. وقيل: بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان, ولم يرد أهل الكتاب بالكلية, والمعنى قريب من الأول, والله أعلم. فأما ما رواه ابن جرير: حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني, حدثنا أبي, حدثني عبد الحميد بن بهرام الفزاري, حدثنا شهر بن حوشب, قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء, إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام. قال الله عز وجل: "ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله" وقد نكح طلحة بن عبد الله يهودية, ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية, فغضب, عمر بن الخطاب غضباً شديداً حتى هم أن يسطو عليهما فقالا نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن, ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة, فهو حديث غريب جداً, وهذا الأثر غريب عن عمر أيضاً, قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله: بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات, وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني. كما حدثنا أبو كريب, حدثنا ابن إدريس, حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق, قال: تزوج حذيفة يهودية, فكتب إليه عمر: خل سبيلها, فكتب إليه: أتزعم أنها حرام, فأخلي سبيلها ؟ فقال: لا أزعم أنها حرام, ولكني أخاف أن تعاطوا المؤمنات منهن, وهذا إسناد صحيح, وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل, عن وكيع, عن الصلت, نحوه, وقال ابن جرير: حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي, حدثنا محمد بن بشر, حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد, عن زيد بن وهب, قال: قال عمر بن الخطاب: المسلم يتزوج النصرانية, ولا يتزوج النصراني المسلمة, قال: وهذا أصح إسناداً من الأول, ثم قال: وقد حدثنا تميم بن المنتصر, أخبرنا إسحاق الأزرقي عن شريك, عن أشعث بن سوار, عن الحسن, عن جابر بن عبد الله, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا" ثم قال: وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه, فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه, كذا قال ابن جرير رحمه الله. وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي, حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان, عن ميمون بن مهران, عن ابن عمر, أنه كره نكاح أهل الكتاب, وتأول " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ". وقال البخاري: وقال ابن عمر: لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول: ربها عيسى, وقال أبو بكر الخلال الحنبلي: حدثنا محمد بن هارون, حدثنا إسحاق بن إبراهيم وأخبرني محمد بن علي, حدثنا صالح بن أحمد, أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن قول الله " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " قال: مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام. وقوله "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" قال السدي: نزلت في عبد الله بن رواحة, كانت له أمة سوداء فغضب عليها فلطمها, ثم فزع فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرهما, فقال له ماهي ؟ قال: تصوم وتصلي, وتحسن الوضوء, وتشهد أن لا إله إلا الله, وأنك رسول الله, فقال يا أبا عبد الله هذه مؤمنة. فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها, ففعل, فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمته وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين, وينكحوهم رغبة في أحسابهم, فأنزل الله " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " وقال عبد بن حميد: حدثنا جعفر بن زياد الإفريقي عن عبد الله بن يزيد, عن عبد الله بن عمرو, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن, ولا تنكحوهن عن أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن, وأنكحوهن على الدين, فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل" والإفريقي ضعيف, وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها, فاظفر بذات الدين, تربت يداك" ولمسلم عن جابر مثله, وله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الدنيا متاع, وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" وقوله "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات, كما قال تعالى: " لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " ثم قال تعالى: "ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم" أي ولرجل مؤمن ـ ولو كان عبداً حبشياً ـ خير من مشرك, وإن كان رئيساً سرياً "أولئك يدعون إلى النار" أي معاشرتهم ومخالطتهم, تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الاخرة, وعاقبة ذلك وخيمة "والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه" أي بشرعه وما أمر به وما نهى عنه " ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ".
قوله: 221- "ولا تنكحوا" قرأه الجمهور بفتح التاء، وقرئ في الشواذ بضمها، قيل: والمعنى: كان المتزوج لها أنكحها من نفسها. وفي هذه الآية النهي عن نكاح المشركات، فقيل: المراد بالمشركات الوثنيات، وقيل: إنها تعم الكتابيات لأن أهل الكتاب مشركون "وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله" وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية، فقالت طائفة: إن الله حرم نكاح المشركات فيها والكتابيات من الجملة، ثم جاءت آية المائدة فخصصت الكتابيات من هذا العموم. وهذا محكي عن ابن عباس ومالك وسفيان بن سعيد وعبد الرحمن بن عمر والأوزاعي. وذهبت طائفة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية المائدة، وأنه يحرم نكاح الكتابيات والمشركات، وهذا أحد قولي الشافعي، وبه قال جماعة من أهل العلم. ويجاب عن قولهم أن هذه الآية ناسخة لآية المائدة بأن سورة البقرة من أول ما نزل وسورة المائدة من آخر ما نزل. والقول الأول هو الراجح. وقد قال به مع من تقدم عثمان بن عفان وطلحة وجابر وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك كما حكاه النحاس والقرطبي. وقد حكاه ابن المنذر عن المذكورين، وزاد عمر بن الخطاب وقال: لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك. وقال بعض أهل العلم: إن لفظ المشرك لا يتناول أهل الكتاب لقوله تعالى: " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ". وقال: "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين" وعلى فرض أن لفظ المشركين يعم، فهذا العموم مخصوص بآية المائدة كما قدمنا. قوله: "ولأمة مؤمنة" أي ولرقيقة مؤمنة، وقيل المراد بالأمة: الحرة لأن الناس كلهم عبيد الله وإماؤه والأول أولى لما سيأتي لأنه الظاهر من اللفظ ولأنه أبلغ، فإن تفضيل الأمة الرقيقة المؤمنة على الحرة المشركة يستفاد منه تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة بالأولى. وقوله: "ولو أعجبتكم" أي ولو أعجبتكم المشركة من جهة كونها ذات جمال أو مال أو شرف، وهذه الجملة حالية. قوله: "ولا تنكحوا المشركين" أي لا تزوجوهم بالمؤمنات "حتى يؤمنوا" قال القرطبي: وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام، وأجمع القراء على ضم التاء من تنكحوا. وقوله: "ولعبد" الكلام فيه كالكلام في قوله: "ولأمة" والترجيح كالترجيح. قوله: "أولئك" إشارة إلى المشركين والمشركات "يدعون إلى النار" أي إلى الأعمال الموجبة للنار، فكان في مصاهرتهم ومعاشرتهم ومصاحبتهم من الخطر العظيم ما لا يجوز للمؤمنين أن يتعرضوا له ويدخلوا فيه "والله يدعو إلى الجنة" أي إلى الأعمال الموجبة للجنة، وقيل: المراد أن أولياء الله هم المؤمنون يدعون إلى الجنة. وقوله: "بإذنه" أي بأمره، فقاله الزجاج، وقيل: بتيسيره وتوفيقه، قاله صاحب الكشاف.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال: نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عناق أن يتزوجها، وكانت ذات حظ من الجمال وهي مشركة وأبو مرئد يومئذ مسلم، فقال: يا رسول الله إنها تعجبني، فأنزل الله: "ولا تنكحوا المشركات". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: "ولا تنكحوا المشركات" قال استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب، فقال: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب". وقد روي هذا المعنى عنه من طرق. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن سعيد بن جبير في قوله: "ولا تنكحوا المشركات" يعني أهل الأوثان. وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد نحوه، وكذلك أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة نحوه أيضاً. وأخرج عبد بن حميد عن النخعي نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كره نكاح نساء أهل الكتاب، وتأول: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن". وأخرج البخاري عنه قال: حرم الله نكاح المشركات على المسلمين، ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله. وأخرج الواحدي وابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في قوله تعالى: "ولأمة مؤمنة خير من مشركة" قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها، ثم إنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: ما هي يا عبد الله؟ قال: تصوم وتصلي وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلآ الله وأنك رسول الله، فقال: يا عبد الله هذه مؤمنة، فقال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله فيهم "ولأمة مؤمنة خير من مشركة". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله: "ولأمة مؤمنة" قال: بلغنا أنها كانت أمة لحذيفة سوداء، فأعتقها وتزوجها حذيفة. وأخرج ابن جرير عن أبي جعفر محمد بن علي قال: النكاح يولي في كتاب الله، ثم قرأ "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا".
221. قوله تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " سبب نزول هذه الآية أن أبا مرثد الغنوي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليخرج منها ناساً من المسلمين سراً، فلما قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق، وكانت خليلته في الجاهلية، فأتته وقالت: يا أبا مرثد ألا تخلو؟ فقال لها ويحك يا عناق إن الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك، قالت: فهل لك أن تتزوج بي؟ قال نعم، ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره، فقالت أبي تتبرم؟ ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً، ثم خلوا سبيله، فلما قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بالذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها وقال: يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله تعالى " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ".
وقيل: الآية منسوخة في حق الكتابيات بقوله تعالى " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " (5-المائدة) فإن قيل: كيف أطلقتم اسم الشرك على من لا ينكر إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو الحسن ابن فارس لأن من يقول القرآن كلام غير الله فقد أشرك مع الله وغيره، وقال قتادة و سعيد بن جبير : أراد بالمشركاات الوثنيات، فإن عثمان رضي الله عنه تزوج نائلة بنت فرافصة، وكانت نصرانية فأسلمت تحته، وتزوج طلحة بن عبيد الله نصرانية، وتزوج حذيفة يهودية [فكتب إليه عمر رضي الله عنه خل سبيلها. فكتب إليه أتزعم أنها حرام؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن ].
قوله تعالى: " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " بجمالها ومالها، نزلت في خنساء وليدة سوداء، كانت لحذيفة بن اليمان، يا خنساء قد ذكرت في الولأ الأعلى، على سوادك ودمامتك فأعتقها وتزوجها، وقال السدي " نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء فغضب عليها ولطمها ثم فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال له صلى الله عليه وسلم وما هي يا عبد الله؟ قال: هي تشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وتصوم رمضان وتحسن الوضوء وتصلي فقال: هذه مؤمنة قال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق نبياً لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل ذلك فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: أتنكح أمة؟ وعرضوا عليه حرة مشركة، فأنزل الله تعالى هذه الآية"
قوله تعالى: " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " هذا اجماع: لا يجوز للمسلمة أن تنكح المشرك " ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، أولئك " يعني المشركين " يدعون إلى النار " أي إلى الأعمال الموجبة للنار " والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه " أي بقضائه وإرادته " ويبين آياته للناس " أي أوامره ونواهيه " لعلهم يتذكرون " يتعظون.
221-" ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " أي ولا تزوجوهن . وقرئ بالضم أي ولا تزوجوهن من المسلمين ، والمشركات تعم الكتابيات لأن أهل الكتاب مشركون لقوله تعالى : " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله " إلى قوله : " سبحانه عما يشركون " ولكنها خصت عنها بقوله : " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب " روي " أنه عليه الصلاة والسلام بعث مرثداً الغنوي إلى مكة ليخرج منها أناساً من المسلمين ، فأتته عناق وكان يهواها في الجاهلية فقالت : ألا تخلو فقال : إن الإسلام حال بيننا فقالت : هل لك أن تتزوج بي فقال نعم ولكن استأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره فنزلت" " ولأمة مؤمنة خير من مشركة " أي ولامرأة مؤمنة حرة كانت أو مملوكة ، فإن الناس كلهم عبيد الله وإماؤه . " ولو أعجبتكم " بحسنها وشمائلها ،والواو للحال ولو بمعنى إن وهو كثير . " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ولا تزوجوا منهم المؤمنات حتى يؤمنوا ،وهو على عمومه . " ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " تعليل للنهي عن مواصلتهم ، وترغيب في مواصلة المؤمنين . " أولئك " إشارة إلى المذكورين من المشركين والمشركات . " يدعون إلى النار " أي الكفر المؤدي إلى النار فلا يليق موالاتهم ومصاهرتهم . " والله " أي وأولياؤه ، يعني المؤمنين حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه تفخيماً لشأنهم . " يدعو إلى الجنة والمغفرة " أي إلى الاعتقاد والعمل الموصلين إليهما فهم الأحقاء بالمواصلة . " بإذنه " أي بتوفيق الله تعالى وتيسيره ، أو بقضائه وإرادته . " ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " لكي يتذكروا ، أو ليكونوا بحيث يرجى منهم التذكر لما ركز في العقول من ميل الخير ومخالفة الهوى .
221. Wed not idolatresses till they believe; for lo! a believing bondwoman is better than an idolatress though she please you; and give not your daughters in marriage to idolaters till they believe, for lo! a believing slave is better than an idolater though he please you. These invite unto the Fire, and Allah inviteth unto the Garden, and unto forgiveness by His grace, and expoundeth thus His revelations to mankind that haply they may remember.
221 - Don't marry unbelieving women(indolaters)untilthey believe: a slave woman who believes is better than unbelieving woman, even though she allure you. nor marry (your girls) to unbelievers until they believe: a man slave who believes is better than an unbeliever, even though he allure you. unbelievers do (but) beckon you to the fire. but God beckons by his grace to the garden (of bliss) and forgiveness, and makes his signs clear to mankind: that they may celebrate his praise.