(لا يؤاخذكم الله باللغو) الكائن (في أيمانكم) وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف نحو والله ، وبلى والله ، فلا إثم عليه ولا كفارة (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) أي قصدته من الإيمان إذا حنثتم (والله غفور) لما كان من اللغو (حليم) بتأخير العقوبة عن مستحقها
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، وفي معنى اللغو. فقال بعضهم في معناه: لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة، فيوجب عليكم به كفارة إذا لم تقصدوا الحلف واليمين. وذلك كقول القائل: فعلت هذا والله، أو: أفعله والله، أو: لا أفعله والله، على سبوق المتكلم بذلك لسانه، بما وصل به كلامه من اليمين. ذكر من قال ذلك حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هي بلى والله و لا والله .حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن القاسم، عن عائشة في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت: لا والله و بلى والله .حدثتا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة نحوه.حدثنا ابن حميد قالى، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لغو اليمين، قالت: هو لا والله وبلى والله، ما يتراجع به الناس.حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع وعبدة وأبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قول الله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت: لا والله و بلى والله. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت: لا والله وبلى والله، يصل بها كلامه.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام بن سلم، عن عبد الملك، عن عطاء قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"؟ قالت: هو لا والله و بلى والله ، ليس مما عقدتم الأيمان. حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا ابن أبي ليلى، عن عطاء قال: أتيت عائشة مع عبيد بن عمير، فسألها عبيد عن قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، فقالت عاثشة: هو قول الرجل: لا والله وبلى والله، ما لم يعقد عليه قلبه.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: انطلقت مع
عبيد بن عمير إلى عائشة وهي مجاورة في ثبير، فسألها عبيد عن لغو اليمين، فقالت: لا والله وبلى والله . حدثنا محمد بن موسى الحرشي قال، حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني قال: حدثنا ابراهيم الصائغ، عن عطاء في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: " قالت عائشة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو قول الرجل في بيته: كلا والله وبلى والله ".
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت: هم القوم يتدارأون في الأمر، فيقول هذا: لا والله، وبلى والله، وكلا والله، يتدارأون في الأمر، لا تعقد عليه قلوبهم.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة عن الشعبي في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال قول الرجل: لا والله، وبلى والله، يصل به كلامه، ليس فيه كفارة.حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا المغيرة، عن الشعبي قال: هو الرجل يقول: لا والله، وبلى والله، يصل حديثه.حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون قال، سألت عامرا عن قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو لا والله، وبلى والله .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، جميعا، عن ابن عون، عن الشعبي مثله
حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع قالا، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب قال، قال أبو قلابة في: لا والله، وبلى والله ، أرجو أن يكون لغة- وقال يعقوب في حديثه: أرجو أن يكون لغوا- وقال ابن وكيع في حديثه: أرجو أن يكون لغة، ولم يشك. حدثنا أبو كريب وابن وكيع وهناد قالوا، حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، قال: لا والله، وبلى والله.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن مالك، عن عطاء، قال: سمعت عائشة تقول في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت: لا والله، وبلى والله . حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول، عن عطاء مثله. حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عكرمة في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو قول الناس: لا والله، وبلى والله
حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الشعبي وعكرمة قالا: لا والله وبلى والله .حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة فسألها، فقالت: لا والله، وبلى والله.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن ابن أبي ليلى، وأشعث، عن عطاء، عن عائشة "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" قالت: لا والله وبلى والله .حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي وجرير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: لا والله، وبلى والله.حدثنا ابن وكيع وهناد قالا، حدثنا يعلى، عن عبد الملك، عن عطاء قال: قالت عائشة في قول الله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت: هو قولك: لا والله، وبلى والله ، ليس لها عقد الأيمان.حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن الشعبي قال: اللغو قول الرجل: لا والله، وبلى والله ، يصل به كلامه، ما لم يك شيئا يعقد عليه قلبه.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عمرو، أن سعيد بن أبي هلال حدثه: أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت عائشة تقول: لغو اليمين قول الرجل: لا والله، وبلى والله فيما لم يعقدعليه قلبه.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال عمرو، وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين النوفلي ، عن عطاء، عن عائشة بذلك.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن مجاهد في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: الرجلان يتبايعان، فيقول أحدهما: والله لا أبيعك بكذا وكذا، ويقول الآخر: والله لا أشتريه بكذا وكذا، فهذا اللغو، لا يؤاخذ به. وقال آخرون: بل اللغو في اليمين، اليمين التي يحلف بها الحالف وهو يرى أنه كما يحلف عليه، ثم يتبين غير ذلك، وأنه بخلاف الذي حلف عليه. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرني ابن نافع، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، عن أبي هريرة أنه كان يقول: لغو اليمين، حلف الإنسان على الشيء يظن أنه الذي حلف عليه، فإذا هو غير ذلك.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، واللغو: أن يحلف الرجل على الشيء يراه حقا، وليس بحق.حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، هذا في الرجل يحلف على أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله، فيرى الذي هو خير منه، فأمره الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير. ومن اللغو أيضا أن يحلف الرجل على أمر لا يألو فيه الصدق، وقد أخطأ في يمينه. فهذا الذي عليه الكفارة ولا إثم عليه.حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا، حدثنا أبو داود قال، حدثنا هشام، عن قتادة، عن سليمان بن يسار في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: خطأ غير عمد.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن في هذه الآية، "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو أن تحلف على الشيء، وأنت يخئل إليك أنه كما حلفت، وليس كذلك. فلا يؤاخذه الله ولا كفارة، ولكن المؤاخذة والكفارة فيما حلف عليه على علم. حدثنا هناد وابن وكيع قالا، حدثنا وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن قال: هو الرجل يحلف على اليمين، لا يرى إلا أنه كما حلف. حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الحسن: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على اليمين يرى أنها كذلك، وليست كذلك. حدثنا هناد قال، حدثنا عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على الشيء، وهو يرى أنه كذلك، فلا يكون كما قال، فلا كفارة عليه.حدثنا هناد وأبو كريب وابن وكيع قالوا، حدثنا وكيع، عن سفيان- وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري- عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على اليمين، لا يرى إلا أنها كما حلف عليه، وليست كذلك. حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح في قول الله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: من حلف بالله ولا يعلم إلا أنه صادق فيما حلف. حدثني المثنى قال، حدثنا أبوحذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، حلف الرجل على الشيء وهو لا يعلم إلا أنه على ما حلف عليه، فلا يكون كما حلف، كقوله: إن هذا لبيت لفلان، وليس له، وإن هذا لثوب لفلان، وليس له. حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالى: هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه فيه صادق.حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على الأمر يرى أنه كما حلف عليه، فلا يكون كذلك. قال: فلا يؤاخذكم بذلك. قال: وكان يحب أن يكفر.حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا الجعفي، عن زائدة، عن منصور قال: قال إبراهيم: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: أن يحلف على الشيء وهو يرى أنه صادق وهو كاذب، فذلك اللغو، لا يؤاخذ به.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم نحوه، إلا أنه
قال: إن حلفت على الشيء، وأنت ترى أنك صادق، وليس كذلك.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا حصين، عن أبي مالك أنه قال: اللغو، الرجل يحلف على الأيمان، وهو يرى أنه كما حلف. حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن زياد قال: هو الذي يحلف على اليمين يرى أنه فيها صادق.حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال، حدثنا بكير بن أبي السميط، عن قتادة في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الخطأ غير العمد، الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك وليس كذلك.حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن منصور، ويونس، عن الحسن قال: اللغو، الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك، فليس عليه فيه كفارة.حدثنا هناد وابن وكيع- قال هناد: حدثنا وكيع، وقال ابن وكيع: حدثني أبي- عن عمران بن حدير قال: سمعت زرارة بن أوفى قال: هو الرجل يحلف على اليمين لا يرى إلا أنها كما حلف. حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا عمر بن بشير قال: سئل عامر عن هذه الآية: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: اللغو أن يحلف الرجل لا يألو عن الحق، فيكون غير ذلك. فذلك اللغو الذي لا يؤاخذ به.حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، فاللغو اليمين الخطأ غير العمد، أن تحلف على الشيء وأنت ترى أنه كما حلفت عليه، ثم لا يكون كذلك. فإذا لا كفارة عليه ولا مأثم فيه.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، أما اللغو: فالرجل يحلف على اليمين وهو يرى أنها كذلك، فلا تكون كذلك. فليس عليه كفارة.حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: اللغو اليمين الخطأ في غير عمد: أن يحلف على الشيء وهو يرى أنه كما حلف عليه. وهذا ما ليس عليه فيه كفارة.حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن أبي مالك قال: أما اليمين التي لا يؤاخذ بها صاحبها، فالرجل يحلف على اليمين وهو يرى أنه فيها صادق، فذلك اللغو.حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن أبي مالك مثله، إلا أنه قال: الرجل يحلف على الأمر يرى أنه كما حلف عليه، فلا يكون كذلك. فليس عليه فيه كفارة، وهو اللغو.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني معاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، وعن ابن أبي طلحة- كذا قال ابن أبي جعفر- قالا: من قال: والله لقد فعلت كذا وكذا وهو يظن أن قد فعله، ثم تبين له أنه لم يفعله، فهذا لغو اليمين، وليس عليه فيه كفارة. حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن رجل، عن الحسن في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الخطأ غير العمد، كقول الرجل: والله إن هذا لكذا وكذا، وهو يرى أنه صادق، ولا يكون كذلك، قال معمر: وقاله قتادة أيضا.
حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو قال: سئل سعيد عن اللغو في اليمين، قال سعيد، وقال مكحول: الخطأ غير العمد، ولكن الكفارة فيما عقدت قلوبكم.حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول أنه قال: اللغو الذي لا يؤاخذ الله به، أن يحلف الرجل على الشيء الذي يظن أنه فيه صادق، فإذا هو فيه غير ذلك، فليس عليه فيه كفارة، وقد عفا الله عنه. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: إذا حلف على اليمين وهو يرى أنه فيه صادق، وهو كاذب، فلا يؤاخذ به. وإذا حلف على اليمين وهو يعلم أنه كاذب، فذاك، الذي يؤاخذ به. وقال آخرون: بل اللغو من الأيمان التي يحلف بها صاحبها في حال الغضب، علئ غير عقد قلب ولا عزم، ولكن وصلة للكلام.
ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا مالك بن إسماعيل، عن خالد، عن عطاء، عن وسيم، عن طاوس، عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا أبو حمزة، عن عطاء، عن طاوس قال: كل يمين حلف عليها رجل وهو غضبان، فلا كفارة عليه فيها، قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم".
وعلة من قال هذه المقالة، ما:-حدثني به أحمد بن منصور المروزي قال، حدثنا عمر بن يونس اليمامي قال، حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري، عن يحيى بن أبي كثير، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمين في غضب". وقال آخرون: بل اللغو في اليمين: الحلف على فعل ما نهى الله عنه، وترك ما أمر الله بفعله. ذكر من قال ذلك:حدثنا هناد قال، حدثنا حفص بن غياث، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير قال: هو الذي يحلف على المعصية، فلا يفي ويكفر يمينه، قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم".حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا داود، عن سعيد بن جبير قال: لغو اليمين: أن يحلف الرجل على المعصية لله، لا يؤاخذه الله بإلغائها.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن سعيد بن جبير بنحوه، وزاد فيه، قال: وعليه كفارته.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى ويزيد بن هارون، عن داود، عن سعيد بنحوه.حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن سعيد بن جبير: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على المعصية، فلا يؤاخذه الله أن يكفر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة- وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شعبة- عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: الرجل يحلف على المعصية، فلا يؤاخذه الله بتركها.حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال، حدثنا إسحاق، عن عيسى بن بنت داود بن أبي هند قال، حدثنا خالد بن إلياس، عن أم أبيه: أنها حلفت أن لا تكلم ابنة ابنها- ابنة أبي الجهم- فأتت سعيد بن المسيب وأبا بكر وعروة بن الزبير فقالوا: لا يمين في معصية، ولا كفارة عليها.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على المعصية، فلا يؤاخذه الله بتركها إن تركها. قلت: فكيف يصنع؟ قال: يكفر عن يمينه ويترك المعصية.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو الرجل يحلف على الحرام، فلا يؤاخذه الله بتركه. حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا داود، عن سعيد بن جبير قال في لغو اليمين قال: هي اليمين في المعصية، قال: أولا تقرأ فتفهم؟ قال الله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" [المائدة: 89]، قال: فلا يؤاخذه بالإلغاء، ولكن يؤاخذه بالتمام عليها. قال: وقال: "لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم" إلى قوله: "فإن الله غفور رحيم".حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: الرجل يحلف على المعصية، فلا يؤاخذه الله بتركها، ويكفر. حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن الشعبي، عن مسروق، في الرجل يحلف على المعصية، فقال: أيكفر خطوات الشيطان؟ ليس عليه كفارة. حدثني ابن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس مثل ذلك: حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي، في الرجل يحلف على المعصية، قال: كفارتها أن يتوب منها.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن الشعبي أنه كان يقول: يترك المعصية ولا يكفر، ولو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله.حدثنا يحيى بن داود الواسطي قال، حدثنا أبو أسامة، عن مجالد، عن عامر، عن مسروق قال: كل يمين لا يحل لك أن تفي بها، فليس فيها كفارة. وعلة من قال هذا القول من الأثر، ما:-حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير قال، حدثني عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصية الله فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له".
حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا علي بن مسهر، عن حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين قطيعة رحم أو معصية لله، فبره أن حنث بها ويرجع عن يمينه". وقال آخرون: اللغو من الأيمان: كل يمين وصل الرجل بها كلامه، على غير قصد منه إيجابها على نفسه.ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن ابراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا هشام قال، حدثنا حماد، عن إبراهيم قال: لغو اليمين، أن يصل الرجل كلامه بالحلف: والله ليأكلن، والله ليشربن ونحو هذا، لا يتعمد به اليمين، رلا يريد به حلفا. ليس عليه كفارة.حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي، عن حماد، عن إبراهيم:
لغو اليمين، ما يصل به كلامه: والله لتأكلن، والله لتشربن.حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن مجاهد: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هما الرجلان يتساومان بالشيء، فيقول أحدهما: والله لا أشتريه منك بكذا، ويقول الآخر: والله لا أبيعك بكذا وكذا.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس، عن ابن شهاب: أن عروة حدثه: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب. وعفة من قال هذا القول من الأثر، ما:-حدثنا به محمد بن موسى الحرشي قال، حدثنا عبيد الله بن ميمون المرادي قال، حدثنا عوف الأعرابي، عن الحسن بن أبي الحسن قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون- يعني: يرمون- ومع النبي صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم فقال: أصبت والله، وأخطأت! فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله! قال: كلا، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة". وقال آخرون: اللغو من الأيمان، ما كان من يمين بمعنى الدعاء من الحالف على نفسه: إن لم يفعل كذا وكذا، أو بمعنى الشرك والكفر. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال، حدثنا إسماعيل بن مرزوق، عن يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم في قول الله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: هو كقول الرجل: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا- أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا، فهو هذا، ولا يترك الله له مالا ولا ولدا. يقول: لو يؤاخذكم الله بهذا لم يترك لكم شيئا.حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا إسماعيل قال، حدثني يحيى بن أيوب، عن عمرو بن الحارث، عن زيد بن أسلم بمثله. حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا إسماعيل بن مرزوق قال، حدثني يحيى بن أيوب، أن زيد بن أسلم كان يقول في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، مثل قول الرجل: هو كافر، وهو مشرك . قال: لا يؤاخذه حتى يكون ذلك من قلبه.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: اللغو في هذا: الحلف بالله ما كان بالألسن، فجعله لغوا، وهو أن يقول: هو كافر بالله وهو إذا يشرك بالله، وهو يدعو مع الله إلها، فهذا اللغو الذي قال الله في سورة البقرة. وقال آخرون: اللغو من الأيمان ما كانت فيه كفارة. ذكر من قال ذلك:حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، فهذا في الرجل يحلف على أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله، فيرى الذي هو خير منه، فأمره الله أن يكفر يمينه، ويأتي الذي هو خير.حدثني يحيى بن جعفر قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: اليمين المكفرة. وقال آخرون: اللغو من الأيمان: هو ما حنث فيه الحالف ناسيا. ذكر من قال ذلك:حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخصرنا هشيم قال، أخبرني مغيرة، عن إبراهيم قال: هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه، يعني في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم".قال أبو جعفر: و اللغو من الكلام في كلام العرب، كل كلام كان مذموما وسقطا لا معنى له مهجورا، يقال منه: لغا فلان في كلامه يلغو لغوا إذا قال قبيحا من الكلام، ومنه قول الله تعالى ذكره: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" [القصص: 55]، وقوله: "وإذا مروا باللغو مروا كراما" [الفرقان: 72]. ومسموع من العرب: لغيت باسم فلان، بمعنى أولعت بذكره بالقبيح. فمن قال: لغيت ، قال: ألغى لغا وهي لغة لبعض العرب، ومنه قول الراجز:
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم
فإذا كان اللغو ما وصفت، وكان الحالف بالله: ما فعلت كذا وقد فعل، ولقد فعلت كذاوما فعل- واصلا بذلك كلامه على سبيل سبوق لسانه من غيرتعمد إثم في يمينه، ولكن لعادة قد جرت له
عند عجلة الكلام، والقائل: والله إن هذا لفلان وهو يراه كما قال، أو: والله ما هذا فلان! وهو يراه ليس به، والقائل: ليفعلن كذا والله- أو: لا يفعل كذا والله على سبيل ما وصفنا من عجلة الكلام وسبوق اللسان للعادة، على غير تعمد حلف على باطل، والقائل: هو مشرك، أو هو يهودي أو نصراني، إن لم يفعل كذا- أو إن فعل كذا من غير عزم على كفر أو يهودية أو نصرانية، جميعهم قائلون هجرا من القول وذميما من المنطق، وحالفون من الأيمان بألسنتهم ما لم تتعمد فيه الإثم قلوبهم، كان معلوما أنهم لغاة في أيمانهم، لا تلزمهم كفارة في العاجل، ولا عقوبة في الآجل، لإخبار الله تعالى ذكره أنه غير مؤاخذ عباده، بما لغوا من أيمانهم، وأن الذي هو مؤاخذهم به، ما تعمدت فيه الإثم قلوبهم. وإذ كان ذلك كذلك، وكان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه"، فأوجب الكفارة بإتيان الحالف ما حلف أن لا يأتيه، مع وجوب إتيان الذي هو خير من الذي حلف عليه أن لا يأتيه، وكانت الغرامة في المال- أو إلزام الجزاء من المجزي أبدال الجازين، لا شك عقوبة كبعض العقوبات التي جعلها الله تعالى ذكره نكالا لخلقه فيما تعدوا من حدوده، وان كان يجمع جميعها أنها تمحيص وكفارات لمن عوقب بها فيما عوقبوا عليه، كان بينا أن من ألزم الكفارة في عاجل دنياه فيما حلف به من الأيمان فحنث فيه، وإن كانت كفارة لذنبه، فقد واخذه الله بها بإلزامه إياه الكفارة معها، وإن كان ما عجل من عقوبته إياه على ذلك، مسقطا عنه عقوبته في آجله و واذ كان تعالى ذكره قد واخذه بها، فغير جائز لقائل أن يقول وقد واخذه بها: هي من اللغو الذي لا يؤاخذ به قائله. فإذ كان ذلك غير جائز، فبين فساد القول الذي روي عن سعيد بن جبير أنه قال: اللغو الحلف على المعصية، لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن على الحالف على معصية الله كفارة بحنثه في يمينه. وفي إيجاب سعيد عليه الكفارة، دليل واضح على أن صاحبها بها مؤاخذ، لما وصفنا من أن من لزمه الكفارة في يمينه، فليس ممن لم يؤاخذ بها. فإذ كان اللغو هو ما وصفنا، مما أخبرنا الله تعالى ذكره أنه غير مؤاخذنا به- وكل يمين لزمت صاحبها بحنثه فيها الكفارة في العاجل، أو أوعد الله تعالى ذكره صاحبها العقوبة عليها في الآجل، وان كان وضع عنه كفارتها في العاجل- فهي مما كسبته قلوب الحالفين، وتعمدت فيه الإثم نفوس المقسمين. وما عدا ذلك فهواللغو، وقد بينا وجوهه، فتأويل الكلام إذا: لا تجعلوا الله أيها المؤمنون قوة لأيمانكم، وحجة لأنفسكم في إقسامكم، في أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس، فإن الله لا يؤاخذكم بما لغته ألسنتكم من أيمانكم فنطقت به من قبيح الأيمان وذميمها، على غير تعمدكم الإثم، وقصدكم بعزائم صدوركم إلى إيجاب عقد الأيمان التي حلفتم بها، ولكنه إنما يؤاخذكم بما تعمدتم فيه عقد اليمين وإيجابها على أنفسكم، وعزمتم على الأيمان على ما حلفتم عليه بقصد منكم وإرادة، فيلزمكم حينئذ إما كفارة في العاجل، وإما عقوبة في الآجل. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أوعد الله تعالى ذكره بقوله: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" عباده أنه مؤاخذهم به، بعد إجماع جميعهم على أن معنى قوله: "بما كسبت قلوبكم"، ما تعمدت. فقال بعضهم: المعنى الذي أوعد الله عباده مؤاخذتهم به: هو حلف الحالف منهم على كذب وباطل. ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: إذا حلف الرجل على اليمين وهو يرى أنه صادق وهو كاذب، فلا يؤاخذ بها. وإذا حلف وهو يعلم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به. حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن منصور قال: قال إبراهيم: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، قال: أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، أن تحلف وأنت كاذب. حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" [المائدة: 89]، وذلك اليمين الصبر الكاذبة، يحلف بها الرجل على ظلم أو قطيعة، فتلك لا كفارة لها إلا أن يترك ذلك الظلم، أو يرد ذلك المال إلى أهله، وهو قوله تعالى ذكره: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا" إلى قوله: "ولهم عذاب أليم" [آل عمران: 77].حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبوعاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، ما عقدت عليه.حدثني المثنى قال، حدثنا أبوحذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عبد الملك، عن عطاء قال: لا تؤاخذ حتى تصعد للأمر، ثم تحلف عليه بالله الذي لا إله إلا هو، فتعقد عليه يمينك. قال أبو جعفر: والواجب على هذا التأويل أن يكون قوله تعالى ذكره: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، في الآخرة بها بما شاء من العقوبات- وأن تكون الكفارة إنما تلزم الحالف في الأيمان التي هي لغو. وكذلك روي عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنه كان لا يرى الكفارة إلا في الأيمان التي تكون لغوا، فأما ما كسبته القلوب وعقدت فيه على الإثم، فلم يكن يوجب فيه الكفارة. وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك فيما مضى قبل. واذ كان ذلك تأويل الآية عندهم، فالواجب على مذهبهم أن يكون معنى الآية في سورة المائدة: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحريررقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم- ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، واحفظوا أيمانكم. وبنحوما ذكرناه عن ابن عباس من القول في ذلك، كان سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم وجماعة أخر غيرهم يقولون، وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك آنفا. وقال آخرون: المعنى الذي أوعد الله تعالى عباده المؤاخذة بهذه الاية، هو حلف الحالف على باطل يعلمه باطلا. وفي ذلك أوجب الله عندهم الكفارة، دون اللغو الذي يحلف به الحالف وهومخطىء في حلفه، يحسب أن الذي حلف عليه كما حلف، وليس ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" يقول: بما تعمدت قلوبكم، وما تعمدت فيه المأثم، فهذا عليك فيه الكفارة.حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله سواء. وكأن قائلي هذه المقالة، وجهوا تأويل مؤاخذة الله عبده على ما كسبه قلبه من الأيمان الفاجرة، إلى أنها مؤاخذة منه له بها بإلزامه الكفارة فيه. وقال بنحو قول قتادة جماعة أخر، في إيجاب الكفارة على الحالف اليمين الفاجرة، منهم عطاء والحكم. حدثنا أبو كريب ويعقوب قالا، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن عطاء والحكم، أنهما كانا يقولان فيمن حلف كاذبا متعمدا: يكفر. وقال آخرون: بل ذلك معنيان: أحدهما مؤاخذ به العبد في حال الدنيا بإلزام الله إياه الكفارة منه، والآخر
منهما مؤاخذ به في الاخرة إلا أن يعفو. ذكر من قال ذلك:حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" أما "ما كسبت قلوبكم" فما عقدت قلوبكم، فالرجل يحلف على اليمين يعلم أنها كاذبة- إرادة أن يقضي أمره. والأيمان ثلاثة: اللغو، والعمد، والغموس . والرجل يحلف على اليمين وهويريد أن يفعل، ثم يرى خيراًمن ذلك، فهذه اليمين التي قال الله تعالى ذكره: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان"، فهذه لها كفارة. وكأن قائل هذه المقالة، وجه تأويل قوله: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، إلى غير ما وجه إليه تأويل قوله: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان"، وجعل قوله: "بما كسبت قلوبكم"، الغموس من الأيمان التي يحلف بها الحالف على علم منه بأنه في حلفه بها مبطل- وقوله: "بما عقدتم الأيمان"، اليمين التي يستأنف فيها الحنث أو البر، وهو في حال حلفه بها عازم على أن يبر فيها. وقال آخرون: بل ذلك: هو اعتقاد الشرك بالله والكفر. ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا إسماعيل بن مرزوق قال، حدثني يحيى بن أيوب، عن محمد- يعني ابن عجلان-: أن زيد بن أسلم كان يقول في قول الله تعالى ذكره: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، مثل قرل الرجل: هوكافر، هو مشرك ، قال: لا يؤاخذه الله حتى يكون ذلك من قلبه.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قال: اللغو في هذا، الحلف بالله ما كان بالألسن، فجعله لغوا، وهوأن يقول: هوكافر بالله، وهو إذا يشرك بالله، وهويدعومع الله إلها، فهذا اللغو الذي قال الله تعالى في سورة البقرة: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم"، قال: بما كان في قلوبكم صدقا، واخذك به. فإن لم يكن في قلبك صدقا لم يؤاخذك به، وان أثمت. قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، أن يقال: إن الله تعالى ذكره أوعد عباده أن يؤاخذهم بما كسبت قلوبهم من الأيمان، فالذي تكسبه قلوبهم من الأيمان هو ما قصدته وعزمت عليه على علم ومعرفة منها بما تقصده وتريده، وذلك يكون منها على وجهين: أحدهما: على وجه العزم على ما يكون به العازم عليه في حال عزمه بالعزم عليه آثما، وبفعله مستحقا المؤاخذة من الله عليها. وذلك كالحالف على الشيء الذي لم يفعله أنه قد فعله، وعلى الشيء الذي قد فعله أنه لم يفعله، قاصدا قيل الكذب، وذاكرا أنه قد فعل ما حلف عليه أنه لم يفعله، أوأنه لم يفعل ما حلف عليه أنه قد فعل. فيكون الحالف بذلك- إن كان من أهل الإيمان بالله وبرسوله- في مشيئة الله يوم القيامة، إن شاء واخذه به في الآخرة، وإن شاء عفا عنه بتفضله، ولا كفارة عليه فيها في العاجل، لأنها ليست من الأيمان التي يحنث فيها. وإنما تحب الكفارة في الأيمان بالحنث فيها. والحالف الكاذب في يمينه، ليست يمينه مما يبتدأ فيه الحنث، فتلزم فيه الكفارة. والوجه الاخر منهما: على وجه العزم على إيجاب عقد اليمين في حال عزمه على ذلك. فذلك مما لا يؤاخذ به صاحبه حتى يحنث فيه بعد حلفه. فإذا حنث فيه بعد حلفه، كان مؤاخذا بما كان اكتسبه قلبه- من الحلف بالله على إثم وكذب- في العاجل بالكفارة التي جعلها الله كفارة لذنبه. قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: "والله غفور" لعباده فيما لغوا من أيمانهم التي أخبر الله تعالى
ذكره أنه لا يؤاخذهم بها، ولوشاء واخذهم بها، ولما واخذهم به فكفروها في عاجل الدنيا بالتكفير فيه، ولوشاء واخذهم في آجل الاخرة بالعقوبة عليه، فساتر عليهم فيها، وصافح لهم بعفوه عن العقوبة فيها، وغير ذلك من ذنوبهم، "حليم" في تركه معاجلة أهل معصيته العقوبة على معاصيهم.
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " باللغو " : مصدر لغا يلغو ويلغى ، ولغي يلغى لغا إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام ، أو بما لا خير فيه ، أبو بما يلغى إثمه ، وفي الحديث : " إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت " ، ولغة أبي هريرة " فقد لغيت " ، وقال الشاعر :
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم
وقال آخر :
ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم
الثانية : واختلف العلماء في اليمين التي هي لغو ، فقال ابن عباس : هو قول الرجل في درج كلامه واستعجاله في المحاورة : لا والله ،وبلى والله ، دون قصد لليمين ، قال المروزي : لغو اليمين التي العلماء على أنها لغو هو قول الرجل : لا والله ، وبلى والله ، في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين ولا مريدها ، وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أن عروة حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أيمان اللغو ما كانت في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا ينعقد عليه القلب ، وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل قوله تعالى : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " في قول الرجل : لا والله ، وبلى والله ، وقيل : اللغو ما يحلف به على الظن ، فيكون بخلافه ، قاله مالك ، حكاه ابن القاسم عنه ، وقال به جماعة من السلف قال أبو هريرة : إذا حلف الرجل على الشيء لا يظن إلا أنه إياه ، فإذا ليس هو ، فهو اللغو ،وليس فيه كفارة ، ونحوه عن ابن عباس ، وروي : " أن قوماً تراجعوا القول عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يرمون بحضرته ، فحلف أحدهم لقد أصبت وأخطأت يا فلان ، فإذا الأمر بخلاف ذلك ، فقال الرجل : حنث يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيمان الرماة لغو لا حنث فيها ولا كفارة " ، وفي الموطأ قال مالك : أحسن ما سمعت في هذا أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستيقن أنه كذلك ثم يوجد بخلافه ، فلا كفارة فيه ، والذي يحلف على الشيء وهو يعلم أنه فيه آثم كاذب ليرضي به أحداً ، أو يعتذر لمخلوق أو يقتطع به مالاً ، فهذا أعظم من أن يكون فيه كفارة ، وإنما الكفارة على حلف ألا يفعل الشيء المباح له فعله ثم يفعله ، أو أن يفعله ثم لا يفعله ، مثل إن حلف ألا يبيع ثوبه بعشرة دراهم ثم يبيعه بمثل ذلك ، أو حلف ليضربن غلامه ثم لا يضربه ، وروي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يمين في غضب " أخرجه مسلم ، وقال سعيد بن جبير : هو تحريم الحلال ، فيقول : مالي علي حرام إن فعلت كذا ، والحلال علي حرام ، وقاله مكحول الدمشقي ، و مالك أيضاً ، إلا في الزوجة فإنه ألزم فيها التحريم إلا أن يخرجها الحالف بقلبه ، وقيل هو يمين المعصية ، قاله سعيد بن المسيب ، و أبو بكر بن عبد الرحمن وعروة وعبد الله ابنا الزبير ، كالذي يقسم ليشربن الخمر أو ليقطعن الرحم فبره ترك ذلك الفعل ولا كفارة عليه ، وحجتهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليتركها فإن تركها كفارتها " ، أخرجه ابن ماجة في سننه ،وسيأتي في (( المائدة )) أيضاً ، وقال زيد بن أسلم : لغو اليمين دعاء الرجل على نفسه : أعمى الله بصره ، أذهب الله ماله ، هو يهودي ، هو مشرك ، هو لغية إن فعل كذا ، مجاهد هما الرجلان يتبايعان فيقول أحدهما : والله لا أبيعك بكذا ، ويقول الآخر : والله لا أشتريه بكذا ، النخعي : هو الرجل يحلف ألا يفعل الشيء ثم ينسى فيفعله ، وقال ابن عباس أيضاً و الضحاك : إن لغو اليمين هي المكروه ، أي إذا كفرت اليمين سقطت وصارت لغواً ، ولا يؤاخذ الله بتكفيرها والرجوع إلى الذي هو خير وحكى ابن عبد البر قولاً : أن اللغو أيمان المكره ، قال ابن العربي : أما اليمين مع النسيان فلا شك في إلغائها ، لأنها جاءت على خلاف قصده ، فهي لغو محض .
قلت : ويمين المكره بمثابتها ، وسيأتي حكم من حلف مكرهاً في (( النحل )) إن شاء الله تعالى ، قال ابن العربي : وأما من قال إن يمين المعصية فباطل ، لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة ، والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية ، ويقال له : لا تفعل وكفر ، فإن أقدم على الفعل أثم في إقدامه وبر في قسمه ، وأما من قال : إنه دعاء الإنسان على نفسه إن يكن كذا فينزل ، فهو قول لغو ، في طريق الكفارة ولكنه منعقد في القصد ، مكروه ، وربما يؤاخذ به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدعون أحدكم على نفسه فربما صادف ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئاً إلا أعطاه إياه " ، وأما من قال إنه يمين الغضب فإنه يرده حلف النبي صلى الله عليه وسلم غاضباً ألا يحمل الاشعريين وحملهم وكفر عن يمينه وسيأتي في (( براءة )) قال ابن العربي وأما من قال : إنه اليمين المكفرة فلا متعلق له يحكى ، وضعفه ابن عطية أيضاً وقال : قد رفع الله عز وجل المؤاخذة بالإطلاق في اللغو ، فحقيقتها لا إثم فيه ولا كفارة ، والمؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في اليمين الغموس المصبورة ، وفيما ترك تكفيره مما فيه كفارة وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة ، فيضعف القول بأنها اليمين المكفرة ، لأن المؤاخذة قد وقعت فيها ، وتخصيص المؤاخذة بأنها في الآخرة فقط تحكم .
الثالثة : قوله تعالى : " في أيمانكم " الأيمان جمع يمين ، واليمين الحلف ، وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت أو تعاقدت أخذ الرجل يمين صاحبه بيمينه ، ثم كثر ذلك حتى سمي الحلف والعهد نفسه يميناً ، وقيل : يمين فعيل من اليمن ، وهو البركة سماها الله تعالى بذلك لأنها تحفظ الحقوق ، ويمين تذكر وتؤنث ، وتجمع أيمان وأيمن ، قال زهير :
فتجمع أيمن منا ومنكم
الرابعة : قوله تعالى : " ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " مثل قوله : " ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " [ المائدة : 89 ] ، وهناك يأتي الكلام فيه مستوفى ، إن شاء الله تعالى : وقال زيد بن أسم : قوله تعالى : " ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " هو الرجل يقول : هو مشرك إن فعل ، أي هذا اللغو ، إلا أن يعقد الإشراك بقلبه ويكسبه ، و " غفور حليم " صفتان لائقتان بما ذكر من طرح المؤاخذة ، إذ هو باب رفق وتوسعة .
يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها, كقوله تعالى: " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير , كما قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم, أخبرنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن همام بن منبه, قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "نحن الاخرون السابقون يوم القيامة" وقال رسول صلى الله عليه وسلم "والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه" وهكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به, ورواه أحمد عنه به, ثم قال البخاري: حدثنا إسحاق بن منصور , حدثنا يحيى بن صالح, حدثنا معاوية هو ابن سلام, عن يحيى وهو ابن أبي كثير, عن عكرمة عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثماً, ليس تغني الكفارة" وقال علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم" قال: لا تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير , ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير, وكذا قال مسروق والشعبي وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاوس وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومكحول والزهري والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والضحاك وعطاء الخراساني والسدي رحمهم الله, ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني والله إن شاء الله, لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" وثبت فيهما أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال لعبد الرحمن بن سمرة "يا عبد الرحمن بن سمرة, لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها, وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها, إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير, وكفر عن يمينك" وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه, وليفعل الذي هو خير" وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم, حدثنا خليفة بن خياط , حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه, عن جده, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها, فتركها كفارتها" ورواه أبو داود من طريق أبي عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم, ولا في معصية الله, ولا في قطيعة رحم, ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليدعها وليأت الذي هو خير, فإن تركها كفارتها" ثم قال أبو داود: والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها "فليكفر عن يمينه" وهي الصحاح.
وقال ابن جرير: حدثنا علي بن سعيد الكندي, حدثنا علي بن مسهر عن حارثة بن محمد, عن عمرة, عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حلف على يمين قطيعة رحم ومعصية فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه" وهذا حديث ضعيف, ثم روى ابن جرير عن ابن عباس وسعيد بن المسيب ومسروق والشعبي أنهم قالوا: لا يمين في معصية ولا كفارة عليها.
وقوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" أي لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية, وهي التي لا يقصدها الحالف بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد, كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال "من حلف فقال في حلفه باللات والعزى, فليقل لا إله إلا الله" فهذا قاله لقوم حديثي عهد بجاهلية, قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد, فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد لتكون هذه بهذه, ولهذا قال تعالى: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" الاية, وفي الاية الأخرى "بما عقدتم الأيمان". قال أبو داود (باب لغو اليمين) حدثنا حميد بن مسعدة الشامي, حدثنا حيان يعني ابن إبراهيم, حدثنا إبراهيم يعني الصائغ, عن عطاء: في اللغو في اليمين, قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته: كلا والله, وبلى والله" ثم قال أبو داود: رواه دواد بن الفرات عن إبراهيم الصائغ, عن عطاء عن عائشة موقوفاً, ورواه الزهري وعبد الملك ومالك بن مغول كلهم عن عطاء عن عائشة موقوفاً أيضاً. (قلت) وكذا رواه ابن جريج وابن ليلى عن عطاء عن عائشة موقوفاً, ورواه ابن جرير عن هناد عن وكيع وعبدة وأبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" لا والله وبلى والله, ثم رواه عن محمد بن حميد عن سلمة, عن ابن إسحاق, عن هشام, عن أبيه عنها, وبه عن ابن إسحاق عن الزهري عن القاسم عنها, وبه عن سلمة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عنها, وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة في قوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" قالت: هم القوم يتدارؤون في الأمر, فيقول هذا: لا والله, بلى والله, وكلا والله, يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم, وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني, حدثنا عبدة يعني ابن سليمان, عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة في قول الله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" قالت: هو قول الرجل: لا والله, وبلى والله. وحدثنا أبي, حدثنا أبو صالح كاتب الليث, حدثني ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة, قال: كانت عائشة تقول: إنما اللغو في المزاحة والهزل, وهو قول الرجل: لا والله, وبلى والله, فذاك لا كفارة فيه, إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله, ثم قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عمر وابن عباس في أحد قوليه, والشعبي وعكرمة في أحد قوليه, وعروة بن الزبير وأبي صالح والضحاك في أحد قوليه, وأبي قلابة والزهري نحو ذلك. (الوجه الثاني) قرىء على يونس بن عبد الأعلى, أخبرنا ابن وهب, أخبرني الثقة عن ابن شهاب عن عروة, عن عائشة أنها كانت تتأول هذه الاية, يعني قوله "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" وتقول: هو الشيء يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه, ثم قال: وروي عن أبي هريرة وابن عباس في أحد قوليه, وسليمان بن يسار وسعيد بن جبير ومجاهد في أحد قوليه, وإبراهيم النخعي في أحد قوليه, والحسن وزرارة بن أوفى وأبي مالك وعطاء الخراساني وبكر بن عبد الله, وأحد قولي عكرمة وحبيب بن أبي ثابت والسدي ومكحول ومقاتل وطاوس وقتادة والربيع بن أنس ويحيى بن سعيد وربيع نحو ذلك. وقال ابن جرير حدثنا محمد بن موسى الحرشي, حدثنا عبد الله بن ميمون المرادي, حدثنا عوف الأعرابي عن الحسن بن أبي الحسن قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون, يعني يرمون, ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه, فقام رجل من القوم فقال: أصبت والله, وأخطأت والله, فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله, قال "كلا أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة" هذا مرسل حسن عن الحسن. وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عائشة القولان جميعاً, حدثنا عصام بن رواد, أنبأنا آدم, حدثنا شيبان عن جابر, عن عطاء بن أبي رباح, عن عائشة, قالت: هو قوله: لا والله, وبلى والله, وهو يرى أنه صادق ولا يكون كذلك. (أقوال أخر) ـ قال عبد الرزاق, عن هشيم عن مغيرة, عن إبراهيم: هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه. وقال زيد بن أسلم: هو قول الرجل أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا, أخرجني الله من مالي إن لم آتك غداً, فهو هذا. قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين, حدثنا مسدد بن خالد, حدثنا خالد, حدثنا عطاء عن طاوس, عن ابن عباس, قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وأخبرني أبي: حدثنا أبو الجماهر, حدثنا سعيد بن بشير, حدثني أبو بشر عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك فذلك ما ليس عليك فيه كفارة, وكذا روي عن سعيد بن جبير. وقال أبو داود (باب اليمين في الغضب) حدثنا محمد بن المنهال, أنبأنا يزيد بن زريع, حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب, عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث, فسأل أحدهما صاحبه القسمة, فقال: إن عدت تسألني عن القسمة فكل ما لي في رتاج الكعبة, فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك, كفر عن يمينك, وكلم أخاك, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب عز وجل, ولا في قطيعة الرحم, ولا فيما لا تملك". وقوله "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب, قال مجاهد وغيره, وهي كقوله تعالى: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" الاية. "والله غفور حليم" أي غفور لعباده حليم عليهم.
واللغو: مصدر لغا يلغو لغواً، ولغى يلغي لغياً: إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام أو بما لا خير فيه وهو الساقط الذي لا يعتد به، فاللغو من اليمين: هو الساقط الذي لا يعتد به، ومنه اللغو في الدية، وهو الساقط الذي لا يعتد به من أولاد الإبل، قال جرير:
ويذهب بينها المري لغواً كما ألغيت في الدية الحوارا
وقال آخر:
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم
أي لا يتكلمن بالساقط والرفث، ومعنى الآية: لا يعاقبكم الله بالساقط من أيمانكم، ولكن يعاقبكم بما كسبت قلوبكم: أي اقترفته بالقصد إليه: وهي اليمين المعقودة، ومثله قوله تعالى: "ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان" ومثله قول الشاعر:
ولست بمأخوذ بلغو يقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم
وقد اختلف أهل العلم في تفسير اللغو، فذهب ابن عباس وعائشة وجمهور العلماء أيضاً: أنه قول الرجل لا والله وبلى والله في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين، ولا مريد لها. قال المروزي: هذا معنى لغو اليمين الذي اتفق عليه عامة العلماء. وقال أبو هريرة وجماعة من السلف: هو أن يحلف الرجل على الشيء لا يظن إلا أنه إياه فإذا ليس هو ما ظنه، وإلى هذا ذهبت الحنفية والزيدية، وبه قال مالك في الموطأ. وروي عن ابن عباس أنه قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان، وبه قال طاوس ومكحول، وروي عن مالك، وقيل: إن اللغو هو يمين المعصية، قاله سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الله بن الزبير وأخوه عروة كالذي يقسم ليشربن الخمر أو ليقطعن الرحم، وقيل: لغو اليمين: هو دعاء الرجل على نفسه كأن يقول: أعمى الله بصره، أذهب الله ماله، هو يهودي، وهو مشرك. قاله زيد بن أسلم. وقال مجاهد: لغو اليمين أن يتبايع الرجلان فيقول أحدهما: والله لا أبايعك بكذا، ويقول الآخر: والله لا أشتريه بكذا. وقال الضحاك: لغو اليمين هي المكفرة: أي إذا كفرت سقطت وصارت لغواً. والراجح القول الأول لمطابقته للمعنى اللغوي، ولدلالة الأدلة عليه كما سيأتي. وقوله: 225- " والله غفور حليم " أي حيث لم يؤاخذكم بما تقولونه بألسنتكم من دون عمد وقصد. وآخذكم بما تعمدته قلوبكم وتكلمت به ألسنتكم، وتلك هي اليمين المعقودة المقصودة.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم" يقول: لا تجعلني عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عنه: هو أن يحلف الرجل أن لا يكلم قرابته أو لا يتصدق ويكون بين رجلين مغاضبة فيحلف لا يصلح بينهما ويقول: قد حلفت، قال: يكفر عن يمينه. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: جاء رجل إلى عائشة فقال: إني نذرت إن كلمت فلاناً فإن كل مملوك لي عتيق، وكل مال لي ستر للبيت، فقالت: لا تجعل مملوكيك عتقاء ولا تجعل مالك ستراً للبيت فإن الله يقول: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم" فكفر عن يمينك. وقد ورد أن هذه الآية نزلت في أبي بكر في شأن مسطح، رواه ابن جرير عن ابن جريج، والقصة مشهورة. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه". وثبت أيضاً في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني". وأخرج ابن ماجه وابن جرير عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين قطيعة رحم أو معصية فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه". وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ولا في معصية الله ولا في قطيعة رحم". وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن عمر مرفوعاً مثله. وأخرج النسائي وابن ماجه عن مالك الجشمي قال: قلت يا رسول الله: يأتيني ابن عمي فأحلف أن لا أعطيه ولا أصله، فقال: كفر عن يمينك. وأخرج مالك في الموطأ وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وغيرهم عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" في قول الرجل: لا والله وبلى والله وكلا والله. وأخرج أبو داود وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن اللغو في اليمين فقال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عائشة أنها قالت في تفسيره الآية: إن اللغو هو القوم يتدارون في الأمر يقول هذا لا والله ويقول هذا كلا والله، يتدارون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة أنها قالت: هو اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل لا والله وبلى والله، فذاك لا كفارة فيه، وإنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون ومع النبي صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم، فقال: أصبت والله وأخطأت والله، فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله، فقال: كلا، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة". وقد روى أبو الشيخ عن عائشة وابن عباس وابن عمر وابن عمرو أن اللغو لا والله وبلى والله. أخرجه سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن عباس أنه قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال: لغو اليمين حلف الإنسان على الشيء يظن أنه الذي حلف عليه فإذا هو غير ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن عائشة نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أنها أن يحلف الرجل على تحريم ما أحل الله له. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: هو الرجل يحلف على المعصية. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن النخعي: هو أن يحلف الرجل على الشيء ثم ينسى. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: "والله غفور" يعني إذ تجاوز عن اليمين التي حلف عليها "حليم" إذ لم يجعل فيها الكفارة.
225. قوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " اللغو كل مطرح من الكلام لا يعتد به، واختلف أهل العلم في اللغو في اليمين المذكورة في الآية فقال قوم هو ما يسبق إلى اللسان على عجلة لصلة الكلام، من غير عقد وقصد، كقول القائل: لا والله وبلى والله وكلا والله.
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لغو اليمين قول الانسان لا والله وبلى والله، ورفعه بعضهم وإلى هذا ذهب الشعبي و عكرمة وبه قال الشافعي .
ويروى عن عائشة: أيمان اللغو ما كانت في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب، وقال قوم: هو أن يحلف على شيء يرى أنه صادق فيه ثم يتبين له خلاف ذلك وهو قول الحسن و الزهري و إبراهيم النخعي و قتادة و مكحول ، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه، وقالوا لا كفارة فيه ولا إثم عليه، وقال علي: هو اليمين على الغضب، وبه قال طاووس وقال سعيد بن جبير : هو اليمين في المعصية لا يؤاخذه الله بالحنث فيها، بل يحنث ويكفر. وقال مسروق : ليس عليه كفارة أيكفر خطوات الشيطان؟ وقال الشعبي في الرجل يحلف على المعصية كفارته أن يتوب منها وكل يمين لا يحل لك أن تفي بها فليس فيها كفارة ولو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله وقال زيد بن أسلم: هو دعاء الرجل على نفسه تقول لإنسان أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا [أخرجني الله من مالي إن لم آتك غداً، ويقول: هو كافر إن فعل كذا]. فهذا كله لغو لا يئاخذه الله به ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة " ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم " (11-يونس)، وقال " ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير " (11-الإسراء).
قوله تعالى: " ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " أي عزمتم وقصدتم إلى اليمين، وكسب القلب العقد والنية " والله غفور رحيم " واعلم أن اليمين لا تنعقد إلا بالله أو باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته: فاليمين بالله أن يقول: والذي أعبده، والذي أصلي له، والذي نفسي بيده، ونحو ذلك، واليمين بأسمائه كقوله والله والرحمن ونحوه، واليمين بصفاته كقوله: وعزة الله وعظمة الله وجلال الله وقدرة الله ونحوها، فإذا حلف بشيء منها على أمر في المستقبل فحنث يجب عليه الكفارة وإذا حلف على أمر ماض أنه كان ولم يكن أو على أنه لم يكن وقد كان، إن كان عالماً به حالة ما حلف فهو اليمين الغموس، وهو من الكبائر، وتجب فيه الكفارة عند بعض أهل العلم، عالماً كان أو جاهلاً، وبه قال الشافعي ، ولا تجب عند بعضهم وهو قول أصحاب الرأي وقالوا إن كان عالماً فهو كبيرة ولا كفارة لها كما في سائر الكبائر وإن كان جاهلاً فهو يمين اللغو عندهم ومن حلف بغير الله مثل أن قال: والكعبة وبيت الله ونبي الله، أو حلف بابيه ونحو ذلك، فلا يكون يميناً، فلا تجب عليه الكفارة إذا حلف، وهي يمين مكروهة، قال الشافعي : وأخشى أن يكون معصية.
أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ".
225-" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " اللغو الساقط الذي لا يعتد به من كلام غيره ، ولغو اليمين مالا عقد معه كما سبق به اللسان ، أو تكلم به جاهلاً لمعناه كقول العرب : لا و الله وبلى والله ، لمجرد التأكيد لقوله : " ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " والمعنى لا يؤاخذكم الله بعقوبة ولا كفارة بما لا قصد معه ،ولكن يؤاخذكم بهما أو بأحدهما بما قصدتم من الإيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم . وقال أبو حنيفة : اللغو أن يحلف الرجل بناء على ظنه الكاذب ، والمعنى لا يعاقبكم بما أخطأتم فيه من الأيمان ،ولكن يعاقبكم بما تعمدتم الكذب فيه . " والله غفور " حيث لم يؤاخذ باللغو " حليم " حيث لم يعجل بالمؤاخذة على يمين الجد تربصاً للتوبة .
225. Allah will not take you to task for that which unintentional in your oaths. But He will take you to task for that which your hearts have garnered. Allah is Forgiving, Clement.
225 - God will not call you to account for thoughtlessness in your oath, but for the intention in your hearts; and he is oft forgiving most forbearing.