23 - (وراودته التي هو في بيتها) هي زليخا (عن نفسه) أي طلبت منه يواقعها (وغلَّقت الأبواب) للبيت (وقالت) له (هيت لك) أي هلَّم ، واللام للتبيين وفي قراءة بكسر الهاء وأخرى بضم التاء (قال معاذ الله) أعوذ بالله من ذلك (إنه) الذي اشتراني (ربي) سيدي (أحسن مثواي) مقامي فلا أخونه في أهله (إنه) أي الشأن (لا يفلح الظالمون) الزناة
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وراودت امرأة العزيز ، وهي التي كان يوسف في بيتها عن نفسه ، أن يواقعها ، كما :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ولما بلغ أشده ، راودته التي هو في بيتها عن نفسه ، امرأة العزيز .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه" ، قال : أحبته .
قال ، وحدثني أبي ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير قال : قالت : نعاله .
وقوله : "وغلقت الأبواب" ، يقول :وغلقت المرأة أبواب البيوت عليها وعلى يوسف ، لما أرادت منه وراودته عليه ، باباً بعد باب .
وقوله : "وقالت هيت لك" ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة الكوفة والبصرة : "هيت لك" ، بفتح الهاء والتاء ، بمعنى : هلم لك ، وادن ، وتقرب ، كما قال الشاعر لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه :
ابلغ أمير المؤمنين اخا العراق إذا أتيتا
أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا
حدثني محمد بن عبد الله المخرمي قال ، حدثنا أبو الجواب قال ، حدثنا عمار بن زريق ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "هيت لك" ، قال : هلم لك .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "هيت لك" ، تقول : هلم لك .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثنا أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : "هيت لك" ، تقول : هلم لك .
حدثني المثنى قال ، حدثنا حجاج قال ، حدثنا حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش أنه كان يقرأ هذا الحرف : "هيت لك" ، نصباً ، أي : هلم لك .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال ابن عباس قوله : "هيت لك" ، قال : تقول : هلم لك .
حدثني أحمد بن سهيل الواسطي قال ، حدثنا قرة بن عيسى قال ، حدثنا النضر بن عربي الجزري ، عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله : "هيت لك" ، قال : هلم لك ، قال : هي بالحورانية .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله :"وقالت هيت لك" ، قال الحسن : يقول : هلم لك .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن : "هيت لك" ، يقول بعضهم : هلم لك .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : "وقالت هيت لك" ، قال : هلم لك ، وهي بالقبطية .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ،عن عمرو ، عن الحسن : "هيت لك" ، قال : كلمة بالسريانية ، أي : عليك .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : "هيت لك" ، قال : هلم لك .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا خلف بن هشام قال ، حدثنا محبوب ، عن قتادة ، عن الحسن : "هيت لك" ، قال : هلم لك .
قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر ، "هيت لك" ، أي : هلم .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا الثوري قال : بلغني في قوله : "هيت لك" ، قال : هلم لك .
حدثنا أحمد بن يوسف قال ، حدثنا أبو عبيد قال ، حدثنا علي بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قرأ : "هيت لك" ، وقال : تدعوه إلى نفسها .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : "هيت لك" ، قال : لغة عربية ،تدعوه بها .
حدثني المثنى قال ، حدثنا ابو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلا أنه قال : لغة بالعربية ، تدعوه بها إلى نفسها .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثل حديث محمد بن عمرو ،سواء .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا أحمد بن يوسف قال ، حدثنا القاسم قال ، حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : "هيت لك" ، بفتح الهاء والتاء ، وقال : تقول : هلم لك .
حدثني الحارث قال ، قال أبو عبيد : كان الكسائي يحكيها ، يعني : هيت لك . قال : وقال : وهي لغة الأهل حوران وقعت إلى الحجاز ، معناها : تعال . قال : وقال أبو عبيدة : سألت شيخاً عالماً من أهل حوران ، فذكر أنها لغتهم ، يعرفها .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "هيت لك" ، قال : تعال .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "وقالت هيت لك" ، قال : هلم لك ، إلي .
وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين : وقالت هئت لك ، بكسر الهاء ،وضم التاء ، والهمزة ، بمعنى : تهيأت لك ، من قول القائل : هئت للأمر أهيء هيئة .
وممن روي ذلك عنه ابن عباس ، وأبو عبد الرحمن القاسم السلمي ، وجماعة غيرهما .
حدثنا أحمد بن يوسف قال ،حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحجاج ، عن هرون ، عن أبان العطار ، عن قتادة : أن ابن عباس قرأها كذلك ، مكسور الهاء ، مضمومة التاء ، قال أحمد : قال أبو عبيدة : لا أعلمها إلا مهموزة .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن أبان العطار ، عن عاصم ، عن أبي عبد الرحمن السلمي : هيت لك ، أي : تهيأت لك .
قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، مثله .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان عكرمة يقول : تهيأت لك .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : هئت لك قال عكرمة :تهيأت لك .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن عاصم بن بهدلة قال : كان أبو وائل يقول : هئت لك ، أي : تهيأت لك . وكان أبو عمرو بن العلاء و الكسائي ينكران هذه القراءة .
حدثت عن علي بن المغيرة قال ، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : شهدت أبا عمرو وسأله أبو أحمد ـ أو أحمد ـ وكان عالماً بالقرآن وكان لألاء ثم كبر ، فقعد في بيته ، فكان يؤخذ عنه القرآن ، ويكون مع القضاة ، فسأله عن قول من قال : هئت لك بكسر الهاء ، وهمز الياء ، فقال أبو عمرو : سيء إي : باطل ، جعلها فعلت من تهيأت ، فهذا الخندق ، فاستعرض العرب حتى تنتهي إلى اليمن ، هل تعرف أحداً يقول : هئت لك ؟
حدثني الحارث قال ، حدثنا القاسم قال : لم يكن الكسائي يحكي هئت لك عن العرب .
وقرأ تلك عامة قرأة أهل المدينة هيت لك ، بكسر الهاء ، وتسكين الياء ، وفتح التاء .
وقرأه بعض المكيين : هيت لك بفتح الهاء ، وتسكين الياء ، وضم التاء .
وقرأه بعض البصريين ، وهو عبد الله بن إسحاق : هيت لك ، بفتح الياء وكسر التاء .
وقد أنشد بعض الرواة بيتاً لطرفة بن العبد في هيت ، بفتح الهاء وضم التاء ، وذلك :
ليس قومي بالأبعدين إذا ما قال داع من العشيرة هيت
قال أبو جعفر: وأولى القراءة في ذلك قراءة من قرأه : "هيت لك" ، بفتح الهاء والتاء ، وتسكين الياء ، لأنها اللغة المعروفة في العرب دون غيرها ، وأنها فيما ذكر قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال ابن مسعود : قد سمعت القرأة ، فسمعتهم متقاربين : فاقرأوا كما علمتم ، وإياكم والتنطع والاختلاف ، وإنما هو كقول أحدكم : هلم ، و تعال . ثم قرأ عبد الله : "هيت لك" ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، إن ناساً يقرأونها : هيت لك ، فقال عبد الله : إني أقرأها كما علمت ، أحب إلي .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قا ل : سمعت عبد الله بن مسعود يقرأ هذه الآية : "وقالت هيت لك" ، قال : فقالوا له : ما كنا نقرأها إلا هيت لك ، فقال عبد الله : إني أقرأها كما علمت ، أحب إلي .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عيينة ، عن منصور ، عن ابي وائل قال : قال عبد الله : "هيت لك" ، فقال له مسروق : إن ناساً يقرأونها : هيت لك ؟ فقال : دعوني ، فإني أقرأ كما أقرئت أحب إلي .
حدثني المثنى قال ، حدثنا آدم العسقلاني قال ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ،عن شقيق ، عن ابن مسعود قال : "هيت لك" ، بنصب الهاء ، والتاء ، وبلا همز .
وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى : أن العرب لا تثني هيت ولا تجمع ولا تؤنث ، وأنها تصوره في كل حال ، وإنما يتبين العدد بما بعد ، وكذلك التأنيث والتذكير ، وقال : تقول للواحد : هيت لك ، وللاثنين : هيت لكما ، و للجمع : هيت لكم ، وللنساء : هيت لكن .
وقوله تعالى : "معاذ الله" ، يقول جل ثناؤه : قال يوسف ، إذ دعته المرأة إلى نفسها وقالت له : هلم إلي : أعتصم بالله من الذي تدعوني إليه ، وأستجير به منه .
وقوله : "إنه ربي أحسن مثواي" ، يقول : إن صاحبك وزوجك سيدي ، كما :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : "معاذ الله إنه ربي" ، قال : سيدي .
قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح : "إنه ربي" ، قال : سيدي .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا الحجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : "قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي" ، قال : سيدي ، يعني زوج المرأة .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "قال معاذ الله إنه ربي" ، يعني : أطفير . يقول : إنه سيدي .
وقوله : "أحسن مثواي" ، يقل : أحسن منزلتي ، وأكرمني وائتمنني ، فلا أخونه ، كما :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : "أحسن مثواي" ، أمنني على بيته وأهله .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "أحسن مثواي" ، فلا أخونه في أهله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : "أحسن مثواي" ، قال : يريد يوسف سيده زوج المرأة .
وقوله : "إنه لا يفلح الظالمون" ، يقول : إنه لا يدرك البقاء ولا ينجح من ظلم ، ففعل ما ليس له فعله . وهذا الذي تدعوني إليه من الفجور ، ظلم وخيانة لسيدي الذي ائتمنني على منزله ، كما :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، "إنه لا يفلح الظالمون" ، قال : هذا الذي تدعوني إليه ظلم ، ولا يفلح من عمل به .
قوله تعالى: " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه " وهي امرأة العزيز، طلبت منه أن يواقعها. وأصل المراودة الإرادة والطلب برفق ولين. والرواد والرياد طلب الكلأ، وقيل: هي من رويد، يقال: فلان يمشي رويداً، أي برفق، فالمراودة الرفق في الطلب، يقال في الرجل: راودها عن نفسها، وفي المرأة راودته عن نفسه. والرود التأني، يقال: أرودني أمهلني. " وغلقت الأبواب " غلق للكثير، ولا يقال: غلق الباب، وأغلق يقع للكثير والقليل، كما قال الفرزدق في أبي عمرو بن العلاء:
ما زلت أغلق أبواباً وأفتحها حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
يقال: إنها كانت سبعة أبواب غلقتها ثم دعته إلى نفسها. " وقالت هيت لك " أي هلم وأقبل وتعال، ولا مصدر له ولا تصريف. قال النحاس : فيها سبع قراءات، فمن أجل ما فيها وأصحه إسناداً ما رواه الأعمش عن أبي وائل قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقرأ ( هيت لك) قال فقلت: إن قوماً يقرؤونها ( هيت لك) فقال: إنما أقرأ كما علمت. قال أبو جعفر: وبعضهم يقول عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يبعد ذلك، لأن قوله: إنما أقرأ كما علمت يدل على أنه مرفوع، وهذه القراءة بفتح التاء والهاء هي الصحيحة من قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وعكرمة، وبها قرأ أبو عمرو بن العلاء وعاصم و الأعمش وحمزة و الكسائي . قال عبد الله بن مسعود: لا تقطعوا في القرآن، فإنما هو مثل قول أحدكم: هلم وتعال. وقرأ ابن أبي إسحق النحوي ( قالت هيت لك) بفتح الهاء وكسر التاء. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وابن كثير ( هيت لك) بفتح الهاء وضم التاء، قال طرفة:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما قال داع من العشيرة هيت
فهذه ثلاث قراءات الهاء فيهن مفتوحة. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع ( وقالت) هيت لك) بكسر الهاء وفتح التاء. وقرأ يحيى بن وثاب ( وقالت هيت لك) بكسر الهاء وبعدها ياء ساكنة والتاء مضمومة. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس ومجاهد وعكرمة: ( وقالت هئت لك) بكسر الهاء وبعدها همزة ساكنة والتاء مضمومة. وعن ابن عامر وأهل الشام: ( وقالت هئت) بكسر الهاء وبالهمزة وبفتح التاء، قال أبو جعفر: ( هئت لك) بفتح التاء لالتقاء الساكنين، لأنه صوت نحو مه وصه يجب ألا يعرب، والفتح خفيف، لأن قبل التاء ياء مثل أين وكيف، ومن كسر التاء فإنما كسرها لأن الأصل الكسر، لأن الساكن إذا حرك إلى الكسر، ومن ضم فلأن فيه معنى الغاية، أي قالت: دعائي لك، فلما حذفت الإضافة بني على الضم، مثل حيث وبعد. وقراءة أهل المدينة فيها قولان: أحدهما - أن يكون الفتح لالتقاء الساكنين كما مر. والآخر - أن يكون فعلاً من هاء يهيء مثل جاء يجيء، فيكون المعنى في ( هئت) أي حسنت هيئتك، ويكون ( لك) من كلام آخر، كما تقول: لك أعني. ومن همز وضم التاء فهو فعل بمعنى تهيأت لك، وكذلك من قرأ ( هيت لك). وأنكر أبو عمرو هذه القراءة، قال أبو عبيدة - معمر بن المثنى: سئل أبو عمرو عن قراءة من قرأ بكسر الهاء وضم التاء مهموزاً فقال أبو عمرو: باطل، جعلها من تهيأت! اذهب فاستعرض العرب حتى تنتهي إلى اليمن هل تعرف أحداً يقول هذا؟! وقال الكسائي أيضاً: لم تحك ( هئت) عن العرب. قال عكرمة: ( هئت لك) أي تهيأت لك وتزينت وتحسنت، وهي قراءة غير مرضية، لأنها لم تسمع في العربية. قال النحاس : هي جيدة عند البصريين، لأنه يقال: هاء الرجل يهاء ويهيء هيأة فهاء يهيء مثل جاء يجيء وهئت مثل جئت. وكسر الهاء في ( هيت) لغة لقوم يؤثرون كسر الهاء على فتحها. قال الزجاج: أجود القراءات ( هيت) بفتح الهاء والتاء، قال طرفة:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما قال داع من العشيرة هيت
بفتح الهاء والتاء.
وقال الشاعر في علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أبلغ أمير المؤنـ ـين أخا العراق إذا أتيتا
إن العراق وأهله سلم إليك فهيت هيتا
قال ابن عباس والحسن: ( هيت) كلمة بالسريانية تدعوه إلى نفسها. وقال السدي : معناها بالقبطية هلم لك. قال أبو عبيد: كان الكسائي يقول: هي لغة لأهل حوران وقعت إلى أهل الحجاز معناه تعال، قال أبو عبيد: فسألت شيخاً عالماً من حوران فذكر أنها لغتهم، وبه قال عكرمة. وقال مجاهد وغيره: هي لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها، وهي كلمة حث وإقبال على الأشياء، قاله الجوهري : يقال هوت به وهيت به إذا صاح به ودعاه، قال:
قد رابني أن الكري أسكتا لو كان معنياً بها لهيتا
أي صاح، وقال آخر:
يحدو بها كل فتىً هيات
قوله تعالى: " قال معاذ الله " أي أعوذ بالله وأستجير به مما تدعونني إليه، وهو مصدر، أي أعوذ بالله معاذا، فيحذف المفعول وينتصب المصدر بالفعل المحذوف، ويضاف المصدر إلى اسم الله كما يضاف المصدر إلى المفعول، كما تقول: مررت بزيد مرور عمرو أي كمروري بعمرو. " إنه ربي " يعني زوجها، أي هو سيدي أكرمني فلا أخونه، قاله مجاهد وابن إسحق و السدي . وقال الزجاج: أي إن الله ربي تولاني بلطفه، فلا أركب ما حرمه. " إنه لا يفلح الظالمون " وفي الخبر أنها قالت له: يا يوسف! ما احسن صورة وجهك! قال: في الرحم صورني ربي، قالت: يا يوسف ما أحسن شعرك! قال: هو أول شيء يبلى مني في قبري، قالت: يا يوسف! ما أحسن عينيك؟ قال: بهما أنظر إلى ربي. قالت: يا يوسف! ارفع بصرك فانظر في وجهي، قال: إني أخاف العمى في آخرتي. قالت يا يوسف! أدنو منك وتتباعد مني؟! قال: أريد بذلك القرب من ربي. قالت: يا يوسف! القيطون فرشته فادخل معي، قال: القيطون لا يسترني من ربي. قالت: يا يوسف! فراش الحرير قد فرشته لك، قم فاقض حاجتي، قال: إذاً يذهب من الجنة نصيبي، إلى غير ذلك من كلامها وهو يراجعها، إلى أن هم بها. وقد ذكر بعضهم ما زال النساء إلى يوسف ميل شهوة حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبة النبوة، فشغلت هيبته كل من رآه عن حسنه. واختلف العلماء في همه، ولا خلاف أن همها كان المعصية، وأما يوسف فهم بها.
يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر, وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه, فراودته عن نفسه, أي حاولته على نفسه ودعته إليها, وذلك انها أحبته حباً شديداً لجماله وحسنه وبهائه, فحملها ذلك على أن تجملت له وغلقت عليه الأبواب ودعته إلى نفسها, "وقالت هيت لك" فامتنع من ذلك أشد الامتناع, و"قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي" وكانوا يطلقون الرب على السيد الكبير, أي إن بعلك ربي أحسن مثواي أي منزلى, وأحسن إلي فلا أقابله بالفاحشة في أهله "إنه لا يفلح الظالمون", قال ذلك مجاهد والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم. وقد اختلف القراء في قوله: "هيت لك" فقرأه كثيرون بفتح الهاء وإسكان الياء وفتح التاء, وقال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: معناه أنها تدعوه إلى نفسها. وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس: هيت لك, تقول هلم لك, وكذا قال زر بن حبيش وعكرمة والحسن وقتادة. قال عمرو بن عبيد عن الحسن: وهي كلمة بالسريانية, أي عليك. وقال السدي: هيت لك, أي هلم لك, وهي بالقبطية. وقال مجاهد: هي لغة عربية تدعوه بها. وقال البخاري: وقال عكرمة: هيت لك, أي هلم لك بالحورانية. وهكذا ذكره معلقاً.
وقد أسنده الإمام جعفر بن جرير: حدثني أحمد بن سهل الواسطي, حدثنا قرة بن عيسى, حدثنا النضر بن عربي الجزري عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله: "هيت لك" قال: هلم لك, قال: هي بالحورانية, وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: وكان الكسائي يحكي هذه القراءة, يعني هيت لك, ويقول: هي لغة لأهل حوران وقعت إلى أهل الحجاز, ومعناها تعال. وقال أبو عبيدة: سألت شيخاً عالماً من أهل حوران, فذكر أنها لغتهم يعرفها, واستشهد الإمام ابن جرير على هذه القراءة بقول الشاعر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أبلغ أمير المؤمنـ ـين أذى العراق إذا أتينا
إن العراق وأهلــه عنـــــــق إليك فهيت هيتا
يقول: فتعال واقترب, وقرأ ذلك آخرون هئت لك بكسر الهاء وبالهمز وضم التاء, بمعنى تهيأت لك من قول القائل هئت بالأمر أهيء هئة, وممن روى عنه هذه القراءة: ابن عباس وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو وائل وعكرمة وقتادة, وكلهم يفسرها بمعنى تهيأت لك. قال ابن جرير: وكان أبو عمرو والكسائي ينكران هذه القراءة, وقرأ عبد الله بن إسحاق: هيت بفتح الهاء وكسر التاء, وهي غريبة, وقرأ آخرون منهم عامة أهل المدينة هيت بفتح الهاء وضم التاء, وأنشد قول الشاعر:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما قال داع من العشيرة هيت
قال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري, عن الأعمش, عن أبي وائل, قال: قال ابن مسعود وقد سمع القراء: سمعتهم متقاربين, فاقرءوا كما علمتم, وإياكم والتنطع والاختلاف, وإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال. ثم قرأ عبد الله: هيت لك, فقال: يا أبا عبد الرحمن إن ناساً يقرءونها هيت. قال عبد الله: أن أقرأها كما علمت أحب إلي. وقال ابن جرير: حدثني ابن وكيع, حدثنا ابن عيينة عن منصور, عن أبي وائل, قال: قال عبد الله: هيت لك, فقال له مسروق: إن ناساً يقرءونها: هيت لك, فقال: دعوني فإني أقرأ كما أقرئت, أحب إلي, وقال أيضاً: حدثني المثنى, حدثنا آدم بن أبي إياس, حدثنا شعبة عن شقيق, عن ابن مسعود, قال: هيت لك بنصب الهاء والتاء, ولا نهمز. وقال آخرون: هيت لك بكسر الهاء, وإسكان الياء, وضم التاء. قال أبو عبيد معمر بن المثنى: هيت لا تثنى, ولا تجمع, ولا تؤنث, بل يخاطب الجميع بلفظ واحد, فيقال: هيت لك, وهيت لكم, وهيت لكما, وهيت لكن, وهيت لهن.
المراودة الإرادة والطلب برفق ولين- وقيل هي مأخوذة من الرود: أي الرفق والتأني، يقال أرودني: أمهلني، وقيل المراودة مأخوذة من راد يرود: إذا جاء وذهب، كأن المعنى: أنها فعلت في مراودتها له فعل المخادع، ومنه الرائد لمن يطلب الماء والكلأ، وقد يخص بمحاولة الوقاع فيقال: راود فلان جاريته عن نفسها وراودته هي عن نفسه: إذا حاول كل منهما الوطء والجماع، وهي مفاعلة، وأصلها أن تكون من الجانبين، فجعل السبب هنا في أحد الجانبين قائماً مقام المسبب، فكأن يوسف عليه السلام لما كان ما أعطيه من كمال الخلق والزيادة في الحسن سبباً لمراودة امرأة العزيز له مراود. وإنما قال "التي هو في بيتها" ولم يقل امرأة العزيز، وزليخا قصداً إلى زيادة التقرير مع استهجان التصريح باسم المرأة والمحافظة على الستر عليها "وغلقت الأبواب" قيل في هذه الصيغة ما يدل على التكثير، فيقال غلق الأبواب، ولا يقال غلق الباب، بل يقال أغلق الباب، وقد يقال أغلق الأبواب، ومنه قول الفرزدق في أبي عمرو بن العلاء:
ما زلت أغلق أبواباً وافتحها حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
قيل وكانت الأبواب سبعة. قوله "هيت لك". قرأ أبو عمرو وعاصم والكسائي وحمزة والأعمش بفتح الهاء وسكون الياء وفتح التاء، وبها قرأ ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وعكرمة: قال ابن مسعود: لا تنطعوا في القراءة، فإنما هو مثل قول أحدكم هلم وتعال. وقرأ ابن أبي إسحاق النحوي بفتح الهاء وكسر التاء. وقرأ عبد الرحمن السلمي وابن كثير هيت بفتح الهاء وضم التاء، ومنه قول طرفة:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما قال داع من العشيرة هيت
وقرأ أبو جعفر ونافع بكسر الهاء وسكون الياء وفتح التاء. وقرأ علي وابن عباس في رواية عنه وهشام بكسر الهاء وبعدها همزة ساكنة وضم التاء. وقرأ ابن عامر وأهل الشام بكسر الهاء وبالهمزة وفتح التاء. ومعنى هيت على جميع القراءات معنى هلم وتعال، لأنها من أسماء الأفعال إلا فيقراءة من قرأ بكسر الهاء بعدها همزة وتاء مضمومة، فإنها بمعنى: تهيأت لك. وأنكر أبو عمرو هذه القراءة. وقال أبو عبيدة: سئل أبو عمرو عن قراءة من قرأ بكسر الهاء والهمزة وضم التاء فقال: باطل جعلها بمعنى تهيأت اذهب فاستعرض العرب حتى تنتهي إلى اليمن، هل تعرف أحداً يقول هكذا؟ وأنكرها أيضاً الكسائي. وقال النحاس: هي جيدة عند البصريين، لأنه يقال: هاء الرجل يهاء ويهيء هيئة، رجح الزجاج القراءة الأولى، وأنشد بيت طرفة المذكور هيتا بالفتح، ومنه قول الشاعر في علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أبلغ أمير المؤمنيــــن أخا العـــراق إذا أتيتا
إن العـراق وأهــــله سلم إليك فهيت هيتا
وتكون اللام في "لك" على القراءات الأولى التي هي فيها بمعنى اسم الفعل للبيان: أي لك. أقول هذا كما في هلم لك. قال النحويون: هيت جاء بالحركات الثلاث: فالفتح للخفة، والكسر لالتقاء الساكنين، والضم تشبيهاً بحيث، وإذا بين باللام نحو هيت لك فهو صوت قائم مقام المصدر كأف له: أي لك أقول هذا وإن لم يبين باللام فهو صوت قائم مقام مصدر الفعل فيكون اسم فعل، إما خبر: أي تهيأت، وإما أمر: أي أقبل. وقال في الصحاح: يقال هوت به وهيت به إذا صاح به ودعاه، ومنه قول الشاعر:
يحدو بها كل فتى هيات
وقد روي عن ابن عباس والحسن أنها كلمة سريانية معناها أنها تدعوه إلى نفسها. قال أبو عبيدة: كان الكسائي يقول: هي لغة لأهل حوران وقعت إلى أهل الحجاز معناها تعال. قال أبو عبيدة: فسألت شيخاً عالماً من حوران فذكر أنها لغتهم "قال معاذ الله" أي أعوذ بالله معاذاً مما دعوتني إليه، فهو مصدر منتصب بفعل محذوف مضاف إلى اسم الله سبحانه، وجملة "إنه ربي أحسن مثواي" تعليل للامتناع الكائن منه ببعض الأسباب التي هي أقرب إلى فهم امرأة العزيز، والضمير للشأن: أي إن الشأن ربي، يعني العزيز: أي سيدي الذي رباني وأحسن مثواي حيث أمرك بقوله: "أكرمي مثواه"، فكيف أخونه في أهله وأجيبك إلى ما تريدين من ذلك؟ وقال الزجاج: إن الضمير لله سبحانه: أي إن الله ربي تولاني بلطفه فلا أركب ما حرمه، وجملة "إنه لا يفلح الظالمون" تعليل آخر للامتناع منه عن إجابتها، والفلاح: الظفر. والمعنى: أنه لا يظفر الظالمون بمطالبهم، ومن جملة الظالمين الواقعون في مثل هذه المعصية التي تطلبها امرأة العزيز من يوسف.
23-"وراودته التي هو في بيتها عن نفسه"، يعني: امرأة العزيز. والمراودة: طلب الفعل، والمراد هاهنا أنها دعته إلى نفسها ليواقعها، "وغلقت الأبواب"، أي: أطبقتها، وكانت سبعة، "وقالت هيت لك"، أي: هلم وأقبل.
قرأه أهل الكوفة والبصرة: "هيت لك" بفتح الهاء والتاء.
وقرأ أهل المدينة والشام: "هيت"بكسر الهاء وفتح التاء.
وقرأ ابن كثير: "هيت" بفتح الهاء وضم التاء.
وقرأ السلمي وقتادة: هئت لك بكسر الهاء وضم التاء مهموزا، يعني: تهيأت لك، وأنكره أبو عمرو والكسائي، وقالا لم يحك هذا عن العرب.
والأول هو المعروف عند العرب.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم: "هيت لك".
قال أبو عبيدة كان الكسائي يقول: هي لغة لأهل حوران رفعت إلى الحجاز معناها إلي تعال.
وقال عكرمة: هي أيضا بالحورانية هلم.
وقال مجاهد وغيره: هي لغة عربية وهي كلمة حث وإقبال على الشيء.
قال أبو عبيدة: إن العرب لا تثني "هيت" ولا تجمع ولا تؤنث، وإنها بصورة واحدة في كل حال.
"قال" يوسف لها عند ذلك: "معاذ الله"، أي: أعوذ بالله واعتصم بالله مما دعوتني إليه، "إنه ربي" يريد أن زوجك قطفير سيدي "أحسن مثواي"، أي: أكرم منزلي. هذا قول أكثر المفسرين.
وقيل: الهاء راجعة إلى الله تعالى، يريد: أن الله تعالى ربي أحسن مثواي، أي: آواني، ومن بلاء الجب عافاني.
"إنه لا يفلح الظالمون"، يعني: إن فعلت هذا فخنته في أهله بعد ما أكرم مثواي فأنا ظالم، ولا يفلح الظالمون.
وقيل: لا يفلح الظالمون: أي لا يسعد الزناة.
23."وراودته التي هو في بيتها عن نفسه" طلبت منه وتمحلت أن يواقعها ، من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء ومنه الرائد ."وغلقت الأبواب"قيل كانت سبعة التشديد للتكثير أو للمبالغة في الإيثاق."وقالت هيت لك"أي أقبل وبادر ، أو تهيأت والكلمة على الوجهين اسم فعل بني على الفتح كأين وللام للتبيين كالتي فيسقيا لك .وقرأابن كثير بالضم وفتح الهاء تشبيهاً له بحيث ،ونافع وابن عامربالفتح وكسر الهاء كعيط. وقرأهشام كذلك إلا أنه تهمز . وقد روي عنه ضم التاء وهو لغة فيه . وقرئ "هيت"كجير وهئت كجئت من هاء يهيئ إذا تهيأ وقرئ هيئت وعلى هذا فاللام من صلته. "قال معاذ الله "أعوذ بالله معاذاً"إنه"إن الشأن ."ربي أحسن مثواي" سيدي قطفير أحسن تعهدي إذ قال لك في "أكرمي مثواه"فما جزاؤه أن أخونه في أهله.وقيل الضمير لله تعالى أي إنه خالقي أحسن منزلتي بأن عطف على قلبه فلا أعصيه. "إنه لا يفلح الظالمون"المجازون الحسن بالسيء .وقيل الزناة فإن الزنا ظلم على الزاني والمزني بأهله.
23. And she, in whose house he was, asked of him an evil act. She bolted the doors and said: Come! He said: I seek refuge in Allah! Lo! he is my lord, who hath treated me honorably. Wrong doers never prosper.
23 - But she in whose house he was, sought to seduce him from his (true) self: she fastened the doors, and said: now come, thou (dear one) he said: God forbid truly (thy husband) is my Lord he made my sojourn agreeable truly to no good come those who do wrong