23 - (وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين) حال مقدرة (فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها) من الله ومن الملائكة وفيما بينهم (سلام)
قوله تعالى : "وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام" .
قوله تعالى: " وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات " أي في جنات لأن دخلت لا يتعدى، كما لا يتعدى نقيضه وهو خرجت، ولا يقاس عليه، قاله المهدوي . ولما أخبر تعالى بحال أهل النار أخبر بحال أهل الجنة أيضاً. وقراءة الجماعة ( أدخل) على أنه فعل مبني للمفعول. وقرأ الحسن ( وأدخل) على الاستقبال والاستئناف. " بإذن ربهم " أي بأمره. وقيل: بمشيئته وتيسيره. وقال: ( بإذن ربهم) ولم يقل: بإذني تعظيماً وتفخيماً. " تحيتهم فيها سلام " تقدم في ( يونس). والحمد لله.
يخبر تعالى عما خاطب به إبليس أتباعه بعدما قضى الله بين عباده, فأدخل المؤمنين الجنات, وأسكن الكافرين الدركات, فقام فيهم إبليس لعنه الله يومئذ خطيباً ليزيدهم حزناً إلى حزنهم, وغبناً إلى غبنهم, وحسرة إلى حسرتهم, فقال: "إن الله وعدكم وعد الحق" أي على ألسنة رسله, ووعدكم في اتباعهم النجاة والسلامة, وكان وعداً حقاً وخبراً صدقاً, وأما أنا فوعدتكم فأخلفتكم, كما قال الله تعالى: "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً", ثم قال: "وما كان لي عليكم من سلطان" أي ما كان لي دليل فيما دعوتكم إليه ولا حجة فيما وعدتكم به "إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي" بمجرد ذلك, هذا وقد أقامت عليكم الرسل الحجج والأدلة الصحيحة على صدق ما جاءوكم به, فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتم فيه "فلا تلوموني" اليوم "ولوموا أنفسكم" فإن الذنب لكم لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل "ما أنا بمصرخكم" أي بنافعكم ومنقذكم ومخلصكم مما أنتم فيه, " وما أنتم بمصرخي " أي بنافعي بإنقاذي مما أنا فيه من العذاب والنكال "إني كفرت بما أشركتمون من قبل" قال قتادة: أي بسبب ما أشركتمون من قبل, وقال ابن جرير: يقول: إني جحدت أن أكون شريكاً لله عز وجل, وهذا الذي قاله هو الراجح, كما قال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين", قال: " كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ".
وقوله: "إن الظالمين" أي في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل, لهم عذاب أليم, والظاهر من سياق الاية أن هذه الخطبة تكون من إبليس بعد دخولهم النار كما قدمنا, ولكن قد ورد في حديث رواه ابن أبي حاتم, وهذا لفظه, وابن جرير من رواية عبد الرحمن بن زياد: حدثني دخين الحجري عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا جمع الله الأولين والاخرين فقضى بينهم ففرغ من القضاء, قال المؤمنون: قد قضى بيننا ربنا, فمن يشفع لنا ؟ فيقولون, انطلقوا بنا إلى آدم, وذكر نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى فيقول عيسى: أدلكم على النبي الأمي, فيأتوني, فيأذن الله لي أن أقوم إليه فيثور من مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط, حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي, ثم يقول الكافرون: هذا قد وجد المؤمنون من يشفع لهم, فمن يشفع لنا ؟ ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا, فيأتون إبليس فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم, فقم أنت فاشفع لنا, فإنك أنت أضللتنا فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط, ثم يعظم نحيبهم "وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" " وهذا سياق ابن أبي حاتم, ورواه المبارك عن رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن نعيم, عن دخين عن عقبة به مرفوعاً.
وقال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: لما قال أهل النار "سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص" قال لهم إبليس "إن الله وعدكم وعد الحق" الاية, فلما سمعوا مقالته, مقتوا أنفسهم فنودوا "لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون" وقال عامر الشعبي: يقوم خطيبان يوم القيامة على رؤوس الناس, يقول الله تعالى لعيسى ابن مريم: "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟" إلى قوله "قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم" قال: ويقوم إبليس لعنه الله فيقول "وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي" الاية. ثم لما ذكر تعالى مآل الأشقياء وما صاروا إليه من الخزي والنكال, وأن خطيبهم إبليس عطف بمآل السعداء, فقال "وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار" سارحة فيها حيث ساروا وأين ساروا "خالدين فيها" ماكثين أبداً لا يحولون ولا يزولون "بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام", كما قال تعالى: " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم ", وقال تعالى: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم ", وقال تعالى: "ويلقون فيها تحية وسلاماً", وقال تعالى: "دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".
23- "وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار" لما أخبر سبحانه بحال أهل النار أخبر بحال أهل الجنة. وقرأ الجمهور "أدخل" على البناء للمفعول، وقرأ الحسن "وأدخل" على الاستقبال والبناء للفاعل: أي وأنا أدخل الذين آمنوا، ثم ذكر سبحانه خلودهم في الجنات وعدم انقطاع نعيمهم، ثم ذكر أن ذلك بإذن ربهم: أي بتوفيقه ولطفه وهدايته، هذا على قراءة الجمهور، وأما على قراءة الحسن فيكون "بإذن ربهم" متعلقاً بقوله: " تحيتهم فيها سلام " أي تحية الملائكة في الجنة سلام بإذن ربهم. وقد تقدم تفسير هذا في سورة يونس.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: "ويأت بخلق جديد" قال: بخلق آخر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: " فقال الضعفاء " قال: الأتباع "للذين استكبروا" قال: للقادة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله: "سواء علينا أجزعنا أم صبرنا" قال زيد بن أسلم: جزعوا مائة سنة، وصبروا مائة سنة. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن كعب بن مالك يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "سواء علينا" الآية قال: يقول أهل النار هلموا فلنصبر، فيصبرون خمسمائة عام، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: هلموا فلنجزع، فبكوا خمسمائة عام، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص. والظاهر أن هذه المراجعة كانت بينهم بعد دخولهم النار كما في قوله تعالى: " وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ". وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عقبة بن عامر يرفعه، وذكر فيه حديث الشفاعة، ثم قال: ويقول الكافر عند ذلك: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فمن يشفع لنا؟ ما هو إلا إبليس فهو الذي أضلنا، فيأتون إبليس فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم قم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا، فيقوم إبليس فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط، ثم يعظهم بجهنم، ويقول عند ذلك "إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم" الآية، وضعف السيوطي إسناده، ولعل سبب ذلك كون في إسناده رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن دجين الحجزي عن عقبة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال: إذا كان يوم القيامة قام إبليس خطيباً على منبر من نار، فقال: "إن الله وعدكم" إلى قوله: "وما أنتم بمصرخي" قال: بناصري " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " قال: بطاعتكم إياي في الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي في هذه الآية قال: "خطيبان يقومان يوم القيامة: إبليس، وعيسى، فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقوله هذا القول: يعني المذكور في الآية، وأما عيسى فيقول: "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد"". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي" قال: ما أنا بنافعكم وما أنتم بنافعي " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " قال شركه: عبادته. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة "ما أنا بمصرخكم" قال: ما أنا بمغيثكم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: "تحيتهم فيها سلام" قال: الملائكة يسلمون عليهم في الجنة.
قوله عز وجل: "وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام"، يسلم بعضهم على بعض، وتسلم الملائكة عليهم.
وقيل: المحيي بالسلام هو الله عز وجل.
23."وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم"بإذن الله تعالى وأمره والمدخلون هم الملائكة .وقرئ "وأدخل "على التكلم فيكون قوله:"بإذن ربهم"متعلقاً بقوله: "تحيتهم فيها سلام"أي تحييهم الملائكة فيها بالسلام بإذن ربهم .
23. And those who believed and did good works are made to enter Gardens underneath which rivers flow, therein abiding by permission of their Lord, their greeting therein: Peace!
23 - But those who believe and work righteousness will be admitted to gardens beneath which rivers flow, to dwell therein for aye with the leave of their Lord. their greeting therein will be: peace