23 - (إن هذا أخي) أي على ديني (له تسع وتسعون نعجة) يعبر بها عن المرأة (ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها) اجعلني كافلها (وعزني) غلبني (في الخطاب) أي الجدال وأقره الآخر على ذلك
وهذا مثل ضربه الخصم المتسورون على داود محرابه له ، وذلك أن داود كانت له فيما قيل : تسع وتسعون امرأة، وكانت للرجل الذي أغزاه حتى قتل امرأة واحدة، فلما قتل نكح فيما ذكر داود امرأته ، فقال له أحدهما : "إن هذا أخي" يقول : أخي على ديني.
كما حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه: "إن هذا أخي": أي على ديني "له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة". وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أنثى وذلك على سبيل توكيد العرب الكلمة، كقولهم : هذا رجل ذكر، ولا يكادون أن يفعلوا ذلك إلا في المؤنث والمذكر الذي تذكيره وتأنيثه في نفسه كالمرأة والرجل والناقة ، ولا يكادون أن يقولوا هذه دار أنثى ، وملحفة أنثى ، لأن تأنيثها في اسمها لا في معناها. وقيل : عني بقوله : أنثى: أنها حسنة.
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أنثى يعني بتأنيثها : حسنها.
وقوله "فقال أكفلنيها" يقول : فقال لي : انزل عنها لي وضمها إلي.
كما حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد، في قوله "أكفلنيها" قال : أعطنيها، طلقها لي ، أنكحها، وخل سبيلها.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه، فقال : "أكفلنيها" أي احملني عليها .
وقوله "وعزني في الخطاب" يقول : وصار أعز مني في مخاطبته إياي ، لأنه إن تكلم فهو أبين مني ، وإن بطش كان أشد مني فقهرني.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق ، قال : قال عبد الله في قوله "وعزني في الخطاب" قال : ما زاد داود على أن قال : انزل لي عنها.
حدثنا ابن وكيع، قال : ثني أبي ، عن المسعودي، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : ما زاد على أن قال : انزل لي عنها.
وحدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال : قال عبد الله: ما زاد داود على أن قال "أكفلنيها".
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس، "وعزني في الخطاب" قال : إن دعوت ودعا كان أكثر، وإن بطشت وبطش كان أشد مني ، فذلك قوله "وعزني في الخطاب".
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "وعزني في الخطاب"، أي ظلمني وقهرني.
حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد في قوله "وعزني في الخطاب" قال : قهرني ، وذلك العز، قال : والخطاب : الكلام .
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه "وعزني في الخطاب": أي قهرني في الخطاب ، وكان أقوى مني ، فحاز نعجتي إلى نعاجه ، وتركني لاشيء لي.
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله "وعزني في الخطاب" قال : إن تكلم كان أبين مني ، وإن بطش كان أشد مني ، وإن دعا كان أكثر مني .
الثامنة : قوله تعالى : " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة " أي قال الملك الذي تكلم عن أوريا < إن هذا أخي > أي على ديني ، وأشار إلى المدعى عليه . وقيل : أخي أي صاحبي . < له تسع وتسعون نعجة > وقرأ الحسن : < تسع وتسعون نعجة > بفتح التاء فيهما وهي لغة شاذة ، وهي الصحيحة من قراءة حسن ، قاله النحاس : والعرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة ، لما هي عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب . وقد يبنى عنها بالبقرة والحجرة والناقة ، لأن الكل مركوب . قال ابن عون :
أنا أبوهن ثلاث هنه رابعة في البيت صغرا هنه
ونعجتي خمساً توفيهنه ألا فتى سمح يغذيهنه
طي النقا في الجوع يطوهنه ويل الرغيف ويله من هنه
وقال عنترة :
يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي فتجسسي أخبارها لي واعلم
قالت رأيت من الأعادي غرة والشاة ممكنة لمن هو مرتم
فكأنما التفت بجيد جداية رشإ من الغزلان حر أرثم
وقال آخر :
فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حب قلبها وطحالها
وهذا من أحسن التعريض حيث كنى بالنعاج عن النساء . قال الحسين بن الفضل : هذا من الملكين تعريض وتنبيه كقولهم ضرب زيد عمرا ، وما كان ضرب ولا نعاج على التحقيق ، كأنه قال : نحن خصمان هذه حالنا . قال أبو جعفر النحاس : وأحسن ما قيل في هذا أن المعنى : يقول : خصمان بغى بعضنا على بعض على جهة المسألة ، كما تقول : رجل يقول لامرأته كذا ، ما يجب عليه ؟
قلت : وقد تأول المزني صاحب الشافعي هذه الآية ، " وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن شهاب الذي خرجه الموطأ وغيره : هو لك يا عبد بن زمعة " على نحو هذا ، قال المزني يحتمل هذا الحديث عندي - والله أعلم - أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عن المسألة فأعلمهم بالحكم أن هذا يكون إذا ادعى صاحب فراش وصاحب زنى ، لا أنه قبل على عتبة قول أخيه سعد ، ولا على زمعة قول إبنه إنه ولد زنى ، لأن كل واحد منهما أخبر عن غيره . وقد أجمع المسلمون أنه لا يقبل إقرار أحد على غيره . وقد ذكر الله سبحانه في كتابه مثل ذلك في قصة داود والملائكة ، إذ دخلوا عليه ففزع منهم ، قالوا لا تخف خصمان ولم يكونوا خصمين ، ولا كان لواحد منهم تسع وتسعون نعجة ، ولكنهم كلموه على المسألة ليعرف بها ما أرادوا تعريفه . فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم حكم في هذه القصة على المسألة ، وإن لم يكن أحد يؤنسني على هذا التأويل في الحديث ، فإنه عندي صحيح . والله أعلم .
التاسعة : قال النحاس : وفي قراءة ابن مسعود < إن هذا أخي كان له تسع وتسعون نعجة انثى > و < كان > هنا مثل قوله عز وجل : " وكان الله غفورا رحيما " [ النساء : 96 ] فأما قوله : < أنثى > فهو تأكيد ، كما يقال : هو رجل ذكر وهو تأكيد . وقيل : لما كان يقال هذه مائة نعجة ، وإن كان فيها من الذكور شيء يسير ، جاز أن يقال : إنثى ليعلم أنه لا ذكر فيها . وفي التفسير له تسع وتسعون امرأة . قال ابن العربي : إن كان جميعهن أحراراً فذلك شرعه ، وإن كنا إماء فذلك شرعنا . والظاهر أن شرع ما تقدم قبلنا لم يكن محصوراً بعدد ، وإن كان الحصر في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، لضعف الأبدان وقلة الأعمار . وقال القشيري : ويجوز أن يقال : لم يكن لنا هذا العدد بعينه ، ولكن المقصود ضرب مثل ، كما تقول لو جئتني مائة مرة لم أقض حاجتك ، أي مراراً كثيرة . قال ابن العربي : قال بعض المفسرين : لم يكن لداود مائة امرأة ، وإنما ذكر التسعة والتسعين مثلاً ، المعنى هذا غني عن الزوجة وأنا مفتقر إليها . وهذا فاسد في وجهين : أحدهما : أن العدول عن الظاهر بغير دليل لا معنى له ، ولا دليل يدل على أن شرع من قبلنا كان مقصوراً من النساء على ما في شرعنا . الثاني : أنه روى البخاري وغيره أن سليمان قال : لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل امرأة غلاماً يقاتل في سبيل الله ونسي أن يقول إن شاء الله وهذا نص .
العاشرة : قوله تعالى : " ولي نعجة واحدة " أي امرأة واحدة : " فقال أكفلنيها " أي أنزل لي عنها حتى أكفلها . وقال ابن عباس : اعطنيها . وعنه : تحول لي عنها . وقاله ابن مسعود . وقال أبو العالية : ضمها إليه حتى أكفلها . وقال ابن كيسان أجعلها كفلي ونصيبي . " وعزني في الخطاب " أي غلبني . قال الضحاك : إن تكلم كان أفصح مني ، وإن حارب كان أبطش مني . يقال : عزه يعزه < بضم العين في المستقبل > عزا غلبه . وفي المثل : من عز بز ، أي من غلب سلب . والاسم العزة وهي القوة والغلبة . قال الشاعر :
قطاة عزها شرق فباتت تجاذبه وقد علق الجناح
قرأ عبد الله بن مسعود وعبيد بن عمير : < وعازني في الخطاب > أي غالبني ، من المعازة وهي المغالبة ، عازه أي غالبه . قال ابن العربي فاختلف في سبب الغلبة ، فقيل : معناه غلبني ببيانه . وقيل : غلبني بسلطانه ، لأنه لما سأله لم يستطع خلافه . كان ببلادنا أمير يقال له : سير بن أبي بكر فكلمته في أن يسأل لي رجلاً حاجة ، فقال لي : أما علمت أن طلب السلطان من حاجة غصب لها . فقلت : أما إذا كان عدلاً فلا . فعجبت من عجمته وحفظه لما تمثل به وفطنته ، كما عجب من جوابي له واستغربه .
قد ذكر المفسرون ها هنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ولكن روى ابن أبي حاتم حديثاً لا يصح سنده لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس رضي الله عنه ويزيد وإن كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله عز وجل فإن القرآن حق وما تضمن فهو حق أيضاً. وقوله تعالى: "ففزع منهم" إنما كان ذلك لأنه كان في محرابه وهو أشرف مكان في داره وكان قد أمر أن لا يدخل عليه أحد ذلك اليوم فلم يشعر إلا بشخصين قد تسورا عليه المحراب أي احتاطا به يسألانه عن شأنهما وقوله عز وجل: "وعزني في الخطاب" أي غلبني يقال عز يعز إذا قهر وغلب. وقوله تعالى: "وظن داود أنما فتناه" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أي اختبرناه. وقوله تعالى "وخر راكعاً" أي ساجداً "وأناب" ويحتمل أنه ركع أولاً ثم سجد بعد ذلك, وقد ذكر أنه استمر ساجداً أربعين صباحاً "فغفرنا له ذلك" أي ما كان منه مما يقال فيه إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
وقد اختلف الأئمة في سجدة "ص" هل هي من عزائم السجود ؟ على قولين الجديد من مذهب الشافعي رضي الله عنه أنها ليست من عزائم السجود بل هي سجدة شكر, والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد حيث قال حدثنا إسماعيل هو ابن علية عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال السجدة في "ص" ليست من عزائم السجود, وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها. ورواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في تفسيره من حديث أيوب به وقال الترمذي حسن صحيح. وقال النسائي أيضاً عند تفسير هذه الاية أخبرني إبراهيم بن الحسن هو المقسمي حدثنا حجاج بن محمد عن عمرو بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في "ص" وقال: "سجدها داود عليه الصلاة والسلام توبة ونسجدها شكراً" تفرد بروايته النسائي ورجال إسناده كلهم ثقات.
وقد أخبرني شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي قراءة عليه وأنا أسمع, أخبرنا أبو إسحاق المدرجي أخبرنا زاهر بن أبي طاهر الثقفي حدثنا زاهر بن أبي طاهر الشحامي أخبرنا أبو سعيد الكنجدروذي أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن جريج يا حسن حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة فقرأت السجدة فسجدت, فسجدت الشجرة بسجودي فسمعتها تقول وهي ساجدة: اللهم اكتب لي عندك أجراً, واجعلها لي عندك ذخراً, وضع بها عني وزراً, واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود.
قال ابن عباس رضي الله عنهما فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام فقرأ السجدة ثم سجد فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل عن كلام الشجرة, رواه الترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن أبي بكر بن خلاد كلاهما عن محمد بن يزيد بن خنيس نحوه, وقال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال البخاري عند تفسيرها أيضاً حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن العوام قال سألت مجاهداً عن سجدة "ص" فقال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما من أين سجدت فقال أو ما تقرأ "ومن ذريته داود وسليمان" "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" فكان داود عليه الصلاة والسلام ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فسجدها داود عليه الصلاة والسلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حميد حدثنا بكر هو ابن عبد الله المزني أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه رأى رؤيا أنه يكتب "ص" فلما بلغ إلى الاية التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجداً قال فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد, تفرد به أحمد, وقال أبو داود حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر "ص" فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشرف الناس للسجود فقال صلى الله عليه وسلم: "إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشرفتم" فنزل وسجد وتفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيحين.
وقوله تعالى: "وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب" أي وإن له يوم القيامة لقربة يقربه الله عز وجل بها وحسن مرجع وهو الدرجات العالية في الجنة لتوبته وعدله التام في ملكه كما جاء في الصحيح "المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يقسطون في أهليهم وما ولوا" وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا فضيل عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل, وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر" ورواه الترمذي من حديث فضيل وهو ابن مرزوق الأغر عن عطية به, وقال لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عبد الله بن أبي زياد حدثنا سيار حدثنا جعفر بن سليمان سمعت مالك بن دينار في قوله تعالى: "وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب" قال يقام داود يوم القيامة عند ساق العرش ثم يقول يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول وكيف وقد سلبته ؟ فيقول الله عز وجل إني أرده عليك اليوم قال فيرفع داود عليه الصلاة والسلام بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان.
23- "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة" المراد بالأخوة هنا: أخوة الدين أو الصحبة، والنعجة هي الأنثى من الضأن، وقد يقال لبقر الوحش نعجة "ولي نعجة واحدة" قال الواحدي: النعجة البقرة الوحشية، والعرب تكني عن المرأة بها، وتشبه النساء بالنعاج من البقر. قرأ الجمهور "تسع وتسعون" بكسر التاء الفوقية. وقرأ الحسن وزيد بن علي بفتحها. قال النحاس: وهي لغة شاذة، وإنما عني بـ هذا داود لأنه كان له تسع وتسعون امرأة، وعني بقوله ولي نعجة واحدة أوريا زوج المرأة التي أراد أن يتزوجها داود كما سيأتي بيان ذلك " فقال أكفلنيها " أي ضمها إلي وانزل لي عنها حتى أكفلها وأصير بعلاً لها. قال ابن كيسان: اجعلها كفلي ونصيبي "وعزني في الخطاب" أي غلبني، يقال عزه يعزه عزاً: إذا غلبه. وفي المثل من عز بز أي من غلب سلب والاسم العزة: وهي القوة. قال عطاء: المعنى إن تكلم كان أفصح مني. وقرأ ابن مسعود وعبيد بن عمير وعازني في الخطاب أي غالبني من المعازة وهي المغالبة.
23. فقال أحدهما: " إن هذا أخي "، أي: على ديني وطريقتي، " له تسع وتسعون نعجةً "، [يعني امرأة]، " ولي نعجة واحدة "، أي امرأة واحدة، والعرب تكني بالنعجة عن المرأة، قال الحسين بن الفضل : هذا تعريض للتنبيه والتفهيم، لأنه لم يكن هناك نعاج ولا بغي فهو كقولهم: ضرب زيد عمراً، أو اشترى بكر داراً، ولا ضرب هنالك ولا شراء.
" فقال أكفلنيها "، قال ابن عباس: أعطنيها. قال مجاهد : انزل لي عنها. وحقيقته: ضمها إلي فاجعلني كافلها، وهو الذي يعولها وينفق عليها، والمعنى: طلقها لأتزوجها،.
" وعزني "، غلبني، " في الخطاب "، أي: في القول. وقيل: قهرني لقوة ملكه. قال الضحاك : يقول إن تكلم كان أفصح مني، وإن حارب كان أبطش مني.
وحقيقة المعنى: أن الغلبة كانت له لضعفي في يده، وإن كان الحق معي. وهذا كله تمثيل لأمر داود مع اوريا زوج المرأة التي تزوجها داود حيث كان لداود تسع وتسعون امرأة ولأوريا امراة واحدة فضمها إلى نسائه.
23-" إن هذا أخي " بالدين أو بالصحبة . " له تسع وتسعون نعجةً ولي نعجة واحدة " هي الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة ، والكناية والتمثيل فيما يساق للتعريض أبلغ في المقصود ، وقرئ تسع وتسعون بفتح التاء ونعجة بكسر النون ، وقرأ حفص بفتح ياء " لي نعجة " . " فقال أكفلنيها " ملكنيها وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي ، وقيل اجعلها كفلي أي نصيبي ." وعزني في الخطاب " وغلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده ، أو في مغالبته إياي في الخطبة يقال : خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطاياً حيث زوجها دوني ، وقرئ وعازني أي غالبني وعزني على تخفيف غريب .
23. Lo! this my brother hath ninety and nine ewes while I had one ewe; and he said: Entrust it to me, and he conquered me in speech.
23 - This man is my brother: he has nine and ninety ewes, and I have (but) one: yet he says, Commit her to my care, and is (moreover) harsh to me in speech.