23 - (الذين هم على صلاتهم دائمون) مواظبون
قوله " الذين هم على صلاتهم دائمون " .
"الذين هم على صلاتهم دائمون" أي على مواقيتها. وقال عقبة بن عامر: هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً. والدائم الساكن، ومنه: نهى عن البول في الماء الدائم، أي الساكن. وقال ابن جريج والحسن: هم الذين يكثرون فعل التطوع منها.
يقول تعالى مخبراً عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة "إن الإنسان خلق هلوعاً" ثم فسره بقوله: "إذا مسه الشر جزوعاً" أي إذا مسه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب, وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير "وإذا مسه الخير منوعاً" أي إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره, ومنع حق الله تعالى فيها. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا موسى بن علي بن رباح , سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شر ما في رجل: شح هالع وجبن خالع" ورواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقري به وليس لعبد العزيز عنده سواه ثم قال تعالى: "إلا المصلين" أي الإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم, إلا من عصمه الله ووفقه وهداه إلى الخير ويسر له أسبابه وهم المصلون.
"الذين هم على صلاتهم دائمون" قيل: معناه يحافظون على أوقاتها وواجباتها, قاله ابن مسعود ومسروق وإبراهيم النخعي , وقيل: المراد بالدوام ههنا السكون والخشوع كقوله تعالى: " قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون " قاله عقبة بن عامر : ومنه الماء الدائم وهو الساكن الراكد, وهذا يدل على وجوب الطمأنينة في الصلاة فإن الذي لا يطمئن في ركوعه وسجوده ليس بدائم على صلاته, لأنه لم يسكن فيها ولم يدم بل ينقرها نقر الغراب فلا يفلح في صلاته, وقيل: المراد بذلك الذين إذا عملوا عملاً داوموا عليه وأثبتوه كما جاء في
الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" وفي لفظ "ما دام عليه صاحبه" قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً داوم عليه, وفي لفظ أثبته, وقال قتادة في قوله تعالى: "الذين هم على صلاتهم دائمون" ذكر لنا أن دانيال عليه السلام نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال: يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا, أو قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم, أو ثمود ما أخذتهم الصيحة, فعليكم بالصلاة فإنها خلق للمؤمنين حسن.
وقوله تعالى: "والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم" أي في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات, وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة الذاريات. وقوله تعالى: "والذين يصدقون بيوم الدين" أي يوقنون بالمعاد والحساب والجزاء فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب. ولهذا قال تعالى: "والذين هم من عذاب ربهم مشفقون" أي خائفون وجلون "إن عذاب ربهم غير مأمون" أي لا يأمنه أحد ممن عقل عن الله أمره إلا بأمان من الله تبارك وتعالى. وقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون" أي يكفونها عن الحرام ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن الله فيه ولهذا قال تعالى: "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" أي من الإماء "فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" وقد تقدم تفسير هذا في أول سورة "قد أفلح المؤمنون" بما أغنى عن إعادته ههنا. وقوله تعالى: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" أي إذا اؤتمنوا لم يخونوا, وإذا عاهدوا لم يغدروا, وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين كما ورد في الحديث الصحيح "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" وفي رواية "إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر" وقوله تعالى: "والذين هم بشهاداتهم قائمون" أي محافظون عليها لا يزيدون فيها ولا ينقصون منها ولا يكتمونها "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه".
ثم قال تعالى: "والذين هم على صلاتهم يحافظون" أي على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها, فافتتح الكلام بذكر الصلاة واختتمه بذكرها فدل على الاعتناء بها والتنويه بشرفها كما تقدم في أول سورة "قد أفلح المؤمنون" سواء ولهذا قال هناك: "أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون" وقال ههنا: "أولئك في جنات مكرمون" أي مكرمون بأنواع الملاذ والمسار.
ثم بينهم سبحانه. فقال: 23- "الذين هم على صلاتهم دائمون" أي لا يشغلهم عنها شاغل، ولا يصرفهم عنها صارف، وليس المراد بالدوام أنهم يصلون أبداً. قال الزجاج: هم الذين لا يزيلون وجوههم عن سمت القبلة. وقال الحسن وابن جريح: هو التطوع منها. قال النخعلي: المراد بالمصلين الذين يؤدون الصلاة المكتوبة، وقيل الذين يصلونها لوقتها والمرد بالآية جميع المؤمنين، وقيل الصحابة خاصة، ولا وجه لهذا التخصيص لاتصاف كل مؤمن بأنه من المصلين.
23- "الذين هم على صلاتهم دائمون"، يقيمونها في أوقاتها يعني الفرائض.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب: أن أبا الخير أخبره قال: سألنا عقبة بن عامر عن قول الله تعالى: "الذين هم على صلاتهم دائمون" أهم الذين يصلون أبداً؟ قال: لا، ولكنه إذا صلى لم يلتفت عن يمينه ولا عن شماله ولا من خلفه.
23-" الذين هم على صلاتهم دائمون " لا يشغلهم عنها شاغل .
23. Who are constant at their worship
23 - Those who remain steadfast to their prayer;