(ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم) لوحتم (به من خطبة النساء) المتوفى عنهن أزواجهن في العدة كقول الإنسان مثلا: إنك لجميلة ، ومن يجد مثلك ، ورب راغب فيك (أو أكننتم) أضمرتم (في أنفسكم) من قصد نكاحهن (علم الله أنكم ستذكرونهن) بالخطبة ولا تصبرون عنهن فأباح لكم التعريض (ولكن لا تواعدوهن سرا) أي نكاحا (إلا) لكن (أن تقولوا قولا معروفا) أي ما عرف شرعا من التعريض فلكم ذلك (ولا تعزموا عقدة النكاح) أي على عقده (حتى يبلغ الكتاب) أي المكتوب من العدة (أجله) بأن تنتهي (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) من العزم وغيره (فاحذروه) أن يعاقبكم إذا عزمتم (واعلموا أن الله غفور) لمن يحذره (حليم) بتأخير العقوبة عن مستحقها
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولا جناح عليكم، أيها الرجال، فيما عرضتم به من خطبة النساء، للنساء المعتدات من وفاة أزواجهن في عددهن، ولم تصرحوا بعقد نكاح.والتعريض الذي أبيح في ذلك، هو ما:-حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس قوله:"ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: التعريض أن يقول: إني أريد التزويج ، وإني لأحب امرأة من أمرها وأمرها، يعرض لها بالقول بالمعروف.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس: "لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: إني أريد أن أتزوج.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد: عن ابن عباس قال: التعريض ما لم ينصب للخطبة، قال مجاهد: قال رجل لامرأة في جنازة زوجها: لا تسبقيني بنفسك! قالت: قد- سبقت!.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس قال في هذه الاية: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: التعريض، ما لم ينصب للخطبة.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور عن مجاهد، عن ابن عباس: "فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: التعريض أن يقول للمرأة في عدتها: إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله ، ولوددت أني وجدت امرأة صالحة، ولا ينصب لها ما دامت في عدتها.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، يقول: يعرض لها في عدتها، يقول لها: إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك، ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك ، ونحو هذا من الكلام، فلاحرج.حدثني المثنى قال، حدثنا ادم العسقلاني قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: هو أن يقول لها في عدتها: إني أريد التزويج، ووددت أن الله رزقني امرأة، ونحو هذا، ولا ينصب للخطبة.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، عن عبيدة في هذه الآية، قال: يذكرها إلى وليها، يقول: لا تسبقني بها.
حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال يقول: إنك لجميلة، وءإنك لنافقة، وإنك إلى خير.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد: أنه كره أن يقول: لا تسبقيني بنفسك .حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: هو قول الرجل للمرأة: إنك لجميلة، وإنك لنافقة، وإنك لإلى خير.حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن أبي نجيح،عن مجاهد في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: يعرض للمرأة في . عدتها فيقول: والله إنك لجميلة، وإن النساء لمن حاجتي، وإنك إلى خير إن شاء الله .
حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين،عن سعيد بن جبير قال: هو قول الرجل: إني أريد أن أتزوج، وإني إن تزوجت أحسنت إلى امرأتي ، - هذا التعريض.حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن سعيدبن جبير في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال يقول: لأعطينك، لأحسنن إليك، لأفعلن بك كذا وكذا.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، سمعت يحيى بن سعيد قال، أخبرني عبد الرحمن بن القاسم في قوله: "فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: قول الرجل للمرأة في عدتها يعرض بالخطبة: والله إني فيك لراغب، وإني عليك لحريص ، ونحو هذا.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم بن محمد يقول: "فيما عرضتم به من خطبة النساء"، هو قول الرجل للمرأة: إنك لجميلة، وانك لنافقة، و(نك إلى خير.حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: كيف يقول الخاطب؟ قال: يعرض تعريضا، ولا يبوح بشيء، يقول: إن لي حاجة، وأبشري، أنت بحمد الله نافقة، ولا يبوح بشيء. قال عطاء: وتقول هي: قد أسمع ما تقول، ولا تعد شيئا، ولا تقول: لعل ذاك .حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن يحيى بن سعيد قال، حدثني عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم يقول في المرأة يتوفى عنها زوجها، والرجل يريد خطبتها ويريد كلامها، ما الذي يجمل به من القول؟ قال يقول: إني فيك لراغب، وإني عليك لحريص، وإني بك لمعجب ، وأشباه هذا من القول.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: لا بأس بالهدية في تعريض النكاح.حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة قال: كان إبراهيم لا يرى بأسا أن يهدي لها في العدة، إذا كانت من شأنه.حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال يقول: إنك لنافقة، وإنك لمعجبة، وإنك لجميلة، وإن قضى الله شيئا كان.
حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: كان إبراهيم النخعي يقول: إنك لمعجبة، وإني فيك لراغب.
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال، وأخبرني- يعني شبيبا- عن سعيد، عن شعبة، عن منصور، عن الشعبي أنه قال في هذه الآية: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: كان أبي يقول: كل شيء كان، دون أن يعزما عقدة النكاح، فهو ما قال الله تعالى ذكره: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء". حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، وحدثني علي قال، حدثنا زيد، جميعا، عن سفيان
قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، والتعريض فيما سمعنا أن يقول الرجل وهي في عدتها: إنك لجميلة، إنك إلى خير، إنك لنافقة، إنك لتعجبيني ، ونحو هذا، فهذا التعريض.حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن سليمان، عن خالته سكينة ابنة حنظلة بن عبدالله بن حنظلة قالت: دخل علي أبو جعفر محمدبن علي وأنا في عدتي، فقال: يا ابنة حنظلة، أنا من علمت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق جدي علي، وقدمي في الإسلام. فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، أتخطبني في عدتي، وأنت يؤخذ عنك! فقال: أو قد فعلت! إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي! قد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، وكانت عند ابن عمها أبي سلمة، فتوفي عنها، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر لها منزلته من الله وهو متحامل على يده، حتى أثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده، فما كانت تلك خطبة.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل، عن ابن شهاب: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: لا جناح على من عرض لهن بالخطبة قبل أن يحللن، إذا كنوا في أنفسهن من ذلك.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم،عن أبيه أنه كان يقول في قول الله تعالى ذكره: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء": أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدة من وفاة زوجها: إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، وإن الله سائق إليك خيرا ورزقا، ونحو هذا من الكلام.قال أبو جعفر: واختلف أهل العربية في معنى الخطبة فقال بعضهم: الخطبة الذكر، و الخطبة التشهد. وكأن قائل هذا القول، تأول الكلام: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من ذكر النساء عندهن، وقد زعم صاحب هذا القول أنه قال: لا تواعدوهن سرا، لأنه لما قال: لا جناح عليكم، كأنه قال: اذكروهن، ولكن لا تواعدوهن سرا.وقال اخرون منهم: خطبه، خطبة وخطبا. قال: وقول الله تعالى ذكره: "قال فما خطبك يا سامري" [طه: 95]، يقال إنه من هذا. قال: وأما الخطبة فهو المخطوب [به]، من قولهم: خطب على المنبر واختطب .قال أبو جعفر: والخطبة عندي هي الفعلة من قول القائل: خطبت فلانة كـ الجلسة، من قوله: جلس أو القعدة من قوله قعدومعنى قولهم: خطب فلان فلانة، سألها خطبه إليها في نفسها، وذلك حاجته، من قولهم: ما خطبك ؟ بمعنى: ما حاجتك، وما أمرك؟.وأما التعريض ، فهو ما كان من لحن الكلام الذي يفهم به السامع الفهم ما يفهم بصريحه.قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "أو أكننتم في أنفسكم"، أو أخفيتم في أنفسكم فأسررتموه، من خطبتهن، وعزم نكاحهن وهن في عددهن، فلا جناح عليكم أيضا في ذلك، إذا لم تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله.يقال منه: أكن فلان هذا الأمر في نفسه، فهو يكنه إكنانا، و كنه ، إذا ستره، يكنه كنا وكنونا،و جلس في الكن ولم يسمع كننته في نفسي ، وإنما يقال: كننته في البيت أو في الأرض ، إذا خبأته فيه، ومنه قوله تعالى ذكره: "كأنهن بيض مكنون " [الصافات: 49] أي مخبوء، ومنه قول الشاعر:
ثلاث من ثلاث قداميات من اللائي تكن من الصقيع
و تكن بالتاء، وهو أجود، ويكن . ويقال: أكنته ثيابه من البرد وأكنه البيت من الريح .وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح،عن مجاهد: "أو أكننتم في أنفسكم"، قال: الإكنان: ذكر خطبتها في نفسه، لا يبديه لها. هذا كله حل معروف.حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " أو أكننتم في أنفسكم "، قال: أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء، ولا يتكلم بشيء.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم بن محمد يقول، فذكر نحوه.حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أو أكننتم في أنفسكم"، قال: جعلت في نفسك نكاحها وأضمرت ذلك. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، وحدثني علي قال، حدثنا زيد، جميعا، عن سفيان: "أو أكننتم في أنفسكم "، أن يسر في نفسه أن يتزوجها. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا هوذة قال، حدثنا عوف، عن الحسن في قوله: "أو أكننتم في أنفسكم "، قال: أ سررتم.قال أبوجعفر: وفي إباحة الله تعالى ذكره ما أباح من التعريض بنكاح المعتدة لها في حال عدتها وحظره التصريح، ما أبان عن افتراق حكم التعريض في كل معاني الكلام وحكم التصريح، منه. وإذا كان ذلك كذلك، تبئين أن التعريض بالقذف غير التصريح به، وأن الحد بالتعريض بالقذف لو كان واجباً وجوبه بالتصريح به، لوجب من الجناح بالتعريض بالخطبة في العدة، نظير الذي يجب بعزم عقدة النكاح فيها. وفي تفريق الله تعالى ذكره بين حكميهما في ذلك، الدلالة الواضحة على افتراق أحكام ذلك في القذف.قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: علم الله أنكم ستذكرون المعتدات في عددهن بالخطبة في أنفسكم وبألسنتكم، كما:-حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن: "علم الله أنكم ستذكرونهن"، قال: الخطبة.حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، قال: ذكرك إياها في نفسك. قال: فهو قول الله: "علم الله أنكم ستذكرونهن". حدثنا أبوكريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن في قوله: "علم الله أنكم ستذكرونهن"، قال: هي الخطبة.قال أبوجعفر: اختلف أهل التأويل في معنى السر الذي نهى الله تعالى عباده عن مواعدة المعتدات به .فقال بعضهم: هو الزنا ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا همام، عن صالح الدهان، عن جابر بن زيد: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: الزناحدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلزقوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: الزنا.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي مجلز مثله.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز مثله.حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن أبي مجلز: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: الزنا، قيل لسفيان التيمي: ذكره؟ قال: نعم.حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه، عن رجل، عن الحسن في المواعدة مثل قول أبي مجلز.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا يزيد بن إبراهيم، عن الحسن قال: الزنا.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا أشعث وعمران، عن الحسن مثله.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن ويحيى قالا، حدثنا سفيان، عن السدي قال: سمعت إبراهيم يقول: "لا تواعدوهن سرا"، قال: الزنا.حدثني أحمد بن حازم قال، حدثنا أبونعيم قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن إبراهيم مثله. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: "لا تواعدوهن سرا"، قال: الزنا.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: الزنا.
حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن في قوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: الفاحشة.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك، وحدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جويبر عن الضحاك: "لا تواعدوهن سرا"، قال: السر الزنا.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن
ابن عباس: "لا تواعدوهن سرا"، قال: فذلك السر الريبة. كان الرجل يدخل من أجل الريبة وهو يعرض بالنكاح، فنهى الله عن ذلك إلا من قال معروفا.حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور عن الحسن، وجويبر، عن الضحاك وسليمان التيمي، عن أبي مجلز: أنهم قالوا: الزنا. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، للفحش والخضع من القول.حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الحسن: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: هو الفاحشة.وقال اخرون: بل معنى ذلك لا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عددهن أن لا ينكحن غيركم. ذكر من قال ذلك:حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "لا تواعدوهن سرا"، القول: لا تقل لها: إني عاشق، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري، ونحو هذا.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير في قوله: "لا تواعدوهن سرا"، قال: لا يقاضها على كذا وكذا أن لا تتزوج غيره.حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر ومجاهد وعكرمة قالوا: لا يأخذ ميثاقها في عدتها أن لا تتزوج غيره.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفرقال، حدثنا شعبة، عن منصور قال: ذكرلي عن الشعبي أنه قال في هذه الآية: "لا تواعدوهن سرا"، قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن الشعبي: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: لا يأخذ ميثاقها في أن لا تتزوج غيره.حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي قال: سمعته يقول في قوله: "لا تواعدوهن سرا" قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك، ولا توجب العقدة حتى تنقضي العدة.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الشعبي: "لا تواعدوهن سرا"، قال: لا يأخذ عليها ميثاقا أن لا تتزوج غيره.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، يقول: أمسكي علي نفسك، فأنا أتزوج ، ويأخذ عليها عهدا: لا تنكحي غيري .حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: هذا في الرجل يأخذ عهد المرأة وهي في عدتها أن لا تنكح غيره، فنهى الله عن ذلك وقدم فيه، وأحل الخطبة والقول بالمعروف، ونهى عن الفاحشة والخضع من القول.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، وحدثني علي قال، حدثنا زيد، جميعا، عن سفيان: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: أن تواعدها سرا على كذا وكذا، على أن لا تنكحي غيري .حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "لا تواعدوهن سرا"، قال: مواعدة السر أن يأخذ عليها عهدا وميثاقا أن تحبس نفسها عليه، ولا تنكح غيره.حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يقول لها الرجل: لا تسبقيني بنفسك . ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمروقال، حدثنا أبوعاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في
قول الله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: قول الرجل للمرأة: لا تفوتيني بنفسك، فإني ناكحك ، هذا لا يحل.حدثني المثنى قال، حدثنا أبوحذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: هو قول الرجل للمرأة: لا تفوتيني .حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: المواعدة أن يقول: لا تفوتيني بنفسك .حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، أن يقول: لا تفوتيني بنفسك .وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تنكحوهن في عدتهن سرا. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، يقول: لا تنكحوهن سرا، ثم يمسكها، حتى إذا حلت أظهرت ذلك وأدخلتها. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، قال: كان أبي يقول: "لا تواعدوهن سرا"، ثم تمسكها وقد ملكت عقدة نكاحها، فإذا حلت أظهرت ذلك وادخلتها.قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، تأويل من قال: السر، في هذا الموضع،الزنا. وذلك أن العرب تسمي الجماع وغشيان الرجل المرأة سرا، لأن ذلك مما يكون بين الرجال والنساء في خفاء غير ظاهر مطلع عليه، فيسمى لخفائه سرا، من ذلك قول رؤبة بن العجاج:
فعف عن أسرارها بعد العسق ولم يضعها بين فرك وعشق
يعني بذلك: عف عن غشيانها بعد طول ملازمته ذلك، ومنه قول الحطيئة:
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
وكذلك يقال لكل ما أخفاه المرء في نفسه: سرا. ويقال: هو في سر قومه ، يعني: في خيارهم وشرفهم.فلما كان السر إنما يوجه في كلامها إلى أحد هذه الأوجه الثلاثة، وكان معلوما أن أحدهن غير معني به قوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا"، وهو السر الذي هو معنى الخيار والشرف، فلم يبق إلا الوجهان الآخران، وهو السر الذي بمعنى ما أخفته نفس المواعد بيق المتواعدين، والسر الذي بمعنى الغشيان والجماع. فلما لم يبق غيرهما، وكانت الدلالة واضحة على أن أحدهما غير معني به، صح أن الآخر هو المعني به.فإن قال [قائل]: فما الدلالة على أن مواعدة القول سرا، غير معني به، على ما قال من قال إن معنى ذلك: أخذ الرجل ميثاق المرأة أن لا تنكح غيره، أو على ما قال من قال: قول الرجل لها: لا تسبقيني بنفسك ؟. قيل: لأن السر إذا كان بالمعنى الذي تأوله قائلو ذلك، فلن يخلو ذلك السر من أن يكون هو مواعدة الرجل المرأة ومسألته إياها أن لا تنكح غيره، أو يكون هو النكاح الذي سألها أن تجيبه إليه، بعد انقضاء عدتها، وبعد عقده له، دون الناس غيره. فإن كان السر الذى نهى الله الرجل أن يواعد المعتدات، هو أخذ العهد عليهن أن لا ينكحن غيره، فقد بطل أن يكون السر معناه: ما أخفي من الأمور في النفوس، أو نطق به فلم يطلع عليه، وصارت العلانية من الأمر سرا. وذلك خلاف المعقول في لغة من نزل القرآن بلسانه.إلا أن يقول قائل هذه المقالة: إنما نهى الله الرجال عن مواعدتهن ذلك سرا بينهم وبينهن، لا أن نفس الكلام بذلك- وإن كان قد أعلن- سر. فيقال له إن قال ذلك: فقد يجب أن تكون جائزة مواعدتهن النكاح والخطبة صريحا علانية، إذ كان المنهي عنه من المواعدة، إنما هو ما كان منها سرا.فإن قال: إن ذلك كذلك، خرج من قول جميع الأمة. على أن ذلك ليس من قيل أحد ممن تأول الاية أن السر ها هنا بمعنى المعاهدة أن لا تنكح غير المعاهد. وان قال: ذلك غير جائز. قيل له: فقد بطل أن يكون معنى ذلك: إسرار الرجل إلى المرأة بالمواعدة. لأن معنى ذلك، لوكان كذلك، لم يحرم عليه مواعدتها مجاهرة وعلانية. وفي كون ذلك عليه محرما سرا وعلانية، ما أبان أن معنى السر في هذا الموضع، غير معنى إسرار الرجل إلى المرأة بالمعاهدة أن لا تنكح غيره إذا انقضت عدتها، أو يكون، إذا بطل هذا الوجه، معنى ذلك: الخطبة والنكاح الذي وعدت المرأة الرجل أن لا تعدوه إلى غيره. فذلك إذا كان، فإنما يكون بولي وشهود علانية غير سر. وكيف يجوز أن يسمى سرا، وهو علانية لا يجوز إسراره؟.وفي بطول هذه الأوجه أن تكون تأويلا لقوله: "ولكن لا تواعدوهن سرا" بما عليه دللنا من الأدلة، وضوح صحة تأويل ذلك أنه بمعنى الغشيان والجماع.وإذ كان ذلك صحيحا، فتأويل الآية: ولا جناح عليكم، أيها الناس، فيما عرضتم به للمعتدات من وفاة أزواجهن، من خطبة النساء، وذلك حاجتكم إليهن، فلم تصرحوا لهن بالنكاح والحاجة إليهن، إذ أكننتم في أنفسكم، فأسررتم حاجتكم إليهن وخطبتكم إياهن في أنفسكم، ما دمن في عددهن؟ علم الله أنكم ستذكرون خطبتهن وهن في عددهن، فأباح لكم التعريض بذلك لهن، وأسقط الحرج عما أضمرته نفوسكم -حكم منه- ولكن حرم عليكم أن تواعدوهن جماعا في عددهن، بأن يقول أحدكم لإحداهن في عدتها: قد تزوجتك في نفسي، وإنما أنتظر انقضاء عدتك ، فيسألها بذلك القول إمكانه من نفسها الجماع والمباضعة، فحرم الله تعالى ذكره ذلك.قال أبو جعفر: ثم قال تعالى ذكره: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، فاستثنى القول المعروف مما نهى عنه من مواعدة الرجل المرأة السر، وهو من غير جنسه، ولكنه من الاستثناء الذي قد ذكرت قبل: أنه يأتي بمعنى خلاف الذي قبله في الضفة خاصة، وتكون "إلا"، فيه بمعنى لكن ، فقوله: "إلا أن تقولوا قولا معروفا" منه- ومعناه: ولكن قولوا قولا معروفا. فأباح الله تعالى ذكره أن يقول لها المعروف من القول في عدتها، وذلك هو ما أذن له بقوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"، كما:-حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال: يقول: إني فيك لراغب، وإني لأرجو أن نجتمع.حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال: هو قوله: إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك .حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال: يعني التعريض.حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال: يعني التعريض.حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" إلى "حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: هو الرجل يدخل على المرأة وهي في عدتها فيقول: والله إنكم لأكفاء كرام وإنكم لرغبة، وإنك لتعجبيني، وإن يقدر شيء يكن، فهذا القول المعروف. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران- وحدثني علي قال، حدثنا زيد- قالا جميعا، قال سفيان: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال يقول: إني فيك لراغب، وإني أرجو إن شاء الله أن نجتمع .حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "إلا أن تقولوا قولا معروفا"، قال يقول: إن لك عندي كذا، ولك عندي كذا، وأنا معطيك كذا وكذا. قال: هذا كله وما كان قبل أن يعقد عقدة النكاح، فهذا كله نسخه قوله: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله". حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال: المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها، فيأتيها الرجل فيقول:، احبسي علي نفسك، فإن لي بك رغبة، فتقول: وأنا مثل ذلك ، فتتوق نفسه لها. فذلك القول المعروف.قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "ولا تعزموا عقدة النكاح"، ولا تصححوا عقدة النكاح في عدة المرأة المعتدة، فتوجبوها بينكم وبينهن وتعقدوها قبل انقضاء العدة، "حتى يبلغ الكتاب أجله"، يعني: يبلغن أجل الكتاب الذي بينه الله تعالى ذكره بقوله: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا"، فجعل بلوغ الأجل للكتاب، والمعنى للمتناكحين، أن لا ينكح الرجل المرأة المعتدة، فيعزم عقدة النكاح عليها حتى تنقضي عدتها، فيبلغ الأجل الذي أجله الله في كتابه لانقضائها، كما:-حدثنا محمد بن بشار وعمرو بن علي قالا، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، وحدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد: "حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: حتى تنقضي العدة.حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: "حتى يبلغ الكتاب أجله" ، قال:حتى تنقضي أربعة أشهر وعشر.حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: حتى تنقضي العدة.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه،عن ابن عباس: "حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: حتى تنقضي العدة.حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قوله: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: حتى تنقضي العدة.حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك قوله: "حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: لا يتزوجها حتى يخلو أجلها. حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي في قوله: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: مخافة أن تتزوج المرأة قبل انقضاء العدة.حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله"، حتى تنقضي العدة.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران، وحدثني علي قال، حدثنا زيد، جميعا، عن سفيان قوله: "حتى يبلغ الكتاب أجله"، قال: حتى تنقضي العدة.قال أبو جعفر:يعني تعالى ذكره بذلك،واعلموا أيها الناس ،أن الله يعلم ما في أنفسكم من هواهن ونكاحهن وغير ذلك من أموركم،فاحذروه.يقول فاحذروا الله واتقوه في أنفسكم أن تأتوا شيئا مما نهاكم عنه،من عزم عقدة نكاحهن،أو مواعدتهن السر في عددهن،وغير ذلك مما نهاكم عنه في شأنهن في حال ما هن معتدات،وفي غيرذلك ،"واعلموا أن الله غفور" يعني :أنه ذو ستر لذنوب عباده وتغطية عليها،فيما تكنه من نفوس الرجال من خطبة المعتدات،وذكرهم إياهن في حال عددهن،وفي غير ذلك من خطاياهم وقوله:"حليم" ،يعني:أنه ذو أناة لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم.
قوله تعالى : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " إلى قوله " معروفا " فيه تسع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " ولا جناح " أي لا إثم ، والجناح الإثم ، وهو أصح في الشرع ، وقيل : بل هو الأمر الشاق ، وهو أصح في اللغة ، قال الشماخ :
إذا تعلو براكبها خليجاً تذكر ما لديه من الجناح
وقوله : " عليكم فيما عرضتم " المخاطبة لجميع الناس ، والمراد بحكمها هو الرجل الذي في نفسه تزوج معتدة ، أي لا وزر في التعريض بالخطبة في عدة الوفاة ، والتعريض : ضد التصريح ، وهو إفهام المعنى بالشيء المحتمل له ولغيره وهو من عرض الشيء وهو جانبه ، كأنه يحوم به على الشيء ولا يظهره ، وقيل ، هو من قولك عرضت الرجل ، أي أهديت إليه تحفة ، وفي الحديث : أن ركباً من المسلمين عرضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياباً بيضاً ، أي أهدوا لهما ، فالمعرض بالكلام يوصل إلى صاحبه كلاماً يفهم معناه .
الثانية : قال ابن عطية : أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزوجها وتنبيه عليه لا يجوز ، وكذلك أجمعت الأمة على أن الكلام معها بما هو رفث وذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز ، وكذلك ما أشبهه ، وجوز ما عدا ذلك ، ومن أعطمه قرباً إلى التصريح " قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : كوني عند أم شريك ولا تسبقيني بنفسك " ، ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعاً لأنها كالزوجة ، وأما من كانت في عدة البينونة فالصحيح جواز التعريض لخطبتها والله أعلم ، وروي في تفسير التعريض ألفاظ كثيرة جماعها يرجع إلى قسمين :
الأول : أن يذكرها لوليها يقول له لا تسبقيني بها ، والثاني : أن يشير بذلك إليها يدون واسطة ، فيقول لها : إني أريد التزويج ، أو إنك لجميلة إنك لصالحة ، إن الله لسائق إليك خيراً ، إني فيك لراغب ، ومن يرغب عنك ! إنك لنافقة ، وإن حاجتي في النساء ، وأن يقدر الله أمراً يكن ، هذا هو تمثيل مالك و ابن شهاب ، وقال بان عباس : لا بأس أن يقول : لا تسبقيني نفسك ، ولا بأس أن يهدي إليها ، وأن يقوم بشغلها في العدة إذا كانت من شأنه ، قاله إبراهيم وجائز أن يمدح نفسه ويذكر مآثره على وجه التعريض بالزواج ، وقد فعله أبو جعفر محمد بن علي بن حسين ، قالت كينة بنت حنظلة استأذن علي محمد بن علي ولم تنقض عدتي من مهلك زوجي فقال قد عرفت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابتي من علي وموضعي في العرب ، قلت : غفر الله لك يا أبا جعفر ! إنك رجل يؤخذ عنك ، تخطبني في عدتي ! قال : إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن علي وقد " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي متأيمة من أبي سلمة فقال : لقد علمت أني رسول الله وخيرته موضعي في قومي " ، كانت تلك خطبة ، أخرجه الدارقطني ، والهدية إلى المعتدة جائزة ، وهي من التعريض ، قاله سحنون وكثير من العلماء وقاله إبراهيم ، وكره مجاهد أن يقول لها : لا تسبقيني بنفسك ورآه من المواعدة سراً ، قال القاضي أبو محمد بن عطية : وهذا عندي على أن يتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أنه على جهة الرأي لها فيمن يتزوجها لا أنه أرادها لنفسه وإلا فهو خلاف لقول النبي صلى الله عليه وسلم .
الثالثة : قوله تعالى : " من خطبة النساء " الخطبة ( بكسر الخاء ) : فعل الخاطب من كلام وقصد واستلطاف بفعل أو قول يقال : خطبها خطباً وخطبة ، و رجل خطاب كثير التصرف في الخطبة ، ومنه قول الشاعر :
برح بالعينين خطاب الكثب يقول إني خاطب وقد كذب
وإنما يخطب عساً من حلب
والخطيب : الخاطب : والخطيبي : الخطبة ، قال عدي بن زيد يذكر قصد جذيمة الأبرش لخطبة الزباء :
لخطيبي التي غدرت وخانت وهن ذوات غائلة لحيتا
والخطب ، الرجل الذي يخطب المرأة ، ويقال أيضاً : هي خطبة وخطبته التي يخطبها ، والخطبة فعلة كجلسة وقعدة : والخطبة ( بضم الخاء ) هي الكلام الذي يقال في النكاح وغيره ، قال النحاس : والخطبة ما كان لها أول وآخر ، وكذا ما كان على فعلة نحو الأكلة والضغطة .
الرابعة : قوله تعالى : " أو أكننتم في أنفسكم " معناه سترتم وأضمرتم من التزوج بها بعد انقضاء عدتها ، والإكنان ، الستر والإخفاء ، يقال : كننته وأكننته بمعنى واحد ، وقيل : كننته أي صنته حتى لا تصيبه آفة وإن لم يكن مستوراً ، ومنه بيض مكنون ودر مكنون ، وأكننته أسررته وسترته ، وقيل : كننت الشيء ( من الأجرام ) إذا سترته بثوب أو بيت أو أرض ونحوه ، وأكننت الأمر في نفسي ، ولم يسمع من العرب (( كننته في نفسي )) ويقال : أكن البيت الإنسان ، ونحو هذا فرع الله الجناح عمن أراد تزوج المعتدة مع التعريض ومع الإكنان ونهى عن المواعدة التي هي تصريح بالتزويج وبناء عليه واتفاق على وعد ، ورخص لعلمه تعالى بغلبة النفوس وطمحها وضعف البشر عن ملكها .
الخامسة : استدلت الشافعية بهذه الآية على أن التعريض لا يجب فيه حد ، وقالوا لما رفع الله تعالى الحرج في التعريض في النكاح دل على أن التعريض بالقذف لا يوجب الحد ، لأن الله سبحانه لم يجعل التعريض في النكاح مقام التصريح ، قلنا : هذا ساقط لأن الله سبحانه وتعالى لم يأذن في التصريح بالنكاح في الخطبة ، وأذن في التعريض الذي يفهم منه النكاح ، فهذا دليل على أن التعريض يفهم منه القذف ، والأعراض يجب صيانتها ، وذلك يوجب حد المعرض ، لئلا يتطرق الفسقة إلى أخذ الأعراض بالتعريض الذي يفهم منه ما يفهم بالتصريح .
السادسة : قوله تعالى : " علم الله أنكم ستذكرونهن " أي إما سراً وإما إعلاناً في نفوسكم وبألسنتكم ، فرخص في التعريض دون التصريح ، الحسن : معناه ستخطبونهن .
السابعة : قوله تعالى : " ولكن لا تواعدوهن سرا " أي على سر فحذف الحرف ، لأنه مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر .
واختلف العلماء في معنى قوله تعالى : " سرا " فقيل : معناه نكاحاً ، أي لا يقبل الرجل لهذه المعتدة : تزوجيني ، بل يعرض إن أراد ، ولا يأخذ ميثاقها وعهدها ألا تنكح غيره في استسرار وخفية ، هذا قول ابن عباس و ابن جبير و مالك وأصحابه و الشعبي و مجاهد و عكرمة و السدي وجمهور أهل العلم : (( وسراً )) على هذا التأويل نصب على الحال ، أي مستسرين ، وقيل : السر الزنا ، أي لا يكونن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزوج بعدها ، قال معناه جابر بن زيد و أبو مجلز لاحق بن حميد ، و الحسن بن أبي الحسن و قتادة و النخعي و الضحاك ، وأن السر في هذه الآية الزنا ، أي لا تواعدوهن زنا ، وأختاره الطبري ، ومنه قول الأعشى :
فلا تقربن جارة إن سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا
وقال الحطيئة :
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
وقيل : السر الجماع ، أي لا تصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع ترغيباً لهن في النكاح فإن ذكر الجماع مع غير الزوج فحش ، هذا قول الشافعي : وقال امرؤ القيس :
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وألا يحسن السر أمثالي
وقال رؤبة :
فكف عن إسرارها بعد العسق
أي كف عن جماعها بعد ملازمته لذلك وقد يكون السر عقدة النكاح ، سراً كان أو جهراً ، قال الأعشى :
فلن يطلبوا سرها للغنى ولن يسلموها لإزهادها
وأراد : لن يطلبوا نكاحها لكثرة مالها ، ولن يسلموها لقلة مالها ، وقال ابن زيد معنى قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " أن لا تنكحوهن وتكتون ذلك ، فإذا حلت أظهرتموه ، ودخلتم بهن ، وهذا هو معنى القول الأول ، فأبن زيد على هذا قائل بالقول الأول ، وإنما شذ في أن سمى العقدة مواعدة ، وذلك قلق ، وحكى مكي و الثعلبي عنه أنه قال : الآية منسوخة بقوله تعالى " ولا تعزموا عقدة النكاح " .
الثامنة : قال القاضي أبو محمد بن عطية : أجمعت الأمة على كراهة المواعدة في العدة للمرأة في نفسها ، وللأب في ابنته البكر ، وللسيد في أمته ، قال ابن المواز : وأما الولي ، الذي لا يملك الجبر فأكرهه وإن نزل لم أفسخه ، وقال مالك رحمه الله يمن يواعد في العدة ثم يتزوج بعدها : فراقها أحب إلي ، دخل بها أو لم يدخل ، وتكون تطليقة واحدة ، فإذا حلت خطبها مع الخطاب ، هذه رواية ابن وهب ، وروى أشهب عن مالك أنه يفرق بينهما إيجاباً ، وقاله ابن القاسم ، وحكى ابن الحارث مثله عن ابن الماجشون ، وزاد ما يقتضي أن التحريم يتأبد ، وقال الشافعي : إن صرح بالخطبة وصرحت له بالإجابة ولم يعقد النكاح حتى تنقضي العدة فالنكاح ثابت والتصريح لهما مكروه ، لأن النكاح حادث بعد الخطبة ، قاله ابن المنذر .
التاسعة : قوله تعالى : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " استثناء منقطع بمعنى لكن ، كقوله " إلا خطأ " [ النساء : 92 ] ، والقول المعروف هو ما أبيح من التعريض ، وقد ذكر الضحاك أن من القول المعروف أن يقول للمعتدة ، أحبسي علي نفسك فإن لي بك رغبة ، فنقول هي : وأنا مثل ذلك ، وهذا شبه المواعدة .
قوله تعالى : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " فيه تسع مسائل .
الأولى : قوله تعالى : " ولا تعزموا " قد تقدم القول في معنى العزم ، يقال : عزم الشيء وعزم عليه ، والمعنى هنا : ولا تعزموا على عقدة النكاح ، ومن الأمر البين أن القرآن أفصح كلام ، فما ورد فيه فلا معترض عليه ، ولا يشك في صحته وفصاحته ، وقد قال الله تعالى : " وإن عزموا الطلاق " [ البقرة : 227 ] ، وقال هنا : " ولا تعزموا عقدة النكاح " والمعنى لا تعزموا على عقدة النكاح في زمان العدة ثم حذف على ما تقدم ، وحكى سيبويه : ضرب فلان الظهر والبطن ، أي على قال : سيبويه : والحذف في هذه الأشياء لا يقاس ، قال النحاس : ويجوز أن يكون (( ولا تعقدوا عقدة النكاح )) ، لأن معنى (( تعزموا )) وتعقدوا واحدة ، ويقال : (( تعزموا )) بضم الزاي .
الثانية : قوله تعالى : " حتى يبلغ الكتاب أجله " يريد تمام العدة ، والكتاب هنا هو الحد الذي جعل والقدر الذي رسم من المدة ، سماها كتاباً إذ قد حده وفرضه كتاب الله كما قال : " كتاب الله عليكم " [ النساء : 24 ] ، وكما قال : " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " [ النساء : 103 ] ، فالكتاب : الفرض ، أي حتى يبلغ الفرض أجله ، أي حتى يبلغ فرض الكتاب أجله ، فالكتاب على هذا التأويل بمعنى القرآن وعلى الأول لا حذف فهو أولى ، والله أعلم .
الثالثة : حرم الله تعالى عقد النكاح في العدة بقوله تعالى : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " ، وهذا من المحكم المجمع على تأويله ، أن بلوغ أجله انقضاء العدة ، وأباح التعريض في العدة بقوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " ، ولم يختلف العلماء في إباحة ذلك ، واختلفوا في ألفاظ التعريض على ما تقدم ، واختلفوا في الرجل يخطب امرأة في عدتها جاهلاً ، أو يواعدها ويعقد بعد العدة ، وقد تقدم هذا في الآية التي قبلها ، واختلفوا إن عزم العقدة في العدة وعثر عليه ففسخ الحاكم نكاحه ، وذلك قبل الدخول وهي :
الرابعة : فقول عمر بن الخطاب وجماعة من العلماء أن ذلك لا يؤبد تحريماً وأنه يكون خاطباً من الخطاب ، وقاله مالك و ابن القاسم في المدونة في آخر الباب الذي يليه (( ضرب أجل المفقود )) وحكى ابن الجلاب عن مالك رواية أن التحريم يتأبد في العقد وإن فسخ قبل الدخول ، ووجه أنه نكاح في العدة فوجب أن يتأبد به التحريم ، أصله إذا بنى بها ،وأما أن عقد في العدة ، ودخل بعد انقضائها وهي :
الخامسة : فقال قول من أهل العلم : ذلك كالدخول في العدة ، يتأبد التحريم بينهما وقال قوم من أهل العلم ، لا يتأبد بذلك تحريم ، وقال مالك : يتأبد التحريم وقال مرة : وما التحريم بذلك بالبين ، والقولان له في المدونة في طلاق السنة وأما إن دخل في العدة وهي :
السادسة : فقال مالك و الليث و الأوزاعي : يفرق بينهما ولا تحل له أبداً قال مالك و الليث ، ولا بملك اليمين ، مع أنهم جوزوا التزويج بالمزني بها واحتجوا بأن عمر بن الخطاب قال : لا يجتمعان ابداً قال سعيد ، ولها مهرها بما استحل من فرجها ، أخرجه مالك في موطئه وسيأتي ، وقال الثوري والكوفيون و الشافعي : يفرق بينهما ولا يتأبد التحريم بل يفسخ بينهما ثم تعتد منه ، ثم يكون خاطباً من الخطاب ، واحتجوا بإجماع العلماء على أنه لو زنى بها لم يحرم عليه تزويجها ، فكذلك وطؤه إياها في العدة ، قالوا وهو قول علي ، ذكره عبد الرزاق ، وذكر عن ابن مسعود مثله ، وعن الحسن أيضاً ، وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن أشعث عن الشعبي عن مسروق أن عمر رجع عن ذلك وجعلهما يجتمعان ،وذكر القاضي أبو الوليد الباجي في المنتقى فقال : لا يخلو الناكح في العدة إذا بنى بها أن يبني بها في العدة أو بعدها ، فإن كان بنى بها في العدة فإن المشهور من المذهب أن التحريم يتأبد ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وروى الشيخ أبو القاسم في تفريعه : أن في التي يتزوجها الرجل في عدة من طلاق أو وفاة عالماً بالتحريم روايتين ، إحداهما أن تحريمه يتأبد على ما قدمناه ، والثانية أنه زان وعليه الحد ، ولا يلحق به الولد ، وله أن يتزوجها إذا انقضت عدتها ، وبه قال الشافعي و أبو حنيفة ، ووجه الرواية الأولى ، وهي المشهورة ما ثبت من قضاء عمر بذلك ، وقيامه بذلك في الناس ، وكانت قضاياه تسير وتنتشر وتنقل في الأمصار ، ولم يعلم له مخالف ، فثبت أنه إجماع قال القاضي أبو محمد : وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب ، ولا مخالف لهما مع شهرة ذلك وانتشاره ، وهذا حكم الإجماع ، ووجه الرواية الثانية أن هذا وطء ممنوع فلم يتأبد تحريمه ، كما لو زوجت نفسها أو تزوجت متعة أو زنت ، قود قال القاضي أبو الحسن : إن مذهب مالك المشهور في ذلك ضعيف من جهة النظر ، والله أعلم ، وأسند أبو عمر : حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ عن محمد بن إسماعيل عن نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن أشعث عن الشعبي عن مسروق قال : بلغ عمر بن الخطاب ان امرأة من قريش تزوجها رجل من ثقيف في عدتها فأرسل إليهما ففرق بينهما وعاقبهما وقال : لا تنكحها أبداً وجعل صداقها في بيت المال ، وفشا ذلك في الناس فبلغ علياً فقال : يرحم الله أمير المؤمنين ! ما بال الصداق وبيت المال ! إنما جهلا فينبغي للإمام أن يردهما إلى السنة ، قيل : فما تقول أنت فيهما ؟ فقال : لها الصداق بما استحل من فرجها ، ويفرق بينهما ولا جلد عليهما ، وتكمل عدتها من الأول ، ثم تعتد من الثانية عدة كاملة ثلاثة أقراء ثم يخطبها إن شاء فبلغ ذلك عمر فخطب الناس فقال : أيها الناس ردوا الجهالات إلى السنة : قال الكيا الطبري : ولا خلاف بين الفقهاء أن من عقد على امرأة نكاحها وهي في عدة من غيره أن النكاح فاسد ، وفي اتفاق عمر وعلي علي نفي الحد عنهما ما يدل على أن النكاح الفاسد لا يوجب الحد ، إلا أنه مع الجهل بالتحريم متفق عليه ، ومع العلم به مختلف فيه ، واختلفوا هل تعتد منهما جميعاً ، وهذه مسألة العدتين وهي :
السابعة : فروى المدنيون عن مالك أنها تتم بقية عدتها من الأول ، وتستأنف عدة أخرى من الآخر ، وهو قول الليث و الحسن بن حي و الشافعي و أحمد و إسحاق وروي عن علي كما ذكرنا ، وعن عمر على ما يأتي ، وروى محمد بن القاسم و ابن وهب عن مالك : أن عدتها من الثاني تكفيها من يوم فرق بينه وبينها سواء كانت بالحمل أو الأقراء أو بالشهور ، وهو قول الثوري و الأوزاعي و أبي حنيفة ، وحجتهم الإجماع على أن الأول لا ينكحها في بقية العدة منه ، فدل على أنها في عدة من الثاني ، ولولا ذلك لنكحها في عدتها منه ، أجاب الأولون فقالوا : هذا غير لازم لأن منع الأول من أن ينكحها في بقية عدتها إنما وجب لما يتلوها من عدة الثاني ، وهما حقان قد وجبا عليها لزوجين كسائر حقوق الآدميين ، لا يدخل أحدهما في صاحبه ، وخرج مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن سليمان بن يسار أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرق بينهما ، ثم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوج بها لم يدخل بها فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من الزوج الأول ، ثم كان الآخر خاطباً من الخطاب ، وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ، ثم اعتدت من الآخر ثم لا يجتمعان أبداً ، قال مالك : وقال سعيد بن المسيب : ولها مهرها بما استحل من فرجها ، قال أبو عمر : وأما طليحة هذه فهي طليحة بنت عبيد الله أخت طلحة بن عبيد الله التيمي ، وفي بعض نسخ الموطأ من رواية يحيى : طليحة الأسدية وذلك خطأ وجهل ، ولا أعلم أحداً قاله .
الثامنة : قوله (( فضربها عمر بالمخفقة وضرب زوجها ضربات )) يريد على وجه العقوبة لما ارتكباه من المحضور وهو النكاح في العدة ، وقال الزهري : فلا أدري كم بلغ ذلك الجلد ، قال : وجلد عبد الملك في ذلك كل واحد منهما أربعين جلدة ، قال : فسئل عن ذلك قبيصة بن ذؤيب فقال : لو كنتم خفقتم فجلدتم عشرين ! وقال ابن حبيب في التي تتزوج في العدة فيمسها الرجل أو يقبل أو يباشر أو يغمز أو ينظر على وجه اللذة أن على الزوجين العقوبة وعلى الولي وعلى الشهود ومن علم منهم أنها في عدة ، ومن جهل منهم ذلك فلا عقوبة عليه ، وقال ابن المواز : يجلد الزوجان الحد إن كانا تعمدا ذلك ، فيحمل قول ابن حبيب على من علم بالعدة ، ولعله جهل التحريم ولم يتعمد ارتكاب المحظور فذلك الذي يعاقب ، وعلى ذلك كان ضرب عمر المرأة وزوجها بالمخفقة ضربات وتكون أنهما علما التحريم واقتحما ارتكاب المحظور جرأة وإقداماً ، وقد قال الشيخ أبو القاسم : إنهما روايتان في التعمد ، إحداهما يحد ، والثانية يعاقب ولا يحد .
التاسعة : قوله تعالى : " واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " هذا نهاية التحذير من الوقوع فيما نهى عنه .
يقول تعالى: "ولا جناح عليكم" أن تعرضوا بخطبة النساء في عدتهن من وفاة أزواجهن من غير تصريح, قال الثوري وشعبة وجرير وغيرهم, عن منصور , عن مجاهد, عن ابن عباس في قوله "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" قال: التعريض أن يقول: إني أريد التزويج, وإني أحب امرأة من أمرها ومن أمرها ـ يعرض لها بالقول بالمعروف ـ وفي رواية: وددت أن الله رزقني امرأة, ونحو هذا, ولا ينتصب للخطبة, وفي رواية: إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله, ولوددت أني وجدت امرأة صالحة, ولا ينتصب لها ما دامت في عدتها ورواه البخاري تعليقاً فقال: وقال لي طلق بن غنام, عن زائدة, عن منصور , عن مجاهد, عن ابن عباس "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" هو أن يقول: إني أريد التزويج, وإن النساء لمن حاجتي, ولوددت أن ييسر لي امرأة صالحة, وهكذا قال مجاهد وطاوس وعكرمة وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والشعبي والحسن وقتادة والزهري ويزيد بن قسيط ومقاتل بن حيان والقاسم بن محمد وغير واحد من السلف والأئمة في التعريض: إنه يجوز للمتوفى عنها زوجها من غير تصريح لها بالخطبة, وهكذا حكم المطلقة المبتوتة يجوز التعريض لها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلاث تطليقات, فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم, وقال لها: فإذا حللت فآذنيني, فلما حلت, خطب عليها أسامة بن زيد مولاه, فزوجها إياه, فأما المطلقة فلا خلاف في أنه لا يجوز لغير زوجها التصريح بخطبتها ولا التعريض لها, والله أعلم.
وقوله "أو أكننتم في أنفسكم" أي أضمرتم في أنفسكم من خطبتهن, وهذا كقوله تعالى "وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" وكقوله "وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم" ولهذا قال "علم الله أنكم ستذكرونهن" أي في أنفسكم, فرفع الحرج عنكم في ذلك. ثم قال: " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال أبو مجلز وأبو الشعثاء جابر بن زيد والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة والضحاك والربيع بن أنس وسليمان التيمي ومقاتل بن حيان والسدي: يعني الزنا, وهو معنى الزنا, وهو معنى رواية العوفي عن ابن عباس, واختاره ابن جرير, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ولكن لا تواعدوهن سراً" لا تقل لها: إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري, ونحو هذا, وكذا روي عن سعيد بن جبير والشعبي وعكرمة وأبي الضحى والضحاك والزهري ومجاهد والثوري, هو أن يأخذ ميثاقها أن لا تتزوج غيره. وعن مجاهد: هو قول الرجل للمرأة: لا تفوتيني بنفسك فإني ناكحك, وقال قتادة: هو أن يأخذ عهد المرأة وهي في عدتها أن لا تنكح غيره, فنهى الله عن ذلك, وقدم فيه وأحل الخطبة, والقول بالمعروف, وقال ابن زيد "ولكن لا تواعدوهن سراً" هو أن يتزوجها في العدة سراً, فإذا حلت أظهر ذلك, وقد يحتمل أن تكون الاية عامة في جميع ذلك, لهذا قال "إلا أن تقولوا قولاً معروفاً" قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والسدي والثوري وابن زيد: يعني به ما تقدم من إباحة التعريض كقوله: إني فيك لراغب ونحو ذلك, وقال محمد بن سيرين: قلت لعبيدة: ما معنى قوله "إلا أن تقولوا قولاً معروفاً" ؟ قال: يقول لوليها: لا تسبقني بها, يعني لا تزوجها حتى تعلمني, رواه ابن أبي حاتم.
وقوله "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" يعني ولا تعقدوا العقدة بالنكاح حتى تنقضي العدة. قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وقتادة والربيع بن أنس وأبو مالك وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان والزهري وعطاء الخراساني والسدي والثوري والضحاك: "حتى يبلغ الكتاب أجله" يعني ولا تعقدوا العقد بالنكاح حتى تنقضي العدة, وقد أجمع العلماء على أنه لا يصح العقد في العدة. واختلفوا فيمن تزوج امرأة في عدتها, فدخل بها, فإنه يفرق بينهما, وهل تحرم عليه أبداً ؟ على قولين: الجمهور على أنها لا تحرم عليه, بل له أن يخطبها إذا انقضت عدتها. وذهب الإمام مالك إلى أنها تحرم عليه على التأبيد, واحتج في ذلك بما رواه عن ابن شهاب وسليمان بن يسار , أن عمر رضي الله عنه, قال: أيما امرأة نكحت في عدتها, فإن كان زوجها الذي تزوج بها لم يدخل بها فرق بينهما, ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول, وكان خاطباً من الخطاب, وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول, ثم اعتدت من الاخر , ثم لم ينكحها أبداً وقالوا: ومأخذ هذا أن الزوج لما استعجل ما أحل الله, عوقب بنقيض قصده, فحرمت عليه على التأبيد كالقاتل يحرم الميراث. وقد روى الشافعي هذا الأثر عن مالك. قال البيهقي: وذهب إليه في القديم ورجع عنه في الجديد, لقول علي أنها تحل له. (قلت) قال: ثم هو منقطع عن عمر . وقد روى الثوري عن أشعث, عن الشعبي, عن مسروق, أن عمر رجع عن ذلك, وجعل لها مهرها وجعلهما يجتمعان.
وقوله: "واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه", توعدهم على ما يقع في ضمائرهم من أمور النساء, وأرشدهم إلى إضمار الخير دون الشر, ثم لم يؤيسهم من رحمته, ولم يقنطهم من عائدته, فقال "واعلموا أن الله غفور حليم".
الجناح: الإثم، أي لا إثم عليكم، والتعريض ضد التصريح، وهو من عرض الشيء: أي جانبه كأنه يحوم به حول الشيء ولا يظهره، وقيل هو من قولك: عرضت الرجل: أي أهديت له. ومنه أن ركباً من المسلمين عرضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياباً بيضاً: أي أهدوا لهما، فالمعرض بالكلام يوصل إلى صاحبه كلاماً يفهم معناه. وقال في الكشاف: الفرق بين الكناية والتعريض، أن الكناية أن يذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له. والتعريض أن يذكر شيئاً يدل به على شيء لم يذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلم عليك، ولأنظر إلى وجهك الكريم، ولذلك قالوا:
وحسبك بالتسليم مني تقاضيا
وكأنه إمالة الكلام إلى عرض يدل على الغرض، ويسمى التلويح لأنه يلوح منه ما يريده انتهى. والخطبة بالكسر: ما يفعله الطالب من الطلب، والاستلطاف بالقول والفعل، يقال: خطبها يخطبها خطبة وخطباً. وأما الخطبة بضم الخاء فهي الكلام الذي يقوم به الرجل خاطباً. وقوله: 235- "أكننتم" معناه سترتم وأضمرتم من التزويج بعد انقضاء العدة. والإكنان: التستر والإخفاء: يقال: أكننته وكننته بمعنى واحد. ومنه بيض مكنون، ودر مكنون. ومنه أيضاً أكن البيت صاحبه: أي ستره. وقوله: "علم الله أنكم ستذكرونهن" أي علم الله أنكم لا تصبرون عن النطق لهن برغبتكم فيهن، فرخص لكم في التعريض دون التصريح. وقال في الكشاف: إن فيه طرفاً من التوبيخ كقوله: "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم". وقوله: "ولكن لا تواعدوهن سراً" معناه: على سر، فحذف الحرف لأن الفعل لا يتعدى إلى المفعولين. وقد اختلف العلماء في معنى السر فقيل: معناه نكاحاً: أي لا يقل الرجل لهذه المعتدة تزوجيني بل يعرض تعريضاً. وقد ذهب إلى أن معنى الآية هذا جمهور العلماء، وقيل السر: الزنا، أي لا يكن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزويج بعدها. قاله جابر بن زيد وأبو مجلز والحسن وقتادة والضحاك والنخعي واختاره ابن جرير الطبري، ومنه قول الحطيئة:
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
وقيل السر: الجماع، أي لا تصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع ترغيباً لهن في النكاح، وإلى هذا ذهب الشافعي في معنى الآية، ومنه قول امرئ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي
ومثله قول الأعشى:
فلن تطلبوا سرها للغنى ولن تسلموها لأزهادها
أراد: تطلبون نكاحها لكثرة مالها، ولن تسلموها لقلة مالها، والاستدراك بقوله: "لكن" من مقدر محذوف دل عليه "ستذكرونهن" أي فاذكروهن "ولكن لا تواعدوهن سراً". قال ابن عطية: أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو رفث من ذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز. وقال أيضاً: أجمعت الأمة على كراهة المواعدة في العدة للمرأة في نفسها وللأب في ابنته البكر وللسيد في أمته. قوله: "إلا أن تقولوا قولاً معروفاً" قيل: هو استثناء منقطع بمعنى لكن، والقول المعروف: هو ما أبيح من التعريض. ومنع صاحب الكشاف أن يكون منقطعاً وقال: هو مستثنى من قوله: "لا تواعدوهن" أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة فجعله على هذا استثناءً مفرغاً، ووجه منع كونه منقطعاً أنه يؤدي إلى جعل التعريض موعوداً وليس كذلك، لأن التعريض طريق المواعدة، لا أنه الموعود في نفسه. قوله: "ولا تعزموا عقدة النكاح" قد تقدم الكلام في معنى العزم، يقال: عزم الشيء، وعزم عليه، والمعنى هنا: لا تعزموا على عقد النكاح ثم حذف على. قال سيبويه: والحذف في هذه الآية لا يقاس عليه. وقال النحاس: يجوز أن يكون المعنى ولا تعقدوا عقدة النكاح، لأن معنى تعزموا وتعقدوا واحد، وقيل: إن العزم على الفعل يتقدمه فيكون في هذا النهي مبالغة، لأنه إذا نهي عن المتقدم على الشيء، كان النهي عن ذلك الشيء بالأولى. قوله: "حتى يبلغ الكتاب أجله" يريد حتى حتى تنقضي العدة، والكتاب هنا هو الحد والقدر الذي رسم من المدة، سماه كتاباً لكونه محدوداً ومفروضاً كقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" وهذا الحكم أعني تحريم عقد النكاح في العدة مجمع عليه.
وقد أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" قال: التعريض أن تقول: إني أريد التزويج، وإني لأحب المرأة من أمرها وأمرها، وإن من شأني النساء، ولوددت أن الله يسر لي امرأة صالحة. وأخرج ابن جرير عنه أنه يقول لها: إن رأيت لا تسبقني بنفسك، ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك، ونحو هذا من الكلام. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال: يقول: إني فيك لراغب، ولوددت أني تزوجتك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله: "أو أكننتم" قال: أسررتم. وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله: "علم الله أنكم ستذكرونهن" قال: بالخطيئة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد قال: ذكره إياها في نفسه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "ولكن لا تواعدوهن سراً" قال: يقول لها: إني عاشق، وعاهديني أن لا تتزوجني غيري ونحو هذا "إلا أن تقولوا قولاً معروفاً" وهو قوله: إن رأيت أن لا تسبقني بنفسك. وأخرج ابن جرير عنه في السر أنه الزنا، كان الرجل يدخل من أجل الزنا وهو يعرض بالنكاح. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عنه في قوله: "إلا أن تقولوا قولاً معروفاً" قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك إلي خير، وإن النساء من حاجتي. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "ولا تعزموا عقدة النكاح" قال: لا تنكحوا "حتى يبلغ الكتاب أجله" قال: حتى تنقضي العدة.
235. قوله تعالى: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " أي النساء المعتدات وأصل التعريض هو التلويح بالشيء، والتعريض في الكلام ما يفهم به السامع مراده من غير تصريح والتعريض بالخطبة مباح في العدة وهو أن يقول: رب راغب فيك، من يجد مثلك، إنك لجميلة، وإنك لصالحة، وإنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، وإن من غرضي أن أتزوج وإن جمع الله بيني وبينك بالحلال أعجبني ولئن تزوجتك لأحسنن إليك، ونحو ذلك من الكلام من غير أن يقول أنكحيني والمرأة تجيبه بمثله إن رغبت فيه، وقال إبراهيم: لا بأس أن يهدي لها ويقوم بشغلها في العدة إذا كانت من شأنه.
روي أن سكينة بنت حنظلة بانت من زوجها فدخل عليها أبو جعفر محمد بن علي الباقر في عدتها وقال: يا بنت حنظلة أنا من قد علمت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق جدي علي وقدمي في الإسلام فقالت سكيني أتخطبني وأنا في العدة وأنت يؤخذ العلم عنك؟ فقال: إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي في عدة زوجها أبي سلمة فذكر لها منزلته من الله عز وجل وهو متحامل على يده حتى أثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده.
والتعريض بالخطبة جائز في عدة الوفاة، أما المعتدة عن فرقة الحياة نظر: إن كانت ممن لا يحل لمن بانت منه نكاحها كالمطلقة ثلاثاً والمبانة باللعان والرضاع: يجوز خطبتها تعريضاً وإن كانت ممن يحل للزوج نكاحها كالمختلعة والمفسوخ نكاحها يجوز خطبتها تعريضاً وتصريحاً.
وهل يجوز للغير تعريضا؟ فيه قولان: أحدهما يجوز كالمطلقة ثلاثاً، والثاني لا يجوز لأن المعاودة ثابتة لصاحب العدة كالرجعية لا يجوز للغير تعريضها بالخطبة.
وقوله تعالى: " من خطبة النساء " الخطبة التماس النكاح وهي مصدر خطب الرجل المرأة يخطب خطبة، وقال الأخفش : الخطبة الذكر، والخطبة التشهد فيكون معناه: فيماعرضتم به من ذكر النساء عندهن، " أو أكننتم" أضمرتم " في أنفسكم " من نكاحهن يقال: أكننت الشيء وكننته لغتان، وقال ثعلب : أكننت الشيء أي أخفيته في نفسي وكننته سترته، وقال السدي : هو أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء ولا يتكلم بشيء " علم الله أنكم ستذكرونهن " بقلوبكم " ولكن لا تواعدوهن سراً " اختلفوا في السر المنهي عنه فقال قوم: هو الزنا كان الرجل يدخل على المرأة من أجل الزنية وهو يتعرض بالنكاح ويقول لها: دعيني فإذا أوفيت عدتك أظهرت نكاحك، هذا قول الحسن و قتادة و إبراهيم و عطاء ورواية عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال زيد بن أسلم : أي لا ينكحها سراً فيمسكها فإذا حلت أظهر ذلك.
وقال مجاهد : هو قول الرجل لا تفوتيني بنفسك فإني ناكحك، وقال الشعبي و السدي لا يأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيره، وقال عكرمة : لا ينكحها ولا يخطبها في العدة.
قال الشافعي : السر هو الجماع، وقال الكلبي : أي لاتصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع فيقول آتيك الأربعة والخمسة وأشباه ذلك، ويذكر السر ويراد به الجماع قال امرئ القيس:
ألا زعمت بسباسة القوم أنني كبرت وألا يحسن السر أمثالي
إنما قيل للزنا والجماع سر لأنه يكون في خفاء بين الرجل والمرأة.
قوله تعالى: " إلا أن تقولوا قولاً معروفاً " هو ما ذكرنا من التعريض بالخطبة.
قوله تعالى: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " أي لا تحققوا العزم على عقدة النكاح في العدة حتى يبلغ الكتاب أجله أي: حتى تنقضي العدة وسماها الله كتاباً لأنها فرض من الله كقوله تعالى " كتب عليكم " أي فرض عليكم " واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " أي فخافوا الله " واعلموا أن الله غفور حليم " لا يعجل بالعقوبة.
235-" ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " التعريض والتلويح إيهام المقصود بما لم يوضع له حقيقة ولا مجازاً ، كقول السائل لأسلم عليك ، والكناية هي الدلالة على الشيء بذكر لوازمه و روادفه ، كقولك الطويل النجاد للطويل ، وكثير الرماد للمضياف . والخطبة بالضم والكسر اسم الحالة ، غير أن المضمومة خصت بالموعظة والمكسورة بطلب المرأة ، والمراد بالنساء المعتدات للوفاة ، وتعريض خطبتها أن يقول لها إنك جميلة أو نافقة ومن غرضي أن أتزوج ونحو ذلك . " أو أكننتم في أنفسكم " أو أضمرتم في قلوبكم فلم تذكروه تصريحاً ولا تعريضاً . " علم الله أنكم ستذكرونهن " ولا تصبرون على السكوت عنهن وعن الرغبة فيهن وفيه نوع توبيخ . " ولكن لا تواعدوهن سراً " استدراك على محذوف دل عليه ستذكرونهن أي فاذكروهن ولكن لا تواعدهن نكاحاً أو جماعاً ، عبر بالسر عن الوطء لأنه مما يسر ثم عن العقد لأنه سبب فيه . وقيل معناه لا تواعدوهن في السر على أن المعنى بالمواعدة في السر المواعدة بما يستهجن . " إلا أن تقولوا قولاً معروفاً " وهو أن تعرضوا ولا تصرحوا والمستثنى منه محذوف أي : لا تواعدوهن مواعدة إلا مواعدة معروفة ، أو إلا مواعدة بقول معروف . وقيل إنه استثناء منقطع من سراً وهو ضعيف لأدائه إلى قولك لا توعدوهن إلا التعريض ، وهو غير موعود . وفيه دليل حرمة تصريح خطبة المعتدة وجواز تعريضها إن كانت معتدة وفاة . واختلف في معتدة الفراق البائن والأظهر جوازه . " ولا تعزموا عقدة النكاح " ذكر العزم مبالغة في النهي عن العقد ، أي ولا تعزموا عقد عقدة النكاح . وقيل معناه ولا تقطعوا عقدة النكاح فإن أصل العزم القطع . " حتى يبلغ الكتاب أجله " حتى ينتهي ما كتب من العدة . " واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم " من العزم على ما لا يجوز . " فاحذروه " ولا تعزموا . " واعلموا أن الله غفور " لمن عزم ولم يفعل خشية من الله سبحانه وتعالى . " حليم " لا يعاجلكم بالعقوبة .
235. There is no sin for you in that which ye proclaim or hide in your minds concerning your troth with women. Allah knoweth that ye will remember them. But plight not your troth with women except by uttering a recognized form of words. And do not consummate the marriage until (the term) prescribed is run. Know that Allah knoweth what is in your minds, so beware of Him; and know that Allah is Forgiving, Clement.
235 - There is no blame on you if ye make an offer of betrothal or hold it in your hearts. God knows that ye cherish them in your hearts: but do not make a secret contract with them except in terms honorable, nor resolve on the tie of marriage till the term prescribed is fulfilled. and know that God knoweth what is in your hearts, and take heed of him: and know that God is oft forgiving, most forbearing.