(حافظوا على الصلوات) الخمس بأدائها في أوقاتها (والصلاة الوسطى) هي العصر أو الصبح أو الظهر أو غيرها أقوال وأفردها بالذكر لفضلها (وقوموا لله) في الصلاة (قانتين) قيل مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل قنوت في القرآن فهو طاعة" رواه أحمد وغيره ، وقيل ساكتين لحديث زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ، رواه الشيخان
قوله تعالى حافظوا على الصلوات الآية أخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والبيهقي وابن جرير عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهاجرة وكانت أثقل الصلاة على أصحابه فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
أخرج أحمد والنسائي وابن جرير عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
وأخرج الأئمة الستة وغيرهم عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال كانوا يتكلمون في الصلاة وكان الرجل يأمر أخاه بالحاجة فأنزل الله وقوموا لله قانتين
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن، وتعاهدوهن والزموهن، وعلى الصلاة الوسطى منهن. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا أبو زهير، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق في قوله: "حافظوا على الصلوات"، قال: المحافظة عليها: المحافظة على وقتها، وعدم السهو عنها. حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق في هذه الآية: "حافظوا على الصلوات"، فالحفاظ عليها: الصلاة لوقتها، والسهو عنها: ترك وقتها. ثم اختلفوا في "الصلاة الوسطى". فقال بعضهم: هي صلاة العصر.ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم، وحدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، جميعا قالا، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق قال، حدثني من سمع ابن عباس وهو يقول: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: العصر.حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن سلام، عن أبي حيان، عن أبيه، عن علي قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أبو حيان، عن أبيه، عن علي مثله. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب، عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سمعت عليا يقول: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سألت عليا عن الصلاة الوسطى، فقال: صلاة العصر.حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن
راشد قال، أخبرنا حيوه بن شريح قال، أخبرنا أبو صخر: أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول: سمدت أبا الصهباء البكري يقول: سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى فقال: هي صلاة العصر، وهي التي فتن بها سليمان بن داود صلى الله عليه. حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا سليمان التيمي، وحدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشربن المفضل، قال، حدثنا التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أنه قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن ابن لبيبة، عن أبي هريرة: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، ألا وهي العصر، ألا وهي العصر. حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أبي وشعيب بن الليث، عن الليث،عن يزيد بن الهاد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله"، فكان ابن عمر يرى لصلاة العصر فضيلة للذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها: أنها الصلاة الوسطى.حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر، عن أبيه، قال، زعم أبو صالح، عن أبي هريرة أنه قال: هي صلاة العصر. حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، حدثني عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه. قال ابن شهاب: وكان ابن عمر يرى أنها الصلاة الوسطى. حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عفان بن مسلم قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري قال: الصلاة الوسطى: صلاة العصر. حدثني محمد بن معمر قال، حدثنا ابن عامر قال، حدثنا محمد بن أبي حميد، عن حميدة ابنه أبي يونس مولاة عائشة قالت: أوصت عائشة لنا بمتاعها، فوجدت في مصحف عائشة: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي العصر وقوموا لله قانتين .حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن جريج قال، أخبرنا
عبد الملك بن عبد الرحمن: أن أمه أم حميد بنت عبد الرحمن سألت عائشة عن الصلاة الوسطى، قالت: كنا نقرؤها في الحرف الأول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى- قال أبو جعفر: إنه قال:- صلاة العصروقوموا لله قانتين". حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن، عن أمه أم حميد أبنة عبد الرحمن: أنها سألت عائشة، فدكر نحوه، إلا أنه قال: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر. حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن محمد بن عمرو، أبي سهل الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة في قوله: "الصلاة الوسطى"-، قالت: صلاة العصر. حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال:كان في مصحف عائشة: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن داود بن قيس قال، حدثني عبد الله بن رافع مولى ام سلمة قال: أمرتني أم سلمة أن أكتب لها مصحفا وقالت: إذا انتهيت إلى آية الصلاة فأعلمني. فأعلمتها، فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر .حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه قال: كان الحسن يقول: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال، حدثنا قتادة، عن أبي أيوب، عن عائشة، أنها قالت: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عائشة مثله.حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال:
كان يقال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه فال: صلاة الوسطى صلاة العصر.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، سعيد بن جبير قال: صلاة الوسطى صلاة العصر. حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سالم، عن حفصة: أنها أمرت رجلا يكتب لها مصحفا فقالت: إذا بلغت هذا المكان فأعلمني. فلما بلغ: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قالت: اكتب صلاة العصر.حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال، قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى أخبرك بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أخبرها قالت: اكتب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر.حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زربن حبيش قال: صلاة الوسطى هي العصر.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، كنا نحدث أنها صلاة العصر، قبلها صلاتان من النهار، وبعدها صلاتان من الليل. حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: أمروا بالمحافظة على الصلوات. قال: وخص العصر، "والصلاة الوسطى"، يعني العصر.حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "والصلاة الوسطى"، هي العصر. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "حافظوا على الصلوات"- يعني المكتوبات- "والصلاة الوسطى"، يعين صلاة العصر.حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد، عن ابن عباس قال: سمعته يقول: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: صلاة العصر.حدثني أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن ثوير، عن مجاهد قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد قال: سمعت ابن عباس يقول: هي صلاة العصر. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي قال، أنبأنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا أبي قال، سمعت يحيى بن أيوب يحدث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرة بن مخمر، عن سعيد بن الحكم قال: سمعت أبا أيوب يقول: صلاة الوسطى صلاة العصر. حدثنا ابن سفيان قال، حدثنا أبو عاصم، عن مبارك، عن الحسن قال: صلاة الوسطى صلاة العصر. وعلة من قال هذا القول ما:-حدثني به محمد بن معمر قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا محمد- يعني ابن طلحة- عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله قال: شغل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى اصفرت- أو احمرت- فقال: شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا!. حدثني أحمد بن سنان الواسطي قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه- إلا أنه قال: ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى. حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث، عن أبي حسان، عن عبيدة السلماني، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى ابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا ا- أو بطونهم نارا، شك شعبة في البطون والبيوت". حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زر قال: قلت لعبيدة السلماني: سل علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى. فسأله، فقال: كنا نراها الصبح، أو الفجر، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا!".حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن شتيربن شكل، عن علي قال: شغلونا يوم الأحزاب عن صلاة العصر، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا أو: أجوافهم نارا".
حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، يوم الأحزاب، على فرضة من فرض الخندق، ففال: شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا. أو بطونهم وبيوتهم نارا.حدثني أبو السائب وسعيد بن نمير قالا، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن شتيربن شكل، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا!" ثم صلاها بين العشاءين، بين المغرب والعشاء. حدثنا الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا علي بن عاصم، عن خالد، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن علي قال: "لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم العصريوم الخندق إلا بعد ما غربت الشمس، فقال: ما لهم! ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا! منعونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس!". حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل،. عن، عاصم، عن زر قال: انطلقت أنا وعبيدة السلماني إلى علي، فأمرت عبيدة أن يسأله عن الصلاة الوسطى فقال: يا أمير المؤمنين، ما الصلاة الوسطى؟ فقال: كنا نراها صلاة الصبح، فبينا نحن نقاتل أهل خيبر، فقاتلوا حتى أرهقونا عن الصلاة، وكان قبيل غروب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم املأ قلوب هؤلاء القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى وأجوافهم نارا- أو املأ قلوبهم نارا"، قال: فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى. حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن عبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب: "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: اللهم املأ قلوبهم وبيوتهم نارا كما شغلونا، أو: كما حبسونا، عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس!". حدثنا سليمان بن عبد الجبار قال، حدثنا ثابت بن محمد قال، حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود قال: "حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس، أو: احمرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله بيوتهم وقلوبهم نارا- أو: حشا الله قلوبهم وبيوتهم نارا! ".حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا سهل بن عامر قال، حدثنا مالك بن مغول قال، سمعت طلحة قال: صليت مع مرة في بيته فسها، أو قال: نسي، فقام قائما يحدثنا، وقد كان يعجبني أن أسمعه من ثقة، قال: لما كان يوم الخندق- يعني يوم الأحزاب- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لهم! شغلونا عن الصلاه الوسطى صلاة العصر! ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا! ". حدثنا أحمد بن منيع قال، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الوسطى صلاة العصر".حدثني علي بن مسلم الطوسي قال، حدثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له، فحبسه المشركون عن صلاة العصر حتى أمسى بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى! ". حدثنا موسى بن سهل الرملي قال، حدثنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي قال، حدثنا خالد بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا! ".حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا خالد، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "شغل الأحزاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا- أو: أجوافهم نارا! ".حدثني المثنى قال، حدثنا سليمان بن أحمد الحرشي الواسطي قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرني صدقة بن خالد قال، حدثني خالد بن دهقان، عن خالد بن سبلان، عن كهيل بن حرملة قال: سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى فقال: اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فقال: أنا أعلم لكم ذلك. فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه، ثم خرج إلينا فقال: أخبرنا أنها صلاة العصر. حدثني الحسين بن علي الصدائي قال، حدثنا أبي، وحدثنا ابن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد، قالا جميعا، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة العبدي، عن البراء بن عازب قال: نزلت هذه الاية: حافظوا على الصلوات وصلاة العصر، قال فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن نقرأها. ثم إن الله نسخها فأنزل: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين"، قال: فقال رجل كان مع شقيق: فهي صلاة العصر! قال: قد حدثتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم.حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع، وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكر ومحمد بن عبد الله الأنصاري، قالا جميعا، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، وحدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبدة بن سليمان، ومحمد بن بشر وعبد الله بن إسماعيل، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة الوسطى صلاة العصر".حدثني عصام بن رواد بن الجراح قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال: "أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي العصر".حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن شتيربن شكل، عن أم حبيبة، "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس. قال أبو موسى: هكذا قال ابن أبي عدي".حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، وهي العصر.
حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبد السلام، عن سالم مولى أبي نصير قال، حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال، كنت جالسا عند عبد العزيزبن مروان فقال: يا فلان، اذهب إلى فلان فقل له: أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى؟ فقال رجل جالس: أرسلني أبو بكر وعمر وأنا غلام صغير أسأله عن الصلاة الوسطى، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال: هذه الفجر- وقبض التي تليها. وقال: هذه الظهر- ثم قبض الإبهام فقال: هذه المغرب- ثم قبض التي تليها ثم قال: هذه العشاء- ثم قال: أي أصابعك بقيت؟ فقلت: الوسطى: فقال: أي صلاة بقيت؟ قلت: العصر. قال: هي العصر.حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: ذكر لنا أن المشركين شغلوهم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى غابت الشمس، فقال رسول صلى الله عليه وسلم : "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس! ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا! ".حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمر و بن أبي سلمة قال، حدثنا صدقة، عن سعيد،عن قتادة، عن أبي حسان، عن عبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب، "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الأحزاب: اللهم املأ بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس". حدثني محمد بن عوف الطائي قال، حدثني محمد بن إسماعيل بن عياش قال، حدثنا أبي قال، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة الوسطى صلاة العصر".وقال آخرون: بل الصلاة الوسطى صلاة الظهر.
ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عفان قال، حدثنا همام قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى صلاة الظهر. حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيدبن المسيب، عن ابن عمر، عن زيد- يعني ابن ثابت- مثله.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سعدبن إبراهيم قال، سمعت حفص بن عاصم يحدث، عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى الظهر. حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سليمان بن داود قال، حدثنا شعبة، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن شعبة، قال، أخبرني عمربن سليمان- من ولد عمربن الخطاب- قال: سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، يحدث عن أبيه، عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى هي الظهر. حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا شعبة، عن عمر بن سليمان، هكذا قال أبو زائدة، عن عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت في حديثه، رفعه: الصلاة الوسطى صلاة الظهر. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا عبد الله بن يزيد قال، حدثنا حيوة بن شريح وابن لهيعة قالا، حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد: أن سعيد بن المسيب حدثه أنه كان قاعدا هو وعروة بن الزبير وإبراهيم بن طلحة، فقال سعيد بن المسيب: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: الصلاة الوسطى هي الظهر. فمر علينا عبد الله بن عمر، فقال عروة: أرسلوا إلى ابن عمر فاسألوه. فأرسلوا إليه غلاماً فسأله، ثم جاءنا الرسول فقال: يقول: هي صلاة الظهر. فشككنا في قول الغلام، فقمنا جميعا فذهبنا إلى ابن عمر، فسألناه فقال: هي صلاة الظهر. حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا العوام بن حوشب قال، حدثني رجل من الأنصار، عن زيد بن ثابت أنه كان يقول: هي الظهر.حدثني أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن أبي ذئب، وحدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزبرقان بن عمرر، عن زيد بن ثابت قال، الصلاة الوسطى صلاة الظهر. حدثنا المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد قال، أخبرنا عبيد الله، عن نافع، عن زيد بن ثابت أنه قال: الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر.حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع بن يزيد قال، حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان قال، حدثني عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر: أنه سئل عن الصلاة الوسطى قال:- هي التي على أثر الضحى. حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، حدثنا نافع بن يزيد قال، حدثني الوليد بن أبي الوليد: أن مسلم بن أبي مريم حدثه: أن نفرا من قريش أرسلوا إلى عبد الله بن عمر يسألونه عن الصلاة الوسطى فقال له: هي التي على أثر صلاة الضحى. فقالوا له: ارجع واسأله، فما زادنا إلا عياء بها!! فمر بهم عبد الرحمن بن أفلح مولى عبد الله بن عمر، فأرسلوه إليه أيضا فقال: هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة. حدثني ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع قال، حدثني زهرة بن معبد قال، حدثني سعيد بن المسيب: أنه كان قاعدا هو وعروة وإبراهيم بن طلحة، فقال له سعيد، سمعت أبا سعيد يقول: إن صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى. فمر علينا ابن عمر، فقال عروة: أرسلوا إليه فاسألوه. فسأله الغلام فقال: هي الظهر. فشككنا في قول الغلام، فقمنا إليه جميعا فسألناه، فقال: هي الظهر. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا أبو عامر، عن عبد الرحمن بن قيس، عن ابن أبي رافع، عن إبيه- وكان مولى لحفصة- قال: استكتبتني حفصة مصحفا وقالت لي: إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرأنيها. فلما أتيت على هذه الآية: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، أتيتها فقالت: اكتب: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ". فلقيت أبي بن كعب، أو زيد بن ثابت، فقلت: يا أبا المنذر، إن حفصة قالت كذا وكذا!! قال: هو كما قالت، أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في غنمنا ونواضحنا!. وعلة من قال ذلك، ما:- حدثنا به محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفرقال، حدثنا شعبة قال، أخبرني عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت الزبرقان يحدث، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها، قال: فنزلت: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى". وقال: إن قبلها صلاتين، وبعدها صلاتين".حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن الزبرقان قال: إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى. فقال زيد: هي الظهر. فقام رجلان منهم فاتيا أسامة بن زيد، فسألاه عن الصلاة الوسطى فقال: هي الظهر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم،. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة في بيوتهم!" قال: فنزلت هذه الآية: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى".وكان آخرون يقرأون ذلك: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ".ذكر من كان يقول ذلك كذلك:
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الله بن يزيد الأزدي، عن سالم بن عبد الله: أن حفصة أمرت إنسانا فكتب مصحفا فقالت: إذا بلغت هذه الآية: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فآذني. فلما بلغ آذنها، فقالت: اكتب: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ".حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله، عن نافع: أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا، فقالت: إذا بلغت هذه الآية: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها. فلما بلغها، أمرته فكتبها: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين "، قال نافع: فقرأت ذلك المصحف فوجدت فيه الواو. حدثنا الربيع بن سليمان قال، حدثنا أسد بن موسى قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "أنها قالت: لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى آمرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. فلما أخبرها قالت: اكتب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر".حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبدة بن سليمان قال، حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثني أبو سلمة، عن عمرو بن رافع مولى عمر قال: كان مكتوبا في مصحف حفصة: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصروقوموا لله قانتين . حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال، حدثنا أبي وشعيب، عن الليث قال، حدثنا خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن زيد، عن عمروبن رافع قال: دعتني حفصة فكتبت لها مصحفا فقالت: إذا بلغت آية الصلاة فأخبرني. فلما كتبت: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قالت: وصلاة العصر، أشهد أني سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثني أبي وشعيب بن الليث عن الليث قال، أخبرني خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن زيد: أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة مثل ذلك. حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني خالد، عن سعيد، عن زيد بن أسلم: أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة، عن عائشة مثل ذلك.حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن
هبيرة بن يريم، عن ابن عباس: حافظواعلى الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر.حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال: كان عبيد بن عميريقرأ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين . حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا أبوعامر، عن عبد الرحمن بن قيس، عن ابن أبي رافع، عن أبيه- وكان مولى حفصة- قال: استكتبتني حفصة مصحفا وقالت: إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرئتها. فلما أتيت على هذه الآية: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، أتيتها فقالت: اكتب: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر. فلقيت أبي بن كعب أو زيد بن ثابت فقلت: يا أبا المنذر، إن حفصة قالت كذا وكذا. قال!: هو كما قالت! أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في نواضحنا وغنمنا!.وقال آخرون: بل الصلاة الوسطى صلاة المغرب.ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبد السلام، عن إسحاق بن أبي فروة، عن رجل، عن قبيصة بن ذؤيب قال: الصلاة الوسطى صلاة المغرب، ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها، ولا تقصر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها؟.قال أبوجعفر: ووجه قبيصة بن ذؤيب قوله: "الوسطى" إلى معنى: التوسط الذي يكون صفة للشيء،يكون عدلا بين الأمرين، كالرجل المعتدل القامة، الذي لا يكون مفرطا طوله، ولا قصيرة قامته، ولذلك قال: ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها.وقال آخرون: بل الصلاة الوسطى التي عناها الله بقوله: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"،هي صلاة الغداة.ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عفان قال، حدثنا همام قال، حدثنا قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن جابربن زيد، عن ابن عباس قال: الصلاة الوسطى صلاة الفجر. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن أبي رجاء قال: صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة، فقنت بنا قبل الركوع وقال: هذه الصلاة الوسطى التي قال الله: "وقوموا لله قانتين". حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن عوف، عن أبي رجاء العطاردي قال: صليت خلف ابن عباس، فذكر نحوه. حدثني عباد بن يعقوب الأسدي قال، حدثنا شريك، عن عوف الأعرابي، عن أبي رجاء العطاردي قال: صليت خلف ابن عباس الفجر فقنت فيها ورفع يديه ثم قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا الله أن نقوم فيها قانتين. حدثنا أبوكريب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن أبي رجاء قال: صلى بنا ابن عباس الفجر، فلما فرغ قال: إن الله قال في كتابه: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، فهذه الصلاة الوسطى. حدثنا أبوكريب قال، حدثنا مروان- يعني: ابن معاوية-، عن عوف، عن أبي رجاء العطاردي، عن ابن عباس نحوه.حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عوف، عن أبي المنهال، عن أبي العالية، عن ابن عباس: أنه صلى صلاة الغداة في مسجد البصرة، فقنت قبل الركوع وقال: هذه الصلاة الوسطى التي ذكر الله: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ".حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا المهاجر، عن أبي العالية قال: سألت ابن عباس بالبصرة ههنا، وإن فخذه لعلى فخذي، فقلت: يا أبا فلان، أرأيتك صلاة الوسطى التي ذكر الله في القرآن، ألا تحدثني أي صلاة هي؟ قال- وذلك حين انصرفوا من صلاة الغداة- فقال: أليس قد صليت المغرب والعشاء الآخرة؟ قال قلت: بلى! قال: ثم صليت هذه؟ قال: ثم تصلي الأولى والعصر؟ قال قلت: بلى! قال: فهي هذه. حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة زمن عمر صلاة الغداة، قال: فقلت لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبي: ما الصلاة الوسطى؟ قال: هذه الصلاة.حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد قال، أخبرنا عوف، عن خلاس بن عمرو، عن ابن عباس: أنه صلى الفجر فقنت قبل الركوع، ورفع إصبعيه وقال: هذه الصلاة الوسطى. حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية: أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فلما أن فرغوا قال، قلت لهم: أيتهن الصلاة الوسطى؟ قالوا: التي صليتها قبل. حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن عثمة قال، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله قال: الصلاة الوسطى صلاة الصبح.حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: كان عطاء يرى أن الصلاة الوسطى صلاة الغداة. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة في قوله: "والصلاة الوسطى"، قال: صلاة الغداة. حدثني محمد بن عمروقال، حدثنا أبوعاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: الصبح. حدثني المثنى قال، حدثنا أبوحذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن حصين، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: الصلاة الوسطى صلاة الغداة.حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه، عن الربيع في قوله: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"، قال: الصلاة الوسطى صلاة الغداة. وعلة من قال هذه المقالة: أن الله تعالى ذكره قال: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين"، بمعنى: وقوموا لله فيها قانتين. قال: فلا صلاة مكتوبة من الصلوات الخمس فيها قنوت سوى صلاة الصبح، فعلم بذلك أنها هي دون غيرها.وقال آخرون: هي إحدى الصلوات الخمس، ولا نعرفها بعينها.ذكر من قال ذلك:حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني هشام بن سعد قال: كنا عند نافع، ومعنا رجاء بن حيوة، فقال لنا رجاء: سلوا نافعا عن الصلاة الوسطى. فسألناه، فقال: قد سأل عنها عبدالله بن عمررجل فقال: هي فيهن، فحافظوا عليهن كلهن. حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، عن قيس بن الربيع، عن نسير بن ذعلوق أبي طعمة قال: سألت الربيع بن خثيم عن الصلاة الوسطى، قال: أرأيت إن علمتها كنت محافظا عليها ومضيعا سائرهن؟ قلت: لا! فقال: فإنك إن حافظت عليهن فقد حافظت عليها.حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال، سمعت قتادة يحدث، عن سعيد بن المسيب قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هكذا- يعني مختلافين في الصلاة الوسطى- وشبك بين أصابعه.قال أبوجعفر: والصواب من القول في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكرناها قبل في تأويله: وهو أنها العصر.والذي حث الله تعالى ذكره عليه من ذلك، نظير الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحث عليه، كما:-حدثني به أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي قال، حدثنايعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن خيربن نعيم الحضرمي، عن عبد الله بت هبيرة السبائي- قال: وكان ثقة- عن أبي تميم الجيشاني، عن أبي بصرة الغفاري قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، فلما انصرف قال: إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فتوانوا فيها وتركوها، فمن صلاها منكم أضعف أجره ضعفين، ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد- والشاهد: النجم". حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني خير بن نعيم، عن ابن هبيرة، عن أبي تميم الجيشاني: أن أبا بصرة الغفاري قال:" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر بالمخمص فقال: إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فضيعوها وتركوها، فمن حافظ عليها منكم أوتي أجرها مرتين".وقال صلى الله عليه وسلم: "بكروا بالصلاة في يوم الغيم، فإنه من فاتته العصر حبط عمله".حدثنا بذلك أبو كريب قال، حدثنا وكيع، وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال،حدثنا أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.وقال صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله". وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يلج النار".فحث صلى الله عليه وسلم على المحافظة عليها حثا لم يحث مثله على غيرها من الصلوات، وان كانت المحافظة على جميعها واجبة. فكان بينا بذلك أن التي خص الله بالحث على المحافظة عليها، بعد ما عئم الأمر بها جميع المكتوبات، هي التي اتبعه فيها نبيه صلى الله عليه وسلم، فخصها من الحض عليها بما لم يخصص به غيرها من الصلوات، وحذر أمته من تضييعها ما حل بمن قبلهم من الأمم التي وصف أمرها، ووعدهم من الأجر على المحافظة عليها ضعفي ما وعد على غيرها من سائر الصلوات.وأحسب أن ذلك كان كذلك، لأن الله تعالى ذكره جعل الليل سكنا، والناس من شغلهم بطلب المعاش والتصرف في أسباب المكاسب، هادئون، إلا القليل منهم، وللمحافظة على فرائض الله وإقام الصلوات المكتوبات فارغون. وكذلك ذلك في صلاة الصبح، لأن ذلك وقت قليل من يتصرف فيه للمكاسب والمطالب، ولا مؤونة عليهم في المحافظة عليها. وأما صلاة الظهر، فإن وقتها وقت قائلة الناس واستراحتهم من مطالبهم، في أوقات شدة الحر وامتداد ساعات النهار، ووقت توديع النفوس والتفرغ لراحة الأبدان في أوان البرد وأيام الشتاء، وأن المعروف من الأوقات لتصرف الناس في مطالبهم ومكاسبهم، والاشتغال بسعيهم لما لا بد منه لهم من طلب أقواتهم- وقتان من النهار.أحدهما أول النهار بعد طلوع الشمس إلى وقت الهاجرة. وقد خفف الله تعالى ذكره فيه عن عباده عبء تكليفهم في ذلك الوقت، وثقل ما يشغلهم عن سعيهم في مطالبهم ومكاسبهم، وإن كان قد حثهم في كتابه وعلى لسان رسوله في ذلك الوقت على صلاة، ووعدهم عليها الجزيل من ثوابه، من غيرأن يفرضها عليهم، وهي صلاة الضحى.والآخر منهما آخر النهار، وذلك من بعد إبراد الناس وإمكان التصرف وطلب المعاش صيفا وشتاء، إلى وقت مغيب الشمس. وفرض عليهم فيه صلاة العصر، ثم حث على المحافظة عليها لئلا يضيعوها، لما علم من إيثار عبادة أسباب عاجل دنياهم وطلب معايشهم فيها، على أسباب آجل آخرتهم، بما حثهم به عليه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ووعدهم من جزيل ثوابه على المحافظة عليها ما قد ذكرت بعضه في كتابنا هذا، وسنذكر باقيه في كتابنا الأكبر أن شاء الله من، كتاب أحكام الشرائع.قال أبو جعفر: وإنما قيل لها "الوسطى" لتوسطها الصلوات المكتوبات الخمس، وذلك أن قبلها صلاتين، وبعدها صلاتين، وهي بين ذلك وسطاهن." والصلاة الوسطى " الفعلى من قول القائل: وسطت القوم أسطهم سطة ووسوطا، إذا دخلت وسطهم.
ويقال للذكر فيه: هو أوسطنا وللأنثى: هي وسطانا.قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى قوله: "قانتين".فقال بعضهم: معنى القنوت، الطاعة. ومعنى ذلك: وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له فيما أمركم به فيها ونهاكم عنه.ذكر من قال ذلك:حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن عون، عن الشعبي في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: مطيعين. حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا ابن إدريس، عن ابن عون، عن الشعبي مثله.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا أبو المنيب، عن جابر بن زيد: "وقوموا لله قانتين"، يقول: مطيعين.
حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس، عن عثمان بن الأسود، عن عطاء: "وقوموا لله قانتين"، قال: مطيعين.حدثنا أحمد بن عبدة الحمصي قال، حدثنا أبو عوانة، عن ابن بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: مطيعين. حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الربيع بن أبي راشد، عن سعيد بن جبير أنه سئل عن القنوت ، فقال: القنوت الطاعة. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قال: القنوت، الذي ذكره الله في القرآن، إنما يعني به الطاعة. حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: "وقوموا لله قانتين"، قال: إن أهل كل دين يقومون لله عاصين، فقوموا أنتم لله طائعين. حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: قوموا لله مطيعين في كل شيء، وأطيعوه في صلاتكم. حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول: "وقوموا لله قانتين"، القنوت الطاعة، يقول: لكل أهل دين صلاة، يقومون في صلاتهم لله عاصين، فقوموا لله مطيعين. حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "قانتين"، يقول: مطيعين. حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: مطيعين. حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثني شريك، عن سالم، عن سعيد: "وقوموا لله قانتين"، يقول: مطيعين. حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال، حدثنا خطاب بن عثمان قال، حدثنا أبو روح عبد الرحمن بن سنان السكوني، حمصي لقيته بأرمينية، قال، سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: طائعين.حدثني محمد بن عمروقال، حدثنا أبوعاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: "وقوموا لله قانتين"، قال: مطيعين.حدثني المثنى قال، حدثنا أبوحذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "وقوموا لله قانتين"،يقول: مطيعين. حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبوأحمد الزبيري قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية قال: كانوا يأمرون في الصلاة بحوائجهم حتى أنزلت: "وقوموا لله قانتين"، فتركوا الكلام. قال: "قانتين"، مطيعين. حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا فضيل، عن عطية في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم حتى نزلت: "وقوموا لله قانتين"، فتركوا الكلام في الصلاة. حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: كل أهل دين يقومون فيها عاصين، فقوموا أنتم لله مطيعين.حدثنا الربيع بن سليمان قال، حدثنا أسد بن موسى قال، حدثنا ابن لهيعة قال، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل حرف في القرآن فيه القنوت ، فإنما هو الطاعة". حدثنا العباس بن الوليد قال، أخبرني أبي قال، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: القنوت طاعة الله، يقول الله تعالى ذكره: "وقوموا لله قانتين"، مطيعين. حدثنا سعيد بن الربيع قال، حدثنا سفيان قال، قال ابن طاوس: كان أبي يقول: القنوت طاعة الله. قال آخرون: القنوت في هذه الآية، السكوت. وقالوا: تأويل الآية: وقوموا لله ساكتين عما نهاكم الله أن تتكلموا به في صلاتكم. ذكر من قال ذلك:حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وقوموا لله قانتين"، القنوت، في هذه الاية، السكوت. حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن مرة، عن ابن مسعود قال: كنا نقوم في الصلاة فنتكلم، ويسأل الرجل صاحبه عن حاجته، ويخبره، ويردون عليه إذا سلم، حتى أتيت أنا فسلمت فلم يردوا علي السلام، فاشتد ذلك علي، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة- والقنوت: السكوت".حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا الحكم بن ظهير، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: كنا نتكلم في الصلاة، فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي، فلما انصرف قال: "قد أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة، ونزلت هذه الآية: "وقوموا لله قانتين "". حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال، أخبرنا محمد بن يزيد، وحدثنا أبوكريب ق ل، حدثنا ابن أبي زائدة، وابن نمير، ووكيع، ويعلى بن عبيد، جميعا، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الحارث بن شبيل، عن أبي عمرو الشيباني، عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكلم أحدنا صاحبه في الحاجة، حتى نزلت هذه الآية: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين"، فأمرنا بالسكوت. حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، يجيء خادم الرجل إليه وهوفي الصلاة فيكلمه بحاجته، فنهوا عن الكلام. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن الزبير بن عدي، عن كلثوم بن المصطلق، عن عبد الله بن مسعود قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة، فأتيته ذات يوم فسلمت فلم يرد علي، وقال: إن الله يحدث في أمر! ما يشاء، لانه قد أحدث لكم في الصلاة أن لا يتكلم أحد إلا بذكر الله، وما ينبغي من تسبيح وتمجيد: "وقوموا لله قانتين"".حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: إذا قمتم في الصلاة فاسكتوا، لا تكلموا أحدا حتى تفرغوا منها. قال: والقانت المصلي الذي لا يتكلم. وقال آخرون: القنوت ، في هذه الاية، الركود في الصلاة والخشوع فيها. وقالوا في تأويل الآية: وقوموا لله في صلاتكم خاشعين، خافضي الأجنحة، غير عابثين ولا لاعبين. ذكر من قال ذلك:حدثني سلم بن جنادة قال، حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد: "وقوموا لله قانتين"
قال: فمن القنوت طول الركوع، وغض البصر، وخفض الجناح، والخشوع من رهبة الله. كان العلماء إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت، أوأن يقلب الحصى، أويعبث بشيء يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد نحوه، إلا أنه قال : فمن القنوت الركود والخشوع. حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد: "وقوموا لله قانتين"، قال: من القنوت الخشوع، وخفض الجناح من رهبة الله. وكان الفقهاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدهم إلى الصلاة، لم يلتفت، ولم يقلب الحصى، ولم يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا حتى ينصرف. حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن ابي جعفر، عن أبيه، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: إن من القنوت الركود، ثم ذكر نحوه. حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: "وقوموا لله قانتين"، قال: القنوت الركود- يعني القيام في الصلاة والانتصاب له.وقال آخرون: بل القنوت ، في هذا الموضع الدعاء. قالوا: تأويل الآية: وقوموا لله راغبين في صلاتكم.ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر، جميعا، عن عوف، عن أبي رجاء، قال: صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة، فقنت بنا قبل الركوع، وقال: هذه الصلاة الوسطى التي قال الله: "وقوموا لله قانتين". قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: "وقوموا لله قانتين"، قول من قال: تأويله: مطيعين .وذلك أن أصل القنوت ، الطاعة، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهاه الله عنه، من الكلام فيها. ولذلك وجه من وجه تأويل القنوت في هذا الموضع، إلى السكوت في الصلاة- أحد المعاني التي فرضها الله على عباده فيها- إلا عن قراءة قرآن أو ذكر له بما هوأهله. ومما يدل على أنهم قالوا ذلك كما وصفنا، قول النخعي ومجاهد الذي:- حدثنا به أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبوأحمد الزبيري، عن سفيان، عن منصور،عن إبراهيم، ومجاهد قالا: كانوا يتكلمون في الصلاة، يأمر أحدهم أخاه بالحاجة، فنزلت: "وقوموا لله قانتين"، قال: فقطعوا الكلام. و القنوت السكوت، و القنوت الطاعة.فجعل إبراهيم ومجاهد القنوت سكوتا في طاعة الله، على ما قلنا في ذلك من التأويل.وقد تكون الطاعة لله فيها بالخشوع، وخفض الجناح، وإطالة القيام، وبالدعاء، لأن كل ذلك، غيرخارج من أحد معنيين: من أن يكون مما أمر به المصلي، أومما ندب إليه، والعبد بكل ذلك لله مطيع، وهولربه فيه قانت. والقنوت أصله الطاعة لله، ثم يستعمل في كل ما أطاع الله به العبد.
فتأويل الاية إذا: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله فيها مطيعين، بترك بعضكم فيها كلام بعض وغير ذلك من معاني الكلام، سوى قراءة القرآن فيها، أوذكر الله بالذي هوأهله، أودعائه فيها، غير عاصين لله فيها بتضييع حدودها، والتفريط في الواجب لله عليكم فيها وفي غيرها من فرائض الله.
فيه ثمان مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " حافظوا " خطاب لجمع الأمة ، والآية أمر بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها بجميع شروطها ، والمحافظة هي المداومة على الشيء والمواظبة عليه ، والوسطى تأنيث الأوسط ، ، ووسط الشيء خيره وأعدله ، ومنه قوله تعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " [ البقرة : 143 ] ، وقد تقدم ، وقال أعرابي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم :
يا أوسط الناس طراً في مفاخرهم وأكرم الناس أماً برةً وأبا
ووسط فلان القوم يسطهم أي صار في وسطهم ، وأفرد الصلاة الوسطى بالذكر وقد دخلت قبل في عموم الصلوات تشريفاً لها ، كقوله تعالى : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " [ الأحزاب : 7 ] ، وقوله : " فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام " [ الرحمن : 68 ] ، وقرأ أبو جعفر الواسطي (( والصلاة الوسطى )) بالنصب على الإغراء ، أي وألزموا الصلاة الوسطى ، وكذلك قرأ الحلواني : وقرأ قالون عن نافع (( الوسطى )) بالصاد لمجاورة الطاء لها ، لأنهما من حيز واحد ، وهما لغتان كالصراط ونحوه .
الثانية : واختلف الناس في تعيين الصلاة الوسطى على عشرة أقوال :
الأول : أنها الظهر ، لأنها وسط النهار على الصحيح من القولين أن النهار أوله من طلوع الفجر كما تقدم ، وإنما بدأنا بالظهر لأنها أول صلاة صليت في الإسلام ، وممن قال إنها الوسطى زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم ، ومما يدل على أنها وسطى ما قالته عائشة وحفصة حين أملتا : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " ، بالواو ، وروي أنها كانت أشق على المسلمين ، لأنها كانت تجيء في الهاجرة وهم قد نفهتهم أعمالهم في أموالهم ، وروى أبو داود عن زيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم يكن تصلى صلاة اشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، فنزلت : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وقال : إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين ، وروى مالك في موطئه و أبو داود الطيالسي في مسنده عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر ، زاد الطيالسي : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهجير .
الثاني : أنها العصر ، لأن قبلها صلاتي نهار وبعدها صلاتي ليل ، قال النحاس وأجود من هذا الاحتجاج أن يكون إنما قيل لها وسطى لأنها بين صلاتين إحداهما أول ما فرض والأخرى الثانية مما فرض ، وممن قال إنها وسطى علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وهو اختاره أبي حنيفة وأصحابه ، وقاله الشافعي وأكثر أهل الأثر ، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب وأختاره ابن العربي في قبسه و ابن عطية في تفسيره وقال : وعلى هذا القول الجمهور من الناس وبه أقوال ، واحتجوا بالأحاديث الواردة في هذا الباب خرجها مسلم وغيره ، وأنصها حديث ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " ، خرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وقد أتينا زيادة على هذا في القبس في شرح موطأ مالك بن أنس .
الثالث : أنها المغرب ، قاله قبيصة بن أبي ذؤيب في جماعة ، والحجة لهم أنها متوسطة في عدد الركعات ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تقصر في السفر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها ، وبعدها صلاتا جهر وقبلها صلاتا سر وروي من حديث عائشة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يحطها عن مسافر ولا مقيم فتح الله بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين بنى الله له قصراً في الجنة ومن صلى بعدها أربع ركعات غفر الله له ذنوب عشرين سنة - أو قال - أربعين سنة " .
الرابع : صلاة العشاء الآخرة ، لأنها بين صلاتين لا تقصران ، وتجيء في وقت نوم ويستحب تأخيرها وذلك شاق فوقع التأكيد في المحافظة عليها .
الخامس : أنها الصبح ، لأن قبلها صلاتي ليل يجهر فيهما وبعدها صلاتي نهار يسر فيهما ، ولأن وقتها يدخل والناس نيام ، والقيام إليها شاق في زمن البرد لشدة البرد وفي زمن الصيف لقصر الليل ، ومن قال إنها وسطى علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ، أخرجه الموطأ بلاغاً ، وأخرجه الترمذي عن ابن عمر وابن عباس تعليقاً ، وروي عن جابر بن عبد الله ، وهو قول مالك وأصحابه ، وإليه ميل الشافعي فيما ذكر عنه القشيري والصحيح عن علي أنها العصر ، وروي عنه ذلك من وجه معروف صحيح ، وقد استدل من قال إنها الصبح بقوله تعالى : " وقوموا لله قانتين " يعني فيها ، ولا صلاة مكتوبة فيها قنوت إلا الصبح قال أبو رجاء : صلى بنا ابن عباس صلاة الغداة بالبصرة فقنت فيها قبل الركوع ورفع يديه فلما فرغ قال : هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا الله تعالى أن نقوم فيها قانتين ، وقال أنس : " قنت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة في صلاة الصبح بعد الركوع " ، وسيأتي حكم القنوت وما للعلماء فيه في (( آل عمران )) عند قوله تعالى : " ليس لك من الأمر شيء " [ آل عمران : 128 ] .
السادس : صلاة الجمعة : لأنها خصت بالجمع لها والخطبة فيها وجعلت عيداً ، ذكره ابن حبيب و مكي ، وروى مسلم عن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم " .
السابع : أنها الصبح والعصر معاً ، قاله الشيح أبو بكر الأبهري ، واحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " ، الحديث ، رواه أبو هريرة ، و" روى جرير بن عبد الله قال : كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال : أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها " ، يعني العصر والفجر ، ثم قرأ جرير " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " [ طه : 130 ] ، وروى عمارة بن رؤيبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " ، يعني الفجر والعصر ، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صلى البردين دخل الجنة "، كله ثابت في صحيح مسلم وغيره ، وسمينا البردين لأنهما يفعلان في وقتي البرد .
الثامن : أنها العتمة والصبح ، قال أبو الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه : اسمعوا وبلغوا من خلفكم حافظوا على هاتين الصلاتين يعني في جماعة العشاء والصبح ، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبواً على مرافقكم وركبكم ، قاله عمر وعثمان ، وروى الأئمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً وقال أنهما أشد الصلاة على المنافقين " ، وجعل لمصلي الصبح في جماعة قيام ليلة والعتمة نصف ليلة ، ذكره مالك موقوفاً على عثمان ورفعه مسلم ، وخرجه أبو داود و الترمذي عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة "، وهذا خلاف ما رواه مالك و مسلم .
التاسع : أنها الصلوات الخمس بجملتها ، قاله معاذ بن جبل ، لأن قوله تعالى : " حافظوا على الصلوات " يعم الفرض والنفل ، ثم خص الفرض بالذكر .
العاشر : أنها غير معينة ، قاله نافع عن ابن عمر ، وقاله الربيع بن خيثم ، فخبأها الله تعالى في الصلوات كما خبأ ليلة القدر في رمضان ، وكما خبأ ساعة يوم الجمعة وساعات الليل المستجاب فيها الدعاء ، ليقوموا بالليل في الظلمات لمناجاة عالم الخفيات ، ومما يدل على صحة أنها مبهمة غير معينة ما رواه مسلم في صحيحه في آخر الباب عن البراء بن عازب قال : نزلت هذه الآية (( حافظوا على الصلوات وصلاة العصر )) فقرأناها ما شاء الله ، ثم نسخها الله فنزلت : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فقال رجل : هي إذاً صلاة العصر ؟ قال البراء : قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله تعالى ، والله أعلم ، فلزم من هذا أنها بعد أن عينت نسخ تعيينها وأبهمت فارتفع التعيين ، والله أعلم . وهذا اختيار مسلم ، لأنه أتى به في آخر الباب ، وقال به غير واحد من العلماء المتأخرين ، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ، لتعارض الأدلة وعدم الترجيح ، فلم يبق إلا المحافظة على جميعها وأدائها في أوقاتها ، والله أعلم .
الثالثة : وهذا الإختلاف في الصلاة الوسطى يدل على بطلان من أثبت (( وصلاة العصر )) المذكور في حديث أبي يونس مولى عائشة حين أمرته أن يكتب لها مصحفاً قرآناً قال علماؤنا : وإنما ذلك كالتفسير من النبي صلى الله عليه وسلم ، يدل على ذلك حديث عمرو بن رافع قال : أمرتني حفصة أن أكتب لها مصحفاً ، الحديث ، وفيه : فأملت علي " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، وهي العصر ، " وقوموا لله قانتين " وقالت : هكذا سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ، فقولها (( وهي العصر )) دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر الصلاة الوسطى من كلام الله تعالى بقوله هو (( وهي العصر )) وقد روى نافع عن حفصة (( وصلاة العصر )) كما روي عن عائشة وعن حفصة أيضاً (( صلاة العصر )) بغير واو ، وقال أبو بكر الأنباري ، وهذا الخلاف في هذا اللفظ المزيد يدل على بطلانه وصحة ما في الإمام جماعة المسلمين ، وعليه حجة أخرى وهو أن من قال : والصلاة الوسطى وصلاة العصر جعل الصلاة الوسطى غير العصر ، وفي هذا دفع لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه عبد الله قال : " شغل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى أصفرت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً " ، الحديث .
الرابعة : وفي قوله تعالى : " والصلاة الوسطى " دليل على أن الوتر ليس بواجب ، لأن المسلمين اتفقوا على أعداد الصلوات المفروضات أنها تنقص عن سبعة وتزيد على ثلاثة ، وليس بين الثلاثة والسبعة فرد إلا الخمسة ، والأزواج لا وسط لها فثبت أنها خمسة ، وفي " حديث الإسراء : هي خمس وهن خمسون لا ييدل القول لدي " .
الخامسة : قوله تعالى : " وقوموا لله قانتين " معناه في صلاتكم ، واختلف الناس في معنى قوله : " قانتين " فقال الشعبي : طائعين ، وقاله جابر بن زيد و عطاء و سعيد بن جبير ، وقال الضحاك : كل قنوت في القرآن فإنما يعني به الطاعة ، وقاله أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن أهل كل دين فهم اليوم يقومون عاصين فقيل لهذه الأمة فقوموا لله طائعين ، وقال مجاهد : معنى قانتين خاشعين ، والقنوت طول الركوع والخشوع وغض البصر وخفض الجناح وقال الربيع : القنوت طول القيام ، وقاله ابن عمر وقرأ " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما " [ الرمز : 9 ] ، وقال عليه السلام : " أفضل الصلاة طول القنوت " ، خرجه مسلم وغيره ، وقال الشاعر :
قانتاً لله يدعو ربه وعلى عمد من الناس اعتزل
وقد تقدم ، وروي عن ابن عباس " قانتين " داعين ، وفي الحديث : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان ، قال قوم : معناه دعا ، وقال قوم : معناه طول قيامه ، وقال السدي : (( قانتين )) سكاتين ، دليله أن الآية نزلت في المنع من الكلام في الصلاة وكان ذلك مباحاً في صدر الإسلام ، وهذا هو الصحيح لما رواه مسلم وغيره " عن عبد الله بن مسعود قال : كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصلاة فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا : يا رسول الله ، كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا ؟ فقال : إن في الصلاة شغلاً " وروى زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت : " وقوموا لله قانتين " فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ، وقيل : إن أصل القنوت في اللغة الدوام على الشيء ، ومن حيث كان أصل القنوت في اللغة الدوام على الشيء جاز أن يسمى مديم الطاعة قانتاً ، وكذلك من أطال القيام والقراءة والدعاء في الصلاة ، أو أطال الخشوع والسكوت ، كل هؤلاء فاعلون للقنوت .
السادسة : قال أبو عمر : أجمع المسلمون طراً أن الكلام عامداً في الصلاة إذا كان المصلي يعلم أنه في صلاة ، ولم يكن ذلك في إصلاح صلاته أنه يفسد الصلاة ، إلا ما روي عن الأوزاعي أنه قال : من تكلم لإحياء نفس أو مثل ذلك من الأمور الجسام لم تفسد صلاته بذلك ، وهو قول ضعيف في النظر ، لقول الله عز وجل : " وقوموا لله قانتين " وقال زيد بن أرقم : كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : " وقوموا لله قانتين " الحديث و" قال ابن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أحدث من أمره ألا تكلموا في الصلاة "، وليس الحاديث الجسيم الذي يجب له قطع الصلاة ومن أجله يمنع من الاستئناف ، فمن قطع صلاته لما يراه من الفضل في إحياء نفس أو مال أو ما كان بسبيل ذلك استأنف صلاته ولم يبن هذا هو الصحيح في المسألة إن شاء الله تعالى .
السابعة : واختلفوا في الكلام ساهياً فيها ، فذهب مالك و الشافعي وأصحابهما إلى أن الكلام فيها ساهياً لا يفسدها ، غير أن مالكاً قال : لا يفسد الصلاة تعمد الكلام فيها إذا كان في شأنها وإصلاحها ، وهو قول ربيعة و ابن القاسم ، وروى سحنون عن ابن القاسم عن مالك قال : لو أن قوماً صلى بهم الإمام ركعتين وسلم ساهياً فسبحوا به فلم يفقه ، فقال له رجل من خلفه ممن هو معه في الصلاة : إنك لم تتم فأتم صلاتك ، فالتفت إلى القوم فقال : أحق ما يقول هذا ؟ فقالوأ : نعم قال : يصلي بهم الإمام ما بقي من صلاتهم ويصلون معه بقية صلاتهم من تكلم منهم ومن لم يتكلم ، ولا شيء عليهم ، ويفعلون في ذلك ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين ، هذا قول ابن القاسم في كتابه المدونة وروايته عن مالك ، وهو المشهور من مذهب مالك وإياه تقلد إسماعيل بن إسحاق واحتج له في كتاب رده على محمد بن الحسن ، وذكر الحارث بن مسكين قال أصحاب مالك كلهم على خلاف قول مالك في مسألة ذي اليدين إلا ابن القاسم وحده فإنه يقول فيها بقول مالك ، وغيرهم يأبونه ويقولون ، إنما كان هذا في صدر الإسلام فأما الآن فقد عرف الناس صلاتهم فمن تكلم فيها أعادها ، وهذا هو قول العراقيين : أبي حنيفة وأصحابه و الثوري فإنهم ذهبوا إلى أن الكلام في الصلاة يفسدها على أي حال كان سهواً أو عمداً لصلاة كان أو لغير ذلك ، وهو قول إبراهيم النخعي و عطاء و الحسن و حماد بن أبي سليمان و قتادة وزعم أصحاب أبي حنيفة أن حديث أبي هريرة هذا في : قصة ذي اليدين منسوخ بحديث ابن مسعود وزيد بن أرقم ، قالوا : وإن كان أبو هريرة متأخر الإسلام فإنه أرسل حديث ذي اليدين كما أرسل حديث : " من أدركه الفجر جنباً فلا صوم له " قالوا : وكان كثير الإرسال ، وذكر علي بن زياد قال حدثنا أبو قرة قال سمعت مالكاً يقول : يستحب إذا تكلم الرجل في الصلاة ، أن يعود لها ولا يبني قال : وقال لنا مالك إنما تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم أصحابه معه يومئذ ، لأنهم ظنوا أن الصلاة قصرت ولا يجوز ذلك لأحد اليوم ، وقد روى سحنون عن ابن القاسم في رجل صلى وحده ففرغ عند نفسه من الأربع ، قال له رجل إلى جنبه : إنك لم تصل إلا ثلاثاً ، فالتفت إلى آخر فقال : أحق ما يقول هذا ؟ قال : نعم ، قال : تفسد صلاته ولم يكن ينبغي له أن يكلمه ولا أن يلتفت إليه قال أبو عمر : فكانوا يفرقون في هذه المسألة بين الإمام مع الجماعة والمنفرد فيجيزون من الكلام في شأن الصلاة للإمام ومن معه ما لا يجيزونه للمنفرد ، وكان غير هؤلاء يحملون جواب ابن القاسم في المنفرد في هذه المسألة وفي الإمام ومن معه على إختلاف من قوله في استعمال حديث ذي اليدين كما اختلف قول مالك في ذلك ، وقال الشافعي وأصحابه : من تعمد الكلام وهو يعلم أنه لم يتم الصلاة وأنه فيها أفسد صلاته ، فإن تكلم ساهياً أو تكلم وهو يظن أنه ليس في الصلاة ، لأنه قد أكملها عند نفسه فإنه يبني ، واختلف قول أحمد في هذه المسألة فذكر الأثرم عنه أنه قال : ما تكلم به الإنسان في صلاته لإصلاحها لم تفسد عليه صلاته ، فإن تكلم لغير ذلك فسدت ، وهذا هو قول مالك المشهور وذكر الخرقي عنه أن مذهبه فيمن تكلم عامداً أو ساهياً بطلت صلاته ، إلا الإمام خاصبة فإنه تكلم لمصلحة صلاته لم تبطل صلاته ، واستثنى سحنون من أصحاب مالك أن من سلم من اثنتين في الرباعية فوقع الكلام هناك لم تبطل الصلاة وإن وقع في غير ذلك بطلت الصلاة ، والصحيح ما ذهب إليه مالك في المشهور تمسكاً بالحديث وحملاً له على الأصل الكلي من تعدي الأحكام وعموم الشريعة ، ودفعاً لما يتوهم من الخصوصية إذ لا دليل عليها ، فإن قال قائل : فقد جرى الكلام في الصلاة والسهو أيضاً وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " ، فلم لم يسبحوا ؟ فيقال : لعل في ذلك الوقت لم يكن أمرهم بذلك ، ولئن كان كما ذكرت فلم يسبحوا ، لأنهم توهموا أن الصلاة قصرت ، وقد جاء ذلك في الحديث قال : وخرج سرعان الناس فقالوا : أقصرت الصلاة ؟ فلم يكن بد من الكلام لأجل ذلك ، والله أعلم .
وقد قال بعض المخالفين : قول أبي هريرة : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون مراده أنه صلى بالمسلمين وهو ليس منهم ، كما روي " عن النزال بن سبرة أنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا وإياكم كنا ندعى بني عبد مناف وأنتم اليوم بنو عبد الله ونحو بنو عبد لله "، وإنما عنى به أنه قال ذلك لقومه وهذا بعيد ح فإنه لا يجوز أن يقول صلى بنا وهو إذ كافر ليس من أهل الصلاة ويكون ذلك كذباً ، وحديث النزال هو كان من جملة القوم وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع ، وأما ما أدعته الحنفية من النسخ والإرسال فقد أجاب عن قولهم علماؤنا وغيرهم وأبطلوه ، وخاصة الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابه المسمى التمهيد وذكر أن أبا هريرة أسلم عام خيبر ، وقدم المدينة في ذلك العام ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أعوام ، وشهد قصة ذي اليدين وحضرها ، وأنها لم تكن قبل بدر كما زعموا ، وأن ذا اليدين قتل في بدر ، قال : وحضور أبي هريرة يوم ذي اليدين محفوظ من رواية الحفاظ الثقات ، وليس تقصير من قصر عن ذلك بحجة على من علم ذلك وحفظه وذكره .
الثامنة : القنوت : القيام ، وهو أحد أقسامه فيما ذكر ابو بكر بن الأنباري وأجمعت الأمة على أن القيام في صلاة الفرض واجب على كل صحيح قادر عليه ، منفرداً كان أو إماماً وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً " ، الحديث ، أخرجه الأئمة ، وهو بيان لقوله تعالى : " وقوموا لله قانتين " واختلفوا في المأموم الصحيح يصلي قاعداً خلف إمام مريض لا يستطيع القيام ، فأجازت ذلك طائفة من أهل العلم بل جمهورهم لقوله صلى الله عليه وسلم في الإمام : " وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون "، وهذا هو الصحيح في المسألة على ما نبينه آنفاً إن شاء الله تعالى : وقد أجاز طائفة من العلماء صلاة القائم خلف الإمام المريض لأن كلاً يؤدي فرضه على قدر طاقته تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى في مرضه الذي توفي فيه قاعداً وأبو بكر إلى جنبه قائماً يصلي بصلاته والناس قيام خلفه ، ولم يشر إلى أبي بكر ولا إليهم بالجلوس ، وأكمل صلاته بهم جالساً وهم قيام ، ومعلوم أن ذلك كان منه : بعد سقوطه عن فرسه ، فعلم أن الآخر من فعله ناسخ للأول ، قال أبو عمر : وممن ذهب إلى هذا المذهب واحتج بهذه الحجة الشافعي و داود بن علي ، وهي رواية الوليد بن مسلم وعن مالك قال : وأحب إلي أن يقوم إلى جنبه ممن يعلم الناس بصلاته وهذه الرواية غريبة عن مالك ، وقال بهذا جماعة من أهل المدينة وغيرهم وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ، لأنها آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشهور عن مالك أنه لا يؤم القيام جالساً فإن أمهم قاعداً بطلت صلاته وصلاتهم ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحد بعدي قاعداً " ، قال : فإن كان الإمام عليلاً تمت صلاة الإمام وفسدت صلاة من خلفه ، قال : ومن صلى قاعداً من غير علة أعاد الصلاة ، هذه رواية أبي مصعب في مختصره عن مالك ، وعليها فيجب على من صلى قاعداً الإعادة في الوقت وبعده ، وقد روي عن مالك في هذا أنهم يعيدون في الوقت خاصة ، وقول محمد بن الحسن في هذا مثل قول مالك المشهور ، واحتج لقوله ومذهبه بالحديث الذي ذكره أبو مصعب ، أخرجه الدارقطني عن جابر عن الشعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحد بعدي جالساً " ، قال الدارقطني : لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي ، وهو متروك الحديث ،مرسل لا تقوم به حجة ، قال أبو عمر : جابر الجعفي لا يحتج بشيء يرويه مسنداً فكيف بما يرويه مرسلاً ؟ قال محمد بن الحسن : إذا صلى الإمام جالساً بقوم أصحاء ومرضى جلوساً فصلاته وصلاة من خلفه ممن لا يستطيع القيام صحيحة جائزة ، وصلاة من صلى خلفه ممن حكمه القيام باطلة ، وقال أبو حنيفة و أبو يوسف : صلاته وصلاتهم جائزة ، وقالوا : لو صلى وهو يومئ بقوم وهم يركعون ويسجدون لم تجزهم في قولهم جميعاً وأجزأت الإمام صلاته ، وكان زفر يقول : تجزئهم صلاتهم ، لأنهم على فرضهم وصلى إمامهم على فرضه ، كما قال الشافعي : قلت : أما ما ذكره أبو عمر وغيره من العلماء قبله وبعده من أنها آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رأيت لغيرهم خلاف ذلك ممن جمع طرق الأحاديث في هذا الباب ، وتكلم عليها وذكر اختلاف الفقهاء في ذلك ، ونحن نذكر ما ذكره ملخصاً حتى يتبين لك الصواب إن شاء الله تعالى ، وصحة قول من قال إن صلاة المأموم الصحيح قاعداً خلف الإمام المريض جائزة ، فذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في المسند الصحيح له عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في نفر من أصحابه فقال : ألستم تعلمون أني رسول الله إليكم ؟ قالوا : بلى ، نشهد أنك رسول الله ! قال : ألستم تعلمون أنه من أطاعني فقد أطاع الله ومن طاعة الله طاعتي ؟ قالوا : بلى ، نشهد أنه من أطاعك فقد أطاع الله ومن طاعة الله طاعتك ، قال : فإن من طاعة الله أن تطيعوني ومن طاعتي أن تطيعوا أمراءكم فإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً " ، في طريقه عقبة بن أبي الصهباء وهو ثقة ، قاله يحيى بن معين ، قال أبو حاتم : في هذا الخبر بيان واضح أن صلاة المأمومين قعوداً إذا صلى إمامهم قاعداً من طاعة الله جل وعلا التي أمر الله بها عباده ، وهو عندي ضرب من الإجماع الذي أجمعوا على إجازته ، لأن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به : جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن فهد ، ولم يرو عن أحد من الصحابة الذي شهدوا هبوط الوحي والتنزيل وأعيذوا من التحريف والتبديل خلاف لهؤلاء الأربعة ، لا بإسناد متصل ولا منقطع ، فكأن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعداً كان على المأمومين أن يصلوا قعوداً وبه قال جابر بن زيد و الأوزاعي و مالك بن أنس و أحمد بن حنبل و إسحاق بن إبراهيم و أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي و أبو خيثمة و ابن أبي شيبة و محمد بن إسماعيل ومن تبعهم من أصحاب الحديث مثل محمد بن نصر و محمد بن إسحاق بن خزيمة وهذه السنة رواها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك وعائشة وأبو هريرة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر بن الخطاب وأبو أمامة الباهلي ، وأول من أبطل في هذه الأمة صلاة المأموم قاعداً إذا صلى إمامه جالساً المغيرة بن مقسم صحاب النخعي وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان ثم أخذ عن حماد و أبو حنيفة وتبعه عليه من بعده من أصحابه ، وأعلى شيء احتجوا به فيه شيء رواه جابر النخعي عن الشعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحد بعدي جالساً " ، وهذا لو صح إسناده لكان مرسلاً ، والمرسل من الخبر وما لم يرو سيان في الحكم عندنا ، ثم إن أبا حنيفة يقول : ما رأت فيمن لقيت أفضل من عطاء ، ولا فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ، وما أتيته بشيء قط من رأي إلا جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينطق بها ، فهذا أبو حنيفة يجرح جابراً الجعفي ويكذبه ضد قول من انتحل من أصحابه مذهبه قال أبو حاتم : وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فجاءت الأخبار فيها مجملة ومختصرة وبعضها مفصلة مبينة ، ففي بعضها : فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فجلس إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر ، وفي بعضها : فجلس عن يسار أبي بكر وهذا مفسر ، وفيه : فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس قاعداً وأبو بكر قائماً ، قال أبو حاتم : وأما إجمال هذا الخبر فإن عائشة حكت هذه الصلاة إلى هذا الموضع ، وآخر القصة عند جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقعود أيضاً في هذه الصلاة كما أمرهم به عند سقوطه عن فرسه ، أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال أنبأنا يزيد بن موهب قال حدثني الليث بن سعد عن أبي الزبير " عن جابر قال : أشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد ، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره ، قال : فالتفت إلينا فرآنا قياماً فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعوداً فلما سلم قال : كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهو قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلى قائماً فصلوا قياماً وإن صلى فصلوا قعوداً " ، قال أبو حاتم ففي هذا الخبر المفسر بيان واضح بيان واضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قعد عن يسار أبي بكر وتحول أبو بكر مأموماً يقتدي بصلاته ويكبر يسمع الناس التكبير ليقتدوا بصلاته ، أمرهم صلى الله عليه وسلم حينئذ بالقعود حين رآهم قياماً ، ولما فرغ من صلاته أمرهم أيضاً بالقعود إذا صلى إمامهم قاعداً ، وقد شهد جابر بن عبد الله صلاته صلى الله عليه وسلم حين سقط عن فرسه فجحش شقه الأيمن ، وكان سقوطه صلى الله عليه وسلم في شهر ذي الحجة آخر سنة خمس من الهجرة ، وشهد هذه الصلاة في علته صلى الله عليه وسلم في غير هذا التاريخ فأدى كل خبر بلفظه ، ألا تراه يذكر في هذه الصلاة : رفع أبو بكر صوته بالتكبير ليقتدي به الناس ، وتلك الصلاة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته عند سقوطه عن فرسه ، لم يحتج إلى أن يرفع صوته بالتكبير ليسمع الناس تكبيره على صغر حجرة عائشة ، وإنما كان رفعه صوته بالتكبير في المسجد الأعظم الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في علته ، فلما صح ما وصفنا لم يجز أن نجعل بعض هذه الأخبار ناسخاً لبعض ، وهذه الصلاة كان خروجه إليها صلى الله عليه وسلم بين رجلين ، وكان فيها إماماً وصلى بهم قاعداً وأمرهم بالقعود ، وأما الصلاة التي صلاها آخر عمره فكان خروجه إليها بين بريرة ونوبة ، وكان فيها مأموناً ، وصلى قاعداً خلف أبي بكر في ثوب واحد متوشحاً به ، رواه أنس بن مالك ، قال : آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم في ثوب واحد متوشحاً به قاعداً خلف أبي بكر ، فصلى عليه السلام صلاتين في المسجد جماعة لا صلاة واحدة ، وإن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بين رجلين يريد أحدهما العباس والآخر علياً ، وفي خبر مسروق عن عائشة : ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين بريرة ونوبة ، إني لأنظر إلى نعليه تخطان في الحصى وأنظر إلى بطون قدميه ، الحديث ، فهذا يدلك على أنهما كانتا صلاتين لا صلاة واحدة قال أبو حاتم : أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا بدل بن المحبر قال حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أن أبا بكر صلى بالناس و رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه قال أبو حاتم : خالف شعبة بن الحجاج زائدة بن قدامة في متن هذا الخبر عن موسى بن أبي عائشة فجعل شعبة النبي صلى الله عليه وسلم مأموماً حيث صلى قاعداً والقوم قيام ، وجعل زائدة النبي صلى الله عليه وسلم إماماً حيث صلى قاعداً والقوم قيام ، وهما متقنان حافظان ، فكيف يجوز أن يجعل إحدى الروايتين اللتين تضادتا في الظاهر في فعل واحد ناسخاً لأمر مطلق متقدم ! فمن جعل أحد الخبرين ناسخاً لما تقدم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وترك الآخر من غير دليل ثبت له على صحته ، سوغ لخصمه ما ترك من الخبرين وترك ما أخذ منهما ، ونظير هذا النوع من السنن خبر ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم " وخبر أبي رافع : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهما حلالان " ، فتضاد الخبران في فعل واحد في الظاهر من غير أن يكون بينهما عندنا ، فجعل جماعة من أصحاب الحديث الخبرين اللذين رويا في نكاح ميمونة متعارضين ، وذهبوا إلى خبر عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ينكح المحرم ولا ينكح "، فأخذوا به ، إذ هو يوافق إحدى الروايتين اللتين رويتا في نكاح ميمونة ، وتركوا خبر ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرم ، فمن فعل هذا لزمه أن يقول : تضاد الخبران في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في علته على حسب ما ذكرناه قبل ، فيجب أن يجيء إلى الخبر الذي فيه الأمر بصلاة المأمومين قعوداً إذا صلى إمامهم قاعداً فيأخذ به ، إذ هو يوافق إحدى الروايتين اللتين رويتا في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في علته ويترك الخبر المنفرد عنهما كما فعل ذلك في نكاح ميمونة قال أبو حاتم : زعم بعض العراقيين ممن كان ينتحل مذهب الكوفيين أن قوله : " إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً " ، أراد به وإذا تشهد قاعداً فتشهدوا قعوداً أجمعون فحرف الخبر عن عموم ما ورد الخبر فيه بغير دليل ثبت له على تأويله .
ويأمر تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها, كما ثبت في الصحيحين "عن ابن مسعود, قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل ؟ قال: الصلاة في وقتها. قلت: ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قلت: ثم أي ؟ قال بر الوالدين", قال: حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني. وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس, حدثنا ليث عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم, عن القاسم بن غنام, عن جدته أم أبيه الدنيا, عن جدته أم فروة, وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الأعمال, فقال "إن أحب الأعمال إلى الله تعجيل الصلاة لأول وقتها" وهكذا رواه أبو داود والترمذي, وقال: لا نعرفه إلا من طريق العمري وليس بالقوي عند أهل الحديث, وخص تعالى من بينها بمزيد التأكيد الصلاة الوسطى, وقد اختلف السلف والخلف فيها أي صلاة هي ؟ فقيل: إنها الصبح, حكاه مالك في الموطأ بلاغاً عن علي وابن عباس, وقال هشيم وابن علية وغندر وابن أبي عدي وعبد الوهاب وشريك وغيرهم عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء العطاردي, وقال: صليت خلف ابن عباس الفجر, فقنت فيها ورفع يديه, ثم قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين, رواه ابن جرير, ورواه أيضاً من حديث عوف عن خلاس بن عمرو , عن ابن عباس مثله سواء, وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار, حدثنا عبد الوهاب, حدثنا عوف عن أبي المنهال, عن أبي العالية, عن ابن عباس, أنه صلى الغداة في مسجد البصرة, فقنت قبل الركوع, وقال: هذه الصلاة الوسطى التي ذكرها الله في كتابه, فقال "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" وقال أيضاً: حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني, أخبرنا ابن المبارك, أخبرنا الربيع بن أنس عن أبي العالية, قال: صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة صلاة الغداة, فقلت لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانبي: ما الصلاة الوسطى ؟ قال: هذه الصلاة. وروي من طريق أخرى عن الربيع عن أبي العالية, أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة فلما فرغوا قال: قلت لهم: أيتهن الصلاة الوسطى ؟ قالوا: التي قد صليتها قبل. وقال أيضاً: حدثنا ابن بشار , حدثنا ابن عثمة عن سعيد بن بشير , عن قتادة, عن جابر بن عبد الله, قال: الصلاة الوسطى صلاة الصبح, وحكاه ابن أبي حاتم عن ابن عمر وأبي أمامة وأنس وأبي العالية وعبيد بن عمير وعطاء ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة والربيع بن أنس, ورواه ابن جرير عن عبد الله بن شداد وابن الهاد أيضاً, وهو الذي نص عليه الشافعي رحمه الله, محتجاً بقوله تعالى: "وقوموا لله قانتين" والقنوت عنده في صلاة الصبح, ومنهم من قال: هي وسطى باعتبار أنها لا تقصر, وهي بين صلاتين ورباعيتين مقصورتين, وترد المغرب, وقيل: لأنها بين صلاتين جهريتين وصلاتي نهار سريتين, وقيل: إنها صلاة الظهر, قال أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزبرقان يعني ابن عمرو, عن زهرة يعني ابن معبد, قال: كنا جلوساً عند زيد بن ثابت, فأرسلوا إلى أسامة فسألوه عن الصلاة الوسطى, فقال: هي الظهر, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهجير, وقال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة, حدثني عمرو بن أبي حكيم, سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت, قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة, ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها, فنزلت "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين. ورواه أبو داود في سننه من حديث شعبة به وقال أحمد أيضاً: حدثنا يزيد حدثنا ابن أبي ذئب عن الزبرقان أن رهطاً من قريش مر بهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى, فقال: هي صلاة العصر فقام إليه رجلان منهم فسألاه, فقال: هي الظهر. ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه, فقال: هي الظهر, إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير, فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان, والناس في قائلتهم وفي تجارتهم, فأنزل الله "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم". والزبرقان هو ابن عمرو بن أمية الضمري, لم يدرك أحداً من الصحابة, الصحيح ما تقدم من روايته عن زهرة بن معبد وعروة بن الزبير. وقال شعبة وهمام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن زيد بن ثابت, قال: الصلاة الوسطى صلاة الظهر. وقال أبو داود الطيالسي وغيره, عن شعبة: أخبرني عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب, قال: سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت, قال: الصلاة الوسطى هي الظهر, ورواه ابن جرير, عن زكريا بن يحيى بن أبي زائدة عن عبد الصمد, عن شعبة, عن عمر بن سليمان, عن زيد بن ثابت, قال الصلاة الوسطى هي الظهر, ورواه ابن جرير, عن زكريا بن يحيى بن أبي زائدة عن عبد الصمد, عن شعبة, عن عمر بن سليمان, عن زيد بن ثابت, في حديث رفعه, قال "الصلاة الوسطى صلاة الظهر". وممن روي عنه أنها الظهر ابن عمر, وأبو سعيد وعائشة, على اختلاف عنهم, وهو قول عروة بن الزبير وعبد الله بن شداد بن الهاد, ورواية عن أبي حنيفة رحمهم الله, وقيل: إنها صلاة العصر. قال الترمذي والبغوي رحمهما الله: وهو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم. وقال القاضي الماوردي: هو قول جمهور التابعين: وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: هو قول أكثر أهل الأثر. وقال أبو محمد بن عطية في تفسيره. وهو قول جمهور الناس. وقال الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في كتابه المسمى بكشف المغطى تبيين الصلاة الوسطى, وقد نص فيه: أنها العصر, وحكاه عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي أيوب وعبد الله بن عمرو وسمرة بن جندب وأبي هريرة وأبي سعيد وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وعن ابن عباس وعائشة على الصحيح عنهم, وبه قال عبيدة وإبراهيم النخعي ورزين وزر بن حبيش وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل وعبيد بن مريم وغيرهم, وهو مذهب أحمد بن حنبل. قال القاضي الماوردي والشافعي قال ابن المنذر: وهو الصحيح عن أبي حنيفة, وأبي يوسف ومحمد, واختاره ابن حبيب المالكي, رحمهم الله.
ذكر الدليل على ذلك ـ قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, حدثنا الأعمش, عن مسلم, عن شتير بن شكل, عن علي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب "شغلونا عن الصلاة الوسطى, صلاة العصر, ملأ الله قلوبهم وبيوتهم ناراً" ثم صلاها بين العشاءين المغرب والعشاء, وكذا رواه مسلم من حديث أبي معاوية محمد بن حازم الضرير , والنسائي من طريق عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش, عن مسلم بن صبيح عن أبي الضحى, عن شتير بن شكل بن حميد, عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله, وقد رواه مسلم أيضاً من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة, عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب , وأخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وغير واحد من أصحاب المساند والسنن والصحاح من طرق يطول ذكرها عن عبيدة السلماني, عن علي به, ورواه الترمذي والنسائي من طريق الحسن البصري عن علي به, قال الترمذي: ولا يعرف سماعه منه, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عاصم عن زر, قال: قلت لعبيدة: سل علياً عن الصلاة الوسطى, فسأله, فقال: كنا نراها الفجر أو الصبح, حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب "شغلونا عن الصلاة الوسطى, صلاة العصر, ملأ الله قبورهم وأجوافهم أو بيوتهم ناراً" ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي به. وحديث يوم الأحزاب, وشغل المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن أداء صلاة العصر يومئذ, مروي عن جماعة من الصحابة يطول ذكرهم, وإنما المقصود رواية من نص منهم في روايته, أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. وقد رواه مسلم أيضاً من حديث ابن مسعود والبراء بن عازب رضي الله عنهما.
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد: حدثنا عفان, حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الوسطى صلاة العصر" وحدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا أبان, حدثنا قتادة عن الحسن, عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" وسماها لنا أنها هي صلاة العصر, وحدثنا محمد بن جعفر وروح, قالا: حدثنا سعيد عن قتادة, عن الحسن عن سمرة بن جندب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "هي العصر" قال ابن جعفر: سئل عن صلاة الوسطى, ورواه الترمذي من حديث سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن الحسن, عن سمرة, وقال: حسن صحيح, وقد سمع منه حديث آخر. وقال ابن جرير: حدثنا أحمد بن منيع, حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, عن التيمي, عن أبي صالح, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر". (طريق أخرى بل حديث آخر) قال ابن جرير: وحدثني المثنى, حدثنا سليمان بن أحمد الجرشي الواسطي, حدثنا الوليد بن مسلم, قال: أخبرني صدقة بن خالد, حدثني خالد بن دهقان, عن خالد بن سبلان, عن كهيل بن حرملة, قال: سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى, فقال: اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها, ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس, فقال: أنا أعلم لكم ذلك, فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فدخل عليه ثم خرج إلينا, فقال: أخبرنا أنها صلاة العصر, غريب من هذا الوجه جداً.
(حديث آخر) ـ قال ابن جرير: حدثنا أحمد بن إسحاق, حدثنا أبو أحمد, حدثنا عبد السلام عن مسلم مولى أبي جبير, حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي, قال: كنت جالساً عند عبد العزيز بن مروان, فقال: يا فلان اذهب إلى فلان فقل له: أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى ؟ فقال رجل جالس: "أرسلني أبو بكر وعمر, وأنا غلام صغير, أسأله عن الصلاة الوسطى فأخذ أصبعي الصغيرة, فقال هذه صلا ة الفجر, وقبض التي تليها, فقال هذه الظهر, ثم قبض الإبهام, فقال هذه المغرب, ثم قبض التي تليها, فقال هذه العشاء, ثم قال أي أصابعك بقيت؟ فقلت: الوسطى, فقال أي الصلاة بقيت؟ فقلت: العصر , فقال هي العصر" غريب أيضاً جداً.
(حديث آخر) قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش, حدثني أبي حدثني أبو ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر" إسناده لا بأس به.
(حديث آخر) قال أبو الحاتم بن حبان في صحيحه: حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير, حدثنا الجراح بن مخلد, حدثنا عمرو بن عاصم, حدثنا همام بن مورق العجلي, عن أبي الأحوص, عن عبد الله, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلاة الوسطى صلاة العصر". وقد روى الترمذي من حديث محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد اليامي, عن مرة الهمداني, عن ابن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلاة الوسطى صلاة العصر", ثم قال: حسن صحيح, وأخرجه مسلم في صحيحه من طريق محمد بن طلحة به, ولفظه "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" الحديث, فهذه نصوص في المسألة لا تحتمل شيئاً, ويؤكد ذلك الأمر بالمحافظة عليها, وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من رواية الزهري عن سالم, عن أبيه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" وفي الصحيح أيضاً من حديث الأوزاعي, عن يحيى بن أبي كثير, عن أبي قلابة عن أبي كثير عن أبي المهاجر, عن بريدة بن الحصيب, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال "بكروا بالصلاة في يوم الغيم, فإنه من ترك صلاة العصر, فقد حبط عمله" وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق, أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة, عن أبي تميم عن أبي نصرة الغفاري, قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد من أوديتهم, يقال له الحميص, صلاة العصر, فقال "إن هذه الصلاة عرضت على الذين من قبلكم فضيعوها, ألا ومن صلاها ضعف له أجره مرتين, ألا ولا صلاة بعدها حتى تروا الشاهد" ثم قال: رواه عن يحيى بن إسحاق عن الليث عن جبير بن نعيم عن عبد الله بن هبيرة به, وهكذا رواه مسلم والنسائي جميعاً عن قتيبة عن الليث, وراه مسلم أيضاً من حديث محمد بن إسحاق, حدثني يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن جبير بن نعيم الحضرمي, عن عبد الله بن هبيرة السبائي به, فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد أيضاً حدثنا إسحاق, أخبرني مالك, عن زيد بن أسلم, عن القعقاع بن حكيم, عن أبي يونس مولى عائشة, قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً, قالت: إذا بلغت هذه الاية "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فآذني, فلما بلغتها آذنتها, فأملت علي " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك به, وقال ابن جرير: حدثني ابن المثنى الحجاج, حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه, قال: كان في مصحف عائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وهي صلاة العصر وهكذا رواه من طريق الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها كذلك وقد روى الإمام مالك أيضاً عن زيد بن أسلم, عن عمرو بن رافع, قال: كنت أكتب مصحفاً لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم, فقالت: إذا بلغت هذه الاية فآذني "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فلما بلغتها آذنتها, فأملت علي " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ". هكذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار فقال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي ونافع مولى ابن عمر أن عمر بن نافع قال فذكر مثله وزاد كما حفظتها من النبي صلى الله عليه وسلم.
(طريق أخرى عن حفصة) قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة عن أبي بشر, عن عبد الله بن يزيد الأزدي, عن سالم بن عبد الله, أن حفصة أمرت إنساناً أن يكتب لها مصحفاً, فقالت: إذا بلغت هذه الاية "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فآذني, فلما بلغ آذنها, فقالت: اكتب " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وهي صلاة العصر .
(طريق أخرى) قال ابن جرير: حدثني ابن المثنى, حدثنا عبد الوهاب, حدثنا عبيد الله عن نافع, أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفاً, فقالت: إذا بلغت هذه الاية "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها, فلما بلغها أمرته فكتبها " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ". قال نافع: فقرأت ذلك المصحف, فوجدت فيه الواو. وكذا روى ابن جرير عن ابن عباس وعبيد بن عمير أنهما قرأا كذلك , وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب, حدثنا عبدة, حدثنا محمد بن عمرو, حدثني أبو سلمة عن عمرو بن رافع مولى عمر, قال: كان في مصحف حفصة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " وتقرير المعارضة أنه عطف صلاة العصر على الصلاة الوسطى بواو العطف التي تقتضي المغايرة, فدل ذلك على أنها غيرها, وأجيب عن ذلك بوجوه (أحدها) أن هذا إن روي على أنه خبر, فحديث علي أصح وأصرح منه, وهذا يحتمل أن تكون الواو زائدة, كما في قوله " وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين " "وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين", أو تكون لعطف الصفات لا لعطف الذوات, كقوله "ولكن رسول الله وخاتم النبيين" وكقوله " سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى * والذي أخرج المرعى " وأشباه ذلك كثيرة وقال الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
وقال أبو داود الأيادي:
سلط الموت والمنون عليهم فلهم في صدى المقابر هام
والموت هو المنون, قال عدي بن زيد العبادي:
قدمت الأديم لراهشيه فألفى قولها كذباً ومينا
والكذب هو المين, وقد نص سيبويه شيخ النحاة على جواز قول القائل: مررت بأخيك وصاحبك, ويكون الصاحب هو الأخ نفسه, والله أعلم, وأما إن روي على أنه قرآن, فإنه لم يتواتر فلا يثبت بمثل خبر الواحد قرآن, ولهذا لم يثبته أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في المصحف, ولا قرأ بذلك أحد من القراء الذين تثبت الحجة بقراءتهم, لا من السبعة ولا من غيرهم. ثم قد روي ما يدل على نسخ هذه التلاوة المذكورة في هذا الحديث, قال مسلم: حدثنا إسحق بن راهويه, أخبرنا يحيى بن آدم عن فضيل بن مرزوق, عن شقيق بن عقبة, عن البراء بن عازب, قال: نزلت " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فقرأناها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله, ثم نسخها الله عز وجل, فأنزل "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فقال له زاهر رجل كان مع شقيق: أفهي العصر ؟ قال: قد حدثتك كيف نزلت, وكيف نسخها الله عز وجل. قال مسلم: ورواه الأشجعي عن الثوري, عن الأسود, عن شقيق (قلت): وشقيق هذا لم يرو له مسلم سوى هذا الحديث الواحد, والله أعلم, فعلى هذا تكون هذه التلاوة وهي تلاوة الجادة ناسخة للفظ رواية عائشة وحفصة ولمعناها إن كانت الواو دالة على المغايرة, وإلا فلفظها فقط , والله أعلم.
وقيل: إن الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب, رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس, وفي إسناده نظر, فإنه رواه عن أبيه عن أبي الجماهير عن سعيد بن بشير, عن قتادة عن أبي الخليل, عن عمه, عن ابن عباس, قال: صلاة الوسطى المغرب. وحكى هذا القول ابن جرير, عن قبيصة بن ذؤيب, وحكى أيضاً عن قتادة على اختلاف عنه, ووجه هذا القول بعضهم بأنها وسطى في العدد بين الرباعية والثنائية, وبأنها وتر المفروضات, وبما جاء فيها من الفضلية, والله أعلم.
وقيل: إنها العشاء الأخير, اختاره علي بن أحمد الواحدي في تفسيره المشهور, وقيل: هي واحد من الخمس لا بعينها وأبهمت فيهن, كما أبهمت ليلة القدر في الحول أو الشهر أو العشر, ويحكى هذا القول عن سعيد بن المسيب وشريح القاضي ونافع مولى ابن عمر, والربيع بن خيثم, ونقل أيضاً عن زيد بن ثابت واختاره إمام الحرمين الجويني في نهايته.
وقيل: بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس, رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر, وفي صحته أيضاً نظر, والعجب أن هذا القول اختاره الشيخ أبو عمرو بن عبد البر النمري إمام ما وراء البحر, وإنها لإحدى الكبر إذا اختاره مع اطلاعه وحفظه ما لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر. وقيل: إنها صلاة العشاء وصلاة الفجر. وقيل: بل هي صلاة الجماعة. وقيل: صلاة الجمعة. وقيل صلاة الخوف. وقيل: بل صلاة عيد الفطر. وقيل: بل صلاة الأضحى, وقيل: الوتر. وقيل: الضحى. وتوقف فيها آخرون لما تعارضت عندهم الأدلة, ولم يظهر لهم وجه الترجيح, ولم يقع الإجماع على قول واحد, بل لم يزل النزاع فيها موجوداً من زمان الصحابة وإلى الان. قال ابن جرير: حدثني محمد بن بشار وابن مثنى, قالا: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة, قال: سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب, قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا وشبك بين أصابعه, وكل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها, وإنما المدار ومعترك النزاع في الصبح والعصر , وقد ثبت السنة بأنها العصر فتعين المصير إليها. وقد روى الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي رحمهما الله في كتاب الشافعي رحمه الله, حدثنا أبي سمعت حرملة بن يحيى التجيبي يقول: قال الشافعي, كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم. بخلاف قولي مما يصح, فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ولا تقلدوني, وكذا روى الربيع والزعفراني وأحمد بن حنبل عن الشافعي, وقال موسى أبو الوليد بن أبي الجارود عن الشافعي: إذا صح الحديث وقلت قولاً, فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك, فهذا من سيادته وأمانته, وهذا نفس إخوانه من الأئمة رحمهم الله, أن صلاة الوسطى هي صلاة العصر, وإن كان قد نص في الجديد وغيره أنها الصبح لصحة الأحاديث أنها العصر, وقد وافقه على هذه الطريقة جماعة من محدثي المذهب الشافعي, وصمموا على أنها الصبح قولاً واحداً, قال المارودي: ومنهم من حكى في المسألة قولين ولتقرير المعارضات والجوابات موضع آخر غير هذا وقد أفردناه على حدة ولله الحمد والمنة.
وقوله تعالى: "وقوموا لله قانتين" أي خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه, وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة لمنافاته إياها, ولهذا لما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الرد على ابن مسعود حين سلم عليه وهو في الصلاة, اعتذر إليه بذلك وقال "إن الصلاة لشغلاً". وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية بن الحكم السلمي حين تكلم في الصلاة "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس, إنما هي التسبيح والتكبير وذكر الله", وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد, عن إسماعيل, حدثني الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني, عن زيد بن أرقم, قال: كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجة في الصلاة, حتى نزلت هذه الاية "وقوموا لله قانتين" فأمرنا بالسكوت, رواه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق عن إسماعيل به, وقد أشكل هذا الحديث على جماعة من العلماء حيث ثبت عندهم أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة قبل الهجرة إلى المدينة وبعد الهجرة إلى أرض الحبشة, كما دل على ذلك حديث ابن مسعود الذي في الصحيح, قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن نهاجر إلى الحبشة وهو في الصلاة فيرد علينا, قال: فلما قدمنا سلمت عليه فلم يرد علي, فأخذني ما قرب وما بعد, فلما سلم قال "إني لم أرد عليك إلا أني كنت في الصلاة, وإن الله يحدث من أمره ما يشاء, وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة" وقد كان ابن مسعود ممن أسلم قديماً وهاجر إلى الحبشة, ثم قدم منها إلى مكة مع من قدم فهاجر إلى المدينة, وهذه الاية "وقوموا لله قانتين" مدنية بلا خلاف, فقال قائلون: إنما أراد زيد بن أرقم بقوله: كان الرجل يكلم أخاه في حاجته في الصلاة, الإخبار عن جنس الكلام, واستدل على تحريم ذلك بهذه الاية بحسب ما فهمه منها, والله أعلم, وقال آخرون: إنما أراد أن ذلك قد وقع بالمدينة بعد الهجرة إليها, ويكون ذلك قد أبيح مرتين وحرم مرتين, كما اختار ذلك قوم من أصحابنا وغيرهم, والأول أظهر, والله أعلم, وقال الحافظ أبو يعلى: أخبرنا بشر بن الوليد, أخبرنا إسحاق بن يحيى عن المسيب, عن ابن مسعود, قال كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة, فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه, فلم يرد علي, فوقع في نفسي أنه نزل في شيء فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال "وعليك السلام أيها المسلم ورحمة الله, إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء, إذا كنتم في الصلاة فاقنتوا ولا تكلموا" وقوله "فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون", لما أمر تعالى عباده بالمحافظة على الصلوات والقيام بحدودها, وشدد الأمر بتأكيدها ذكر الحال الذي يشتغل الشخص فيها عن أدائها على الوجه الأكمل, وهي حال القتال والتحام الحرب, فقال "فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً" أي فصلوا على أي حال كان رجالاً أو ركباناً يعني مستقبلي القبلة وغير مستقبليها, كما قال مالك عن نافع: أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها, ثم قال: فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالاً على أقدامهم, أو ركباناً مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها, قال نافع: لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم, ورواه البخاري وهذا لفظ مسلم, ورواه البخاري من وجه آخر عن ابن جريج, عن موسى بن عقبة, عن نافع, عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه أو قريباً منه, ولمسلم أيضاً عن ابن عمر, قال : فإن كان خوف أشد من ذلك, فصل راكباً أو قائماً تومئ إيماءً, وفي حديث عبد الله بن أنيس الجهني لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي ليقتله, وكان نحو عرفة أوعرفات, فلما واجهه حانت صلاة العصر , قال فخشيت أن تفوتني فجعلت أصلي وأنا أومئ إيماء الحديث بطوله رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد, وهذا من رخص الله التي رخص لعباده ووضعه الاصار والأغلال عنهم, وقد روى ابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: في هذه الاية يصلي الراكب على دابته والراجل على رجليه, قال وروي عن الحسن ومجاهد ومكحول والسدي والحكم ومالك والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح, نحو ذلك ـ وزاد: ويومئ برأسه أينما توجه, ثم قال: حدثنا أبي, حدثنا غسان, حدثنا داود يعني ابن علية عن مطرف, عن عطية, عن جابر بن عبد الله, قال: إذا كانت المسايفة فليومئ برأسه حيث كان وجهه, فذلك قوله "فرجالاً أو ركباناً", وروي عن الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وعطية والحكم وحماد وقتادة نحو ذلك, وقد ذهب الإمام أحمد فيما نص عليه إلى أن صلاة الخوف تفعل في بعض الأحيان ركعة واحدة إذا تلاحم الجيشان, وعلى ذلك ينزل الحديث الذي رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن جرير من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ـ زاد مسلم والنسائي وأيوب بن عائذ ـ كلاهما عن بكير بن الأخنس الكوفي, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً, وفي السفر ركعتين, وفي الخوف ركعة, وبه قال: الحسن البصري وقتادة والضحاك وغيرهم. وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار , حدثنا ابن مهدي عن شعبة, قال: سألت الحكم وحماداً وقتادة عن صلاة المسايفة, فقالوا: ركعة, وهكذا روى الثوري عنهم سواء, وقال ابن جرير أيضاً: حدثني سعيد بن عمرو السكوني, حدثنا بقية بن الوليد, حدثنا المسعودي, حدثنا يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله, قال: صلاة الخوف ركعة. واختار هذا القول ابن جرير , وقال البخاري: (باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو). وقال الأوزاعي: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة, صلوا إيماء كل امرئ لنفسه, فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال, ويأمنوا فيصلوا ركعتين, فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين, فإن لم يقدروا لا يجزيهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا. وبه قال مكحول, وقال أنس بن مالك: حضرت مناهضة حصن تستر عند غضاءة الفجر واشتد اشتعال القتال, فلم يقدروا على الصلاة, فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار , فصليناها ونحن مع أبي موسى, ففتح لنا. قال أنس: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها. هذا لفظ البخاري, ثم استشهد على ذلك بحديث تأخيره صلى الله عليه وسلم صلاة العصر يوم الخندق لعذر المحاربة إلى غيبوبة الشمس, وبقوله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لأصحابه لما جهزهم إلى بني قريظة "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة" فمنهم من أدركته الصلاة في الطريق فصلوا وقالوا: لم يرد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تعجيل السير, ومنهم من أدركته فلم يصل إلى أن غربت الشمس في بني قريظة, فلم يعنف واحداً من الفريقين, وهذا على اختيار البخاري لهذا القول, والجمهور على خلافه, ويعولون على أن صلاة الخوف على الصفة التي ورد بها القرآن في سورة النساء, ووردت بها الأحاديث, لم تكن مشروعة في غزوة الخندق, وإنما شرعت بعد ذلك, وقد جاء مصرحاً بهذا في حديث أبي سعيد وغيره, وأما مكحول والأوزاعي والبخاري فيجيبون بأن مشروعية صلاة الخوف بعد ذلك لا تنافي جواز ذلك, لأن هذا حال نادر خاص, فيجوز فيه مثل ما قلنا بدليل صنيع الصحابة زمن عمر في فتح تستر وقد اشتهر ولم ينكر , والله أعلم.
وقوله "فإذا أمنتم فاذكروا الله" أي أقيموا صلاتكم كما أمرتم, فأتموا ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها وخشوعها وهجودها, "كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون" أي مثل ما أنعم عليكم وهداكم وعلمكم ما ينفعكم في الدنيا والاخرة فقابلوه بالشكر والذكر , كقوله بعد صلاة الخوف "فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" وستأتي الأحاديث االواردة في صلاة الخوف وصفاتها في سورة النساء عند قوله تعالى: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة" الآية.
المحافظة على الشيء: المداومة والمواظبة عليه، والوسطى: تأنيث الأوسط، وأوسط الشيء ووسطه: خياره. ومنه قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"، ومنه قول بعض العرب: يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يا أوسط الناس طرأ في مفاخرهم وأكرم الناس أماً برة وأبا
ووسط فلان القوم يسطهم: أي صار في وسطهم: وأفرد الصلاة الوسطى بالذكر بعد دخولها في عموم الصلوات تشريفاً لها. وقرأ أبو جعفر 238- "والصلاة الوسطى" بالنصب على الإغراء، وكذلك قرأ الحلواني، وقرأ قالون عن نافع الوصطى بالصاد لمجاورة الطاء وهما لغتان: كالسراط والصراط. وقد اختلف أهل العلم في تعيينها على ثمانية عشر قولاً أوردتها في شرحي للمنتقى، وذكرت ما تمسكت به كل طائفة، وأرجح الأقوال وأصحها ما ذهب إليه الجمهور من أنها العصر، لما ثبت عند البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم من حديث علي قال:" كنا نراها الفجر حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وأجوافهم ناراً". وأخرج مسلم والترمذي وابن ماجه وغيرهم من حديث ابن مسعود مرفوعاً مثله. وأخرجه أيضاً ابن جرير وابن المنذر والطبراني من حديث ابن عباس مرفوعاً. وأخرجه البزار بإسناد صحيح من حديث جابر مرفوعاً. وأخرجه أيضاً البزار بإسناد صحيح من حديث حذيفة مرفوعاً. وأخرجه الطبراني بإسناد ضعيف من حديث أم سلمة مرفوعاً. وورد في تعيين أنها العصر من غير ذكر يوم الأحزاب أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم: منها عن ابن عمر عند ابن منده، ومنها عن سمرة عند أحمد وابن جرير والطبراني، ومنها عنه أيضاً عند ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه ابن جرير والطبراني والبيهقي، وعن أبي هريرة عند ابن جرير والبيهقي والطحاوي. وأخرجه عنه أيضاً ابن سعيد والبزار وابن جرير والطبراني، وعن ابن عباس عند البزار بأسانيد صحيحة، وعن أبي مالك الأشعري عند ابن جرير والطبراني، فهذه أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مصرحة بأنها العصر. وقد روي عن الصحابة في تعيين أنها العصر آثار كبيرة، وفي الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يحتاج معه إلى غيره. وأما ما روي عن علي وابن عباس أنهما قالا: إنها صلاة الصبح. كما أخرجه مالك في الموطأ عنهما، وأخرجه ابن جرير عن ابن عباس، وكذلك أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر، وكذلك أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر، وكذلك أخرجه ابن جرير عن جابر، وكذلك أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي أمامة، وكل ذلك من أقوالهم وليس فيها شيء من المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تقوم بمثل ذلك حجة
لا سيما إذا عارض ما قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ثبوتاً يمكن أن يدعى فيه التواتر، وإذا لم تقم الحجة بأقوال الصحابة لم تقم بأقوال من بعدهم من التابعين وتابعهم بالأولى، وهكذا لا تقوم الحجة بما أخرجه ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس أنه قال: صلاة الوسطى المغرب، وهكذا لا اعتبار بما ورد من قول جماعة من الصحابة أنها الظهر أو غيرها من الصلوات، ولكن المحتاج إلى إمعان نظر وفكر ما ورد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما فيه دلالة على أنها الظهر، كما أخرجه ابن جرير عن زيد بن ثابت مرفوعاص: "إن الصلاة الوسطى صلاة الظهر". ولا يصح رفعه بل المروي عن زيد بن ثابت ذلك من قوله، واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالهاجرة، وكانت أثقل الصلاة على أصحابه، وأين يقع هذا الاستدلال من تلك الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا الاعتبار بما روي عن ابن عمر من قوله: إنها الظهر. وكذلك ما روي عن عائشة وأبي سعيد الخدري وغيرهم، فلا حجة في قول أحد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما ما رواه عبد الرزاق وابن جرير وغيرهما أن حفصة قالت لأبي رافع مولاها وقد أمرته أن يكتب لها مصحفاً:
إذا أتيت على هذه الآية "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" فتعال حتى أمليها عليك، فلما بلغ ذلك أمرته أن يكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر. وأخرجه أيضاً عنها مالك وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه وزادوا: وقالت أشهد أني سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم "عن أبي يونس مولى عائشة أنها أمرته أن يكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" قال: فلما بلغتها آذنتها فأملت علي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم". وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أم سلمة أنها أمرت من يكتب لها مصحفاً، وقالت له كما قالت حفصة وعائشة. فغاية ما في هذه الروايات عن أمهات المؤمنين الثلاث رضي الله عنهن أنهن يروين هذا الحرف هكذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيه ما يدل على تعيين الصلاة الوسطى أنها الظهر أو غيرها، بل غاية ما يدل عليه عطف صلاة العصر على صلاة الوسطى أنها غيرها،
لأن المعطوف غير المعطوف عليه، وهذا الاستدلال لا يعارض ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ثبوتاً لا يدفع أنها العصر كما قدمنا بيانه. فالحاصل أن هذه القراءة التي نقلتها أمهات المؤمنين الثلاث بإثبات قوله: وصلاة العصر معارضة بما أخرجه ابن جرير "عن عروة قال: كان في مصحف عائشة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر ". وأخرج وكيع عن حميدة قالت: قرأت في مصحف عائشة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر. وأخرج ابن أبي داود عن قبيصة بن ذؤيب مثله. وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد عن زياد بن أبي مريم أن عائشة أمرت بمصحف لها أن يكتب وقالت: إذا بلغتم "حافظوا على الصلوات" فلا تكتبوها حتى تؤذنوني، فلما أخبروها أنهم قد بلغوا قالت: اكتبوها صلاة الوسطى صلاة العصر. وأخرج ابن جرير والطحاوي والبيهقي عن عمرو بن رافع قال: كان مكتوباً في مصحف حفصة "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر". وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه كان يقرأها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر. وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير والطحاوي عن ابن عباس
أنه كان ليقرأها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر.وأخرج المحاملي عن السائن إبن يزيد أنه تلاها كذلك فهذه الروايات تعارض تلك الروايات باعغتبار التلاوة ونقل القراءة ، ويبقى ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من التعين صافيا عن شوب كدر المعارضة . على أنه قد ورد ما يدل على نسخ تلك القراءة التي نقلتها حفصة وعائشة وأم سلمة . فأخرج عبد إبن حميد ومسلم وأبو داوود في ناسخه وابن جرير والبيهقي عن البراء بن عازب قال : نزلت حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأنها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ثم نسخها الله ، فأنزل " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فقيل له إذا صلاة العصر ؟ قال : قد حدثتك كيف نزلت وكيف نسخها الله واللع أعلم . وأخرج البيهقي عنه بوجه آخر نحوه . وإذا تقرر لك هذا وعرفت ما سقناه تبين لك أنه لم يرد ما يعارض أن الصلاة الوسطى صلاة العصر أما حجج بقيت الأقوال فليس فيها شيء مما ينبغي الإشتغال به لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله علايه وسلم في ذلك شيء ، وبعض القائلين عول على أمر لا يعول عليه فقال : إنها صلاة كذا بأنها وسطى بالنسبة إلا أن قبلها كذا من الصلوات وبعدها كذا من الصلوات وهذا الرأي المحض والتخمين البحت لا ينبغي أن تستند إليه الأحكام الشرعية على فرض عدم وجود ما يعارضه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف مع وجود ما هو في أعلى درجات الصحة والقوة والثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ويا لله العجب من قوم لم يكتفوا بتقصيرهم في علم السنة وإعراضهم عن خير العلوم وأنفعها، حتى كلفوا أنفسهم التكلم على أحكام الله والتحري على تفسير كتاب الله بغير علم ولا هدى، فجاءوا بما يضحك منه تارة ويبكي منه أخرى. قوله: "وقوموا لله قانتين" القنوت قيل: هو الطاعة: أي قوموا لله في صلاتكم طائعين، قاله جابر بن زيد وعطاء وسعيد بن جبير والضحاك والشعبي، وقيل: هو الخشوع، قاله ابن عمر ومجاهد. ومنه قول الشاعر:
قانتاً لله يدعو ربه وعلى عمد من الناس اعتزل
وقيل: هو الدعاء، وبه قال ابن عباس. وفي الحديث "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على رعل وذكوان". وقال قوم: إن القنوت طول القيام، وقيل: معناه ساكتين قاله السدي، ويدل عليه حديث زيد بن أرقم في الصحيحين وغيرهما قال:" كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية: "وقوموا لله قانتين" فأمرنا بالسكوت"، وقيل: أصل القنوت في اللغة الدوام على الشيء، فكل معنى يناسب الدوام يصح إطلاق القنوت عليه. وقد ذكر أهل العلم أن القنوت ثلاثة عشر معنى وقد ذكرنا ذلك في شرح المنتقى، والمتعين ها هنا حمل القنوت على السكوت للحديث المذكور.
238. قوله تعالى: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " أي واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات بمواقيتها وحدودها وإتمام أركانها، ثم خص من بينها الصلاة الوسطى بالمحافظة عليها دلالة على فضلها، والوسطى تأنيث الأوسط، ووسط الشيء: خيره وأعدله واختلف العلماء من الصحابة ومن بعدهم في الصلاة الوسطى فقال قوم: هي صلاة الفجر، وهو قول عمر وابن عمر وابن عباس ومعاذ وجابر، وبه قال عطاء و عكرمة و مجاهد ، وإليه مال مالك و الشافعي ، لأن الله تعالى قال: " وقوموا لله قانتين " والقنوت طول القيام، وصلاة الصبح مخصومة بطول القيام وبالقنوت لأن الله تعالى خصها في آية أخرى من بين الصلوات فقال الله: " وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً " (78-الإسراء)، يعني تشهدها ملائكة الليل ةملائكة النهار، فهي مكتوبة في ديوان الليل وديوان النهار، ولأنها بين صلاتي جمع وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها.
وذهب قوم إلى أنها صلاة الظهر، وهو قول زيد بن ثابت و أبي سعيد الخدري وأسامة بن زيد، لأنها وسط النهار وهي أوسط صلاة النهار في الطول.
أخبرنا عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو القاسم بن جعفر الهاشمي أنا أبو علي اللؤلؤي أنا أبو داود أنا محمد بن المثنى أنا محمد بن جعفر أنا شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ".
وذهب الأكثرون إلى أنها صلاة العصر رواه جماعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول علي وعبد الله بن مسعود وأبي أيوب وأبي هريرة وعائشة رضوان الله عليهم وبه قال إبراهيم النخعي و قتادة و الحسن .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك بن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلما بلغتها آذنتها فأملت علي " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " (( صلاة العصر )) " وقوموا لله قانتين " قالت عائشة رضي الله عنها: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن حفصة مثل ذلك.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنا أبو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أخبرنا أبو نعيم أنا سفيان عن عاصم بن النجود عن زر بن جحش قال: قلنا لعبيدة سل علياً عن الصلاة الوسطى فسأله فقال: كنا نرى أنها صلاة الفجر حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق: " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً " ولأنها صلاتي نهار وصلاتي ليل، وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم بالتغليظ.
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا مسلم بن إبراهيم أنا هشام أنا يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم فقال: بكروا بصلاة العصر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ".
وقال قبيصة بن ذؤيب : هي صلاة المغرب لأنها وسط ليس بأقلها ولا بأكثرها، ولم ينقل عن أحد من السلف أنها صلاة العشاء وإنما ذكرها بعض المتأخرين لأنها بين صلاتين لا تقصران، وقال بعضهم هي احدى الصلوات الخمس لا بعينها، أبهمها الله تعالى تحريضاً للعباد على المحافظة على أداء جميعها كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان وساعة إجابة الدعوة في يوم الجمعة وأخفى الاسم الأعظم في الأسماء ليحافظوا على جميعها.
قوله تعالى: " وقوموا لله قانتين " أي مطيعين، قال الشعبي و عطاء و سعيد بن جبير و الحسن و قتادة و طاووس ، والقنوت: الطاعة، قال الله تعالى " أمة قانتاً " (120-النحل) أي مطيعاً.
وقال الكلبي و مقاتل : لكل أهل دين صلاة يقومون فيها عاصين فقوموا أنتم لله في صلاتكم مطيعين، وقيل القنوت السكوت عما لا يجوز التكلم به في الصلاة.
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي أنا أحمد بن منيع أنا هشيم أنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت " وقوموا لله قانتين " فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
وقال مجاهد : خاشعين، وقال: من القنوت طول الركوع وغض البصر والركود وخفض الجناح، كان العلماء إذ قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت أو يقلب الحصى أو يعبث بشيء أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسياً، وقيل: المراد من القنوت طول القيام.
أخبرنا أبو عثمان الضبي أنا أبو محمد الجراحي أنا أبو العباس المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي أنا ابن أبي عمر أنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: "قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت " وقيل " قانتين " أي داعين.
دليله ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً يدعو على أحياء من سليم على رعل وذكوان وعصية، وقيل معناه مصلين لقوله تعالى " أمن هو قانت آناء الليل " (9-الزمر) أي مصل.
238-" حافظوا على الصلوات " بالأداء لوقتها والمداومة عليها ، ولعل الأمر بها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج لئلا يلهيهم الاشتغال بشأنهم عنها . " والصلاة الوسطى " أي الوسطى بينهما ،أو الفضلى منها خصوصاً وهي صلاة العصر لقوله عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم ناراً " . فضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها ،واجتماع الملائكة . وقيل صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكانت أشق الصلوات عليهم فكانت أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام " أفضل العبادات أحمزها " . وقيل صلاة الفجر لأنها بين صلاتي النهار والليل والواقعة في الحد المشترك بنيهما ولأنها مشهودة . وقيل المغرب لأنها المتوسطة بالعدد ووتر النهار . وقيل العشاء لأنها بين حهر يتين واقعتين طرفي الليل . وعن عائشة رضي الله تعالى عنهما : أنه عليه الصلاة والسلام " كان يقرأ و الصلاة الوسطى صلاة العصر " ، فتكون صلاة من الأربع خصت بالذكر مع العصر لانفرادهما بالفضل . وقرئ بالنصب على الاختصاص والمدح . " وقوموا لله " في الصلاة . " قانتين " ذاكرين له في القيام ، والقنوت الذكر فيه . وقيل خاشعين ، وقال ابن المسيب المراد به القنوت في الصبح .
238. Be guardians of your prayers, and of the midmost prayer, and stand up with devotion to Allah.
238 - Guard strictly your (habit of) prayers, especially the middle prayer; and stand before God in a devout (frame of mind).