24 - (ألم تر) تنظر (كيف ضرب الله مثلا) ويبدل منه (كلمة طيبة) أي لا إله إلا الله (كشجرة طيبة) هي النخلة (أصلها ثابت) في الأرض (وفرعها) غصنها (في السماء)
قوله تعالى : "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء" .
فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: " ألم تر كيف ضرب الله مثلا " لما ذكر تعالى مثل أعمال الكفار وأنها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، ذكر مثل أقوال المؤمنين وغيرها، ثم فسر ذلك المثل فقال: " كلمة طيبة " الثمر، فحذف لدلالة الكلام عليه. قال ابن عباس: الكلمة الطيبة لا إله إلا الله والشجرة الطيبة المؤمن. وقال مجاهد وابن جريج: الكلمة الطيبة الإيمان. عطية العوفي والربيع بن أنس: هي المؤمن نفسه. وقال مجاهد أيضاً وعكرمة: الشجرة النخلة، فيجوز أن يكون المعنى: أصل الكلمة في قلب المؤمن - وهو الإيمان - شبهه بالنخلة في المنبت، وشبه ارتفاع عمله في السماء بارتفاع فروع النخلة، وثواب الله له بالثمر. وروي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة الإيمان عروقها والصلاة أصلاها والزكاة فروعها والصيام أغصانها والتأذي في الله نباتها وحسن الخلق ورقها والكف عن محارم الله ثمرتها ". ويجوز أن يكون المعنى: أصل النخلة ثابت في الأرض، أي عروقها تشرب من الأرض وتسقيها السماء من فوقها، فهي زاكية نامية. وخرج الترمذي من حديث أنس بن مالك قال: " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع فيه رطب، فقال: مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها - قال - هي النخلة ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار - قال - هي الحنظل ". وروي عن أنس قوله وقال: وهو أصح.
وخرج الدارقطني عن ابن عمر قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هي فوقع في نفسي أنها النخلة ". قال السهيلي ولا يصح فيها ما روي عن علي بين أبي طالب أنها جوزة الهند.
لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: " إن من الشجرة شجرةً لا يسقط ورقها وهي مثل المؤمن خبروني ما هي - ثم قال - هي النخلة " خرجه مالك في الموطأ من رواية ابن القاسم وغيره إلا يحيى فإنه أسقطه من روايته. وخرجه أهل الصحيح وزاد فيه الحارث بن أسامة زيادة تساوي رحلة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وهي النخلة لا تسقط لها أنملة وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة ". فبين معنى الحديث والمماثلة.
قلت: وذكر الغزنوي عنه عليه السلام: " مثل المؤمن كالنخلة إن صاحبته نفعك وإن جالسته نفعك وإن شاورته نفعك كالنخلة كل شيء منها ينتفع به ". وقال: " كلوا من عمتكم " يعني النخلة خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام، وكذلك أنها برأسها تبقى، وبقلبها تحيا، وثمرها بامتزاج الذكر والأنثى. وقد قيل: إنها لما كانت أشبه الأشجار بالإنسان شبهت به، وذلك أن كل شجرة إذا قطع رأسها تشعبت الغصون من جوانبها، والنخلة إذا قطع رأسها يبست وذهبت أصلاً، ولأنها تشبه الإنسان وسائر الحيوان في الالتقاح لأنها لا تحمل حتى تلقح قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة ". والإبار اللقاح وسيأتي في سورة ( الحجر) بيانه. ولأنها من فضلة طينة آدم. ويقال: إن الله عز وجل لما صور آدم من الطين فضلت قطعة طين فصورها بيده وغرسها في جنة عدن. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " مثلا كلمة طيبة " شهادة أن لا إله إلا الله "كشجرة طيبة" وهو المؤمن, "أصلها ثابت" يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن, "وفرعها في السماء" يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء, وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد: إن ذلك عبارة عن عمل المؤمن, وقوله الطيب, وعمله الصالح, وإن المؤمن كشجرة من النخل لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت وصباح ومساء, وهكذا رواه السدي عن مرة عن ابن مسعود قال: هي النخلة, وشعبة عن معاوية بن قرة عن أنس: هي النخلة. وحماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع بسر فقرأ " مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " قال: هي النخلة, وروي من هذا الوجه ومن غيره عن أنس موقوفاً, وكذا نص عليه مسروق ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وغيرهم.
وقال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة, عن عبيد الله عن نافع, عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أخبروني عن شجرة تشبه ـ أو ـ كالرجل المسلم لا يتحات ورقها صيفاً ولا شتاء, وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة, ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان, فكرهت أن أتكلم, فلما لم يقولوا شيئاً, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة", فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه, والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة. قال: ما منعك أن تتكلم ؟ قلت: لم أركم تتكلمون, فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً, قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا.
وقال أحمد: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بجمار, فقال: "من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم" فأردت أن أقول هي النخلة, فنظرت فإذا أنا أصغر القوم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة", أخرجاه. وقال مالك وعبد العزيز عن عبد الله بن دينار, عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: "إن من الشجر شجرة لا يطرح ورقها مثل المؤمن". قال: فوقع في شجر الوادي, ووقع في قلبي أنها النخلة, فاستحييت حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة", أخرجاه أيضاً.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا أبان يعني ابن زيد العطار, حدثنا قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله, ذهب أهل الدثور بالأجور, فقال: "أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا فركب بعضه على بعض أكان يبلغ السماء, أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء ؟" قال: ما هو يا رسول الله ؟ قال: "تقول لا إله إلا الله, والله أكبر, وسبحان الله, والحمد لله, عشر مرات في دبر كل صلاة, فذاك أصله في الأرض وفرعه في السماء". وعن ابن عباس "كشجرة طيبة" قال: هي شجرة في الجنة. وقوله: "تؤتي أكلها كل حين" قيل: غدوة وعشياً, وقيل: كل شهر. وقيل: كل شهرين. وقيل: كل ستة أشهر. وقيل: كل سبعة أشهر. وقيل: كل سنة, والظاهر من السياق أن المؤمن مثله كمثل شجرة لا يزال يوجد منها ثمر في كل وقت من صيف أو شتاء أو ليل أو نهار, كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء الليل وأطراف النهار في كل وقت وحين "بإذن ربها" أي كاملاً حسناً كثيراً طيباً مباركاً "ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون".
وقوله تعالى: "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" هذا مثل كفر الكافر لا أصل له ولا ثبات, مشبه بشجرة الحنظل, ويقال لها الشريان, رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك: أنها شجرة الحنظل وقال أبو بكر البزار الحافظ: حدثنا يحيى بن محمد السكن, حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع, حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس أحسبه رفعه, قال " مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " قال: هي النخلة, "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" قال: هي الشريان, ثم رواه عن محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة, عن معاوية عن أنس موقوفاً. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا حماد هو ابن سلمة عن شعيب بن الحبحاب, عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ""ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" هي الحنظلة" فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: هكذا كنا نسمع. ورواه ابن جرير من حديث حماد بن سلمة به.
ورواه أبو يعلى في مسنده بأبسط من هذا فقال: حدثنا غسان عن حماد عن شعيب, عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع عليه بسر, فقال: " مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " فقال "هي النخلة" "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار" قال: "هي الحنظل" قال شعيب: فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كنا نسمع. وقوله: "اجتثت" أي استؤصلت "من فوق الأرض ما لها من قرار" أي لا أصل لها ولا ثبات, كذلك الكفر لا أصل له ولافرع, ولا يصعد للكافر عمل, ولا يتقبل منه شيء.
لما ذكر سبحانه مثل أعمال الكفار، وأنها كرماد اشتدت به الريح، ثم ذكر نعيم المؤمنين، وما جازاهم الله به من إدخالهم الجنة خالدين فيها، وتحية الملائكة لهم ذكر تعالى ها هنا مثلاً للكلمة الطيبة، وهي كلمة الإسلام: أي لا إله إلا الله، أو ما هو أعم من ذلك من كلمات الخير،وذكر مثلاً للكلمة الخبيثة، وهي كلمة الشرك، أو ما هو أعم من ذلك من كلمات الشر، فقال مخاطباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو مخاطباً لمن يصلح للخطاب 24- "ألم تر كيف ضرب الله مثلاً" أي اختار مثلاً وضعه في موضعه اللائق به، وانتصاب "مثلاً" على أنه مفعول ضرب "وكلمة" بدل منه، ويجوز أن تنتصب الكلمة على أنها عطف بيان لمثلاً، ويجوز أن تنتصب الكلمة بفعل مقدر: أي عل كلمة طيبة "كشجرة" طيبة، وحكم بأنها مثلها، ومحل كشجرة النصب على أنها صفة لكلمة، أو الرفع على تقدير مبتدأ: أي هي كشجرة، ويجوز أن تكون كلمة أول مفعولي ضرب، وأخرت عن المفعول الثاني، وهو مثلاً لئلا تبعد عن صفتها، والأول أولى، وكلمة وما بعدها تفسير للمثل، ثم وصف الشجرة بقوله: "أصلها ثابت" أي راسخ آمن من الانقلاع بسبب تمكنها من الأرض بعروقها " وفرعها في السماء " أي أعلاها ذاهب إلى جهة السماء مرتفع في الهواء.
وقوله عز وجل: "ألم تر كيف ضرب الله مثلا"، ألم تعلم، والمثل: قول سائر لتشبيه شيء بشيء. "كلمة طيبة"، هي الأقول: لا إله إلا الله، "كشجرة طيبة"، وهي النخلة يريد كشجرة طيبه الثمر.
وقال ظبيان عن ابن عباس: هي شجرة في الجنة.
"أصلها ثابت"، في الأرض، "وفرعها"، أعلاها، "في السماء"، كذلك أصل هذه الكلمة: راسخ في قلب المؤمن بالمعرفة والتصديق، فإذا تكلم بها عرجت، فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله عز وجل. قال الله تعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه" (فاطر-10).
24."ألم تر كيف ضرب الله مثلاً" كيف اعتمده ووضعه."كلمةً طيبةً كشجرة طيبة"أي جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله"ضرب الله مثلاً" ويجوز أن تكون "كلمة"بدلاً من "مثلاً"و"كشجرة"صفتها أو خبر مبتدأ محذوف أي هي "كشجرة"، وأن تكون أول مفعولي ضرب أجراء له مجرى جعل وقد قرئت بالرفع على الابتداء . "أصلها ثابت"في الأرض ضارب بعروقه فيها"وفرعها"وأعلاها." في أسماء "ويجوز أن يريد وفروعها أي أفنائها على الاكتفاء بلفظ الجنس لا كتسابه الاستغراق من الإضافة .وقرئ ثابت أصلها والأول على أصله ولذلك قيل إنه أقوى ولعل الثاني أبلغ.
24. Seest thou not how Allah coineth a similitude: A goodly saying, as a goodly tree, its root set firm, its branches reaching into heaven,
24 - Seest thou not how God sets forth a parable? a goodly word like a goodly tree, whose root is firmly fixed, and its branches (reach) to the heavens,