24 - (وله الجوار) السفن (المنشآت) المحدثات (في البحر كالأعلام) كالجبال عظما وارتفاعا
وقوله " وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام " يقول تعالى ذكره : ولرب المشرقين والمغربين الجواري وهي السفن الجارية في البحار .
وقوله " المنشآت في البحر " أختلف القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء الكوفة المنشئات بكسر الشين بمعنى الظاهرات السير اللآتي يقبلن ويدبرن وقرأ ذلك عامة قراء البصرة والمدينة وبعض الكوفيين " المنشآت " بفتح الشين بمعنى المرفوعات القلاع اللاتي تقبل بهن وتدبر .
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى متقاربتاه فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
ذكر من قال في تأويل ذلك ما ذكرناه فيه :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " المنشآت في البحر " قال : ما رفع قلعة من السفن فهي منشئات وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشأة .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام " يعني : السفن .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله "وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام " قال السفن .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام " قال السفن .
وقوله " كالأعلام " يقول : كالجبال شبه السفن بالجبال والعرب تسمي كل جبل طويل علماً ومنه قول جرير :
إذا قطعنا علماً بدا علم
قوله تعالى " وله الجوار " يعني السفن "المنشآت " قراءة العامة " المنشآت " بفتح الشين قال قتادة أي المخلوقات للجري مأخوذ من الإنشاء وقال مجاهد هي السفن التي رفع قلعها قال وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشآت وقال الأخفش إنها المجريات وفي الحديث : أن عليا رضي الله عنه رأى سفنا مقلعة فقال ورب هذه الجواري المنشآت ما قتلت عثمان ولا مالأت في قتله . وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم باختلاف عنه المنشآت بكسر الشين أي المنشآت السير أضيف الفعل إليها على التجوز والاتساع وقيل : الرافعات الشرع أي القلع . ومن فتح الشين قال المرفوعات الشرع " كالأعلام " أي كالجبال . والعلم الجبل الطويل قال
إذا قطعن علما بدا علم
فالسفن في البحر كالجبال في البر وقد مضى في الشورى بيانه . وقرأ يعقوب الجواري بياء في الوقف وحذف الباقون .
يذكر تعالى خلقه الإنسان من صلصال كالفخار, وخلقه الجان من مارج من نار, وهو طرف لهبها, قاله الضحاك عن ابن عباس, وبه يقول عكرمة ومجاهد والحسن وابن زيد, وقال العوفي عن ابن عباس: من مارج من نار من لهب النار من أحسنها, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: من مارج من نار من خالص النار, وكذلك قال عكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور, وخلق الجان من مارج من نار, وخلق آدم مما وصف لكم" ورواه مسلم عن محمد بن رافع وعبد بن حميد, كلاهما عن عبد الرزاق به.
وقوله تعالى: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " تقدم تفسيره "رب المشرقين ورب المغربين" يعني مشرقي الصيف والشتاء ومغربي الصيف والشتاء, وقال في الاية الأخرى: "فلا أقسم برب المشارق والمغارب" وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم وبروزها منه إلى الناس. وقال في الاية الأخرى: "رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً" وهذا المراد منه جنس المشارق والمغارب, ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب مصالح للخلق من الجن والإنس قال: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " وقوله تعالى: "مرج البحرين يلتقيان" قال ابن عباس: أي أرسلهما. وقوله: "يلتقيان" قال ابن زيد: أي منعهما أن يلتقيا بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما, والمراد بقوله البحرين: الملح والحلو, فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس, وقد قدمنا الكلام على ذلك في سورة الفرقان عند قوله تعالى: " وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا " وقد اختار ابن جرير ههنا أن المراد بالبحرين: بحر السماء وبحر الأرض, وهو مروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطية وابن أبزى, قال ابن جرير: لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء وأصداف بحر الأرض وهذا وإن كان هكذا لكن ليس المراد بذلك ما ذهب إليه, فإنه لا يساعده اللفظ فإنه تعالى قد قال: "بينهما برزخ لا يبغيان" أي وجعل بينهما برزخاً, وهو الحاجز من الأرض لئلا يبغي هذا على هذا, وهذا على هذا, فيفسد كل واحد منهما الاخر ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه, وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخاً وحجراً محجوراً.
وقوله تعالى: "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان" أي من مجموعهما, فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى كما قال تعالى:"يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ؟" والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن وقد صح هذا الإطلاق. واللؤلؤ معروف, وأما المرجان فقيل هو صغار اللؤلؤ, قاله مجاهد وقتادة وأبو رزين والضحاك وروي عن علي, وقيل كباره وجيده, حكاه ابن جرير عن بعض السلف ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس, وحكاه السدي عمن حدثه عن ابن عباس, وروي مثله عن علي ومجاهد أيضاً ومرة الهمداني, وقيل: هو نوع من الجواهر أحمر اللون, قال السدي عن أبي مالك عن مسروق عن عبد الله قال: المرجان الخرز الأحمر, قال السدي: وهو الكسد بالفارسية, وأما قوله: "ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها" فاللحم من كل من الأجاج والعذب والحلية إنما هي من المالح دون العذب. قال ابن عباس: ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر فوقعت في صدفة إلا صار منها اللؤلؤ, وكذا قال عكرمة, وزاد: فإذا لم تقع في صدفة نبتت بها عنبرة, وروي من غير وجه عن ابن عباس نحوه.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله, عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها فما وقع فيها, يعني من قطر فهو اللؤلؤ. إسناده صحيح, ولما كان اتخاذ هذه الحلية نعمة على أهل الأرض, امتن بها عليهم فقال: "فبأي آلاء ربكما تكذبان".
وقوله تعالى: "وله الجوار المنشآت" يعني السفن التي تجري "في البحر" قال مجاهد: ما رفع قلعه من السفن فهي منشآت وما لم يرفع قلعه فليس بمنشآت, وقال قتادة: المنشآت يعني المخلوقات, وقال غيره, المنشآت بكسر الشين يعني البادئات "كالأعلام" أي كالجبال في كبرها وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر وإقليم إلى إقليم, مما فيه صلاح الناس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع, ولهذا قال: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا حماد بن سلمة, حدثنا العرار بن سويد عن عميرة بن سعد قال: كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على شاطىء الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها فبسط علي يديه ثم قال: يقول الله عز وجل: "وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام" والذي أنشأها تجري في بحوره ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله.
24- "وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام" المراد بالجوار: السفن الجارية في البحر، والمنشآت: المرفوعات التي رفع بعض خشبها على بعض وركب حتى ارتفعت وطالت حتى صارت في البحر كالأعلام وهي الجبال، والعلم: الجبل الطويل. وقال قتادة: المنشآت المخلوقات للجري. وقال الأخفش: المنشاآت المجريات، وقد مضى بيان الكلام في هذا في سورة الشورى. قرأ الجمهور "الجوار" بكسر الراء وحذف الياء لالتقاء الساكنين، وقرأ ابن مسعود والحسن وأبو عمرو في رواية عنه برفع الراء تناسياً للحذف، وقرأ يعقوب بإثبات الياء، وقرأ الجمهور "المنشآت" بفتح الشين، وقرأ حمزة وأبو بكر في رواية عنه بكسر الشين.
24. " وله الجوار "، السفن الكبار، " المنشآت "، قرأ حمزة وأبو بكر: ((المنشئات)) بكسر الشين، أي: المنشئات للسير [يعني اللاتي ابتدأن وأنشأن السير]. وقرأ الآخرون بفتح الشين، أي المرفوعات، وهي التي رفع خشبها بعضها على بعض. وقيل: هي ما رفع قلعه من السفن وأما مالم يرفع قلعه فليس من المنشئات. وقيل: المخلوقات المسخرات، " في البحر كالأعلام "، كالجبال جمع علم وهو الجبل الطويل، شبه السفن في البحر، بالجبال في البر
24-" وله الجوار " أي السفن جمع جارية ، وقرئ بحذف الياء ورفع الراء كقوله :
لها ثنايا أربع حسان وأربع فكلها ثمان
" المنشآت " المرفوعات الشرع ، أو المصنوعات وقرأ حمزة و أبو بكر الشين أي الرافعات الشرع ، أو اللاتي ينشئن الأمواج أو السير . " في البحر كالأعلام " كالجبال جمع علم وهو الجبل الطويل .
24. His are the ships displayed upon the sea, like banners.
24 - And His are the Ships sailing smoothly through the seas, lofty as mountains: